النقل النهري في قارة اوربا:

تتصدر أوربا المرتبة الأولى من حيث كثافة شبكة القنوات المائية لضخامة حجم الحركة، ويمكن تحديد القنوات المائية في شبكتين رئيسيتين الأولى في الغرب وترتبط بنهر الراين، والثانية تمتد في الشرق ترتبط بنهر الفولجا، الا انها اتسمت القنوات المائية في قارة اوربا حتى القرن التاسع عشر بقدراتها المحدودة على النقل، فضلا عن بطئها نتيجة لتكرار عمليات الشحن والتفريغ لكثرة عدد الاهوسة، فعلى سبيل المثال كان على الوحدات النهرية العاملة على قناة فيشني فولوكوك الممتدة بين نهر الفولجا وساحل البلطي المرور عبر 40 هويسا 19 حوضا للتفريغ 27 سدا، على الا تتجاوز حموتها سبعين طنا.

يعد نهر الراين البالغ طوله 1320 كم من اهم انهار اوربا من حيث حجم الملاحية النهرية بعد نهر سانت لورانس، اذ يحتل المركز الثاني لتعدد الأقاليم الصناعية والزراعية، الا ان نهر الفولجا يعد أطول انهار القارة الأوربية بواقع 3690 كم، وبذلك يندرج ضمن أطول أربعة عشر نهرا في العالم، يليه نهر الدانوب بواقع 2850 كم، ولاستكمال صورة النقل النهري في القارة يجب دراسة القنوات المائية فيها.

لقد نشطت عمليات حفر القنوات المائية في الأراضي السهلية، ففي المانيا التي تتصف بانها بطيئة الانحدار خلال القرن الرابع عشر، وتتصدر قناة ستيكنتز هذه القنوات من حيث الأهمية، وقد حفرت بين عامي 1391-1398 لربط ميناء لوبيك المطل على البحر البلطي ومنطقة Lueburg . وجدير بالذكر أن مجرى قناة ستيكنتز القديمة هو نفس مجرى قناة الب / لوبيك الحالية والتي تربط ميناء لوبيك بحوض نهر الب. أنشئت قناة لودفيج لتربط بين نهري المين رافد) (الراين والدانوب خلال الفترة الممتدة بين عامي 1836 - 1845 في بافاريا الألمانيا.

حدث تطور كبير في مجال حفر القنوات واستخدامها في النقل على نطاق واسع خلال القرن الخامس عشر الذي شقت خلاله عدة قنوات مائية في الأراضي المنخفضة (هولندا وبلجيكا). ولتزايد حاجة سكان اوربا الى نقل السلع والمنتجات عن طريق واسطة نقل سهلة، الى جانب اختراع نظام الاهوسة خلال القرن الخامس عشر. اذ ازدادت الحاجة الى نقل الخامات والمنتجات المصنعة على حد سواء بواسطة نقل سهلة ومنخفضة التكاليف، لذا بدا في تعميق مجاري القنوات المائية وتوسيعها لتستوعب حجم الحركة الكبيرة. اما في روسيا فقد شقت عدة قنوات كقناة فيشني فولوكوك في عام 1722 التي تربط حوض نهر الفولجا بساحل البحر البلطي عند بطرسبورج عبر نهر مستا وبحيرتي المن ولادوجا.

اما في فرنسا نتيجة لتطور هندسة بناء الاهوسة على مجاري انهارها الى إمكانية التغلب على الصعوبات التي تعترض استمرارية الملاحة، وتعد قناة دي ميدي اول قناة مائية طويلة فرنسية خلال عامي 1666-1681 حين تم شق مجرى قناة دي ميدي بمحاذاة طريق روماني قديم، لتشكل امتدادا شرقيا لنهر الجارون حيث تمتد القناة بين تولوز على نهر الجارون وميناء ست على خليج ليون، حيث بلغ طولها 241 كم شيد عليها هذه 65 هويسا لتامين حركة السفن العابرة خلال مناسيب السطح المختلفة، وبذلك شكلت قناة دي ميدي حلقة اتصال ونقل مباشر بين خليجي بسكاي على المحيط الأطلسي وليون على البحر المتوسط، اما قناة الوسط البالغ اطولها 114 كم لربط نهري اللوار بالسون حيث انشات خلال الفترة بين عامي 1784 - 1790، ونظرا لتباين مناسيب السطح بين النهرين فقد تم بناء 63 هويسا على طول امتداد قناة الوسط التي اكتسبت أهميتها من ربطها بين أهم الأقاليم الاقتصادية والسكانية في فرنسا وهي حوض باريس ونطاق الرون/ السون. وتعد فرنسا اشهر الدول الاوربية في مجال شق القنوات المائية واستخدامها في النقل لذا نجد ان انهارها العديد التي تجري في اتجاهات متعددة ترتبط ببعضها البعض عن طريق شبكة جيدة من القنوات تربطها بنهر الراين لعل أهمها:

- قناة الراين : الرون أنشئت عام 1834).

- قناة الراين : المارن (أنشئت عام 1853).

- قناة الشرقية : أنشئت عام 1892).

- قناة الراين : السون (أنشئت عام 1907)