أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015
1462
التاريخ: 25-03-2015
1372
التاريخ: 13-9-2020
8709
التاريخ:
1548
|
وهو
قسمان: معنوي ولفظي، وكل من هذين القسمين معيب، وغير معيب وحسن: فالمعيب المعنوي
كقول الفرزدق [طويل]:
وما
مثله في الناس إلا مملك ... أبو أمه حي أبوه يقاربه
فإن لفظة
حي مشتركة بين ضد الميت وبين القبيلة، فلما لم يميز بينهما في البيت بقرينة، أو ما
يخلصه من الاشتراك ولا يبينه فيما بعد عد اشتراكاً معيباً، على أن البيت معيب من
وجه آخر، وهو تعسف السبك، وقد مضى ذكره.
ومثال
المعنوي الذي ليس بمعيب ولا يحسن قول كثير [طويل]:
وأنت
التي حببت كل قصيرة ... إليّ ولم يشعر بذاك القصائر
عنيت
قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطى شر النساء
البحاتر
فإن
لفظة قصيرة مشتركة، فلو اقتصر على البيت الأول كان الاشتراك معيباً، لكنه لما أتى
بالبيت الثاني زال العيب فبقي الاشتراك ليس بمعيب ولا بحسن، والذي منعه أن يعد
حسناً ما في البيتين من التضمين، فإن ذلك جعل له منزلة بين منزلتين.
وأما
الاشتراك الحسن المعنوي فهو اشتراك الشاعرين في معنى واحد، إذا شارك الأخير الأول
اشتراكاً يوجبه له دون الأول، كسائر المعاني التي يتناولها الشعراء بعضهم من بعض.
وأما
الاشتراك اللفظي الذي ليس بمعيب مثل اشتراك الناس في مفردات الألفاظ، فإنها ليس
أحد أحق بها من أد، فلا يعد الاشتراك في الألفاظ المفردة سرقة، فإن تضمنت معنى من
معاني النفس، أو معاني اللفظ عد تناولها سرقة، ومثال الأول قول أبي نواس [طويل]:
ترى
العين تستعفيك من لمعانها ... وتحسر حتى ما تقل جفونها
فلفظة
الاستعفاء مشتركة بينه وبين الأبيرد في قوله يرثي أخاه أو ابنه [طويل]:
وقد
كنت أستعفي الإله إذا اشتكى ... من الأجر لي فيه وإن عظم
الأجر
فمثل
هذا هو الاشتراك الحسن ومن الاشتراك الحسن اشتراك الشاعرين أو الشعراء في عمل شعر،
وتسميه العرب التمليط بحيث يصنع كل واحد قسيماً، كما حكى عن امرئ القيس والتوأم إذ
قال له: ملط أنصاف أبيات آتيك بها، ثم قال [وافر]:
أحارُ
ترى بريقاً هبَّ وهناً
فقال
التوأم:
كنار
مجوس تستعر استعاراً
فقال
امرؤ القيس:
أرقت
له ونام أبو سريج
فقال
التوأم:
إذا
ما قلت قد هدأ استطارا
وأما
الاشتراك المعيب فكقول الأسود بن يعفر في صفة الفرس [كامل]:
بمقلّص
عبل جهير شده ... قيد الأوابد والرهان جواد
فلفظ
قيد الأوابد مشترك بين الأسود وامرئ القيس في قوله:
قيد
الأوابد هيكل
وهذا
الضرب مما يعد سرقة لتضمن اللفظ معنى الإرداف لا سيما والبيتان من باب الوصف
للفرس.
والاشتراك
الذي ليس بمعيب ولا بحسن تناول الشاعر اللفظ المتضمن معنى من معاني البديع بحيث
ينقله من فنن إلى فن، وذلك أن يأتي المتكلم بلفظ قيد الأوابد مثلاً
في غير صفة الفرس وهذا وإن لم يقع فذكره مثال يقاس عليه.
وكل
هذه الأقسام التي قدمت ذكرها ليست من البديع في شيء، وإنما هي أقسام أحد ضربي
الاشتراك.
وأما
الضرب الثاني منه، وهو الذي يتعلق بكتابنا، فهو مثل قول امرئ القيس [طويل]:
كبكر
مقاناة البياض بصفرة ... غذاها نمير الماء غير المحلل
وقول
ذي الرمة [بسيط]:
كحلاء
في برج صفراء في دعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب
فوقوع
الاشتراك بينهما في وصف المرأة بالصفرة، غير أن الأول شبه الصفرة ببيضة النعام،
والآخر بالفضة المموهة، فنقل الثاني لكونه من أهل المدر، متأخر الزمان، وقد رأى
الخلف والملوك التشبيه العربي إلى التشبيه الملوكي.
والفرق
بين الاشتراك اللفظي الذي ليس بمعيب وبين الإيضاح أن الاشتراك في الألفاظ،
والإيضاح في المعاني. والله أعلم.
هذا
الباب مما ظننت أنني استخرجته ولم أسبق إليه، فلما عثرت عليه بعد إتياني به لغيري
غيرته باب سميته باب الفرائد فلينزل موضعه؟ ويعد هذا في أبواب من تقدمني، وموضعه
بعد باب الاستثناء، وقد أتيت بالباب، فلينقل باب الاشتراك إلى موضعه.