أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2015
3437
التاريخ: 1/10/2022
2592
التاريخ: 30-3-2016
3980
التاريخ: 30-3-2016
2976
|
وقال ( عليه السّلام ) : « إلهي ما ألذّ خواطر الإلهام بذكرك على القلوب ، وما أحلى المسير إليك بالأوهام في مسالك الغيوب ، وما أطيب طعم حبّك ، وما أعذب شرب قربك ! فأعذنا من طردك وإبعادك ، واجعلنا من أخصّ عارفيك وأصلح عبادك وأصدق طائعيك وأخلص عبّادك »[1].
حقا إنّ الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) سيّد الموحّدين وزعيم العارفين باللّه ، ولم تكن عبادته تقليدا ، وإنّما كانت ناشئة عن كمال معرفته باللّه تعالى ، وقد أعرب في النص المذكور عن كمال بغيته ألا وهو الإخلاص في عبادته سبحانه وتعالى .
وقال ( عليه السّلام ) : « إلهي فألهمنا ذكرك في الخلاء[2] والملاء[3] والليل والنّهار والإعلان والإسرار ، وفي السرّاء والضرّاء ، وآنسنا بالذكر الخفيّ ، واستعملنا بالعمل الزكيّ والسعي المرضيّ .
أنت المسبّح في كلّ مكان ، والمعبود في كلّ زمان ، والموجود في كلّ أوان ، والمدعوّ بكلّ لسان ، والمعظّم في كلّ جنان[4] ، وأستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك ، ومن كلّ راحة بغير انسك ، ومن كلّ سرور بغير قربك ، ومن كلّ شغل بغير طاعتك . . . »[5].
ويأخذنا الذهول حينما نقرأ هذا النصّ السجّادي الذي أعطانا فيه صورة واضحة متميّزة عن تضرّعه وتذلّله أمام اللّه سبحانه الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .
إنّ المعرفة الحقيقية بأنّ الإنسان فقير إلى اللّه تعالى - كما جسّدته النصوص السابقة - تجعله يلتجئ إليه تعالى دائما ، ومن هنا نجد أنّ للإمام السجاد ( عليه السّلام ) أدعية في أوقات وحالات متعدّدة بالإضافة إلى ما أوردناه ، فله ( عليه السّلام ) دعاء في الصلاة على محمّد وآله ، وفي الصلاة على حملة العرش ، وفي اللجوء إلى اللّه تعالى ، وفي طلب الحوائج ، وعند المرض ، وفي مكارم الأخلاق ، ولجيرانه ، ولأوليائه ، ولأهل الثغور ، وفي الاستخارة ، وفي التوبة ، وإذا نظر إلى الهلال ، وفي يوم عيد الفطر ، وفي التذلّل ، وعند الشدّة ، وعند ذكر الموت ، وفي الرهبة ، وفي استكشاف الهموم .
وتجلّى من خلال الفصول السابقة أنّ سيرة الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) جمعت له روح الثورة ضدّ الطغيان والحماس الجهادي إلى جانب المعرفة الإلهية الحقّة وشدّة التعبّد للّه جلّ جلاله ، فكانت سيرته ( عليه السّلام ) توضيحا للإجابة عن التساؤلات التي تثار عن إمكانية الجمع بين الدعاء والمناجاة من جهة والروح النهضوية والتضحوية من جهة أخرى .
ولعلّ منشأ تلك التساؤلات هو توهّم البعض أنّ تفرّغهم للجهاد الأكبر ومجاهدة النفس والرياضات الشرعية والممارسات العبادية يغنيهم عن القتال والعمل الثوري والروح الجهادية باعتبارها جهادا أصغر ، إذ يغفلون عن حقيقة هي : أنّ القيام بالجهاد الأصغر هو أحد المحاور الأساسية للعمل بالجهاد الأكبر في إطاره الأوسع ، وأنّ ترك الجهاد ناشئ في معظم الحالات عن هزيمة خفيّة في أحد ميادين الجهاد الأكبر ، فالتلازم بين شدّة التقيّة وشدّة البأس أصيل ، إذ يعبّر عن حقيقة شمولية الشريعة والدين الإلهي الحنيف لكافة أبعاد حياة الإنسان الفردية والاجتماعية .
فالمعرفة التوحيدية والنهضة صفتان واضحتان جسّدهما أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، إذ لم تخل سيرتهم أبدا من اجتماعهما ، ويتّضح ذلك من خلال التمعّن في مناجاتهم ( عليهم السّلام ) وخطبهم في ميادين الحرب ومواقفهم ضد الحكّام المنحرفين ، ونلحظ ذلك عند الإمام السجّاد ( عليه السّلام ) في روحه الجهادية الناهضة التي لاحظناها من خلال تصريحاته في الشام وفي مجلس يزيد بن معاوية وهو الأسير المكبّل بالسلاسل ، والردّ الحاسم منه في دار الإمارة بالكوفة على من هدّده بالقتل بقوله : « أبا لقتل تهدّدنا وإنّ كرامتنا الشهادة »[6] إنّ هذه الروح هي التي نطقت بأدعية الصحيفة السجادية وبالمناجاة الخمس عشرة[7] ، وفي هذا خير شاهد على اجتماع روح الحماسة وروح الدعاء والمناجاة والعبادة .
وهذه الحقيقة أدّت بدورها إلى أن تحمل أدعية الإمام ( عليه السّلام ) جوانب سياسية ، وجهادية ، واجتماعية ، وأخلاقية ، إلى جوار جوانبها العقائدية والمعرفية والعبادية ، فكانت ذات أهداف تغييرية شاملة .
لقد كانت للأدعية السجادية أبعاد فكرية واسعة المدى بالنصوص الحاسمة لقضايا عقائدية إسلامية ، كانت بحاجة إلى البتّ فيها بنص قاطع ، بعد أن عصفت بالعقيدة تيارات الإلحاد كالتشبيه والجبر والإرجاء وغيرها ممّا كان الأمويون وراء بعثها وإثارتها وترويجها ، بهدف تحريف مسيرة التوحيد والعدل ، تمهيدا للردّة عن الإسلام والرجوع إلى الجاهلية الأولى .
وفي حالة القمع والإبادة ومطاردة كلّ المناضلين الأحرار وتتبّع آثارهم وخنق أصواتهم كان قرار الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) باتّباع سياسة الدعاء أنجح وسيلة لبثّ الحقائق وتخليدها ، وأأمن طريقة وأبعدها من إثارة السلطة الغاشمة ، وأقوى أداة اتّصال سرّية مكتوبة هادئة موثوقة[8].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|