أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2016
3054
التاريخ: 13-4-2016
9832
التاريخ: 31-3-2016
3326
التاريخ: 24/10/2022
1132
|
إنّ فن الاحتجاج والمناظرة العلمية فنّ جليل لما ينبغي أن يتمتّع به المناظر من مقدرة علمية وإحاطة ودقّة ولياقة أدبية .
وقد تميّز أئمّة أهل البيت صلوات اللّه عليهم أجمعين بهذا الفنّ ، واستطاعوا من خلال هذا المجال إفحام خصومهم وإثبات جدارتهم العلمية بنحو لا يدع مجالا للريب في أنّهم مؤيّدون بتأييد ربّاني ، وكما عبّر بعض أعدائهم : أنّهم أهل بيت قد زقّوا العلم زقّا .
وقد جمع العلّامة الطبرسي جملة من احتجاجات المعصومين الأربعة عشر : الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) والزهراء ( عليها السّلام ) والأئمّة الاثني عشر ( عليهم السّلام ) في كتابه المعروف بالاحتجاج ، ونشير هنا إلى بعض احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
1 - جاء رجل من أهل البصرة إلى عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) فقال :
يا عليّ بن الحسين ! إنّ جدّك عليّ بن أبي طالب قتل المؤمنين ، فهملت عينا عليّ بن الحسين دموعا حتى امتلأت كفّه منها ، ثمّ ضرب بها على الحصى ، ثم قال :
« يا أخا أهل البصرة ، لا واللّه ما قتل عليّ مؤمنا ، ولا قتل مسلما ، وما أسلم القوم ولكن استسلموا وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام ، فلمّا وجدوا على الكفر أعوانا أظهروه ، وقد علمت صاحبة الجدب والمستحفظون من آل محمّد ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنّ أصحاب الجمل وأصحاب صفّين وأصحاب النهروان لعنوا على لسان النبيّ الامّي ، وقد خاب من افترى » .
فقال شيخ من أهل الكوفة : يا عليّ بن الحسين ! إنّ جدّك كان يقول :
« إخواننا بغوا علينا » .
فقال عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) : « أما تقرأ كتاب اللّه وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً * فهم مثلهم أنجى اللّه عزّ وجلّ هودا والذين معه وأهلك عادا بالريح العقيم »[1].
2 - وعن أبي حمزة الثمالي قال : دخل قاض من قضاة أهل الكوفة على عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) فقال له : جعلني اللّه فداك ، أخبرني عن قول اللّه عز وجل : وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ[2].
قال له ( عليه السّلام ) : « ما يقول الناس فيها قبلكم ؟ » .
قال : يقولون إنّها مكّة .
فقال ( عليه السّلام ) : « وهل رأيت السرق في موضع أكثر منه بمكّة » .
قال : فما هو ؟
قال ( عليه السّلام ) : « إنّما عنى الرجال » .
قال : وأين ذلك في كتاب اللّه ؟
فقال ( عليه السّلام ) : « أو ما تسمع إلى قوله عز وجل : وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ[3] وقال : وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا[4] وقال : وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها[5] أفيسأل القرية أو الرجال أو العير ؟
قال : وتلا عليه آيات في هذا المعنى .
قال : جعلت فداك ! فمن هم ؟
قال : نحن هم .
فقال ( عليه السّلام ) : « أو ما تسمع إلى قوله : سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ؟ » .
قال ( عليه السّلام ) : « آمنين من الزيغ »[6].
4 - وروي : أنّ زين العابدين ( عليه السّلام ) مرّ بالحسن البصري وهو يعظ الناس بمنى ، فوقف ( عليه السّلام ) عليه ثم قال :
« أمسك ، أسألك عن الحال التي أنت عليها مقيم ، أترضاها لنفسك فيما بينك وبين اللّه إذا نزل بك غدا ؟ » .
قال : لا .
قال : « أفتحدّث نفسك بالتحوّل والانتقال عن الحال التي لا ترضاها لنفسك إلى الحال التي ترضاها ؟ » قال : فأطرق مليّا ثم قال : إنّي أقول ذلك بلا حقيقة .
قال : « أفترجو نبيّا بعد محمّد ( صلّى اللّه عليه وآله ) يكون لك معه سابقة ؟ » .
قال : لا .
قال : « أفترجو دارا غير الدار التي أنت فيها ترد إليها فتعمل فيها ؟ » .
قال : لا .
قال : « أفرأيت أحدا به مسكة عقل رضي لنفسه من نفسه بهذا ؟ إنّك على حال لا ترضاها ولا تحدّث نفسك بالانتقال إلى حال ترضاها على حقيقة ، ولا ترجو نبيّا بعد محمّد ، ولا دارا غير الدار التي أنت فيها فترد إليها فتعمل فيها ، وأنت تعظ الناس » ، قال : فلمّا ولّى ( عليه السّلام ) قال الحسن البصري : من هذا ؟
قالوا : عليّ بن الحسين .
قال : أهل بيت علم ، فما رئي الحسن البصري بعد ذلك يعظ الناس[7] .
5 - وعن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) يحدّث رجلا من قريش قال :
لمّا تاب اللّه على آدم واقع حوّاء ولم يكن غشيها منذ خلق وخلقت إلّا في الأرض ، وذلك بعد ما تاب اللّه عليه ، قال : وكان آدم يعظّم البيت وما حوله من حرمة البيت ، فكان إذا أراد أن يغشى حوّاء خرج من الحرم وأخرجها معه ، فإذا جاز الحرم غشيها في الحلّ ، ثمّ يغتسلان إعظاما منه للحرم ، ثمّ يرجع إلى فناء البيت .
قال : فولد لآدم من حوّاء عشرون ذكرا وعشرون أنثى ، فولد له في كلّ بطن ذكر وأنثى ، فأول بطن ولدت حواء « هابيل » ومعه جارية يقال لها : « أقليما » ، قال : وولدت في البطن الثاني « قابيل » ومعه جارية يقال لها : « لوزا » ، وكانت لوزا أجمل بنات آدم ، ( قال ) :
فلمّا أدركوا خاف عليهم آدم الفتنة فدعاهم إليه فقال : أريد أن أنكحك يا هابيل لوزا ، وأنكحك يا قابيل أقليما .
قال قابيل : ما أرضى بهذا ، أتنكحني أخت هابيل القبيحة ، وتنكح هابيل أختي الجميلة ؟
قال : فأنا أقرع بينكما ، فإن خرج سهمك يا قابيل على لوزا وخرج سهمك يا هابيل على أقليما زوّجت كلّ واحد منكما التي خرج سهمه عليها ، قال : فرضيا بذلك فاقترعا ، قال :
فخرج سهم هابيل على لوزا أخت قابيل ، وخرج سهم قابيل على أقليما أخت هابيل ، قال :
فزوّجهما على ما خرج لهما من عند اللّه ، قال : ثمّ حرّم اللّه نكاح الأخوات بعد ذلك » .
قال : فقال له القرشي : فأولداهما ؟
قال : نعم .
قال : فقال القرشي : فهذا فعل المجوس اليوم !
قال : فقال عليّ بن الحسين : « إنّ المجوس إنّما فعلوا ذلك بعد التحريم من اللّه » .
ثمّ قال له عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) : « لا تنكر هذا ، إنّما هي الشرايع جرت ، أليس اللّه قد خلق زوجة آدم منه ثمّ أحلّها له ؟ ! فكان ذلك شريعة من شرايعهم ، ثمّ أنزل اللّه التحريم بعد ذلك »[8].
6 - روي عن أبي جعفر الباقر ( عليه السّلام ) قال : « لمّا قتل الحسين بن عليّ ( عليه السّلام ) أرسل محمّد بن الحنفية إلى عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) فخلا به ثم قال : يا بن أخي ! قد علمت أنّ رسول اللّه كان جعل الوصيّة والإمامة من بعده لعليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ثمّ إلى الحسن ، ثمّ إلى الحسين ، وقد قتل أبوك ( رضى اللّه عنه ) وصلّي عليه ولم يوص ، وأنا عمّك وصنو أبيك ، وأنا في سنّي وقدمتي أحقّ بها منك في حداثتك ، فلا تنازعني الوصيّة والإمامة ولا تخالفني .
فقال له عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) : « اتق اللّه ولا تدّع ما ليس لك بحقّ ، إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين ، يا عم ! إنّ أبي صلوات اللّه عليه أوصى إليّ قبل أن يتوجه إلى العراق ، وعهد إليّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) عندي ، فلا تعرض لهذا فإنّي أخاف عليك بنقص العمر وتشتت الحال ، وإنّ اللّه تبارك وتعالى أبى إلّا أن يجعل الوصيّة والإمامة إلّا في عقب الحسين ، فإن أردت أن تعلم فانطلق بنا إلى الحجر الأسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك » .
قال الباقر ( عليه السّلام ) : « وكان الكلام بينهما وهما يومئذ بمكّة ، فانطلقا حتى أتيا الحجر الأسود ، فقال عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) لمحمّد :
إبدأ فابتهل إلى اللّه واسأله أن ينطق لك الحجر ثمّ سله ، فابتهل محمّد في الدعاء وسأل اللّه ثمّ دعا الحجر فلم يجبه ، فقال عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) :
« أما إنّك يا عمّ لو كنت وصيّا وإماما ؛ لأجابك » .
فقال له محمّد : فادع أنت يا بن أخي ، فدعا اللّه عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) بما أراد ثمّ قال : « أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الأنبياء وميثاق الأوصياء وميثاق الناس أجمعين لمّا أخبرتنا بلسان عربيّ مبين من الوصيّ والإمام بعد الحسين بن عليّ » ، فتحرّك الحجر حتى كاد أن يزول عن موضعه ، ثمّ أنطقه اللّه بلسان عربيّ مبين فقال :
اللّهمّ إنّ الوصية والإمامة بعد الحسين بن عليّ بن أبي طالب إلى عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، وابن فاطمة بنت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) » ، فانصرف محمّد وهو يتولّى عليّ بن الحسين ( عليه السّلام )[9].
وعن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليّ بن الحسين ( عليهم السّلام ) قال :
« نحن أئمّة المسلمين ، وحجج اللّه على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغرّ المحجّلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان لأهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الذين بنا يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وينشر الرحمة ، ويخرج بركات الأرض ولولا ما في الأرض منّا ؛ لساخت الأرض بأهلها » .
ثمّ قال : « ولم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجّة للّه فيها ، ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة اللّه ، ولولا ذلك لم يعبد اللّه »[10].
[1] الاحتجاج للطبرسي : احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
[2] سبأ ( 34 ) : 18 .
[3] الطلاق ( 65 ) : 8 .
[4] الكهف ( 18 ) : 59 .
[5] يوسف ( 12 ) : 82 .
[6] الاحتجاج 2 : احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
[7] الاحتجاج للطبرسي : احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
[8] الاحتجاج : احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
[9] الاحتجاج : احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
[10] الاحتجاج : احتجاجات الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|