المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) في المدينة  
  
1560   02:29 صباحاً   التاريخ: 6/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص69-72
القسم :


أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-04-2015 5253
التاريخ: 11-4-2016 3391
التاريخ: 30-3-2016 3395
التاريخ: 30-3-2016 3246

بدأت ردود الفعل على مقتل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) بالظهور مع دخول سبايا أهل البيت ( عليهم السّلام ) إلى الكوفة . فبالرغم من القمع والإرهاب اللذين مارسهما ابن زياد مع كلّ من كان يبدي أدنى معارضة ليزيد ، فإنّ أصواتا بدأت ترتفع محتجّة على الظلم السائد .

فعندما صعد ابن زياد المنبر وأثنى على يزيد وحزبه وأساء إلى الحسين ( عليه السّلام ) وأهل بيت الرسالة « قام إليه عبد اللّه بن عفيف الأزدي وقال له : يا عدوّ اللّه إنّ الكذّاب أنت وأبوك والذي ولّاك وأبوه يا بن مرجانة ، تقتل أولاد النبيّين وتقوم على المنبر مقام الصدّيقين ؟ !

فقال ابن زياد : عليّ به ، فأخذته الجلاوزة فنادى بشعار الأزد ، فاجتمع منهم سبعمائة فانتزعوه من الجلاوزة ، فلمّا كان الليل أرسل إليه ابن زياد من أخرجه من بيته فضرب عنقه وصلبه »[1] ، ومع أنّ هذه المواجهة انتهت لصالح ابن زياد لكنّها كانت مقدّمة لاعتراضات أخرى .

وظهرت في الشام أيضا بوادر السخط والاستياء ، الأمر الذي جعل يزيد ينحو باللائمة في قتل الحسين ( عليه السّلام ) على ابن زياد ، إلّا أنّ أشدّ ردود الفعل كانت تلك التي برزت في الحجاز ، فقد انتقل عبد اللّه بن الزبير إلى مكة في الأيّام الأولى من حكومة يزيد ، واتّخذها قاعدة لمعارضته للشام ، وقام بتوظيف فاجعة كربلاء للتنديد بنظام يزيد ، وألقى خطابا وصف فيه العراقيّين بعدم الوفاء ، وأثنى على الحسين بن عليّ ( عليه السّلام ) ووصفه بالتقوى والعبادة .

وفي المدينة ألقى الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) خطابا في أهلها لدى عودته من الشام والعراق ، يقول المؤرّخون : إنّ الإمام ( عليه السّلام ) جمع الناس خارج المدينة قبل دخوله إليها ، وخطب فيهم قائلا :

« الحمد للّه ربّ العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين ، الذي بعد فارتفع في السماوات العلى ، وقرب فشهد النجوى ، نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع الدهور ، ومضاضة اللواذع ، وجليل الرزء ، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة .

أيّها القوم ، إنّ اللّه - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل أبو عبد اللّه الحسين ( عليه السّلام ) وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان ، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة .

أيّها الناس ، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله ؟ ! أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله ؟ ! أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها ؟ ! فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار بأمواجها ، والسماوات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان ولجج البحار والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون .

يا أيّها الناس ، أيّ قلب لا ينصدع لقتله ؟ ! أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه ؟ ! أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ ؟ !

أيّها الناس ، أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين وشاسعين عن الأمصار ، كأنّا أولاد ترك وكابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين ، إن هذا إلّا اختلاق .

واللّه ، لو أنّ النبيّ تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا ، فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظّها وأفظعها وأمرّها وأفدحها ! فعند اللّه نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا ، فإنّه عزيز ذو انتقام »[2].

لقد جسّد هذا الخطاب - على قصره - واقعة كربلاء على حقيقتها مركّزا على المظلومية التي لحقت بأهل البيت ( عليهم السّلام ) في قتل الحسين بن عليّ ( عليه السّلام ) من جانب ، وأسر أهل بيته من جانب آخر ، بالإضافة إلى المظلومية التي لحقتهم بعد واقعة الطفّ ، إذ حملت رؤوس الشهداء بما فيهم سيّدهم الحسين ( عليه السّلام ) فوق الأسنّة من بلد إلى بلد .

وعقّب الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) - بلمحة سريعة ومعبّرة ومؤثّرة - واصفا ما لقيه آل البيت من السبي والتشريد والتعامل السيّء والمهين ، وهم أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة ، وهم قادة أهل الإيمان وأبواب الخير والرحمة والهداية .

وأنهى الإمام خطابه بوصف في منتهى الدقّة عن عظمة الجرائم التي ارتكبها جيش السلطة الأموية في حقّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، فإن الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) لو كان يأمر هؤلاء بالتمثيل بأهل البيت وتعذيبهم ؛ لما كانوا يزيدون على ما فعلوا ، فكيف بهم وقد نهاهم عن التمثيل حتى بالكلب العقور ؟ ! وكيف يمكن توجيه كلّ ما فعلوه وقد أوصاهم النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بحفظه في عترته ، ولم يطالبهم بأجر للرسالة سوى المودّة في قرباه ؟ !

فالإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) حاول في خطابه هذا تكريس مظلومية أهل البيت لاستنهاض الروح الثورية في أهل المدينة ، وتحريك الوعي النهضوي ضدّ الظلم والجبروت الأموي والطغيان السفياني .

ولم تكن الأوضاع هادئة في المدينة في هذه السنة التي كانت تحت إدارة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ، وأوضح شاهد على اضطراب الأوضاع في المدينة هو استبدال ثلاثة ولاة خلال عامين ، واستبدل يزيد الوليد بن عتبة بعثمان بن محمد بن أبي سفيان[3].

وأراد عثمان أن يدلّل على كفاءته في إدارة المدينة ويكسب رضا وجوهها عن يزيد وعنه فأرسل وفدا من أبناء المهاجرين والأنصار إلى دمشق ، ليشاهدوا الخليفة الشابّ عن كثب وينالوا نصيبهم من هداياه ، إلّا أن الوفد رأى في سلوك يزيد ما يشين ويقبح .

ولما رجعوا إلى المدينة أظهروا شتم يزيد وعيبه ، وقالوا : قدمنا من عند رجل ليس له دين ، يشرب الخمر ، ويضرب بالطنابير ، وتعزف عنده القيان ، ويلعب بالكلاب ، ويسمر عنده الحراب - وهم اللصوص - وإنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه .

وقال عبد اللّه بن حنظلة : لو لم أجد إلّا بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم ، وقد أعطاني وأكرمني وما قبلت عطاءه إلّا لأتقوّى به .

فخلعه الناس وبايعوا عبد اللّه بن حنظلة الغسيل على خلع يزيد وولّوه عليهم[4].

 

[1] الإرشاد : 2 / 117 وعنه في وقعة الطف لأبي مخنف : 265 ، 266 .

[2] اللهوف : 116 ، بحار الأنوار : 45 / 148 - 149 .

[3] تأريخ الطبري : 5 / 479 ، 480 .

[4] الطبري : 5 / 480 وعنه في الكامل في التأريخ : 4 / 103 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.