أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-09-2014
5160
التاريخ: 24-11-2014
5165
التاريخ: 2-10-2014
4847
التاريخ: 2023-05-16
1007
|
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ... }[التوبة/119]
سئل الشيخ أدام الله عزه عن قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ }.
فقيل له: فيمن نزلت هذه الآية؟
فقال: في أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وجرى حكمها في الأئمة من ذريته الصادقين (عليهم السلام).
قال الشيخ أدام الله عزه: وقد جاءت آثار كثيرة في ذلك ، ومما يدل على صحة هذا التأويل ، ما أنا اذكره بمشيئة الله وعونه.
قد ثبت أن الله سبحانه دعا المؤمنين في هذه الآية إلى اتباع الصادقين ، والكـون معهم فيما يقتضيه الدين ، وثبت أن المنادى بـه يـجب أن يكـون غـيـر المـنادى إليـه ، لاستحالة أن يدعى الإنسان إلى الكون مع نفسه واتباعها ، فلا يخلو أن يكون الصادقون الذين دعا الله تعالى إليهم ، جميع من صدق ، وكان صادقاً حتى يعمهم اللفظ ويستغرق جنسهم ، أو يكونوا بعض الصادقين.
وقد تقدم إفسادنا لمقال من زعم أنه عـم الصـادقين ، لأن كـل مـؤمـن فـهـو صـادق بإيمانه ، فكان يجب بذلك أن يكون الدعاء للإنسان إلى اتباع نفسه ، وذلك محال على ما ذكرناه.
وإن كان بعض المؤمنين دون بعض ، فلا يخلو من أن يكونوا معهودين معروفين ، فتكون الألف واللام إنما دخلاً للمعهود ، أو يكونوا غير معهودين ، فإن كانوا معهودين ، فيجب أن يكونوا معروفين غير مختلف فيهم ، وتأتي الروايات بأسمائهم والإشارة إليهم خاصة ، وأنهم طائفة معروفة عند من سمع الخطاب من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم).
وفي عدم ذلك دليل على بطلان مقال من ادعى أن هذه الآية نزلت في جماعة غير من ذكرناه كانوا معهودين.
وإن كانوا غير معهودين ، فلا بد من الدلالة عليهم ، ليتميزوا ممن يـدعـي مـقامهم ، و إلا بطلت الحجة لهم وسقط تكليف اتباعهم ، وإذا ثبت أنه لابد من الدليـل عـليهم ، ولم يدع أحد من الفرق دلالة على غير مـن ذكـرناه ، ثـبـت أنـهـا فـيـهـم خـاصة ، لفسـاد خلق الأمة كلها من تأويلها ، وعدم أن يكون القصد إلى أحد منهم بها ، على أن الدليل قائم على أنها فيمن ذكرناه ، لأن الأمر ورد باتباعهم على الإطلاق ، وذلك يوجب عصمتهم وبراءة ساحتهم ، والأمان من زللهم بدلالة إطلاق الأمر بـاتباعهم ، والعصمة ، توجب النص على صاحبها بلا ارتياب.
وإذا اتفق مخالفونا على نفي العصمة والنص عمن ادعوا له تأويل هذه الآية ، فقد ثبت أنها في الأئمة: ، لوجود النقل بالنص عليهم ، و إلا خرج الحق عن أمة محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وذلك فاسد؛ مع أن في القرآن دليلاً على ما ذكرناه ، وهو أن الله سبحانه قال: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177].
فجمع الله تبارك اسمه وتعالى هذه الخصال كلها ، ثم شهد لمن كملت فيه بالصدق والتقى على الإطلاق ، فكـان مـفـهـوم مـعنى الآيتين الأولى وهـذه الثانية ، أن اتبعوا الصادقين ، الذين باجتماع هذه الخصال التي عددناها فيهم استحقوا إطلاق الاسم بصادقين ، ولم نجد أحداً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) اجتمعت فـيـه هـذه الخصال إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام).
فوجب أنه الذي عناه الله سبحانه بالآية ، وأمر فيها باتباعه والكون معه فيما يقتضيه الدين.
وذلك أنه ذكر الإيمان به جل اسمه وتعالى: { وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ } ، فكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أول الناس إيمانا به وبما وصف من الأخبار المتواترة بأنه أول من أجاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من الذكور ، وبقول النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لفاطمة(عليها السلام) " زوجتك أقدمهم سلماً وأكثرهم علماً "(1).
وقول أمير المؤمنين(عليه السلام): " أنا عبد الله وأخو رسوله لم يقلها أحد قبلي ، ولا يقولها أحد بعدي إلا كذاب مفتر ، صليت قبلهم سبع سنين"(2) ، وقوله :" اللهم إني لا أقر لأحد من هذه الأمة عبدك قبلي"(3) ، وقوله(عليه السلام): وقد بلغه من الخوارج مقالاً أنكره: " أم يقولون إن عـلياً يكذب ، أفعلى من أكذب؟ أعلى الله ، فأنا أول من عبده ، أم على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، فأنا أول من آمن به وصدقه ونصره "(4).
وقول الحسن(عليه السلام) صبيحة الليلة التي قبض فيها أمير المؤمنين(عليه السلام): " لقد قبض في الليلة رجل ما سبقه الأولون بعمل ولا يدركه الآخرون "(5).
في أدلة يطول شرحها على ذلك ، ثم أردف الوصف الذي تقدم الوصف بإيتاء المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابـن السبيل والسائلين وفي الرقاب ، ووجدنا ذلك لأمير المؤمنين بالتنزيل وتواتر الأخبار به على التفصيل. قال الله (عزوجل): {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]. واتفقت الرواة من الفريقين ، الخاصة والعامة على أن هذه الآية ، بل السورة كلها نزلت في أمير المؤمنين وزوجته فاطمة وابنيه ، وقال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة: 262].
وجاءت الرواية أيضاً مستفيضة ، بأن المعنى بهذا أمير المؤمنين ، ولا خلاف أنه(عليه السلام) ، أعتق مـن كد يده جماعة لا يحصون كثرة ، ووقف أراضي كثيرة ، وعيناً استخرجها وأحياها بعدموتها. فانتظم الصفات على ما ذكرناه ، ثم أردف ذلك قوله: {وأقام الصلوة وآتى الزكوة} ، وكان هو المعني بها بدلالة قوله: { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55].
واتفق أهل النقل ، على أنه (صلوات الله عليه) المزكي في حال ركوعه في الصلاة ، فطابق هذا الوصف وصفه في الآية المتقدمة ، وشاركه في معناها ، ثم أعقب ذلك قوله:
{ والموفون بعهدهم إذا عاهدوا}.
وليس أحد من الصحابة إلا من نقض العـهـد فـي الظـاهر ، أو تـقـول عـليه ذلك إلا أمير المؤمنين(عليه السلام) ، فإنه لا يمكن لأحد أن يزعم أنه نقض ما عاهد عليه رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من النصرة والمساواة ، فاختص أيضاً بهذا الوصف.
ثم قال سبحانه: { والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس} ولم يوجد أحد صبر مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عند الشدائد غير أمير المؤمنين (عليه السلام)؛ فإنه باتفاق وليه وعدوه لم يول دبراً ، ولا فر من قرن ، ولا هاب في الحرب خصماً ، فلما استكمل (عليه السلام) هـذه الخصال بأسرها ، قال سبحانه: {أولئك الذين صدقوا} ، يعني به أن المدعو إلى اتباعه من جملة الصادقين ، هو من دل على اجتماع الخصال فيه ، وذلك أمير المؤمنين (عليه السلام).
وإنما عبر عنه بحرف الجمع ، تعظيماً له وتشريفاً ، إذ العرب تضع لفظ الجمع على الواحد إذا أرادت أن تدل على نباهته ، وعلق قدره وشرف محله ، و إن كان قد يستعمل فيمن لا يراد له ذلك إذا كان الخطاب يتوجه إليه ويعم غيره بالحكم ، ولو جعلنا المعنى في لفظ الجمع بالعبارة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، لكان لذلك وجها ، لأنه و إن خص بالذكر ، فإن الحكم جار فيمن يليه من أئمة الهدى(عليهم السلام) على ما قد شرحناه ، وهذا بين ، والله نسأل توفيقاً نصل به إلى الرشاد بمنه.(6)
[انظر: سورة النساء ، آية 59 ، حول نصوص القرآن في امامة علي(عليه السلام)]
{ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ ... }[التوبة / ١٢٠]
[انظر: سورة الأنعام ، آية 160 ، من عدة رسائل ( الرسالة السروية ) ، في عفو مرتكب الكبيرة: ٢٣٠.]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ عوالم العلوم والمعارف ۱۱ (سيدة النساء فاطمة الزهراء): ۲۹۰ ، نقلاً عن نظم درر السمطين: ۱۸۷ ، فضائل الخمسة : ۱۸۱ ، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ۱۳: ۳۲۸.
2ـ بحار الأنوار ٣٥: ٤٢١.
3- نفس المصدر.
4ـ نهج البلاغة ، خطبة ۷١ ، مع تفاوت يسير.
5ـ بحار الأنوار ٣٥: ٤٢١ .
6ـ الفصول المختارة من العيون والمحاسن: ١٠١ ، والمصنفات ۲: ۱۳۷ - ١٤١.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|