مناهج الجغرافيا التاريخية:

 يمكن اعتبار التعريفات السابقة للجغرافيا التاريخية بمثابة مناهج لدراستها سادت في فترات معينة، ومع ذلك فأن هذه التعريفات يمكن أن تتم وفق منهجين أساسيين هما:

1- المنهج الموضوعي: يتناول هذا المنهج أي ظاهرة جغرافية خلال فترة زمنية معينة، أو في فترات زمنية متعاقبة، ويمكن وصف هذا المنهج بالطريقة الرأسية. والتي تعني بتتبع مدي التغير الذي طرأ على العناصر الجغرافية على مر الزمن Diachonic (حسن عبد العزيز أحمد، ۱۹۹4 ، ص 1) ومن أبرز ميزات هذا المنهج (أو الطريقة) عرض عناصر البيئة الطبيعية والبشرية دور تکرار.

٢- المنهج الإقليمية: يهتم هذا المنهج بدراسة العناصر الجغرافية في إقليم معين خلال فترة زمنية معينة أو عدة فترات متعاقبة، أو دراسة عنصر جغرافي أو أكثر في الإقليم مع الاهتمام بالبعد الزمني، مثل: تطور المناخ أو الغطاء النباتي أو تطور العمران أو تطور التعمير بالعناصر البشرية أو تطور النشاط الاقتصادي أو التطور الديموجرافي أو تطور الأقسام الإدارية (محمد السيد غلاب ويسري الجوهري، ۹۷۰، ص ۱۰) فضلا عن ذلك فقد يتناول هذا المنهج جغرافية أي أقليم على فترات متعاقبة. والمتتبع لفصول هذا الكتاب سوف يجد تطبيقا للمنهجين الموضوعي والإقليمي.

ويضاف إلى هذين المنهجين منهجان آخران، الأول قديم، والآخر لايزال يخطو أول خطواته، ويتناول المنهج الأول تقسيم الزمن إلي عصور مع المعالجة الجغرافية لكل فترة على حدة، ويعبر عن هذا المنهج أحيانا بالطريقة التطورية أو الأفقية Synchronic (حسن عبد العزيز، 1994، ص 1) وهذه الطريقة رغم أنها تحاول أن تصور الجغرافيا كوحدة فأنها تعجز عن تفسير كل عناصر البيئة كما أنها لا تخلو أحيانا من التكرار.

أما المنهج الآخر فهو المنهج السلوکی Behavioural Approach، وبدأ هذا المنهج يأخذ طريقة في كثير من فروع الجغرافيا، بل أصبح هناك ما يعرف بالجغرافية السلوكية التي لم تجد مكانها في الجامعات العربية حتى الآن (محمدين إبراهيم صالح: ۱۹۸۷). ويتحدد إطار المنهج السلوكي في الجغرافيا التاريخية في تفسير الظاهرات الجغرافية بمعرفة سلوكيات الأفراد أو المجموعات الصغيرة، وبالرغم من ذلك فتعميم هذا المنهج في دراسات الجغرافيا  التاريخية لايزال يكتنفه عدة صعوبات خاصة ما يتصل بتوافر البيانات الكافية، وهي ما تضع دارس الجغرافيا التاريخية في حرج، فالحصول على بيانات دقيقة يتطلب في هذه الحالة توجيه أسئلة إلى الموتى، ويظل السؤال قائما، كيف يتحقق ذلك؟.