أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-6-2017
2950
التاريخ: 20-4-2016
1947
التاريخ: 11-7-2022
1482
التاريخ: 3/9/2022
1424
|
ذات مرة ومنذ زمن بعيد؛ كنت أعمل في إحدى المدارس الثانوية مع الأطفال المتسربين. وفي أحد الأيام وأثناء فترة الاستراحة، كانت هناك مجموعة من الأطفال في الثانية عشرة من عمرهم مختبئين خلف كومة من الأثاث الخرب، حيث استطعت أن أسمع ضحكاتهم وأصوات عبثهم المنبعثة من أعماق هذا الركام وهنا ساورني الشك في أنهم ربما يرتكبون بعض (الأفعال الشائنة)، فتقدمت ببطء لأتحقق من الأمر، غير أنني شعرت بالحرج عندما وجدتهم يتقاسمون الطعام والشراب داخل حجيرة صغيره!، وقد دعوني لأشاركهم الطعام، ولكنني أجبت دعوتهم بابتسامة وعدت ادراجي وأنا أشعر بالخجل من نفسي إلى العالم الصاخب، لقد نسيت أنهم مجرد أطفال بحاجة إلى اللعب.
ربما كان من أخطر وأفدح الأضرار التي ألحقناها بأبنائنا في العشرين سنة الأخيرة أننا سلبناهم طفولتهم، وقد حدث ذلك من خلال عدة طرق:
1ـ القصف الإعلامي يعتبر الفزع، والخوف، والألم، هي العناصر التي تعج بها نشرات الأخبار يومياً، وكذلك مختلف وسائل الترفيه. إن التلفاز لا يملك إلا شاشة صغيرة؛ ولذا يجب أن يثير صدمة كبيرة حتى يجذب انتباهنا. إن الإعلام يبث إلى صغار الأطفال نفس الرسالة التي يبثها لمن بلغ الستين من عمره. نحن نثقل أبناءنا بالسلبية التي لا صلة لها بحياتهم، والتي ليس لهم القدرة على التعامل معها.
2ـ حياة مليئة بالبرامج: تقضي الكثير من الأسر - التي أعرفها - أمسياتها وعطلات نهايات الأسبوع في دائرة من الأنشطة الخاصة بالأطفال، مثل: الرياضة، والثقافة، ومشروعات التعليم الخاصة، فإذا ما أضفنا كل هذا العمل (الإضافي)، إلى ضغوط الواجبات المدرسية، فلن يبقى للطفل إلا القليل جداً من الوقت يستمتع فيه بطفولته. إن جيل اليوم أكثر الأجيال انهماكاً في العمل والالتزامات الأخرى على الإطلاق. قد يكون الحل متمثلاً في قاعدة بسيطة هي طفل واحد - نشاط واحد.
3ـ المنافسة والاضطراب العصبي المرضي: الذي يرجع في جزء منه إلى النقطة الثانية، وهو ذلك الشعور الذي سرعان ما ينتقل إلى الطفل بأن الحياة بائسة؛ ولذلك تعمل المدرسة - من منطلق القلق والحرص - على رفع مستوى الأداء منذ مرحلة الحضانة، وبدلاً من اللهو واللعب، ينضم الأطفال إلى مختلف ألوان الرياضة المنظمة القائمة على التنافس، والتي تكون عادة مرتفعة التكاليف، حيث يقوم طفل الرابعة بمقارنة نتائجه بنتائج غيره مما قد يدفعه إلى القلق بشأن مستوى أدائه، ويتضرع إلى الله أن ينضم إلى الفريق، إنه ضرب من الجنون.
4ـ شعور الآباء بالإنهاك من العمل: بما أننا منهمكون في توفير كل هذه الاحتياجات، إذن فلن يبقى لدينا إلا القليل من الوقت والطاقة للتواصل مع أبنائنا، وهكذا نشعر بالعصبية والحدة، وينحصر حديثنا مع الأبناء في أضيق الحدود، ثم يدفعنا الشعور بالذنب إلى توفير المزيد من الأشياء للأبناء، ومن ثم نعمل بمزيد من الكد كي نسدد نفقات هذه الأشياء.
5ـ عالم غير آمن: في الوقت الذي كان فيه أطفال الخمسينيات يجوبون أنحاء استراليا وضواحيها وغاباتها حتى أنهم لا يكادون يروا من ساعة الإفطار حتى العشاء، فإننا الآن لابد وأن نحمي أبناءنا بشكل كبير - من مخاطر الطريق، والغرباء، والجريمة.
إننا بحاجة لبعث الحياة من جديد في الطفولة، نحن بحاجة إلى بناء محمية للطفولة، يجب أن نحافظ على ذلك الجزء المتهور الطبيعى والنادر لدى أبنائنا. إنها مهمة شاقة؛ فلابد أن نقتلع ونزيل كل الضغوط ووسائل الغزو غير الضرورية، يجب أن (نزيل التلوث)، من حياة أبنائنا.
بعض الحلول الممكنة
ـ وفر الكثير من الوقت والمساحة والأدوات لممارسة الألعاب البسيطة، إن الألعاب المصنوعة من البلاستيك رخيصة بينما يعتبر الطين والورق والماء والفخار أفضل الألعاب، فهي تطلق يد الطفل بحرية تامة لكي ينجز كل ما يحلو له أو يتخيله.
ـ أوجد نوعاً من الملل الصحي: لقد اعتاد الأطفال أن يشغلوا أو يسلو أنفسهم باللهو على الحاسوب أو الفيديو، أو ممارسة الأنشطة التعليمية المجدولة؛ لذا فسوف يتطلب الأمر القليل من الوقت لكي يتحول الطفل إلى الألعاب التي يخلقها بنفسه، قد تكون بحاجة لأن تقاوم عبارة (إنني أشعر بالسأم)، لفترة من الوقت إلى أن يشرع الطفل في المبادرة بصنع بعض الألعاب بنفسه.
ـ اللعب مفيد في حد ذاته: فقد بدأ علماء النفس يكتشفون أن اللعب هو الطريقة التي تجعل الطفل يدرك العالم من حوله، ويتخلص من قلقه، ويتخطى مخاوفه، ويتعلم التواصل مع الآخرين. إن اللعب هو مصدر كل الإبداع والاكتشاف. إن أعظم العلماء، والمحبين، والفنانين، وحتى رؤساء العمل هؤلاء هم الذين احتفظوا بقدرتهم على اللعب بأفكارهم وأعمالهم.
ـ يمكنك أن تلعب أيضا، فالكبار كثيرا ما يجدون راحتهم - عند مواجهة الأزمات أو المراحل الانتقالية - في العمل الإبداعي، أو الأماكن الطبيعية، أو الحركة، أو الخروج.
ـ كف عن مشاهدة النشرة الإخبارية المسائية، لا تدع التلفاز مفتوحا في المنزل، فقط تخير بعض البرامج وأدر التلفاز لمشاهدتها ثم أغلقه ثانية. اسمح لأبنائك بمشاهدة التلفاز لمدة ساعة واحدة فقط يوميا، واطلب منهم أن ينتقوا مادة المشاهدة.
ـ قيّم حياتك وعاداتك الحياتية بالكامل. هل تحب بالفعل المكان الذي تعيش فيه، والطريقة التي تعيش بها، والعمل الذي تقوم به؟، هل هناك بدائل يمكنها أن تجعل حياتك أكثر سعادة وبساطة مع احتفاظها بالإثارة والثراء؟، ربما نكون جميعا نحيا في ظل عالم في حاجة إلى (التمهل)، وسوف يمنحك الأطفال مبرراً جيدا لذلك.
أحيانا قد يحيل مولد طفل جديد إيقاع حياتنا إلى إيقاع محموم، فنسعى للتجديد والعمل الإضافي لنوفر نفقات المدرسة، ونحاول أن نوفر للطفل كل ما نعتقد أنه بحاجة إليه، في الوقت الذي يكون تواجدنا معه هو كل ما يحتاجه الطفل بحق في هذه المرحلة.
إن عملي مع الأسر البائسة يمنحني المزيد من الإصرار على ألا أضيع حياتي في الانشغال الزائد. أحياناً يموت الطفل وحينئذ سوف تشعر بغاية الأسى؛ لأنك فقدت الحاضر بالكامل في سبيل التخطيط للمستقبل.
إن أفضل ما يمكنك عمله من أجل أبنائك هو الاستمتاع بوجودهم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|