أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2019
3752
التاريخ: 22-3-2016
3992
التاريخ: 2-04-2015
3964
التاريخ: 2024-08-07
340
|
إذا رجعنا إلى تاريخ أهل البيت ( عليهم السّلام ) والظروف المحيطة بهم ولا حظنا سلوكهم ومواقفهم العامة والخاصة استطعنا أن نصنّف ظروفهم ومواقفهم إلى مراحل وعصور ثلاثة يتميز بعضها عن بعض بالرغم من اشتراكهم في كثير من الظروف والمواقف ولكن الأدوار تتنوع باعتبار مجموعة الظواهر العامّة التي تشكل خطّا فاصلا ومميّزا لكل عصر .
فالمرحلة الأولى من حياة الأئمّة ( عليهم السّلام ) وهي ( مرحلة تفادي صدمة الانحراف ) بعد وفاة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) تجسّدت في سلوك ومواقف الأئمّة الأربعة : علي والحسن والحسين وعلي بن الحسين ( عليهم السّلام ) فقاموا بالتحصينات اللازمة لصيانة العناصر الأساسية للرسالة وإن لم يستطيعوا القضاء على القيادة المنحرفة . لكنهم استطاعوا كشف زيفها والمحافظة على الرسالة الإسلامية نفسها . وبالطبع إنهم لم يهملوا الامّة أو الدولة الإسلامية بشكل عام من رعايتهم واهتماماتهم فيما يرتبط بالكيان الاسلامي والامّة المسلمة فضلا عن سعيهم البليغ في بناء وتكوين الكتلة الصالحة المؤمنة بقيادتهم .
وتبدأ المرحلة الثانية بالشطر الثاني من حياة الإمام السجاد السياسية حتى الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) وتتميز بأمرين أساسيين :
1 - أما فيما يرتبط بالخلافة المزيّفة فقد تصدى هؤلاء الأئمّة لتعريتها عن التحصينات التي بدأ الخلفاء يحصّنون بها أنفسهم من خلال دعم طبقة من المحدّثين والعلماء ( وهم وعّاظ السلاطين ) لهم وتقديم التأييد والولاء لهم من أجل إسباغ الصبغة الشرعية على زعامتهم بعد أن استطاع الأئمّة في المرحلة الأولى أن يكشفوا زيف خط الخلافة وأن يحسّسوا الامّة بمضاعفات الانحراف الذي حصل في مركز القيادة بعد الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) .
2 - وأما فيما يرتبط ببناء الكتلة الصالحة الذي أرسيت دعائمه في المرحلة الأولى فقد تصدى الأئمّة المعصومون في هذه المرحلة إلى تحديد الإطار التفصيلي وإيضاح معالم الخط الرسالي الذي اؤتمن الأئمّة الأطهار ( عليهم السّلام ) عليه والذي تمثّل في تبيين ونشر معالم النظرية الإسلامية الإمامية وتربية عدة أجيال من العلماء على أساس الثقافة الإسلامية الإمامية الناصعة في قبال الخط العلمائي الخلفائي ( وهو خط وعاظ السلاطين ) .
هذا فضلا عن تصديهم لدفع الشبهات وكشف زيف الفرق المذهبية التي استحدثت من قبل خط الخلافة أو غيره .
والأئمّة في هذه المرحلة لم يتوانوا في زعزعة الزعامات والقيادات المنحرفة من خلال دعم بعض خطوط المعارضة للسلطة ولا سيما بعض الخطوط الثورية منها التي كانت تتصدى لمواجهة من تربّع على كرسيّ خلافة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد ثورة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) .
وأما فيما يخص المرحلة الثالثة من حياة الأئمّة من أهل البيت ( عليهم السّلام ) بدء بشطر من حياة الإمام الكاظم ( عليهم السّلام ) وانتهاء بالإمام المهدي ( عليه السّلام ) فإنهم بعد وضع التحصينات اللازمة للكتلة الصالحة ورسم المعالم والخطوط التفصيلية لها عقائديا واخلاقيا وسياسيّا في المرحلة الثانية قد بدا للخلفاء أن قيادة أهل البيت ( عليهم السّلام ) أصبحت بمستوى تسلّم زمام الحكم والعودة بالمجتمع الإسلامي إلى حظيرة الإسلام الحقيقي ، مما خلّف ردود فعل للخلفاء تجاه الأئمّة ( عليهم السّلام ) ، وكانت مواقف الأئمّة تجاه الخلفاء تبعا لنوع موقف الخليفة تجاههم وتجاه قضيتهم .
وأما فيما يرتبط بالكتلة الصالحة التي أوضحوا لها معالم خطها فقد عمل الأئمّة ( عليهم السّلام ) على دفعها نحو الثبات والاستقرار والانتشار من جهة لتحصينها من الانهيار واعطائها درجة من الاكتفاء الذاتي من جهة أخرى ، وكان يقدّر الأئمّة أنهم بعد المواجهة المستمرة للخلفاء سوف لا يسمح لهم بالمكث بين ظهرانيهم وسوف لن يتركهم الخلفاء أحرارا بعد أن تبين زيفهم ودجلهم واتضحت لهم المكانة الشعبية للأئمّة الذين كانوا يمثّلون الزعامة ودجلهم واتضحت لهم المكانة الشعبية للأئمّة الذين كانوا يمثّلون الزعامة الشرعية والواقعية للامّة الإسلامية .
ومن هنا تجلّت ظاهرة تربية الفقهاء بشكل واسع ثم ارجاع الناس إليهم وتدريبهم على مراجعتهم في قضاياهم وشؤونهم العامة تمهيدا للغيبة التي لا يعلم مداها إلّا اللّه سبحانه والتي أخبر الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) عن تحققها وأملت الظروف عليهم الانصياع إليها .
وبهذا استطاع الأئمّة ( عليهم السّلام ) - ضمن تخطيط بعيد المدى - أن يقفوا بوجه التسلسل الطبيعي لمضاعفات انحراف القيادة الإسلامية والتي كانت تنتهي بتنازل الامّة عن الإسلام الصحيح وبالتالي ضمور الشريعة وانهيار الرسالة الإلهية بشكل كامل .
فالذي جعل الامّة لا تتنازل عن الإسلام هو أن الإسلام قدّم له مثل آخر واضح المعالم ، أصيل المثل والقيم ، أصيل الأهداف والغايات ، وقدّمت هذه الأطروحة من قبل الواعين من المسلمين بزعامة الأئمّة من أهل البيت المعصومين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
إن هذه الأطروحة التي قدّمها الأئمّة الطاهرين ( عليهم السّلام ) للإسلام لم تكن تتفاعل مع الشيعة المؤمنين بإمامة أهل البيت ( عليهم السّلام ) فقط ، بل كان لها صدى كبير في كل العالم الإسلامي ، فالأئمّة الأطهار كانت لهم أطروحة للإسلام وكانت لهم دعوى لإمامتهم ، وهذه الدعوى وان لم يطلبوا لها إلّا عددا ضئيلا من مجموع الامّة الإسلامية ولكن الامّة بمجموعها تفاعلت مع هذه الأطروحة التي تمثّل النموذج والمخطط الواضح الصحيح الصريح للإسلام في كل المجالات العامة والخاصة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وخلقيا وعباديا . . . مما جعل المسلمين على مرّ الزمن يسهرون على الإسلام ويقيمونه وينظرون اليه بمنظار آخر غير منظار الواقع الذي كانوا يعيشونه من خلال الحكم القائم[1] .
[1] أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف : 79 - 80 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|