المنهج الاستقرائي:

يعد المنهج الاستقرائي أحد المناهج الوضعية المقتبسة من العلوم الوضعية، وتعني استقراء الأشياء أو دع الحقائق تتكلم عن نفسها، ويتم تطبيق هذا المنهج في الخطوات التالية:

1- فحص واقع الظاهرة المبحوثة في مكان واحد أو أكثر، وتحديد تشابهاتها في الأمكنة.

2- يطلق الانتظام التجريبي في حال وجود نظام ما يتعلق بالظاهرة سواء كان في توزيعها أو أسلوب أدائها أو في ارتباطها بالظاهرات الأخرى والأمكنة المختلفة.

3- تقنين هذا الانتظام التجريبي للظاهرة في نظرية أو نموذج ما، ويمكن أن تكون النظرية وصفية أو كمية، وتختلف درجة رسوخ النظرية وصدقها بمدى اتساع مساحة انتشار الظاهرة التي تم فحصها في الواقع، أو بمعنى آخر تعدد الحالات الدراسية المفحوصة قبل اشتقاق النظرية.

والجدير بالذكر أن إتباع الجغرافيين للمنهج الاستقرائي بدأ بعد الحرب العالمية الأولى واشتد بعد الحرب العالمية الثانية واستمر ظهور ثمار هذا التطبيق المنهجي في النماذج والنظريات التي ظهرت في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين لا سيما في مجال الخدمات وتوزيعاتها المكانية.

وتتفاوت النماذج والنظريات الناتجة عن تطبيق هذا المنهج في درجة دقتها حسب الحالات الدراسية مصدر الاشتقاق، فأكثر النماذج والنظريات وضوحًا هي تلك التي تمت ملاحظتها أو اشتقاقها من أماكن مختلفة أكثر اتساعا. أما النماذج والنظريات الناتجة عن تطبيق المنهج الاستقرائي في ملاحظة واقع الظاهرة في مكان واحد فيتوقف نجاحها على مدى تشابه الحالة الدراسية بالأماكن الأخرى في العالم ومدى تطرف هذه الحالة الدراسية من ناحية أخرى، وقدرة الملاحظ في نقل وتقنين ما يتم ملاحظته.