المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



الإشتراك  
  
1152   12:04 صباحاً   التاريخ: 24-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص65-66
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015 3917
التاريخ: 25-09-2015 1721
التاريخ: 25-09-2015 1586
التاريخ: 25-09-2015 1438

وهو قسمان: معنوي ولفظي، وكل من هذين القسمين معيب، وغير معيب وحسن: فالمعيب المعنوي كقول الفرزدق [طويل]:
وما مثله في الناس إلا مملك ... أبو أمه حي أبوه يقاربه
فإن لفظة حي مشتركة بين ضد الميت وبين القبيلة، فلما لم يميز بينهما في البيت بقرينة، أو ما يخلصه من الاشتراك ولا يبينه فيما بعد عد اشتراكاً معيباً، على أن البيت معيب من وجه آخر، وهو تعسف السبك، وقد مضى ذكره.
ومثال المعنوي الذي ليس بمعيب ولا يحسن قول كثير [طويل]:
وأنت التي حببت كل قصيرة ... إليّ ولم يشعر بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد ... قصار الخطى شر النساء البحاتر
فإن لفظة قصيرة مشتركة، فلو اقتصر على البيت الأول كان الاشتراك معيباً، لكنه لما أتى بالبيت الثاني زال العيب فبقي الاشتراك ليس بمعيب ولا بحسن، والذي منعه أن يعد حسناً ما في البيتين من التضمين، فإن ذلك جعل له منزلة بين منزلتين.
وأما الاشتراك الحسن المعنوي فهو اشتراك الشاعرين في معنى واحد، إذا شارك الأخير الأول اشتراكاً يوجبه له دون الأول، كسائر المعاني التي يتناولها الشعراء بعضهم من بعض.
وأما الاشتراك اللفظي الذي ليس بمعيب مثل اشتراك الناس في مفردات الألفاظ، فإنها ليس أحد أحق بها من أد، فلا يعد الاشتراك في الألفاظ المفردة سرقة، فإن تضمنت معنى من معاني النفس، أو معاني اللفظ عد تناولها سرقة، ومثال الأول قول أبي نواس [طويل]:
ترى العين تستعفيك من لمعانها ... وتحسر حتى ما تقل جفونها
فلفظة الاستعفاء مشتركة بينه وبين الأبيرد في قوله يرثي أخاه أو ابنه [طويل]:
وقد كنت أستعفي الإله إذا اشتكى ... من الأجر لي فيه وإن عظم الأجر
فمثل هذا هو الاشتراك الحسن ومن الاشتراك الحسن اشتراك الشاعرين أو الشعراء في عمل شعر، وتسميه العرب التمليط بحيث يصنع كل واحد قسيماً، كما حكى عن امرئ القيس والتوأم إذ قال له: ملط أنصاف أبيات آتيك بها، ثم قال [وافر]:
أحارُ ترى بريقاً هبَّ وهناً
فقال التوأم:
كنار مجوس تستعر استعاراً
فقال امرؤ القيس:
أرقت له ونام أبو سريج
فقال التوأم:
إذا ما قلت قد هدأ استطارا
وأما الاشتراك المعيب فكقول الأسود بن يعفر في صفة الفرس [كامل]:
بمقلّص عبل جهير شده ... قيد الأوابد والرهان جواد
فلفظ قيد الأوابد مشترك بين الأسود وامرئ القيس في قوله:
قيد الأوابد هيكل
وهذا الضرب مما يعد سرقة لتضمن اللفظ معنى الإرداف لا سيما والبيتان من باب الوصف للفرس.
والاشتراك الذي ليس بمعيب ولا بحسن تناول الشاعر اللفظ المتضمن معنى من معاني البديع بحيث ينقله من فنن إلى فن، وذلك أن يأتي المتكلم بلفظ قيد الأوابد مثلاً في غير صفة الفرس وهذا وإن لم يقع فذكره مثال يقاس عليه.
وكل هذه الأقسام التي قدمت ذكرها ليست من البديع في شيء، وإنما هي أقسام أحد ضربي الاشتراك.
وأما الضرب الثاني منه، وهو الذي يتعلق بكتابنا، فهو مثل قول امرئ القيس [طويل]:
كبكر مقاناة البياض بصفرة ... غذاها نمير الماء غير المحلل
وقول ذي الرمة [بسيط]:
كحلاء في برج صفراء في دعج ... كأنها فضة قد مسها ذهب
فوقوع الاشتراك بينهما في وصف المرأة بالصفرة، غير أن الأول شبه الصفرة ببيضة النعام، والآخر بالفضة المموهة، فنقل الثاني لكونه من أهل المدر، متأخر الزمان، وقد رأى الخلف والملوك التشبيه العربي إلى التشبيه الملوكي.
والفرق بين الاشتراك اللفظي الذي ليس بمعيب وبين الإيضاح أن الاشتراك في الألفاظ، والإيضاح في المعاني. والله أعلم.
هذا الباب مما ظننت أنني استخرجته ولم أسبق إليه، فلما عثرت عليه بعد إتياني به لغيري غيرته باب سميته باب الفرائد فلينزل موضعه؟ ويعد هذا في أبواب من تقدمني، وموضعه بعد باب الاستثناء، وقد أتيت بالباب، فلينقل باب الاشتراك إلى موضعه.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.