أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-1-2016
1865
التاريخ: 12-6-2018
2544
التاريخ: 10-1-2016
2138
التاريخ: 24/11/2022
1655
|
ـ الحزم! طبقه الآن
في بداية عملي مع الأسر؛ قابلتني عدة مفاجآت بشكل أو بآخر. إحدى أول هذه المفاجآت كانت عند اكتشافي أن الطفل الأكثر سعادة واستقراراً قد نشأ في ظل أسرة شديدة الحزم (من وجهة نظري). ويبدو أن السر يكمن في أن هؤلاء الآباء كانوا يتسمون بالشدة وفي الوقت نفسه يتسمون بالقدرة على الاحتواء كما أنهم كانوا يتشبثون بما أرسوه من قواعد إلى الحد الذي دفع الأبناء إلى احترام هذه القواعد حتى يبقوا بمنأى عن المشاكل. وذلك ما يفسر ندرة معاقبة الطفل في هذه الأسر.
أما ما هو أهم أن الطفل كان يعرف أنه يحظى بكل الحب والتقدير من قبل والديه، أي أن فكرة النبذ لم تكن مطروحة أساساً، لقد كان هؤلاء الأطفال يشعرون أحياناً بالخوف، ولكنهم لا يشعرون بالذعر أو الهجر أبداً، أي أنه - باختصار - كانت هناك قواعد صارمة بالإضافة إلى عاطفة إيجابية. أما لو كانت هناك قواعد بدون عاطفة، أو عاطفة بدون قواعد، لباء الأمر كله بالفشل.
أما الصورة المقابلة لهذه الأسرة الحازمة العادلة فتتمثل في أسر هؤلاء الأطفال الذين يتمتعون بقدر كبير من (الحرية)، غير أنهم كانوا يشعرون بالبؤس ويتسمون بسلوك سيئ مخيف. لقد بدا واضحاً أن هؤلاء الأطفال كانوا يبحثون عمن يتصدى لهم؛ غير أن آباءهم قد أخطأوا فهم ما يصدره هؤلاء الأطفال من إشارات. لقد اعتقدوا أن الأطفال بحاجة لحرية أكثر ومساحة أكبر للتحرك؛ غير أن العكس هو الصحيح.
إن حاجة الطفل إلى الحدود هي إحدى الأسرار التي يجب أن يعرفها الأهل. فعندما يسلم موظف الشؤون الاجتماعية أحد الأطفال إلى أسرة بديلة - بعد تفكك أسرته - كان يحذر الأب والأم البديلين قائلاً:
(إن هذا الطفل قد يعتاد عليكما بسهولة؛ غير أنه على الأرجح سوف يبذل جهده على مدى الشهور الثلاثة الأولى كي يختبركما ويختبر وحدة أسرتكما لكي يتبين مدى صلابتها وقدرتها على احتوائه. إنه بحاجة إلى اختبار مدى صلابة زواجكما وصحتكما العقلية وعواطفكما ومدى قدرتكما على تحقيق الانضباط. وهنا سوف يشعر بالراحة ويشرع في النمو من جديد).
باختصار؛ يمكن القول بأنه يريد أن يتأكد أن هذه الأسرة لن يصيبها الانهيار الذي أصاب أسرته القديمة؛ لذا فسوف يختبرها بنفسه حتى يتحقق من ذلك!
قد تكون الأسرة البديلة هي الصورة المبالغ فيها، غير أن الطفل يبقى واحداً في جميع الأحوال: إنه بحاجة لأن يعرف أن هناك من سيتصدى له.
لقد اكتشفنا من خلال الأبحاث أن هناك ثلاثة أنواع من ردود الأفعال التي يصدرها الآباء حيال مبالغات الأطفال وهي تتدرج بين رد الفعل العدواني أو السلبي أو الحازم. إن الأب العدواني يلجأ إلى الهجوم سواء بالكلمة أو الفعل لكي يحبط ابنه. أما الأب السلبي؛ فسوف يسمح لابنه بأن يتمادى ولا يسعى لتدارك الأمر إلا في اللحظة الأخيرة، وهنا قد ينفجر في ثورة غير متوقعة. أما الأب الحازم فهو يختلف تماماً عن النموذجين السابقين، دعني أشرح لك النماذج الثلاثة بمزيد من التفصيل.
ـ التربية العدوانية
إن الأب او (الأم)، العدواني يشعر بالغضب من ابنه طوال الوقت تقريباً، وغالباً ما يكون هذا الغضب راجعا إلى أسباب أخرى ليست لها أية علاقة بسلوك الطفل: قد يكون الغضب نابعاً من حنقه حيال الزواج، أو العمل، أو الجنس البشري بأسره، أو كونه قد فرض عليه أن يكون أباً او (أما)، رغماً عنه (وهو ليس خطأ الطفل بالطبع)، وهو يتحرر من هذا التوتر بإحباط الطفل.
في بعض الأحيان يتعامل الطفل مع هذا الوضع بشكل لافت للانتباه، حيث يتصور أن هذه هي طريقة والديه في التعبير عن الحب. أما مبرره لذلك فيتضح من قوله: (على الأقل هما يهتمان بأمري بدرجة تجعلهما يصيحان في وجهي، وكلما صاحا بصوت أعلى، كانت هذه إشارة لمزيد من الاهتمام!)، قد يصيح الطفل مجيباً أبواه (كي يبادلهما حباً بحب)؛ وهكذا يكون الشجار هو لغة الحوار التي تجمع بين الآباء والأبناء ويتحول المنزل إلى (ساحة عراك!)، إن ما قد يبدو لأي مراقب خارجي على أنه مشاجرة عامة يشترك فيها جميع أفراد العائلة ما هو في واقع الأمر بالنسبة لمثل هذه الأسرة إلا نوعاً من الألفة التي يستمتع بها الجميع ويفتقدونها إن اختفت من حياتهم!
كذلك هناك بعض الأطفال الذين يشعرون أن مثل هذا الإحباط مدمر بالفعل، ومن ثم يؤثرون الانسحاب ويشعرون بالاضطراب.
أما فيما يتعلق بالطاعة فإن الوالدين العدوانيين يحصلان بالفعل على النتائج المرجوة، ولكن بدافع الخوف. ومع ذلك فقد يتمرد عليهما الابن إذ قد يفاجأ الأهل الذين يتسمون بهذا السلوك أن ابنهم في سن المراهقة قد كبر بما يكفي لكي يعاملهم بنفس الطريقة. إن العدوانية تنتهي بالطفل إما إلى الجبن، أو المهانة، أو التمرد والتحدي، أو بمزيج من كل هذه المشاعر!.
التربية السلبية
إنها منتشرة في كل مكان!، في إحدى المرات. استجوبت أماً شابة كانت تشكو من عدم طاعة أبنتها، وقد كانت هذه هي إحدى الشكاوى الشائعة. غير أن هناك أمراً أو أمرين في هذه الحالة كانا قد لفتا انتباهي، إن أغلب الأهل يحضرون معهم أبناءهم أثناء الزيارة. بل إن العديد منهم يحبون أن يجلبوا لي الأطفال ويتركوهم قائلين: (ها هم أصلحهم!). غير أن هذه الام لم تحضر ابنتها خشية إغضابها (كما أنها لم تخبر زوجها أيضا).
وبينما كنا نتحدث روت لي الكثير من التفاصيل عن سلوك ابنتها لقد كانت على ما يبدو تسعى لإزاحة هذا العبء عن كاهلها لتتحرر من قلقها وتوترها في صورة كلمات، لقد كانت حريصة للغاية على التخلص من أعبائها حتى أنها ظلت تتحدث منفردة على مدى نصف ساعة وأنا صامت. وعندما سألتها عن كيفية تعاملها مع عصيان ابنتها، أجابتني بأنها كانت صارمة للغاية، غير أن ابنتها أصرت على عدم الاستجابة، فطلبت منها أن تحضر ابنتها في الزيارة القادمة كي أراها.
كانت الطفلة متعاونة للغاية ولم تحدث أية مشكلات، غير أنها بعد بضع دقائق انفصلت عنا وشرعت في العبث بالهاتف والستائر داخل مكتبي. فطلبت من الأم أن تريني كيف ستتصرف لكي تردع الطفلة. فخفضت صوتها على الفور وهمست في نبرة رقيقة وحذرة: (ميليسا)، أرجو أن تكفي عن هذا.
وبالطبع لم تستجب الطفلة، (أرجوك يا حبيبتي تعالي إلى هنا أنتِ فتاة جيدة).
لقد اعجبتني هذه السيدة، لقد كانت تستشعر مشكلة ابنتها وكانت تسعى بصدق لعمل الأفضل بالنسبة لها، غير أن مفهوم الصرامة لديها كان يختلف تماما عن مفهومي.
وهكذا خضعت لبعض (تدريبات الحزم)، وحصلت على بعض المساعدة لكي تتبع أسباب خوفها وتتخلص منه. وسرعان ما تراجعت (ميليسا)، عن أن تكون مركز قوة في الأسرة!
إن السلوك الجيد سمة مطلوبة في الطفل؛ ليس لإرضاء رغبة الأهل، ولكن لجعل الحياة العملية أكثر سهولة. ونحن - بخلاف الآباء في العهد الفيكتوري - لا نبحث عن الطاعة العمياء التي تجبر الطفل على تصفيف شعره قبل الجلوس لتناول الشاي أو تناول الأطعمة بالترتيب الأبجدي! وإنما ننشد من أبنائنا التعاون حتى تسير الحياة في يسر. ارتدِ ثيابك القديمة قبل أن تخرج للعب! ،(أخرج الهرة من الثلاجة!)
لذلك فعندما يكون الطفل غير متعاون؛ تبدو الحياة صعبة بالنسبة للأهل. إن الآباء المتهاونين سرعان ما يجدون أن الابن قد شرع في تجاهلهم، وهكذا كلما حاول الأهل أن يستسلموا كي لا يقفوا في طريق إبداع (سيبستيان) الصغير؛ كلما شعروا بالغضب والتعب من المشاكل التي تنتج عن ذلك وسعوا بالتالي إلى استعادة النظام. قد يحدث ذلك بعد ساعة من العصيان، أو بعد أسبوع بأكمله من المشكلات المتكررة، ولكن ما إن يقع ذلك، حتى ينفذ صبر الآباء فجأة، فهم يهبون فجأة لتهذيب الطفل بطريقة - وبمشاعر - يعلمون وأبناؤهم أنها خارج نطاق السيطرة بشكل أو بآخر.
لذا، فإنه من غير المثير للدهشة أن نعرف أن الآباء الذين يلحقون إصابات بأبنائهم يكونون عادة من ذلك النوع الخجول الجبان الذي فاض بهم الكيل في نهاية المطاف.
قد شعرت بأنك سيء، لأنك أدركت أن جزءاً مما سبق قد ينطبق عليك، إن كان هذا هو النمط الذي يميز علاقتك بابنك (بمعنى أنك تتراجع ثم تتراجع ثم تتراجع ثم تنفجر)، فأنت إذاً بحاجة لمعرفة شيئين:
ـ لقد عايش ما يقرب من ثلث الإباء هذا النمط، خاصة هؤلاء ممن لديهم أطفال صغار وشرعوا لتوهم في اكتساب خبرة الابوة.
ـ انها ليست مشكلة كبيرة، بل هي مجرد خطأ في توجيه الطاقات يمكن تداركه.
لذلك فإن التربية العدوانية والسلبية لا تفلح. ماذا تبقى لدينا؟ أخيراً (ومع قرع الطبول!) نعلن عن التربية الحازمة.
ـ التربية الحازمة
تتسم الأسرة الحازمة بأنها أسرة واضحة صارمة، ذات عزيمة قوية، كما أنها تتمتع في العمق بالثقة والراحة إلى أقصى حد، في نفس الوقت أنهم لن يعاملوا على نحو يثير الإحباط أو المهانة.
إن الحزم ليس من الأشياء التي يمكن مشاهدتها كل يوم، كما قد لا تتوافر أمامك الكثير من الأمثلة لكي تسعى لتقليدها. إن كنت تنتمي إلى أسرة عدوانية؛ فقد يصعب عليك بشكل خاص أن تكون حازماً فيما بعد. كذلك من الضروري أن تنظر إلى الحزم بوصفه مهارة وليس طبيعة متأصلة منذ الميلاد، وهذا يعني أنك قد تستغرق وقتاً لكي تتعلمها. لازال هناك أملاً!
إن الشق الأول من الحزم يكمن بداخلك؛ أي اتجاهاتك في الحياة. ضع دائرة على العبارات الأقرب لوصفك.
الأبوان (الواهيان) ينقصان من قدرهما الأبوان (الحازمان) يقرران أهميتهما أيضاً
ـ احتل المكانة الأخيرة في الأسرة. ـ أتمتع بنفس القدر من الأهمية مثل باقي أفراد الأسرة.
ـ يجب أن أبقي الأطفال سعداء طوال الوقت، وإلا فأنا (أب أو أم) ـ الأطفال مهمون، ولكن يجب أن يتواءموا مع غيرهم
فاشل. أيضا.
ـ يجب ألا أحبط قدراتهم الإبداعية الطبيعية. ـ ان الإحباط جزء من النمو فالأطفال يجدون طريقهم دائماً بسهولة.
ـ أنا لا أساوي شيئاً في واقع الأمر، ـ أنا بحاجة لأن أشعر بالسعادة والصحة حتى أصبح أباً أو(أما) جيداً،
غير أن أبنائي قد يصبحون ذوو شأن يوما ما. يجب أن أفعل أشياء لإرضاء نفسي أيضاً.
ـ شريك حياتي يعنيني ولكن ليس بقدر ما يعني الأبناء لي. ـ إن شريك الحياة والزواج من الأمور الهامة جدا أيضاً.
كذلك الأطفال فأنهم في نفس الأهمية.
ـ إن الحياة نضال وكفاح. ـ إن الحياة تثير التحدي ولكنها ممتعة.
ـ أريد فقط أن نحيا دائماً في سلام؛ ـ إن الحياة تكون أسهل إن تعلم الأبناء السلوك الحسن. وبما أنني أمثل
ولذلك فأنا أستسلم لأبنائي إيثاراً للسكينة والهدوء. الشخص الناضج، فيجب أن أتولى هذه المهمة
غير أن هذا - مع الأسف - لا يدوم طويلاً.
أما الشق الثاني من الحزم فهو متمثل في التصرف أي ما تقوم به فعلاً. إليك الطريقة التي تضمن لك حسن سلوك أي طفل اعتاد العصيان أو التخلف عن أقرانه.
1ـ كن واضحاً في تفكيرك: إن ما تطلبه من ابنك ليس رجاءً، أي أنه غير خاضع للنقاش؛ إنه طلب من حقك أن تمليه عليه وسوف يستفيد الطفل عندما يتعلم أن ينفذ ما تطلبه منه.
2ـ احرص على التواصل الجيد: توقف عما تقوم به، اقترب من الطفل، أجبره على أن ينظر إليك. لا تصدر تعليماتك إلا بعد أن ينظر إليك.
3ـ كن واضحاً: قل: (أريدك أن ...... الآن. هل تفهم؟). احرص على الحصول على إجابة إما بنعم، أو لا.
4ـ إن لم يطعك الطفل؛ كرر عليه ما تريده منه: لا تناقش الأمر أو تفكر فيه مع ابنك أو تغضب أو تخاف، وإنما تنفس ببطء، وعمق إلى أن تستعيد هدوءك. إن ما تنقله لطفلك هو أنك عاقد العزم على المواصلة والتأكيد على طلبك، وأنك لن تصل إلى حد الغضب. هذه هي الخطوة الأساسية، وما يهم - حقاً - هو ما لا يجب أن تفعله. لا تقحم نفسك في مناقشة أو جدل، لا تنفعل، فقط كرر طلبك ببساطة على الطفل.
5ـ ابق قريباً: إذا كان هناك أي احتمال لعدم أداء الطفل المهمة على الوجه المطلوب، وعندما ينتهي من المهمة (لنفترض مثلاً أنه يجمع ألعابه)، لا تفرط في الإطراء عليه، قل له ببساطة (أحسنت)، وابتسم ابتسامة مقتضبة!
إن هذا الترتيب يعد بمثابة (إجراء إعادة تدريب). قد يستغرق الأمر وقتا في المرات الأولى حتى أنك قد تفكر، (يا إلهي، إنه من الأسهل أن أقوم أنا بجمع الألعاب!). غير أن الوقت الذي تستثمره في هذا العمل سوف يوفر لك آلاف الأوقات بعد ذلك.
إن أهم ما في الأمر هو المثابرة. فعندما يكتشف الطفل أنك لا تتراجع، سوف يقدم على تنفيذ أوامرك.
سوف تكتشف بعد فترة قليلة أنك تتمتع بنبرة صوتية وهيئة خاصة تقول لطفلك (أنا أعني ما أقول)، إنها نبرة تختلف تماما عن نبرتك الصوتية التي تستخدمها حال المناقشة أو الانفعال، أو المدح، أو اللعب مع الأبناء. سوف يعرف ابنك هذه النبرة والتي تعني (نفذ ما أقوله الآن!)، وسوف يفعل! يا له من شعور رائع!
بما أن يعتاد الأطفال نموذج الأبوة الحازمة، سوف تندهش عندما تعود بذاكرتك إلى الوراء وتسترجع كيف كنت تصعب على نفسك الأشياء. فعلى سبيل المثال، إليك الدراما الأسترالية العظيمة عن وقت النوم. لقد غيرنا الأسماء لكي نحمي الأبرياء! إنه يوافق تماما موعد نوم (شيرلي).
الأم الابنة (في نفسها)
لقد اقترب موعد نومك يا لقد قالت (اقترب) ـ هذا يعني (ليس بعد).
(شيرلي)، من الأفضل ان تجمعي
لعبك
هلا جمعت لعبك؟ امنحيني بعض الوقت!
انت تعلمين كم تستيقظين في الصباح ان امي تستعمل معي المبررات المنطقة،
وانت متعبة يا عزيزي... هذا يعني انها تخافني! على اية حال، لا زال
أمامنا الكثير قبل ان يأتي الصباح.
هيا يا (شيرلي) انت لا تسعين نعم.
لإحداث جلبة مرة أخرى، اليس كذلك.
انظري يا شيرلي سوف اساعدك في رائع! سوف تشاركني أمي اللعب
جمع الدمى.
أعيدي هذه الألعاب الى مكانها، لقد
كنت أعيدها الى مكانها فحسب. أمسكي بي!
(شيرلي)، هل تريدين ان أنهرك؟ نعم! سوف يكون ذلك مثيراً.
أنت فتاة مزعجة للغاية. أعتقد أنني كذلك بالفعل، أنني لا أعرف السبب
لذلك، ولكنني استمتع بخلق هذه المشاحنات، فهي
تشعرني بالتواصل مع امي.
لقد جاءت إجابات الطفلة صامتة بالطبع، لو كانت الأم قد سمعتها، لما استمرت في حديثها معها. إن الترتيب نفسه يكرر في الكثير من المواقف. أما الخطوات الأساسية فهي كالآتي:
ـ يخشى الآباء الصراع؛ لذا يبدو عليهم التردد والتشكك عندما يطلبون من الطفل في بداية الأمر أن يكون متعاوناً.
ـ إنهم يلجأون إلى التبريرات والمناقشات غير ملتفتين إلى أن الطفل يستغل ذلك كي (يشتري مزيداً من الوقت).
ـ يولى الآباء الكثير من الانتباه لشجارهم مع الطفل الذي يستمتع بنيله من اهتمام وسيطرة شخص كبير.
ـ يشعر الآباء بالحنق وسرعان ما ينهارون ويحملون الموقف بالكثير من المشاعر والإحباطات تفوق ما كانوا يريدونه فعلاً.
إنه أمر مؤلم، وخاصة إن كان يحدث يومياً. نحمد الله أن هناك مخرجاً لذلك.
هناك طريقة وحيدة للغضب والاسترخاء في آن واحد؛ ألا وهي التظاهر!
في أحد الأيام عندما كنت في المدرسة؛ استدعي مدرس العلوم خارج الفصل. وسرعان ما ضغطنا على زجاجات المياه المقطرة وشرعنا في شن حرب مسدسات من خلف مقاعدنا في الفصل.
وعلى الرغم من أنني كنت طفلاً جباناً بطبعي، فقد بادرت بالوقوف أمام المعلم وبدأت أطلق نيراني على الآخرين وفجأة تغيرت وجوههم وصمتوا. حينئذ سمعت صوتاً صادراً من خلفي، لقد ظهر المدرس بيننا وقد بدا عليه الغضب!
لا أدري كيف عدت إلى مقعدي، غير أنني لم أجرؤ حتى على رفع عيني في كتابي، وعندما فعلت رأيت شيئاً مدهشاً، لقد ثبت المدرس بصره على الفصل الساكن وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة. هنا أدركت أنه كان يفتعل الغضب وأعجبت بالنتائج الفورية التي نتجت عن هذا التصرف.
لقد كان الأمر جديداً علي، كنت أعرف بعض الكبار الذين يغضبون ويفقدون أعصابهم، وآخرون ممن يخشون من آثار غضبهم وهكذا جاء الأمر بشكل تلقائي. وقد شعرت حينئذ أن هذا النمط السلوكي الجديد أفضل، ولكنني تعهدت بأن ألتزم بالجلوس في مقعدي في المستقبل.
لقد انكبت البشرية بأسرها على قضية التربية والتهذيب على مدى الثلاثين أو الأربعين عاماً الماضية أي أنك لست وحدك في هذا الصدد. فحتى بداية هذا القرن لم يكن الأطفال يشكلون أهمية كبيرة إذ كان يموت ثلثي الأطفال، أما ما كان يتبقى منهم فلم يكن لهم أثر بالغ ما لم يبلغوا سن المراهقة، حيث كان ينظر إليهم حينئذ بوصفهم كبار راشدين.
لقد كان العنف هو الوسيلة المتعارف عليها لضبط سلوك الأطفال. ذلك هو العهد الذي كان يزج فيه بابن السابعة في مناجم تفتقر إلى التهوية تحت سطح الأرض. أو يقف أمام الآلات في المصانع على مدى عشر ساعات يومياً. لقد ارتقت الطفولة كثيراً.
أما في الخمسينيات والستينيات. فقد كان ذلك العهد الذهبي للأطفال. فقد ظهرت حركات جديدة تماما فى هذا الصدد أي أن الميزان جنح بعيدا في الاتجاه المقابل. وهكذا وجد الطفل نفسه وقد حمل عبء كونه أهم شخص في العائلة. لسنا بحاجة إلى الإشارة إلى أن هذا السلوك أيضا لم يكن في صالح الطفل، وأخيراً: انضبط الميزان وتساوت كفتيه، فنحن نتعلم الآن كيف نمنح أبناءنا الحب الرقيق والحب العنيف معاً، ومن ثم بدأ الأطفال يهدأون.
إذاً هذه هي قصة التربية الحازمة. إنها تنبع من قرارك - كأب أو كأم - بأن لك حقوقاً، وأن ابنك بحاجة إلى قيادة (حتى إن رأى هو أنه ليس بحاجة إلى ذلك). هذا هو ما يقود إلى حياة أكثر هدوءاً للجميع، والمزيد من أوقات المتعة.
(الحازم)
ـ يوجه (دفعات إيجابية) يضع متطلبات واضحة وصارمة، يضع قواعد ويلتزم تنفيذ العقوبة إن حدث وتخطاها الطفل.
ـ لا يخشى الصراع، يتفاوض بدرجة أكبر كلما تقدم الطفل في العمر وأصبح أكثر قدرة.
(الاستغلالي)
يستخدم الشعور بالذنب والمرض وغيره لكي يحمل الطفل على التصرف بطريقة سليمة
يقارن بينه وبين أقرانه..الخ.
(العدواني)
يلجأ إلى إحباط الطفل لكي يجبره على ما يأمره به يصرخ في وجه الطفل يضرب الطفل بغضب.
(السلبي)
ينسحب تماماً، يستسلم لكل طلبات الطفل، يسمح للطفل ان يتصرف بشكل سيء.
هذه هي الاختيارات الأربعة الأساسية التي يمكن أن تحدد أسلوب المعاملة بين الآباء والأبناء. يجب ألا يشعرك هذا المخطط بالذنب!، فقط استخدمه لتذكر نفسك: (أمامي فرصة للاختيار!).
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
اختتام فعّاليات اليوم الأوّل من مؤتمر العميد العلمي العالميّ السابع
|
|
|