المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06
Level _yes_ no
2024-11-06
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05



موقف التشريعات والاتفاقيات والقضاء من إعمال القواعد الأجنبية التي لا تنتمي إلى القانون واجب التطبيق  
  
1013   10:17 صباحاً   التاريخ: 21/11/2022
المؤلف : خليل ابراهيم محمد خليل
الكتاب أو المصدر : تكامل مناهج تنازع القوانين
الجزء والصفحة : ص333-340
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

إن القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية التي لا تنتمي إلى القانون المختص بموجب قاعدة الإسناد، ليست مسألة نظرية واختلافا فقهيا فحسب بل أن هذه القواعد وجدت لها مكانا في التشريعات والاتفاقيات الدولية والقضاء، لذلك سنبين في هذا الفرع موقف التشريعات من إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية التي لا تكون جزءا من القانون واجب التطبيق بموجب قاعدة الإسناد، كما نبين موقف القضاء منها وكالآتي:

أولا: موقف التشريعات والاتفاقيات الدولية: نصت بعض التشريعات وكذلك الاتفاقيات الدولية على إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية التي لا تكون واجبة التطبيق بمقتضى منهج قاعدة الإسناد، ومن أمثلة التشريعات التي أخذت بتطبيق قواعد البوليس الأجنبية ذات التطبيق الضروري، القانون الدولي الخاص السويسري الذي نص في المادة (19) (1) منه على أنه "1. يجوز للقاضي أن يضع في اعتباره قاعدة آمرة لا تنتمي للقانون المختص بمقتضى قواعد الإسناد إذا كان المركز المطروح يرتبط بصلة وثيقة بهذه القاعدة، وذلك إذا اقتضت ذلك مصالح مشروعة وجوهرية وفقا لمفهوم القانون السويسري 2. وحتى يقرر القاضي ما إذا كان سيضع مثل هذه القاعدة في اعتباره فانه يتعين الاعتداد بالهدف الذي تسعى إليه والنتائج المترتبة على تطبيقها حتى يصل إلى قرار ملائم في ضوء المفهوم السويسري للقانون".

ويتبين من هذا النص أن القانون الدولي الخاص السويسري قد فتح المجال أمام القضاء التطبيق القواعد الآمرة الأجنبية التي لا تنتمي إلى لقانون المختص بموجب قاعدة الإسناد، إذا كانت هناك صلة وثيقة بين المركز القانوني المطروح أمام القضاء وبين هذه القواعد وإذا اقتضت المصالح المشروعة والجوهرية تطبيقها وفقا لمفهوم القانون السويسري، كما وضع المشرع السويسري موجهات تعين القضاء في تطبيق هذه القواعد من خلال البحث عن الهدف الذي تسعى إليه والنتائج والآثار المترتبة على تطبيقها وصولا إلى القرار العادل  (2).

ومن القوانين التي نصت على إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية غير المنتمية إلى القانون المختص، قانون التأمين الفرنسي الصادر في 31 كانون الأول 1989 الذي نص في المادة (181/3)  على أنه يمكن للقاضي أن يعطي أثر على إقليم الجمهورية الفرنسية لقواعد النظام العام في قانون دولة عضو في المجموعة الأوربية وقع الخطر على إقليمها أو دولة عضو تفرض الالتزام بالتأمين وذلك إذا كانت هذه القواعد وفقا لقوانين هذه الدول واجبة التطبيق أيا كان القانون الذي يحكم العقد (3).

ويذهب جانب من الفقه (4) في تحليل هذا النص إلى أنه وعلى الرغم من أنه ذكر النظام العام فإنه يقصد أيضا إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية في الدولة العضو في المجموعة الأوربية التي وقع الخطر على إقليمها أو التي تفرض الالتزام بالتأمين، وهو ما يفهم من عبارة "أيا كان القانون الذي يحكم العقد" وذلك يعني حماية أفضل للمستأمن وعدم تأثر هذه الحماية بتطبيق قانون معين تحدده قاعدة الإسناد في دولة القاضي و هو منطق الحماية الذي تقرره القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية.

كما نصت المجموعة الثانية من قواعد تنازع القوانين الأمريكي Second Restatement" إذا أكدت المادة (187) منه على أن تطبيق القانون المختار لا يجب أن يكون مخالفة للسياسة التشريعية للدولة التي يكون لها مصلحة في تطبيق قانونها تفوق مصلحة الدولة التي اختار الأطراف قانونها كقانون وأجب التطبيق و الدولة التي يكون لها المصلحة الأكبر هي التي يكون قانونها واجب التطبيق في حالة عدم توافر اختيار للأطراف (5).

ومن القوانين العربية التي نصت على إعمال قواعد القانون الأجنبي ضرورية التطبيق والتي لا تكون واجبة التطبيق بموجب منهج الإسناد، القانون التونسي إذ نص الفصل (18) من مجلة القانون الدولي الخاص التونسي على أنه "... ويطبق القاضي أحكام القانون الأجنبي غير المعين بقواعد التنازع إذا كان لهذا القانون روابط وثيقة بالوضعية القانونية وكان تطبيق الأحكام المذكورة ضرورية بالنظر إلى الغرض المقصود منها. .... ويتبين أن هذا النص قد جاء عاما شأنه شأن القانون السويسري فهو لا يختص بالعقود الدولية بل بكل جوانب تنازع القوانين.

كما نصت الاتفاقيات الدولية على هذا الأمر ومن هذه الاتفاقيات اتفاقية لاهاي لسنة 1978 بشأن القانون واجب التطبيق على الوساطة والتمثيل التجاري (6) التي نصت في المادة (16) منها على أنه عند تطبيق هذه الاتفاقية فانه يجوز الاعتداد بالنصوص الآمرة لكل دولة ترتبط بالمركز المطروح برابطة جدية وذلك فيما لو كانت هذه النصوص يجب تطبيقها وفقا لقانون تلك الدولة أيا كان القانون الذي عينته قواعد التنازع فيها" (7).

كما أن اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية لعام 1980 نصت (8) على أنه عند تطبيق قانون بلد معين بموجب هذه الاتفاقية فانه يجوز الاعتداد بالنصوص الأمرة في قانون بلد آخر يرتبط بالمركز المطروح برابطة وثيقة وذلك فيما لو كانت هذه النصوص واجبة التطبيق بموجب قانون البلد الذي تنتمي إليه وذلك بصرف النظر عن قانون العقد، وللاعتراف بمدى الآثار التي ستمنح لهذه النصوص يجب الاعتداد بطبيعتها وموضوعها وكذلك النتائج المترتبة على تطبيقها أو عدم تطبيقها" (9).

كما أقر المشروع الذي أقره مجمع القانون الدولي في دورة انعقاده بمدينة بال "Bale" مبدأ إعمال القواعد الأجنبية ذات التطبيق الضروري التي لا تنتمي إلى القانون المختص إذ نص (10)على أن "القواعد الآمرة التي لا تنتمي لقانون الإرادة أو قانون القاضي لا تستطيع استبعاد القانون المختار إلا إذا وجدت صلة وثيقة بين العقد والدولة التي أصدرت هذه القواعد وما دامت القواعد المذكورة تسعى إلى أهداف تقرها الجماعة الدولية".

ويتبين أن اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية لعام 1980 قد جاءت متطابقة مع اتفاقية لاهاي بشأن الوساطة والتمثيل التجاري لعام 1978 مع ملاحظة أن الاتفاقية الأخيرة تقتصر على عقود الوساطة والتمثيل التجاري بينما الأولى تشمل جميع العقود عدا المستثنى من أحكام الاتفاقية (11).

وإذا كانت الاتفاقيتان قد اشترطتا أن تكون هذه القواعد على صلة جدية بالمركز المطروح" حسب تعبير اتفاقية لاهاي للوساطة والتمثيل التجاري أو على صلة وثيقة بهذا المركز حسب تعبير اتفاقية روما (12)، فإنهما قد خولا القاضي الوطني أن يقدر مدى عقلانية الصلة بين مضمون القاعدة التي تريد الانطباق وأهدافها من ناحية ونطاق تطبيقها كما حدده مشرعها الأجنبي من ناحية أخرى، وهو ما يفيد أنهما قد اشترطتا أن يتم إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية في هذا الفرض في ضوء إرادتها في الانطباق فضلا عن إرادة القاضي في تطبيقها. وقد وضعت اتفاقية روما عدة موجهات للقاضي تعينه في اتخاذ قراره بشأن إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية التي لا تنتمي إلى القانون المختص إذ يتعين على القاضي أن يضع في اعتباره طبيعة القاعدة وموضوعها وكذلك الآثار المترتبة على تطبيقها أو عدم تطبيقها، إذ أن الاعتداد بطبيعة القاعدة يبيح للقاضي استبعاد القواعد ذات التطبيق المباشر التي لا تعد من القواعد ذات التطبيق الضروري، أما الاعتداد بموضوعها فهو يسمح له بالتأكيد من توافر الصلة المطلوبة بين مضمونها ونطاق تطبيقها.

أما الآثار المترتبة على إعمال أو عدم إعمال القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية فمن الأهمية الاعتداد بها ومثال ذلك العقد الذي يبرم بين رجل أعمال فرنسي الجنسية واحد الوسطاء الأمريكيين أثناء لقائهما في ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، إذا اتفق المتعاقدان في العقد الذي يخضع للقانون الفرنسي على قيام هذا الأخير بإيجاد مشتر لفندق يملكه الأول يقع على السواحل الفرنسية في مقابل قيامه بدفع السمسرة التي طلبها الوسيط إذا ما وفق في مهمته، وإذا نجح هذا الأخير في إيجاد هذا المشتري أثناء مروره العابر بولاية نيويورك الأمريكية، فأن طالب رجل الأعمال على هذا الأساس بمبلغ السمسرة المتفق عليه أمام المحاكم الفرنسية فدفع هذا الأخير بان قانون ولاية نيويورك يبطل أي وساطة تتم في إقليم هذه الولاية ما لم يكن مرخصة بذلك أصلا للسمسار، وعلى الرغم من أن قانون ولاية نيويورك يعد على هذا النحو من القواعد ذات التطبيق الضروري التي تريد الانطباق بالعقد بصلة قد يراها القاضي معقولة الأمر الذي يقيد من مجال إعمال قاعدة البوليس الأمريكية لما يؤدي إليه ذلك من تشجيع المتعاقد الفرنسي على الإفلات من التزاماته التعاقدية (13).

وعلى الرغم من أن صياغة النصوص المذكورة آنفا لم تبين وسيلة إعمال هذه القواعد، فإنه ومن دون شك قد جاءت صياغتها على نحو تكاملي بين منهج الإسناد ومنهج القواعد ذات التطبيق الضروري، فهي تعطي أثرا للنصوص الآمرة الواردة في قانون دولة تكون فيها هذه النصوص على صلة وثيقة بالعلاقة محل النزاع، مع بقاء العلاقة محكومة بالقانون واجب التطبيق على النزاع بموجب منهج قاعدة الإسناد.

ثانيا: موقف القضاء اتجهت بعض أحكام القضاء إلى إخضاع بعض جوانب الرابطة العقدية إلى القواعد الأمرة الأجنبية ذات التطبيق الضروري التي لا تنتمي إلى القانون المختص بموجب قاعدة الإسناد.

فالمحاكم الألمانية والفرنسية أخذت بنظر الاعتبار القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية، أو قواعد البوليس الأجنبية حتى قبل وجود اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية التي نصت على الأخذ بالاعتبار قواعد البوليس الأجنبية، فالمحكمة الاتحادية الألمانية على سبيل المثال رفضت الادعاءات المتعلقة بالبيوع وعقود النقل التي أخلت بالقوانين الجمركية الأجنبية أو التي انتهكت قواعد منع الاستيراد والتصدير (14).

وفي الاتجاه نفسه فان المحكمة العليا الألمانية (15) أخذت القواعد الآمرة الأجنبية للقانون النيجيري بنظر الاعتبار عندما أبطلت عقد تأمين يتضمن تصدير أشياء ممنوعة من نيجيريا إلى المانيا. إذ و علی الرغم من أن العقد كان محكوما بالقانون الألماني فان المحكمة استشهدت بالقواعد الإلزامية للقانون النيجيري التي تحرم تصدير هذه الأشياء و أعلنت بطلان العقد لمخالفته المبادئ الأخلاقية العامة.

وللفكرة ذاتها رفضت المحكمة العليا الألمانية (16) أيضا تنفيذ عقود قرض لتمويل التهريب وبيع الكحول قابل للتسليم في أعالي البحار بالقرب من المياه الإقليمية للسويد وفنلندا (17).

وذهبت محكمة الاستئناف الفرنسية إلى الأخذ بالاعتبار النظام العام" للدول الأجنبية بغض النظر عن القانون واجب التطبيق، سواء كان قانون المحكمة أم قانون دولة أخرى تم اختياره من قبل الأطراف، أم قانون دولة أخرى تم اختياره طبقا لقواعد الإسناد في حالة غياب الاختيار. فعلى سبيل المثال فالمحاكم الفرنسية أبطلت الكثير من عقود التهريب، كإبطال علاقة تعاقدية لتهريب التبغ إلى اسبانيا على الرغم من عدم انتهاكها للقانون الفرنسي واجب التطبيق (18). و إبطال علاقة تعاقدية لتهريب سلع إلى بلجيكا على الرغم من عدم انتهاكها للقانون الفرنسي واجب التطبيق (19). واعتمادا على القواعد الإلزامية لدولة أجنبية فان محكمة "de la Seine الفرنسية أبطلت قرض محكوما بالقانون الفرنسي لدعم الثورة في فنزويلا (20). وفي حكم المحكمة النقض الفرنسية(21)  تتعلق وقائعه بعقد عمل أبرم بين رب عمل فرنسي و عامل فرنسي، وتضمن العقد شرط اختيار القانون الفرنسي كقانون واجب التطبيق، رفع العامل دعوى أمام محكمة داكار في السنغال وطالب بدفع تعويضات معينة، وصدر الحكم لمصلحته من محكمة داكار والتي أقرت حقه في التعويض بموجب القانون السنغالي، وأصدر القضاء حكمهم بناء على القانون السنغالي الصادر في 19 شباط 1963 والذي ينص على التطبيق الأمر للقانون السنغالي على كل عقود العمل المنفذة في السنغال وقد أقرت محكمة النقض أيضا وهي بصدد تنفيذ الحكم - تطبيق المرسوم السنغالي كونه واجب التطبيق، ومن ثم فإنها أقرت تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية لحماية العامل في مكان تنفيذ العمل.

وفي حكم حديث لمحكمة النقض الفرنسية(22) أخذت بنظر الاعتبار القواعد الأجنبية ذات التطبيق الضروري غير المعينة بموجب منهج الإسناد، بصدد قضية تتعلق بشركة فرنسية قامت ببيع لحم بقري مجمد، إلى مشتر مقره في غانا، وتم نقل البضاعة بواسطة البحر، إلا أن البضاعة لم يكن بالإمكان تسليمها الان غانا قد أصدرت قانونا يتم بموجبه مقاطعة لحوم البقر الفرنسية، وهكذا أعيدت البضاعة إلى ميناء هارفي في فرنسا. قاضى البائع أطراف عقد النقل لإخلالهم بالعقد. وكان العقد محكومة بالقانون الفرنسي، إلا الناقل جادل بان العقد كان باطلا لعدم مشروعيته لأنه انتهك القانون الغاني، كما جادل الناقل بشكل أكثر تحديدا بان العقد كان باطلا طبقا لأحد نصوص القانون المدني الفرنسي و هو نص المادة (1133) التي تنص على أن التعاقد من غير سبب يعد بأطلا. وهذه الحجة لم تقنع محكمة استئناف 'Angers التي حكمت بان قانون غانا لم يكن يحكم العقد ومن ثم فلا سلطان له على الأطراف.

وبتاريخ 16 آذار 2010 قررت محكمة "de cassation" بان محكمة الاستئناف كان يجب عليها أن تتأكد فيما إذا كان قانون غانا يمثل قاعدة آمرة وفقا للمادة (7/1) من اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية وان اعتبرت كذاك يجب أن يكون لها أثر في فرنسا. فقد أحالت محكمة الاستئناف بشكل واضح إلى الجملة الأولى للمادة (7/1) من اتفاقية روما التي تنص على الأخذ بنظر الاعتبار القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية.

إذن ليس ثمة ما يمنع من تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري الأجنبية ولو لم تكن هذه القوانين جزءا من قانون العقد متى توافرت الضوابط العامة لهذا التطبيق، ففي قضية عرضت أمام القضاء الفرنسي وهي قضية "L'affaire interbank  (24) إذ طبق القضاء الفرنسي القواعد ذات التطبيق الضروري اللبنانية، على الرغم من أنها لم تكن جزءا من القانون واجب التطبيق بموجب منهج قاعدة الإسناد  (25)

ومن الأحكام المهمة في هذا المجال أيضا حكم المحكمة العليا الهولندية(26) بصدد دعوى تتعلق بعقد دولي لنقل البضائع بحرا يتضمن شرطا لإعفاء الناقل من المسؤولية عن تلف البضاعة وعندما وصلت الشحنة من ميناء الشحن في أنفرس في بلجيكا إلى ميناء الوصول في ريودي جانيرو تبين أنها تالفة، فادت شركة التأمين مبلغ التعويض للمرسل إليه وحلت محله في دعواه ضد الناقل، وعلى الرغم من اتفاق المتعاقدين على إخضاع العقد للقانون الهولندي فقد أكدت كل من محكمة نوتردام ومحكمة استئناف لاهاي اختصاص القانون البلجيكي الذي ينص على أن إعفاء الناقل من مسؤوليته يقتضي منه أن يثبت أن الضرر ناتج عن عيب خفي في البضاعة أو عن طبيعتها الخاصة. وقد نقضت المحكمة العليا الهولندية حكم محكمة استئناف لاهاي على أساس أن القواعد البلجيكية التي طبقها الحكم المطعون فيه لا تعد من القواعد ذات التطبيق الضروري التي تلزم القاضي الهولندي على الرغم من عدم انتمائها إلى القانون المختص بمقتضی منهج الإسناد.

وعلى الرغم من أن هذا الحكم لم يطبق القواعد البلجيكية التي لا تنتمي إلى قانون العقد لكونها لم تكتسب صفة القواعد ذات التطبيق الضروري فإنه الواضح من حكمها أنها كانت ستطبق هذه القواعد فيما لو اكتسبت القواعد المذكورة هذه الصفة (27).  بل أن المحكمة قد قررت في حكمها صراحة على أنه: على الرغم من أن القانون واجب التطبيق على العقود الدولية من حيث المبدأ هو القانون الذي يختاره الأطراف.. فان الأمر قد يكمن في الحقيقة التي مؤداها في دولة ما أجنبية فان الالتزام ببعض القواعد حتى وان كان ذلك خارج نطاق إقليمها تكون لها أهمية إذ ينبغي للمحاكم أن تأخذ هذه النصوص بعين الاعتبار وان تطبقها بالأفضلية على قانون دولة أخرى قد يكون الأطراف قد اختاروه ليحكم عقدهم (28).

ولم تقر المحكمة العليا الهولندية على هذا النحو تطبيق محكمة الموضوع لأية قاعدة أجنبية ذات صفة آمرة ولو كانت على صلة بالعقد، وإنما هي اشترطت لتطبيق هذه القاعدة أن ترتبط بالعقد على نحو يؤثر على مصالح الدولة التي أصدرت هذه القاعدة، وعلى هذا فلا يكفي في رأي المحكمة العليا الهولندية أن يرتبط العقد بصلة بالقاعدة الأجنبية الآمرة حتى يطبقها القاضي، وهو ما يؤدي إلى إهدار قانون الإرادة، وإنما يجب لسلامة هذا التطبيق أن تكفل القاعدة الأجنبية الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للدولة التي أصدرتها أي أن تكون القواعد المذكورة من قواعد البوليس ذات التطبيق الضروري (29).

ولا توجد على حد علمنا تطبيقات للقضاء العراقي بهذا الخصوص.

______________

1-ورد النص بالانكليزية كالآتي:

"1. If, pursuant to Swiss legal concepts, the legitimate and manifestly preponderant interests of a party so require, a mandatory provision of a law other than that designated by this Code may be taken into account if the circumstances of the case are closely connected with that law 2. In deciding whether such a provision must be taken into account, its purpose is to be considered as well as whether its application would result in an adequate decision under Swiss concepts of law".

وهذا النص مأخوذ من المادة (7) من اتفاقية روما للقانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية لعام 1980 مع الأخذ بنظر الاعتبار أن نص القانون السويسري قد جاء عاما لمختلف مجالات التنازع، بينما النص الموجود في اتفاقية روما يختص بالعقود الدولية فحسب. ينظر بخصوص هذه المادة في اتفاقية روما:

Hannah L. Buxbaum, Mandatory Rules in Civil Litigation, Status of The Doctrine Post-Globalization, The American Review of International Arbitration, Vol. 18, 2007, P27-28.

2- ينظر في موقف القانون السويسري بدران شكيب عبد الرحمن يعقوب الرفاعي، عقود المستهلك في القانون الدولي الخاص دراسة مقارنة أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون في جامعة الموصل، 2005، ص 259

3- نقلا عن د. خالد عبد الفتاح محمد خليل، حماية المستهلك في القانون الدولي الخاص دار النهضة القاهرة 2002، ص 285-289؛ وينظر للمزيد من التفصيل حول القواعد الأسرة في عقد التأمين في فرنسا د. هشام أحمد محمود عبد العال، عقد التأمين في إطار القانون الدولي الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 134.  

4- د. خالد عبد الفتاح محمد خليل، المرجع السابق، ص 285-286

5- See Michael Joachim Bonell, Article 1.4, (Mandatory Rules), Working Group for the preparation of Principles of International Commercial Contracts (3rd), Fifth session, Rome, 24-28 May 2010,PS. http://www.unidroit.org/english/documents/2010/study50/s-50- 15- e.pdf Erin Ann O'Hara and Larry E. Ribstein, CONFLICT OF LAWS AND CHOICE OF LAW, P649.  http://encyclo.findlaw.com/9600book.pdf

تاريخ الزيارة 2011/12/7

6-Convention of 14 March 1978 on the Law Applicable to Agency. http://www.hoch.net/index_en.php?act=conventions.text&cid=89

تاريخ الزيارة 2019/12/7

7-"In the application of this Convention effect may be given to the mandatory rules of any State with which the situation has a significant connection, if and in so far as, under the law of that State, those rules must be applied whatever the law specified by its choice of law rules".

8-  المادة (27) من اتفاقية روما 1980. و القواعد الآمرة وردت في النص تحت عنوان Mandatory Rules وترجمته القواعد الآمرة و في النص الفرنسي تحت عنوان "Lois de police أي قوانين البوليس ينظر في هذا النص د. عوني محمد الفخري، اتفاقية روما لسنة 1980 بشأن القانون واجب التطبيق على الالتزامات التعاقدية مكتبة صباح، بغداد، 2007، ص89؛ ولا يختلف نص اتفاقية روما عن النص الوارد في اتفاقية 'Inter-Americanلعام 1994 بشأن القانون واجب التطبيق على العقد الدولي في المادة (11). ينظر:

Michael Joachim Bonell, Op., Cit., P5.

9-  بنظر بخصوص المادة (2/7) من اتفاقية روما 1980:  

Monika Pauknerova, Mandatory rules and public policy in international Contract law. Published online: 17 March 2010, P36. Catherine Kessedjian, Op. cit., P26-27. Marc Blessing, Mandatory Rules of law Versus Party Autonomy in International Arbitration. Journal of Interational Arbitration, 14 (4) J. Int'l Arb. 23, 1997, P28 http://www.cailaw.org/ita/ASIL11_ppt/12.Blessing MandatoryRules.pdf

تاريخ الزيارة 2010/12/7

10- المادة (9/2) من المشروع الذي أقره مجمع القانون الدولي في دورة انعقاده بمدينة بال "Bale 1991. نقلا عن د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص 741.

11- لا تطبق اتفاقية روما على جميع المسائل العقدية إذ تخرج من نطاق تطبيقها بموجب المادة (1/2و3) منها المسائل الخاصة بحالة الأشخاص و أهليتهم، والالتزامات التعاقدية المتعلقة بالوصايا والمواريث، وحقوق الملكية الناتجة عن النظام المالي للزوجين، والحقوق والواجبات الناتجة عن العلاقات العائلية والقرابة والزواج و المصاهرة بما في ذلك الالتزام بنفقة الأطفال غير الشرعيين، والالتزامات الناتجة عن الأوراق التجارية. ينظر للمزيد من التفصيل د. عوني محمد الفخري، المرجع السابق، ص19-21 .

12- ينظر في اشتراط الصلة الجدية في اتفاقية روما:

Article 7 (1) of the European Contracts Convention, Op., Cit., P2475.

13- ينظر في رأي هذا الجانب من الفقه د. محمود محمد ياقوت، قانون الإرادة وقواعد البوليس ضرورية التطبيق، المرجع السابق، ص 161.

14- إذ انه و ابتداء من عام 1972 فان عقود البيع أو التأمين على البضائع التي تهرب إلى دول أجنبية تعد باطلة لفسادها إثرها، وفي دعوتين عالم 1960 فان المحكمة الفدرالية العليا في المانيا أبطلت عقود البيع و التأمين المتعلقة ببضاعة يعاد تصديرها إلى بلدان الكتلة الشرقية لانتهاكها لقوانين التصدير الأمريكية. ينظر:

ULRICH DROBNIG, AMERICAN-GERMAN PRIVATE INTERNATIONAL LAW 1972, at 250; Bilateral Stud. in Private Int'l Law No. 4, Nina Moore Galston ed., 2d rev. ed. 1972. See Article 7 (1) of the European Contracts Convention, Op., Cit., p2471-2472.

15- Entscheidungen des Bundesgerichtshofes in Zivilsachen [BGHZ] 59, 82 (F.R.G.); see also von Hoffmann, supra note 5, at 230. Ibide.

16-Die deutsche Rechtsprechung auf dem Gebiet des internationalen Privatrechts (IPRspr] 1928. 20  

17- (FR.G.). See Article 7 (1) of the European Contracts Convention, Op. cit., p2471-2472.

18- Die deutsche Rechtsprechung auf dem Gebiet des internationalen Privatrechts [IPRspr] 1928, 20 F.R.G . Ibide

19- Cour d'Alger, Feb. 20, 1925, 53 Clunet 1926, 701. Ibide.

20- Cour d'Appel de Douai. Nov. I. 1907, D.P. I [1908] 15. Ibide.

21-Tribunal civil de la Seine, Jul. 2, 1932, 60 Clunet 1933, 73. Ibide.

22- حكم الدائرة المدنية الأولى لمحكمة النقض صادر في 1975/2/29 منشور في المجلة الانتقادية للقانون الدولي الخاص 1976، ص 837 مع تعليق الأستاذ "Batifol' نقلا عن د. خالد عبد الفتاح محمد خليل، المرجع السابق، ص 288 .

23-Gilles Cuniberti, French Case on Foreign Mandatory Rules, March 19, 2010, P1. http://conflictoflaws.net/2011/french-court-rules-foreign-freezing-orders-have-res-judicata

تاريخ الزيارة 2019/12/7

24- ينظر في هذه القضية د. عكاشة محمد عبد العال، قانون العمليات المصرفية، المرجع السابق، ص215- 217

25- كما أبطل القضاء الفرنسي بعض العقود الدولية لمخالفتها لقواعد آمرة لا تنتمي لقانون العقد استنادا على فكرة النظام العام. ينظر  د. هشام على صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص736.

26-The text of the judgement in the Alnati Case (Nederlandse Jurisprudentie 1967, P3).is published in the French in Rrv. Crit., 1967, P522. (Struycken note on the Alnati decision). See Mario Giuliano & Paul Lagarde, Op, Cit., P13-23-40.

27- د. هشام على صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص236-737

 28- See Mario Giuliano & Paul Lagarde, Op., Cit., P24.

29-  د. هشام علي صادق، القانون الواجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، المرجع السابق، ص 739-738.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .