مواقع المطارات
المؤلف:
د. محمد خميس الزوكة
المصدر:
جغرافية النقل
الجزء والصفحة:
ص 233 ـ 235
2025-11-10
28
فيما يتعلق بمواقع المطارات نذكر أن معظم مطارات العالم وأهمها تتواجد في نطاقات كثيفة بالسكان تتسم بانخفاض منسوبها ، لذا ينحصر التأثير هنا بالدرجة الأولى فى الاشكال السائدة في موضع المطار أكثر من حواجز السطح واشكاله الرئيسية ، حيث يجب أن تتسم منطقة المطار بامتدادها السهلي مع خلوها بما في ذلك النطاقات المجاورة لها من اية نقومات بارزة يمكن أن تشكل خطورة على الطائرات عند اقلاعها او هبوطها ، بالاضافة الى ضرورة بعد المنطقة تماما عن مجاري الأودية التي يمكن أن تجرى فيها المياه في حالة سقوط الامطار الغزيرة ، ومن الضروري أن تتسم التكوينات الأرضية لموضع المطار بالصلابة الشديدة والخلو من الشقوق والكهوف الارضية حتى لا تتعرض للتشقق وتستطيع تحمل ثقل أجسام الطائرات وخاصة خلال عمليتي الاقلاع والهبوط.
ولأشكال السطح تأثير مباشر وغير مباشر فى تحديد مسارات الطرق التي تسلكها الطائرات ، فالسلاسل الجبلية عالية المنسوب وخاصة الهملايا تشكل عقبة كبيرة في طريق الملاحة الجوية ليس فقط لارتفاع منسوبها ولكن لتحديدها خصائص الطقس السائدة فى النطاقات المحيطة بها وخاصة فيما يتعلق بالضغط الجوي ونشاط الرياح والتكاثف وغطاءات السحب فانخفاض درجة الحرارة فوق القمم والسفوح الجبلية العالية يؤدي الى تكون جيوب أو نطاقات من الضغط الجوي المرتفع مع نشاط حركة الرياح التي تعترض مسار الطائرات وتقلل مرعتها ، كما يمكن أن تعمل على اهتزازها بشدة وبالتالى تعرضها للاصطدام بقدم المرتفعات.
ويؤدي الانخفاض الشديد لدرجة الحرارة بحكم ارتفاع القمم والسفوح إلى تراكم الثلوج عليها مما يسهم في انخفاض درجة حرارة الهواء الملامس لها وبالتالي تساقط الثلوج على جسم الطائرة أثناء عبورها مثل هذه النطاقات مما يؤدي الى تزايد وزنها وتعرضها للسقوط أو الاصطدام بالقمم الجبلية لفقد جهاز القيادة القدرة الكاملة على السيطرة على أجهزتها الملاحية فى ظل هذه الظروف المناخية ، وهو ما يمكن أن يحدث أيضا عندما يتكاثف غطاء السحب بالدرجة التي تحد من الرؤيا ، لذلك تشكل اشكال السطح المرتفعة خطورة كبيرة على النقل الجوي ليس فقط بسبب عامل ارتفاع المنسوب الذي يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في تحديد مواقع المطارات ولكن لوعورتها وخلوها من مراكز العمران وتأثيرها على خصائص الطقس.
وتعترض المرتفعات الموجات الرادارية والموجات اللاسلكية الخاصة بالملاحة الجوية مما يشكل خطورة كبيرة على النقل الجوي وهو ما تعاني منه أجهزة ارشاد الطائرات الموجودة بالمطارات القريبة من المناطق الجبلية المرتفعة وللأسباب التي أشرنا اليها يلاحظ ان امتداد المرتفعات الوسطى في قارة آسيا والتي تتفرع من عقدة بامير في اتجاه عام بين الغرب والشرق أدى إلى تقسيم الخطوط الجوية فى القارة الى شبكتين شبه منفصلتين احداهما شمالية والاخرى جنوبية مما قلل من الخطوط الجوية الاسيوية التي تمتد بين الشمال والجنوب.
كذلك الحال بالنسبة للمرتفعات الغربية الممتدة على طول امتداد الامريكتين بين الشمال والجنوب ممثلة في مرتفعات الروكي بأمريكا الشمالية والانديز بأمريكا الوسطى والجنوبية ، فهذه السلاسل رغم ان منسوبها يقل من منسوب مثيلتها في آسيا الا أن تأثيرها على النقل الجوي.
واضح تماما لان امتدادها بين الشمال والجنوب يتعامد مع اتجاه تحركات الكتل الهوائية فى هذا النطاق من العالم ولإبراز تأثير اشكال السطح على النقل الجوي نذكر أن الخط الجوي بين بيونس أيرس في الارجنتين وسنتياجو في شيلي عبر مرتفعات الانديز له ثلاثة مسارات ممكنة هي المسار المباشر ، ومسار آخر يمتد الى الشمال منه ، ومسار ثالث يمتد الى الجنوب منه:
1ـ المسار المباشر: يتتبع طريق الدائرة العظمى لذا لا يتجاوز طوله بين المدينتين 606 ميلا ، الا أن الطائرة التى تتبع هذا المسار لابد أن تعبر مرتفعات الانديز على ارتفاع يتراوح بين 22500 - 24500 قدم فوق منسوب سطح البحر ، وتقع سنتياجو على ارتفاع 1700 قدم مما يعني ان الطائرة تصل فوق المدينة وهى على ارتفاع 20 الف قدم تقريبا . مما يتطلب فضاء وقت طويل للهبوط ببطء الى مطار المدينة حيث أن أي محاولة للهبوط السريع ستؤدى الى ازعاج الركاب واضطرابهم.
2ـ المسار الجنوبي : وهو أكثر طولا حيث يبلغ 716 ميلا ، الا أنه يعبر مرتفعات على ارتفاع يقل منسوبه عن المسار المباشر السابق الاشارة اليه (14) ألف قدم فوق منسوب سطح البحر، ويصل الى نقطة تقع جنوب سنتياجو بحوالي 120 ميلا ، ولعبور نطاق المرتفعات في ظل طقس ملائم أن يكون ارتفاع الطائرة نحو 14 الف قدم فوق منسوب للملاحة في سطح البحر لتجنب نطاق هبوب الرياح العلوية شديدة القوة (تصل إلى نحو 100 عقدة في ساعة ) والذى يتراوح منسوبه بين 18 ، 26 ألف قدم فوق منسوب سطح البحر، مما يعنى ضرورة تجنب هذا النطاق بالطيران أسفله عند السفوح الشرقية للمرتفعات والطيران على منسوب أعلى منه عند السفوح الغربية حتى لحظة الوصول فوق مطار سنتياجو.
3ـ المسار الشمالي : وهو أطول المسارات الثلاثة حيث يبلغ طوله 799 ميلا ، إلا أنه أفضلها من حيث ظروف الطقس السائدة ، وارتفاع سلاسل الانديز هنا يعنى أن الطائرة التي تعبر المسار الشمالي يجب أن يتراوح ارتفاعها بين 21 - 24 ألف قدم.
واذا كانت ظروف الطقس السائدة جيدة وطبيعية تتبع الطائرات التي تربط بين بيونس ايرس وسنتياجو المسار الجنوبي ، اما في ظل احوال الطقس السيئة يكون المسار الشمالي أكثر المسارات الثلاثة أمنا وأصلحها للطيران بين المدينتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Sealy, K. R., The Geography of Air Transport. Second Edition, London, 1968. P. 32
الاكثر قراءة في جغرافية النقل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة