المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

طرق مكافحة الافات الزراعية
22-6-2017
مقومات الشخصية القوية / قف وراء كلمتك
2024-09-01
تفسير الاية (16-19) من سورة الحديد
22-9-2017
قاعدة الصحّة
13-9-2016
القدرة الفعالة active power
10-10-2017
الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي
24-1-2018


تجلّيات العرفان الإلهي في دعاء الإمام السجّاد (عليه السّلام)  
  
2267   05:29 مساءً   التاريخ: 27/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص147-150
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام) /

وقال ( عليه السّلام ) : « إلهي ما ألذّ خواطر الإلهام بذكرك على القلوب ، وما أحلى المسير إليك بالأوهام في مسالك الغيوب ، وما أطيب طعم حبّك ، وما أعذب شرب قربك ! فأعذنا من طردك وإبعادك ، واجعلنا من أخصّ عارفيك وأصلح عبادك وأصدق طائعيك وأخلص عبّادك »[1].

حقا إنّ الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) سيّد الموحّدين وزعيم العارفين باللّه ، ولم تكن عبادته تقليدا ، وإنّما كانت ناشئة عن كمال معرفته باللّه تعالى ، وقد أعرب في النص المذكور عن كمال بغيته ألا وهو الإخلاص في عبادته سبحانه وتعالى .

وقال ( عليه السّلام ) : « إلهي فألهمنا ذكرك في الخلاء[2] والملاء[3] والليل والنّهار والإعلان والإسرار ، وفي السرّاء والضرّاء ، وآنسنا بالذكر الخفيّ ، واستعملنا بالعمل الزكيّ والسعي المرضيّ .

أنت المسبّح في كلّ مكان ، والمعبود في كلّ زمان ، والموجود في كلّ أوان ، والمدعوّ بكلّ لسان ، والمعظّم في كلّ جنان[4] ، وأستغفرك من كلّ لذّة بغير ذكرك ، ومن كلّ راحة بغير انسك ، ومن كلّ سرور بغير قربك ، ومن كلّ شغل بغير طاعتك . . . »[5].

ويأخذنا الذهول حينما نقرأ هذا النصّ السجّادي الذي أعطانا فيه صورة واضحة متميّزة عن تضرّعه وتذلّله أمام اللّه سبحانه الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .

إنّ المعرفة الحقيقية بأنّ الإنسان فقير إلى اللّه تعالى - كما جسّدته النصوص السابقة - تجعله يلتجئ إليه تعالى دائما ، ومن هنا نجد أنّ للإمام السجاد ( عليه السّلام ) أدعية في أوقات وحالات متعدّدة بالإضافة إلى ما أوردناه ، فله ( عليه السّلام ) دعاء في الصلاة على محمّد وآله ، وفي الصلاة على حملة العرش ، وفي اللجوء إلى اللّه تعالى ، وفي طلب الحوائج ، وعند المرض ، وفي مكارم الأخلاق ، ولجيرانه ، ولأوليائه ، ولأهل الثغور ، وفي الاستخارة ، وفي التوبة ، وإذا نظر إلى الهلال ، وفي يوم عيد الفطر ، وفي التذلّل ، وعند الشدّة ، وعند ذكر الموت ، وفي الرهبة ، وفي استكشاف الهموم .

وتجلّى من خلال الفصول السابقة أنّ سيرة الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) جمعت له روح الثورة ضدّ الطغيان والحماس الجهادي إلى جانب المعرفة الإلهية الحقّة وشدّة التعبّد للّه جلّ جلاله ، فكانت سيرته ( عليه السّلام ) توضيحا للإجابة عن التساؤلات التي تثار عن إمكانية الجمع بين الدعاء والمناجاة من جهة والروح النهضوية والتضحوية من جهة أخرى .

ولعلّ منشأ تلك التساؤلات هو توهّم البعض أنّ تفرّغهم للجهاد الأكبر ومجاهدة النفس والرياضات الشرعية والممارسات العبادية يغنيهم عن القتال والعمل الثوري والروح الجهادية باعتبارها جهادا أصغر ، إذ يغفلون عن حقيقة هي : أنّ القيام بالجهاد الأصغر هو أحد المحاور الأساسية للعمل بالجهاد الأكبر في إطاره الأوسع ، وأنّ ترك الجهاد ناشئ في معظم الحالات عن هزيمة خفيّة في أحد ميادين الجهاد الأكبر ، فالتلازم بين شدّة التقيّة وشدّة البأس أصيل ، إذ يعبّر عن حقيقة شمولية الشريعة والدين الإلهي الحنيف لكافة أبعاد حياة الإنسان الفردية والاجتماعية .

فالمعرفة التوحيدية والنهضة صفتان واضحتان جسّدهما أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، إذ لم تخل سيرتهم أبدا من اجتماعهما ، ويتّضح ذلك من خلال التمعّن في مناجاتهم ( عليهم السّلام ) وخطبهم في ميادين الحرب ومواقفهم ضد الحكّام المنحرفين ، ونلحظ ذلك عند الإمام السجّاد ( عليه السّلام ) في روحه الجهادية الناهضة التي لاحظناها من خلال تصريحاته في الشام وفي مجلس يزيد بن معاوية وهو الأسير المكبّل بالسلاسل ، والردّ الحاسم منه في دار الإمارة بالكوفة على من هدّده بالقتل بقوله : « أبا لقتل تهدّدنا وإنّ كرامتنا الشهادة »[6] إنّ هذه الروح هي التي نطقت بأدعية الصحيفة السجادية وبالمناجاة الخمس عشرة[7] ، وفي هذا خير شاهد على اجتماع روح الحماسة وروح الدعاء والمناجاة والعبادة .

وهذه الحقيقة أدّت بدورها إلى أن تحمل أدعية الإمام ( عليه السّلام ) جوانب سياسية ، وجهادية ، واجتماعية ، وأخلاقية ، إلى جوار جوانبها العقائدية والمعرفية والعبادية ، فكانت ذات أهداف تغييرية شاملة .

لقد كانت للأدعية السجادية أبعاد فكرية واسعة المدى بالنصوص الحاسمة لقضايا عقائدية إسلامية ، كانت بحاجة إلى البتّ فيها بنص قاطع ، بعد أن عصفت بالعقيدة تيارات الإلحاد كالتشبيه والجبر والإرجاء وغيرها ممّا كان الأمويون وراء بعثها وإثارتها وترويجها ، بهدف تحريف مسيرة التوحيد والعدل ، تمهيدا للردّة عن الإسلام والرجوع إلى الجاهلية الأولى .

وفي حالة القمع والإبادة ومطاردة كلّ المناضلين الأحرار وتتبّع آثارهم وخنق أصواتهم كان قرار الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) باتّباع سياسة الدعاء أنجح وسيلة لبثّ الحقائق وتخليدها ، وأأمن طريقة وأبعدها من إثارة السلطة الغاشمة ، وأقوى أداة اتّصال سرّية مكتوبة هادئة موثوقة[8].

 

[1] مناجاة العارفين .

[2] الخلاء : المكان الفارغ الذي ليس فيه أحد .

[3] الملاء : اجتماع الناس .

[4] جنان : القلب .

[5] مناجاة الذاكرين .

[6] نفس المهموم ، المحدّث القمي : 408 .

[7] راجع الفصل الخاصّ بتراثه ( عليه السّلام ) .

[8] جهاد الإمام السجّاد : 224 - 225 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.