المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



هشام بن غالب بن صَعصَعة بن ناجية (الفرزدق الشاعر)  
  
3361   07:59 مساءاً   التاريخ: 13-08-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج5، ص601-605
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-06-2015 1764
التاريخ: 28-12-2015 5755
التاريخ: 21-06-2015 2049
التاريخ: 29-12-2015 3181

 ابن عقال بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن عوف بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر التميمي، أبو فراس المعروف بالفرزدق الشاعر المشهور، كان جده صعصعة عظيم القدر في الجاهلية وكان افتدى ثلاثمائة موءودة إلى أن جاء الله عز وجل بالإسلام. وكان أبوه غالب من سراة قومه ورئيسهم وكان الفرزدق كثير التعظيم لقبر أبيه فما جاءه أحد واستجار به إلا نهض معه وساعده على بلوغ غرضه.

 حدث أبو عبد الله محمد بن سلام الجمحي قال: سمعت يونس بن حبيب يقول ما شهدت مشهدا قط ذكر فيه جرير والفرزدق وأجمع أهل المجلس على أحدهما وكان يونس يقدم الفرزدق ويقول ما كان بالبصرة مولد مثله ولما هرب الفرزدق من زياد ابن أبيه حين هجا بني نهشل فاستعدوا زيادا عليه قدم المدينة واستجار بسعيد بن العاص فأجاره وكان الحطيئة وكعب بن جعيل عند سعيد لما دخل الفرزدق عليه فأنشده الفرزدق: [الوافر]

(ترى الغر الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان غالا)

 (بني عم النبي ورهط عمرو ... وعثمان الألى غلبوا فعالا)

 (قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا)

 فقال الحطيئة: هذا والله الشعر أيها الأمير لا ما تعلل به منذ اليوم فقال كعب بن جعيل: فضّله على نفسك ولا تفضله على غيرك. فقال: بلى والله أفضله على نفسي وعلى غيري أدركت من قبلك وسبقت من بعدك ثم قال له الحطيئة: يا غلام لئن بقيت لتبرزن علينا وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى كان الشعراء في الجاهلية من قيس وليس في الإسلام مثل حظ تميم في الشعر وأشعر تميم جرير والفرزدق والأخطل وكان المفضل الضبي يفضل الفرزدق قيل له الفرزدق أشعر أم جرير قال الفرزدق فقيل له ولم قال لأنه قال بيتا هجا فيه قبيلتين فقال: [الطويل]

 (عجبت لعجل إذ تهاجى عبيدها ... كما آل يربوع هجوا آل دارم)

 فقليل له قد قال جرير: [الكامل]

 (إن الفرزدق والبعيث وأمه ... وأبا البعيث لشر ما إستار)

 فقال: وأي شيء أهون من أن يقول إنسان فلان وفلان وفلان والناس كلهم بنو الفاعلة.

وحدث أبو حاتم السجستاني عن أبي عبيدة قال: سمعت يونس يقول لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب وقال آخر الفرزدق مقدم على الشعراء الإسلاميين هو وجرير والأخطل ومحله في الشعر أكبر من أن ينبه عليه بقول أو يدل على مكانه بوصف لأن الخاص والعام يعرفانه بالاسم ويعلمان تقدمه بالخبر الشائع علما يستغنى به عن الإطالة في الوصف وقد تكلم الناس في هذا قديما وحديثا وتعصبوا واحتجوا بما لا مزيد فيه وبعد إجماعهم على تقديم هؤلاء الثلاثة اختلفوا في أيهم أحق بالتقديم على الآخرين فأما قدماء أهل العلم والرواة فلم يسووا بينهما وبين الأخطل لأنه لم يلحق شأوهما في الشعر ولا له مثل ما لهما من فنونه ولا تصرف كتصرفهما في سائره وقالوا إن ربيعة أفرطت في الأخطل حين ألحقته بهما وهم في الفرزدق وجرير قسمان فمن كان يميل إلى جزالة الشعر وفخامته وشدة أسره فيقدم الفرزدق ومن كان يميل إلى الشعر المطبوع وإلى الكلام السمح السهل الغزل فيقدم جريرا وقال ابن سلام كان الفرزدق أكثرهم بيتا مقلدا والمقلد البيت المستغني بنفسه المشهور الذي يضرب به المثل فمن ذلك قوله: [الطويل]

 (فيا عجبا حتى كليب تسبني ... كأن أباها نهشل ومجاشع)

 وقوله: [الكامل]

 (ليس الكرام بما نحيك أباهم ... حتى ترد إلى عطية تعتل)

 

 وقوله: [الطويل]

 (وكنا إذا الجبار صعر خده ... ضربناه حتى تستقيم الأخادع)

 وقوله: [الطويل]

 (وكنت كذئب السوء لما رأى دما ... بصاحبه يوما أحال على الدم)

 وقوله: [الطويل]

 (وإن تنج مني تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا إخالك ناجيا)

 وقوله: [الطويل]

 (ترى كل مظلوم إلينا فراره ... ويهرب منا جهده كل ظالم)

 وقوله: [الكامل]

 (أحلامنا تزن الجبال رزانة ... وتخالنا جنا إذا ما نجهل)

 ومقلداته في شعره كثيرة وفيما أوردناه منها كفاية وبشهرته غنى عن إيراد طرف من شعره.

 قال أبو اليقظان: أسن الفرزدق حتى قارب المائة فأصابته الدبيلة وهو بالبادية فقدم به إلى البصرة وأتي برجل متطبب من بني قيس فأشار بأن يكوى ويسقى النفط الأبيض فقال أتعجلون لي طعام أهل النار في الدنيا وجعل يقول: [الوافر]

(أروني من يقوم لكم مقامي ... إذا ما الأمر جل عن الخطاب)

 ومات في مرضه ذلك سنة عشر ومائة ومات جرير بعده بستة أشهر ومات في هذه السنة الحسن البصري وابن سيرين فقالت امرأة من أهل البصرة كيف يفلح بلد مات فقيهاه وشاعراه في سنة ولما نعي إلى جرير بكى ثم أنشأ يقول: [الطويل]

 (فجعنا بحمال الديات ابن غالب ... وحامي تميم كلها والبراجم)

 (بكيناك حدثان الفراق وإنما ... بكيناك شجوا للأمور العظائم)

 (فلا حملت بعد ابن ليلى مهيرة ... ولا شد أنساع المطي الرواسم)

 ورثاه أبو ليلى المجاشعي بأبيات منها: [الطويل]

 (لعمري لقد أشجى تميما وهدها ... على نكبات الدهر موت الفرزدق)

 (لقد غيبوا في اللحد من كان ينتمي ... إلى كل بدر في السماء محلق)

 (لتبك النساء المعولات ابن غالب ... لجان وعان في السلاسل موثق) 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.