دور الإمام الرضا ( عليه السّلام ) قبل ولاية العهد: الاصلاح السياسي |
1236
03:48 مساءً
التاريخ: 2023-02-11
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-05-2015
3745
التاريخ: 2023-02-06
1437
التاريخ: 10-8-2016
3173
التاريخ: 8-8-2016
8048
|
1 - الإمام الرضا ( عليه السّلام ) وقيادة الحركة الرسالية
للتعرف على أسلوب الإمام الرضا ( عليه السّلام ) في قيادة الحركة الرسالية ينبغي إلقاء صورة مختصرة واضحة عن أساليب الأئمة ( عليهم السّلام ) في قيادتهم للحركة الرسالية ، لنتعرف من خلالها على أساليب قيادة الإمام ( عليه السّلام ) للحركة الرسالية في عصره .
انّ من مسؤولية الإمام القائد هي بناء الإنسان والمجتمع بناءا عقائديا ، وخلقيا ، واجتماعيا ، وسياسيا ، ويتم البناء عن طريق بناء قاعدة شعبية تقتدي بنهج أهل البيت ( عليهم السّلام ) ونظرتهم الإسلامية إلى الكون والحياة والمجتمع ، ولذلك لم يقتصر العمل على التحرك السياسي أو الوصول إلى قمة السلطة والحكومة ، وانّما كان العمل السياسي جزءا من كل ، والسلطة وسيلة من وسائل تحقيق الأهداف وليست هدفا بحد ذاتها . ومن هذا المنطلق كان عمل الأئمة ( عليهم السّلام ) .
وإذا سمحت الظروف للأئمة الثلاث الإمام علي والحسن والحسين ( عليهم السّلام ) بقيادة الحركة الرسالية بجميع مجالاتها قيادة مباشرة ، فإنها قد تغيّرت في عهد الإمام علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السّلام ) وبقية الأئمة ( عليهم السّلام ) ، لذا نجدهم قد التجأوا إلى الاشراف غير المباشر على سير الأحداث وخصوصا الأوضاع السياسية والعسكرية منها ، فكانوا يقودون جميع خطوط الحركة الرسالية في آن واحد ، دون أن تصل الحكومة إلى معرفة خطوط الحركة ونشاطاتها التنظيمية ومدى قربها وبعدها من الإمام ( عليه السّلام ) ومدى إشرافه عليها .
والعوامل التي كانت تحدد أسلوب التحرك لديهم تتمثل بما يلي :
أولا : المصلحة الاسلامية العامة .
ثانيا : المصلحة الاسلامية الخاصة بحركة أهل البيت ( عليهم السّلام ) باعتبارهم مسؤولين عن اصلاح الأوضاع .
ثالثا : الظروف العامة والخاصة من حيث قوة الحركة وقوة القاعدة الشعبية .
وبذلك فإن الأئمة ( عليهم السّلام ) قد قادوا جميع النشاطات في آن واحد بما فيها الحركات المسلحة ولكن بأسلوب غير مباشر تحيطه السرّية والكتمان ، من أجل أن لا يتعرض الإمام ( عليه السّلام ) إلى القتل في بداية إمامته ، لأنّ إصلاح الأمة وتربيتها مقدّم على كل شيء ، فلو قاد الإمام ( عليه السّلام ) حركة عسكرية أو ثورية فإنه سيقتل وتبقى الأمة بحاجة إلى من يرفدها بالفكر السليم باعداد الفقهاء والعلماء ، ومن يرفدها ببناء طليعة من العبّاد والزهاد والسياسيين وقادة الحركات الثورية .
وبتعبير آخر : إنّ الإمام ( عليه السّلام ) كان يقود خطين من خطوط العمل الرسالي :
الخط الفكري : ومهمّته طلب العلم ونشره ، وأداء مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأسلوب هادئ سلميّ .
خط المواجهة : ومهمّته إعلان التمرد على الحكومات الجائرة ، واستخدام القوة لإيقاف انحرافها عن النهج الإسلامي الأصيل .
وهذا الأسلوب يتّضح من خلال سيرة الأئمة ( عليهم السّلام ) ، فالإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) بعد استشهاد الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وسبي نسائه اتّبع هذا الأسلوب ، لأنّ الظروف السياسية قد تغيّرت ، إضافة إلى توسّع القاعدة الشعبية لأهل البيت ( عليهم السّلام ) واختلاف أتباعه وأنصاره في قدراتهم وطاقاتهم . فالتوّابون ثاروا في عهده ، ولكن لم تحصل الحكومة الأموية على دليل واحد تثبت فيه علاقة الإمام ( عليه السّلام ) بهم ، وثار المختار في عهده ، وفاتحه عمّه محمد بن الحنفية حول تأييده للثورة ، فقال ( عليه السّلام ) :
« يا عم لو أنّ عبدا زنجيا تعصّب لنا أهل البيت ، لوجب على الناس مؤازرته ، وقد ولّيتك هذا الأمر ، فاصنع ما شئت »[1].
وقد كان هذا التخطيط سرّيا للغاية ولم يتسرّب إلّا إلى بعض أتباع أهل البيت ( عليهم السّلام ) .
وحينما جاء البعض إلى محمد بن الحنفية حثّهم على الاشتراك مع المختار ، وارسل كتابا إلى إبراهيم الأشتر يحثّه على ذلك[2].
وحينما حاصر عبد اللّه بن الزبير محمد بن الحنفية وتوعّده بالقتل والإحراق كتب إلى المختار طالبا نجدته فأرسل له المختار جيشا فانقذه ممّا هو فيه[3].
وتدلّنا هذه الوقائع على أن الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) قد عيّن ابن الحنفية قائدا للخط والجناح العسكري ، وكانت الأوامر تصدر منه مباشرة وليست من الإمام ( عليه السّلام ) .
وحينما سيطر المختار على الكوفة وانتهت سيطرة الأمويين على العراق والحجاز وبعض الأمصار أعلن الإمام ( عليه السّلام ) عن ثنائه على المختار لبعض المقرّبين اليه فقال : « الحمد للّه الذي أدرك لي ثأري من أعدائي وجزى المختار خيرا »[4].
وفي الوقت نفسه كان الإمام ( عليه السّلام ) قد أرفد الأمة بعدد من العلماء والفقهاء والرواة ، كعبد اللّه بن الحسن ، والزهري ، وعمرو بن دينار ، وعلي بن زيد بن جدعان ، ويحيى بن أم الطويل[5].
واستمر الإمام باعداد القادة للمرحلة القادمة ، فقد أعدّ ابنه محمدا الباقر ( عليه السّلام ) للإمامة والقيادة العامة ، وأعدّ ابنه زيدا لقيادة الثورة والحركة المسلحة .
وحينما أراد زيد الخروج أتى إلى الإمام محمد الباقر ( عليه السّلام ) للقيام بالثورة أجابه ( عليه السّلام ) : « لا تفعل يا زيد فإني أخاف أن تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة »[6] ، ولم يخرج زيد في عهده .
وزيد معترف بإمامة الباقر ( عليه السّلام ) ومن بعده الإمام جعفر الصادق ( عليه السّلام ) كما يظهر ذلك في شعره التالي :
ثوى باقر العلم في ملحد * إمام الورى طيّب المولد
فمن لي سوى جعفر بعده * إمام الورى الأوحد الأمجد[7]
وتصريح الإمام الباقر ( عليه السّلام ) حول نصرة زيد شاهد على انّ الأئمة ( عليهم السّلام ) كانوا يقودون الخط العسكري بصورة غير مباشرة .
قال ( عليه السّلام ) : « انّ أخي زيد بن علي خارج فمقتول على الحق ، فالويل لمن خذله ، والويل لمن حاربه ، والويل لمن يقتله »[8].
وفي عهد الإمام الصادق ( عليه السّلام ) جاءته جماعة قبل خروج زيد فأخبرته ببيعة زيد ، فقال ( عليه السّلام ) : « بايعوه »[9].
وكان ( عليه السّلام ) يقول : « اشركني اللّه في تلك الدماء مضى واللّه عمّي زيد وأصحابه شهداء مثل ما مضى عليه علي بن أبي طالب وأصحابه »[10].
وكان الثوّار لا يحدّدون اسم الإمام القائد وإنّما يكتفون بالدعوة إلى الرضى من آل محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) ؛ لأن الظروف كانت تستوجب عدم التصريح ، وكان الإمام ( عليه السّلام ) يحذّر أصحابه من الخروج مع غير المرتبطين به وكان يقول :
« إذا اتاكم آت منّا فانظروا على أيّ شيء تخرجون ؟ ولا تقولوا : خرج زيد ، فإنّ زيدا كان عالما وكان صدوقا ، ولم يدعكم إلى نفسه ، وانما دعاكم إلى الرّضى من آل محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) ولو ظهر لوفى بما دعاكم اليه . . . »[11].
والخط العسكري هو درع الأئمة من جهتين :
الأولى : الاحتفاظ بالحالة الثورية للمجتمع كي تبقى مستعدة للقيام والتضحية .
الثانية : انه من خلاله يمكن الاستمرار في العمل الاصلاحي . وبانشغال الحاكم بمطاردة اتباع هذا الخط يكون المجال مفتوحا لجميع الاعمال غير العسكرية ، ويضمن وجوده سلامة أهل البيت ( عليهم السّلام ) واتباعهم ، لأن الحاكم يخشى من تشديد الملاحقة والارهاب الذي قد يؤدي إلى انخراط الجميع في الخط العسكري ، فكان يعطي قدرا من الحرية لمن لا يحمل السلاح ويتظاهر بطلب العلم أو التجارة أو غير ذلك .
وقد عبّر الإمام الصادق ( عليه السّلام ) عن هذه الظاهرة بقوله : « كفّوا ألسنتكم والزموا بيوتكم ، فإنّه لا يصيبكم أمر تخصّون به أبدا ، ولا تزال الزيدية لكم وقاء أبدا »[12].
ويبقى الاشراف على الخط العسكري من قبل الإمام ( عليه السّلام ) في طي الكتمان ، وفي أقصى غايات السرّية ، ولا يطّلع عليه الّا من له دور مؤثر في العمل الرسالي ، ولم تستطع السلطة كشف العلاقة بين الثوار والإمام من حيث التخطيط والتنسيق والتنفيذ إلّا انها كانت تتهم الإمام المعصوم ( عليه السّلام ) باسناد الثورات أو تحريكها ولكن لا دليل لها عليه ، وكان أبو جعفر المنصور يقول :
من يعذرني من جعفر هذا ؟ قدّم رجلا وأخّر أخرى ، ويقول : اتنحّى عن محمد ابن عبد اللّه بن الحسن فإن ظفر فإنّما الأمر لي ، وان تكن الأخرى فكنت قد أحرزت نفسي[13].
وكان قادة الخط العسكري لا يصرّحون بذكر اسم الإمام ( عليه السّلام ) وانّما يلمّحون بذلك أمام أتباعهم ، فعن الحسين بن علي صاحب فخّ ويحيى بن عبد اللّه بن الحسن قالا : ما خرجنا حتى شاورنا أهل بيتنا ، وشاورنا موسى بن جعفر فأمرنا بالخروج[14].
وكان الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) يقول للحسين بن علي : « انّك مقتول فأحدّ الضراب . . . فانّا للّه وانا اليه راجعون ، وعند اللّه عزّ وجل احتسبكم من عصبة »[15].
وكان الحاكم العباسي موسى الهادي يهدّد بقتل الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) ويقول : واللّه ما خرج حسين الّا عن أمره ، ولا اتّبع إلّا محبته ؛ لأنّه صاحب الوصية في أهل هذا البيت ، فقتلني اللّه ان أبقيت عليه ، فاقنعه أبو يوسف القاضي بعدم صحة ذلك ، فسكن غضبه[16].
واتّبع الإمام الرضا ( عليه السّلام ) نفس الأسلوب في التحرك الرسالي فكان يقود جميع الخطوط في آن واحد دون ان تعلم السلطة بخفايا التحرك العسكري حيث كان محاطا بسريّة تامة يصعب التعرف على خصوصياته .
إنّ تأكيد المأمون فيما بعد على أن ينزل الإمام الرضا ( عليه السّلام ) عند رغبة المأمون في قضية ولاية العهد تعتبر شاهدا على مخاوف المأمون من تحرّكات العلويين ويكون قبول الإمام لولاية العهد خطوة لاستيعاب هذه الحركات التي ترى في الإمام قدوة لها وبذلك سوف يفقد العلويون مبرّرات المعارضة للحكم الذي يكون الإمام فيه وليّا للعهد .
2 - الدور السياسي للإمام ( عليه السّلام ) في عهد هارون ومحمد
استثمر الإمام ( عليه السّلام ) أجواء وظروف الانفراج السياسي النسبي لبناء وتوسعة القاعدة الشعبية ، وتسليحها بالفكر السياسي السليم المنسجم مع رؤية أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وتعبئة الطاقات لاتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب ، ولهذا لم تنفجر اي ثورة علوية في هذين العهدين لعدم اكتمال العدة والعدد .
وكان الإمام ( عليه السّلام ) يقدّم للأمة المفاهيم والافكار السياسية بأسلوب حذر لكي لا يعطي للحكّام مبررا لمنعه أو سجنه أو قتله ، فقد أكّد ( عليه السّلام ) على ضرورة الإمامة في كل زمن ونقل عن آبائه وأجداده الروايات التي تتعلق بهذا المفهوم السياسي الذي هو جزء من عقيدة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، فنقل عبر السلسلة الذهبية عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال :
« يدعى كل أناس بامام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيّهم »[17].
وحدّد ( عليه السّلام ) علامات الإمام لكي تتمكن الأمة من تشخيص الإمام الحق في ظرف كثر فيه التدليس وقلب الحقائق فقال ( عليه السّلام ) :
« للامام علامات : يكون أعلم الناس ، واحكم الناس ، وأتقى الناس ، وأحلم الناس ، وأشجع الناس ، وأسخى الناس ، واعبد الناس . . . »[18].
ويؤكّد الإمام الرضا ( عليه السّلام ) على وحدة الإمامة فلا بد من نصب إمام واحد غير متعدد[19] ، ويذكر العلّة من ذلك وهي توحيد جميع الاعمال والمواقف والحيلولة دون حدوث الاضطراب في الدولة والأمة . وهذا يعني ان تعدد الأئمة مخالف لأسس العقيدة الاسلامية في السياسة والحكم ، وفي هذه الحالة لا بد وان يكون أحد الأئمة إمام حق والبقية أئمة ضلالة لا تجب طاعتهم وإن كانوا في قمة السلطة الزمنية .
وقام الإمام ( عليه السّلام ) بنشر الأحاديث المتعلقة بفضائل أهل البيت ( عليهم السّلام ) ودورهم في الحياة الاسلامية ، فقد روى عن آبائه عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) انّه قال :
« مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زج في النار »[20] .
وقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لامّتي »[21].
وروى عنه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال : « يا علي أنت قسيم الجنة والنار . . . »[22].
ووجّه ( عليه السّلام ) الانظار إلى أهل البيت ( عليهم السّلام ) وإلى موقعهم القيادي في الأمة ، ثم وجّه الانظار إلى فضائل أنصار أهل البيت ( عليهم السّلام ) كعمّار وأبي ذر والمقداد وسلمان ؛ ليتم تشخيص أهل الحق وأهل الباطل على طول الأجيال ، فقد روى عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال ، لعلي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) : « الجنّة تشتاق إليك وإلى عمّار وسلمان وأبي ذر والمقداد »[23].
وحدّث عنه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال : « تقتل عمارا الفئة الباغية »[24].
كما أكّد على أهميّة ولاية أهل البيت ( عليهم السّلام ) والبراءة من أعدائهم بقوله ( عليه السّلام ) : « كمال الدين ولايتنا والبراءة من عدونا »[25].
وحثّ الأمة على تكريم ذريّة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بما حدّث به عن آبائه عن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أنه قال :
« أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة : المكرم لذرّيتي من بعدي ، والقاضي لهم حوائجهم ، والساعي لهم في أمورهم عند اضطرارهم اليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه »[26].
وفي خضم الاحداث الصاخبة وما طرأ من تشويه وتدليس في الحقائق والمعتقدات ، بيّن الإمام ( عليه السّلام ) للأمة المفهوم الحقيقي للتشيّع ، وشخص النماذج المجسدة له في الواقع فقال في شيعة علي ( عليه السّلام ) : « انما شيعته الحسن والحسين وأبو ذر وسلمان والمقداد ومحمد بن أبي بكر ، الذين لم يخالفوا شيئا من أوامره ، ولم يركبوا شيئا من فنون زواجره . . . »[27].
وقال ( عليه السّلام ) : « شيعتنا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ، ويحجّون البيت الحرام ، ويصومون شهر رمضان ، ويوالون أهل البيت ويتبرّؤن من أعدائهم ، أولئك أهل الإيمان والتقى وأهل الورع والتقوى »[28].
واستثمر الإمام ( عليه السّلام ) ذكرى استشهاد الإمام الحسين ( عليه السّلام ) فحثّ على احيائها احياء حقيقيا ينسجم مع عمق الأهداف التي ضحّى من اجلها الحسين ( عليه السّلام ) ، ليتعمق الولاء العاطفي والسياسي لنهج الإمام الحسين الثوري ، واحياء الذكرى عامل من عوامل إثارة الحس الثوري المعارض للانحراف .
قال ( عليه السّلام ) : « ان يوم الحسين أقرح جفوننا واسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا . . . فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإنّ البكاء عليه يحط الذنوب العظام »[29].
وحثّ ( عليه السّلام ) على تمنّي الكون مع أصحاب الحسين ( عليه السّلام ) وهو حثّ على تصعيد روح الثورة والتمرد على الواقع الفاسد ، قال ( عليه السّلام ) :
« إن سرّك ان يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين ( عليه السّلام ) فقل متى ما ذكرته : يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما »[30].
وحثّ ( عليه السّلام ) على زيارة قبر الحسين ( عليه السّلام ) للتزود من مواقفه الشجاعة ولتجديد العهد معه على رفض الانحراف والظلم والطغيان ، قال ( عليه السّلام ) : « زيارة قبر الحسين صلوات اللّه عليه تعدل عمرة مبرورة متقبلة »[31].
وإقامة مراسيم العزاء وزيارة القبر الشريف هو بمثابة معارضة ولكنها سلميّة ، إضافة إلى ذلك فإنه وسيلة لجمع الأنصار والموالين بأسرع الأوقات دون ان تقوم السلطة بملاحقتهم لأنّ مبرر اجتماعهم هو الحزن على الحسين ( عليه السّلام ) . وفعلا أثمر الموقف هذا ، فإن الذين ثاروا فيما بعد على المأمون ، انطلقوا من قبر الحسين واعلنوا الثورة[32].
واستطاع الإمام ( عليه السّلام ) بهذا الأسلوب أن يوسع القاعدة الموالية لأهل البيت ( عليهم السّلام ) دون أن تلاحقه السلطات القائمة أو تمنع نشاطه السياسي ، واستطاع ( عليه السّلام ) كسب عناصر جديدة مقربة للحكام من وزراء وقادة جيش وفقهاء ، وكانت تصل اليه الاخبار - كما تقدم - من داخل البلاط الحاكم .
وكان ( عليه السّلام ) يقود جميع خطط التحرك بسرّية تامة - كما تقدم - ولم تقم في عهد هارون وابنه محمد أيّ ثورة مسلحة ، لأن أنصار أهل البيت ( عليهم السّلام ) كانوا منشغلين بإعادة بناء قواتهم المسلحة بعد اخفاق الثورات السابقة كثورة صاحب فخ وغيره .
[1] رسالة ذوب النضّار في شرح الثار لجعفر بن نما الحلي رواية عن والده محمد بن نما ، وعنه في بحار الأنوار : 45 / 363 - 364 .
[2] الكامل في التاريخ : 4 / 214 - 215 .
[3] الكامل في التاريخ : 4 / 250 - 251 .
[4] رجال الكشي : 127 ح 203 .
[5] سير أعلام النبلاء : 4 / 391 .
[6] الخرائج والجرائح : 1 / 281 .
[7] مناقب آل أبي طالب : 4 / 213 وعنه في بحار الأنوار : 46 / 296 .
[8] مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 113 .
[9] الكامل في التاريخ : 5 / 243 .
[10] عيون أخبار الرضا : 1 / 253 .
[11] فروع الكافي : 8 / 264 .
[12] أصول الكافي : 2 / 225 .
[13] مهج الدعوات : 188 وعنه في بحار الأنوار : 47 / 192 .
[14] مقاتل الطالبيين : 383 .
[15] مقاتل الطالبيين : 376 .
[16] مهج الدعوات : 217 وعنه في بحار الأنوار : 48 / 151 .
[17] مناقب آل أبي طالب : 3 / 80 .
[18] عيون أخبار الرضا : 1 / 213 .
[19] عيون أخبار الرضا : 2 / 101 .
[20] كنز العمال : 12 / 98 ح 34170 .
[21] كنز العمال : ج 12 ، ح 34155 .
[22] عوالم العلوم : 22 / 295 ، باب فضل أمير المؤمنين علي ( عليه السّلام ) .
[23] سنن الترمذي : 5 / 594 ، مناقب الإمام علي ( عليه السّلام ) ح 3718 .
[24] كنز العمال : ج 11 ، ح 33555 .
[25] انس العالم للصفواني في مستطرفات السرائر : 3 / 640 وعنه في بحار الأنوار : 27 / 58 .
[26] عيون أخبار الرضا : 1 / 253 .
[27] بحار الأنوار : 65 / 158 .
[28] صفات الشيعة للصدوق : 4 .
[29] مناقب آل أبي طالب : 4 / 93 .
[30] بحار الأنوار : 44 / 299 عن الصدوق في أماليه وعيون أخبار الرضا ( عليه السّلام ) .
[31] بحار الأنوار : 98 / 29 وفي ط 2 ج : 101 / 29 عن ابن قولويه في كامل الزيارات : 154 والصدوق في ثواب الأعمال : 111 - 115 .
[32] بحار الأنوار : 10 / 351 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|