أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-09
1591
التاريخ: 2024-07-15
636
التاريخ: 25-9-2018
9647
التاريخ: 2-4-2016
2372
|
اختلف الموقف الفقهي والقضائي في الطبيعة القانونية لتقييم الأداء الوظيفي اذ اتجه الفقه والقضاء الفرنسي في موقفه القديم الى ان تقييم الأداء الوظيفي من قبيل إجراءات التنظيم الداخلي ، واتجه جانب أخر من الفقه يسانده موقف قضائي إلى أنه من قبيل القرارات الادارية النهائية التي يمكن الطعن بها بدعوى الالغاء ، لذا سنتناول دراسة الطبيعة القانونية لتقييم الأداء الوظيفي على النحو الآتي :
اولا - عد تقارير تقييم الأداء من قبيل إجراءات التنظيم الداخلي:
يقصد بإجراءات التنظيم الداخلي بعض الإجراءات التفصيلية التي تمس الحياة الداخلية للمرفق وهي تأخذ شكل المنشورات والتعليمات التي قد تتضمن توجيهات وإرشادات للموظفين بكيفية التصرف فيما يعرض عليهم من أمور أو تتضمن أوامر إليهم تتعلق بتنظيم شؤونهم الداخلية كتحديد ساعات العمل وتحديد عمل كل منهم، واتخاذ إجراءات التنظيم الداخلي من اختصاص الرؤساء الإداريين الذين تنحصر وظيفتهم في الإشراف على سير العمل في المرافق والمصالح التي تخضع لرئاستهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتنظيم العمل فيها وضمان حسن سيره، ومن ثم فإن هذه الإجراءات لا تلزم أفراد الجمهور لأنها ليست موجهة إليهم إلا أنها ملزمة للموظفين الذين يعملون في المرفق و عليهم احترامها لأنها تصدر من السلطة الرئاسية بما لها من واجب الطاعة في مواجهتهم (1).
وقد اختلف الفقه الفرنسي حول الطبيعة القانونية لإجراءات التنظيم الداخلي، اذ اتجه قسم من الفقه الفرنسي الى انكار أية قيمة قانونية لإجراءات التنظيم الداخلي، وذلك على اساس عدم وجود قاعدة عامة تحدد الطبيعة القانونية لإجراءات التنظيم الداخلي ، فيجب تحليل كل إجراء منها تحليلا منفردا ، وبيان طبيعته القانونية فالتعليمات والمنشورات ليس لها طبيعة القرارات بوصفها تقتصر على التذكير بالنصوص التشريعية أو تشرحها أو تفسرها لكنها تعد قرارات إدارية إذا أضافت جديدا إلى القانون أو اللائحة (2).
لم يكن يقبل الطعن ضد إجراءات التنظيم الداخلي أمام مجلس الدولة الفرنسي وذلك لأنها لا تولد آثارا قانونية، إلا في حال ترتب على بعض هذه الإجراءات تأثير في المراكز القانونية، فإنها تكون قابلة للطعن فيها (3) واتجه جانب من الفقه الفرنسي إلى أن إجراء التنظيم الداخلي يمكن أن يكون قرار إداري إذا كان ذا طابع لائحي او عندما يتضمن الإجراء اعتداء على حقوق و امتيازات مستمدة من نطاق أو مركز الطاعن (4).
كما أن أحكام مجلس الدولة الفرنسي في ظل هذه المرحلة ذهبت إلى عدم قبول الطعن في تقييم الأداء الوظيفي اذ كان لا يعدها من قبيل القرارات الإدارية التي يجوز الطعن فيها بالإلغاء، وكانت الأحكام الصادرة بهذا الشأن تقرر أن الدرجات السنوية الممنوحة للموظفين تعد ممارسة لرقابة رئاسية وليست قابلة للطعن القضائي فيها، أي أن هذه الدرجات توضع على وفق المبدأ العام الذي يقرر حق كل رئيس إداري في اتخاذ إجراءات التنظيم الداخلي في المرفق أو الإدارة التي تخضع لسلطته الرئاسية بما يتفق وصالح العمل (5) .
ثانيا : عد تقارير تقييم الأداء من قبيل القرار الاداري
غرف القرار الإداري بأنه (عمل قانوني من جانب واحد يصدر بإرادة إحدى السلطات الإدارية في الدولة ويحدث أثارة قانونية بإنشاء وضع قانوني جديد أو تعديل أو إلغاء وضع قانوني قائم )(6).
وغرف بأنه (كل عمل قانوني وحيد الطرف يصدر من شخص أو من هيئة إدارية ، أفض ی القانون على أيهما صلاحية أصدراه بما له من ولاية عامة بمقتضى القوانين ، ويكون من شأنه إنشاء أو تعديل أو أنهاء مركز قانوني معين ) (7).
كما عرف القرار الإداري بأنه (كل عمل قانوني صادر عن الإرادة المنفردة للإدارة بهدف إحداث أثر قانوني معين في المراكز القانونية - إنشاء أو تعديل أو إلغاء- مركز قانوني ) (8).
واتجه جانب من الفقه الى ان تقييم الأداء الوظيفي يعد من قبيل القرار الاداري ويمكن الطعن به امام القضاء ، اذ يرى الدكتور أنور أحمد رسلان ونحن وإن اتفقنا مع ما انتهى إليه هذا الرأي إلا أننا نرى أن اتخاذ التصرف القانوني في الطابع اللائحي أو اعتدائه على حقوق أو امتيازات مستمدة من نظام أو مركز قانوني فإن هذا التصرف لا يعد في هذه الحالة إجراء من إجراءات التنظيم الداخلي بل يعد لائحة في الحالة الأولى ويعد قرارا إداريا مخالفا للنظام في الحالة الثانية وعلى هذا الأساس يقبل في رأينا الطعن فيه أمام القضاء (9).
ولقد تطور القضاء الفرنسي تطورا مهما ، وحصل تغيير جذري في موقف مجلس الدولة فعد قرار تقييم الأداء الوظيفي من عداد القرارات الإدارية التي يجوز الطعن فيها مباشرة بالإلغاء ، وهو ما اتجه اليه مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 1962/11/23 في قضية كامارا Camara" ، وقد جاء في حيثيات هذا الحكم :( من حيث أن السيد كامارا يطلب إلغاء القرار المؤرخ بتاريخ 30 ديسمبر سنة 1958 الذي قيد به وزير فرنسا لما وراء البحار عددا معينا من موظفي هيئة تربية الحيوانات لفرنسا لما وراء البحار في جدول الترقية عن سنة 1958 لوظيفة المفتشين البيطريين الرؤساء وكذلك القرار الصادر في اليوم ذاته بتعيين هؤلاء الموظفين في الوظيفة وحيث أن السيد كامارا الذي كان مؤهلا لهذه الترقية يدعي بأن هذه القرارات معيبة بتجاوز السلطة بسبب عدم مشروعية الدرجات التي منحت له عن عامي 1951 و 1952، ومن حيث أنه من جهة لم تحدد الإدارة التاريخ الذي أعلنت فيه درجات عامي 1951 و 1952 للسيد كامارا، فإنه يكون مقبولا من الأخير أن يثير عدم مشروعية هذه الدرجات للاعتراض على جدول الترقية المذكور وعلى الترقيات اللاحقة ، ومن حيث أنه من جهة أخرى يبين من الأوراق أنه رؤى منح الطاعن صفر ثم عشرة من عشرين درجة عن عامي 1951 و 1952 دون أن تسبب هذه الدرجات بسلوك صاحب الشأن أو عدم كفايته الوظيفية مما يجعل الدرجات الممنوحة له معيبة بالانحراف بالسلطة ، وحيث أنه يستخلص من الملف أن الدرجات التي منحت للسيد كامارا عن عامي 1951 و 1952 قد أثرت في وضع جدول الترقية | الوظيفة المفتش البيطري الرئيسي، فإن الطاعن يكون محقا فيما يدعيه من أن القرار الصادر في 30 ديسمبر سنة 1958 ، فيما تضمنه من القيد في جدول الترقية لهذه الوظيفة والتبعية قرار الوزير بتعيين الموظفين المقيدين في هذا الجدول في هذه الوظيفة، هذان القراران يكونان قد اتخذا بناء على إجراء غير مشروع ويكونان بذلك مشويين بتجاوز السلطة ) (10).
ويتضح من هذا الحكم أن مجلس الدولة الفرنسي قد عدل عن قضائه القديم وفتح الطريق أمام الطعون التي تقدم ضد تقييم الأداء الوظيفي باعتبار أن الدرجة تعد بذاتها قرار أ إداري ومن ثم تواترت أحكام مجلس الدولة بعد ذلك على عد تقييم الأداء الوظيفي قرارات إدارية بكل ما يترتب على ذلك من آثار (11).
اما القضاء الإداري المصري فقد اتجه منذ إنشائه على عد قرار تقييم الأداء قرار إداري نهائي لما يرتبه من آثار قانونية في علاوات الموظف وترقياته واستمراره في الخدمة فقد اتجه حكم لمحكمة القضاء الإداري الى عدم اختصاص القضاء الإداري بنظر طلبات إلغاء تقييم الأداء الوظيفي على أساس عدم النص عليها في قانون مجلس الدولة، إذ ليس من بين هذه الطلبات طلبات إلغاء القرارات الصادرة بتقييم الأداء الوظيفي للموظفين العموميين ما يتعين معه القول بعدم اختصاص القضاء الإداري المصري بالنظر في هذه الطلبات، هذا ما قررته في القضية رقم (1244) بتاريخ 1957/11/13 إلا أن هذا المذهب لم يلق قبول من المحكمة الإدارية العليا التي نقضت حكما المحكمة القضاء الإداري بتاريخ 1958/7/9 قضت فيه بعدم قبول دعوى إلغاء قرار تقدير الكفاءة شك (12).
وقد تأكد ذلك في الأحكام اللاحقة ل لقضاء الاداري المصري الذي عد قرارات تقييم الأداء الوظيفي قرارات إدارية أذ حكمت المحكمة الإدارية العليا عام 1960 أن التقرير السنوي المقدم عن الموظف بعد استيفاء مراحله المنصوص عليها في المادة (31) من القانون رقم (210) لسنة 1951 هو بمثابة قرار إداري نهائي يؤثر في الترقية أو منح العلاوة ومن ثم يندرج في عموم الطلبات المنصوص عليها في الفقرتين الثالثة والخامسة من المادة الثامنة من قانون مجلس الدولة (13).
وكذلك نذكر حكم المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 1/ 12/ 2001 الذي تقرر فيه" أن تقدير الكفاءة بصفة عامة في أي عنصر من عناصر التقدير هو من الأمور التي تترخص فيها الإدارة إلا أن ذلك ليس طليقا من كل قيد بل مشروط بأن يكون مستندا إلى عناصر ثابتة مستخلصة استخلاصا سائغا من وقائع تنتجها ذلك أن القرار الصادر بتقدير درجة الكفاءة شأنه شأن أي قرار إداري يجب أن يقوم على سببه المبرر له قانونا والا كان فاقدا السبب (14).
وقد تواترت أحكام المحكمة الإدارية العليا ومن بعدها أحكام محكمة القضاء الإداري في هذا الشأن ، اذ استقر قضاء مجلس الدولة المصري على عد تقييم أداء الموظفين قرارات إدارية تخضع الأحكام النظرية العامة القرارات الإدارية (15).
ولم نجد في حدود ما اطلعنا عليه من احكام في القضاء الاداري العراقي حول ما يتعلق بمدى عد قرار تقييم الأداء الوظيفي قرارة ادارية نهائية ، الا ان القضاء الاداري العراقي اصدر العديد من القرارات التي تؤكد أن القرارات الادارية النهائية يكون الطعن بها أمام محكمة قضاء الموظفين ، اذ قضت ( أن هذه المحكمة هي محكمة الغاء يشترط في الأمر او القرار المطعون فيه امامها أن يكون قرارا اداريا نهائيا وقد ترتب عليه اثر قانونية ...) (16).
____________
1- د. أنور أحمد رسلان ، تقارير تقويم الأداء الوظيفي في القانون المقارن وقوانين دول مجلس التعاون الخليجي، 2006، ص 188.
2- نقلا عن د. محمد فؤاد عبد الباسط، قياس كفاية الأداء للعاملين بالدولة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2002 ، ص40.
3- د. السيد محمد إبراهيم، شرح نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادرة بالقانون رقم 46 لسنة 1964، دار المعارف، الإسكندرية ، 1996، ص 221.
4- د. محمد فؤاد عبد الباسط، قياس كفاية الأداء، مصدر سابق، ص 41.
5- د. أنور أحمد رسلان ، تقارير تقويم الأداء الوظيفي في القانون المقارن وقوانين دول مجلس التعاون الخليجي، 2006، ص 189.
6- د. محمد فؤاد مهنا ، مبادئ وأحكام القانون الإداري في ظل الاتجاهات الحديثة ، دراسة مقارنة ، منشأة دار المعارف ، الإسكندرية ، من دون طبع ، ص 724.
7- د. علي محمد بدير ، الدكتور عصام عبد الوهاب البرزنجي، الدكتور مهدي ياسين السلامي ، مبادئ واحكام القانون الاداري ، مكتبة السنهوري، بغداد ، 2012 ، ص 418 .
8- د. ماهر صالح علاوي الجبوري ، القانون الإداري ، من دون مكان ، من دون طبع ، ص 145.
9- د. أنور أحمد رسلان، تقارير الكفاية، دراسة مقارنة لنظام تقارير أوامر الموظفين العموميين، مجلة القانون والاقتصاد، السنة الثانية والخمسون، كلية الحقوق جامعة القاهرة، القاهرة، 1982 ، ص 481.
10- اشار اليه د. محمد فؤاد عبد الباسط، قياس كفاية الأداء، مصدر سابق، ص42 .
11- د. أنور أحمد رسلان، تقارير الكفاية، دراسة تقويم الأداء الوظيفي، مصدر سابق، ص 480 .
12- د. محمد فؤاد عبد الباسط، قياس كفاية أداء العاملين المدنيين بالدولة، مصدر سابق، ص 43
13- حكم المحكمة الإدارية العليا، الطعن رقم (432) لسنة 4 القضائية، جلسة 1960/5/9 ، وأيضا الطعن رقم 848 لسنة 4 الفضائية، جلسة 1960/5/21 مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة في خمس سنوات، مصدر سابق، ص 17.
14- حكم المحكمة الإدارية العليا، الطعن رقم (1499) لسنة 43 القضائية، جلسة 2001/12/1 اشار إليه د. خالد عبد الفتاح محمد، نظام العاملين المدنيين بالدولة، مصدر سابق، ص 309.
15- د. أنور أحمد رسلان، تقارير الكفاية، دراسة لتقويم الأداء الوظيفي، مصدر سابق ، ص 487.
16- قرار محكمة القضاء الاداري في الدعوى المرقمة 458 ق / 2016 ، بتاريخ 26/ 12/ 2016 ، غير منشور .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|