المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



حكومة يزيد ونهضة الإمام الحسين ( عليه السّلام )  
  
2305   05:59 مساءً   التاريخ: 14-7-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 5، ص126- 134
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

بدايات النهضة :

ذكرنا أنّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وبالرغم من معارضته الشديدة لحكم معاوية بن أبي سفيان - والتي نقلنا صورا عديدة منها - رفض التحرّك لخلع معاوية ؛ التزاما منه بالعهد الذي وقّعه أخوه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) مع معاوية .

وقد سجّل المؤرّخون هذا الموقف المبدئي للإمام الحسين ( عليه السّلام ) فقالوا :

لمّا مات الحسن ( عليه السّلام ) تحرّكت الشيعة بالعراق ، وكتبوا إلى الحسين ( عليه السّلام ) في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم ، وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهدا وعقدا لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدّة ، فإذا مات معاوية نظر في ذلك[1].

من هنا كان معلوما لشيعته وللجهاز الحاكم أيضا أنّ موت معاوية يعني بالنسبة للإمام الحسين ( عليه السّلام ) أنه في حلّ من أيّ التزام ، ومن ثم فإنّه سيطلق ثورته على نظام الحكم الغاشم الذي استلمه يزيد الفاسق ، لذلك كان الإمام الحسين ( عليه السّلام ) يمثّل الهاجس الأكبر للطغمة الحاكمة .

رسالة يزيد إلى حاكم المدينة :

قال المؤرّخون : إنّ يزيد كتب فور موت أبيه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - وكان واليا على المدينة من قبل معاوية - أن يأخذ على الحسين ( عليه السّلام ) بالبيعة له ولا يرخّص له في التأخّر عن ذلك[2]. وذكرت مصادر تأريخية أخرى أنّه جاء في الرسالة : إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن عليّ وعبد اللّه بن الزبير فخذهما بالبيعة ، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما وخذ الناس بالبيعة ، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم[3].

الوليد يستشير مروان بن الحكم :

حار الوليد في أمره ، إذ يعرف أنّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) لا يبايع ليزيد مهما كانت النتائج ، فرأى أنّه في حاجة لي مشورة مروان بن الحكم عميد الأسرة الأموية فبعث إليه ، فأشار مروان على الوليد قائلا له : ابعث إليهم[4] في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد ، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم ، وإن أبوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية ؛ فإنّهم إن علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه ، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به ، إلّا عبد اللّه بن عمر فإنّه لا ينازع في هذا الأمر أحدا ، مع أنّني أعلم أنّ الحسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد ، ولا يرى له عليه طاعة . وو اللّه لو كنت في موضعك لم أراجع الحسين بكلمة واحدة حتى أضرب رقبته كائنا في ذلك ما كان[5].

وعظم ذلك على الوليد وهو أكثر بني اميّة حنكة ، فقال لمروان : يا ليت الوليد لم يولد ولم يك شيئا مذكورا[6].

فسخر منه مروان وراح يندّد به قائلا : لا تجزع ممّا قلت لك ؛ فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء من قديم الدهر[7] ، ونهره الوليد فقال له : ويحك يا مروان إعزب عن كلامك هذا ، وأحسن القول في ابن فاطمة فإنّه بقية النبوة[8].

واتّفق رأيهما على استدعاء الإمام ( عليه السّلام ) وعرض الأمر عليه لمعرفة موقفه من السلطة .

الإمام ( عليه السّلام ) في مجلس الوليد :

أرسل الوليد إلى الحسين ( عليه السّلام ) يدعوه إليه ليلا ، فجاءه الرسول وهو في المسجد ، ولم يكن قد شاع موت معاوية بين الناس ، وجال في خاطر الحسين ( عليه السّلام ) أنّ الوليد قد استدعاه ليخبره بذلك ويأخذ منه البيعة إلى الحاكم الجديد بناء على الأوامر التي جاءته من الشام ، فاستدعى الحسين مواليه وإخوته وبني عمومته وأخبرهم بأنّ الوالي قد استدعاه اليه وأضاف : إنّي لا آمن أن يكلّفني بأمر لا أجيبه عليه[9].

وقال الإمام ( عليه السّلام ) لمواليه بعد أن أمرهم بحمل السلاح : « كونوا معي فإذا دخلت اليه فأجلسوا على الباب فإن سمعتم صوتي قد علا فأدخلوا عليه »[10].

ودخل الإمام ( عليه السّلام ) على الوليد فرأى مروان عنده وكانت بينهما قطيعة ، فقال ( عليه السّلام ) : « الصلة خير من القطيعة ، والصلح خير من الفساد ، وقد آن لكما أن تجتمعا ، أصلح اللّه ذات بينكما »[11] ثم نعى اليه الوليد معاوية ، فاسترجع الإمام الحسين ( عليه السّلام ) ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من أخذ البيعة منه له ، فقال الحسين ( عليه السّلام ) :

« إنّي لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرّا حتى أبايعه جهرا » .

فقال الوليد : أجل ، فقال الحسين ( عليه السّلام ) : « فتصبح وترى رأيك في ذلك » ، فقال له الوليد : انصرف على اسم اللّه تعالى حتى تأتينا مع جماعة الناس ، فقال له مروان : واللّه لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه ، إحبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه . فوثب الحسين ( عليه السّلام ) عند ذلك وقال : « أنت يا ابن الزرقاء تقتلني أم هو ؟ ! كذبت واللّه وأثمت » . وخرج يمشي ومعه مواليه حتى أتى منزله .

فقال مروان للوليد : عصيتني . لا واللّه لا يمكّنك مثلها من نفسه أبدا .

فقال له الوليد : ويح غيرك يا مروان ! إنّك اخترت لي التي فيها هلاك ديني . واللّه ما أحب أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وإنّي قتلت حسينا . سبحان اللّه ! أقتل حسينا لمّا أن قال : لا أبايع ؟ واللّه إنّي لأظنّ امرءا يحاسب بدم الحسين خفيف الميزان عند اللّه يوم القيامة[12].

وثمّة روايات أفادت بأنّ النقاش قد احتدم بين الإمام ( عليه السّلام ) وبين مروان ، حتى أعلن ( عليه السّلام ) رأيه لمروان بصراحة قائلا : « إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة ، بنا فتح اللّه وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله ، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة »[13].

الإمام ( عليه السّلام ) مع مروان :

والتقى الإمام الحسين ( عليه السّلام ) في أثناء الطريق بمروان بن الحكم في صبيحة تلك الليلة التي أعلن فيها رفضه لبيعة يزيد ، فبادره مروان قائلا : إنّي ناصح فأطعني ترشد وتسدّد . فقال الإمام ( عليه السّلام ) : « وما ذاك يا مروان ؟ » .

قال مروان : إنّي آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد فإنّه خير لك في دينك ودنياك . فردّ عليه الإمام ( عليه السّلام ) ببليغ منطقه قائلا : « على الإسلام السلام إذ قد بليت الامّة براع مثل يزيد . . . سمعت جدّي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يقول : الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء وأبناء الطلقاء فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه ، فواللّه لقد رآه أهل المدينة على منبر جدّي فلم يفعلوا ما أمروا به »[14].

حركة الإمام ( عليه السّلام ) في الليلة الثانية :

ذكر المؤرّخون أنّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) أقام في منزله تلك الليلة وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين من الهجرة ، واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه عليهم ، وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجّها إلى مكة ، فلمّا أصبح الوليد سرح في أثره الرجال فبعث راكبا من موالي بني اميّة في ثمانين راكبا ، فطلبوه ولم يدركوه فرجعوا ، فلمّا كان آخر نهار يوم السبت بعث الرجال إلى الحسين ( عليه السّلام ) ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية ، فقال لهم الحسين ( عليه السّلام ) : أصبحوا ثم ترون ونرى .

فكفّوا تلك الليلة عنه ولم يلحّوا عليه .

فخرج ( عليه السّلام ) من تحت ليلته وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجّها نحو مكة ومعه بنوه وبنو أخيه وإخوته وجلّ أهل بيته إلّا محمد بن الحنفية - رحمة اللّه عليه - فإنّه لمّا علم عزمه على الخروج عن المدينة لم يدر أين يتوجّه ، فقال له : يا أخي أنت أحبّ الناس اليّ وأعزّهم عليّ ولست أدّخر النصيحة لأحد من الخلق إلّا لك وأنت أحقّ بها ، تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك فإن بايعك الناس وبايعوا لك حمدت اللّه على ذلك ، وإن اجتمع الناس على غيرك لم ينقص اللّه بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروّتك ولا فضلك ، إنّي أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم ، فمنهم طائفة معك وأخرى عليك ، فيقتتلوا فتكون لأوّل الأسنّة غرضا ، فإذا خير هذه الامّة كلّها نفسا وأبا وامّا ، أضيعها دما وأذلّها أهلا .

فقال له الحسين ( عليه السّلام ) : فأين أذهب يا أخي ؟ قال : انزل مكة فإن اطمأنت بك الدار بها فسبيل ذلك ، وإن ( نبت بك )[15] لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنظر إلى ما يصير أمر الناس إليه ؛ فإنّك أصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الأمر استقبالا .

فقال الإمام ( عليه السّلام ) : « يا أخي ، قد نصحت وأشفقت وأرجو أن يكون رأيك سديدا موفّقا »[16]. فسار الحسين ( عليه السّلام ) إلى مكة وهو يقرأ فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[17].

وصايا الإمام الحسين ( عليه السّلام ) :

لقد كتب الإمام ( عليه السّلام ) قبل خروجه من المدينة عدّة وصايا ، منها : وصية لأخيه هذا نصّها : « هذا ما أوصى به الحسين بن عليّ إلي أخيه محمد بن الحنفية ، أنّ الحسين يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له ، وأنّ محمدا عبده ورسوله جاء بالحق من عنده ، وأنّ الجنة حق والنار حق ، والساعة آتية لا ريب فيها ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور ، وإنّي لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في امّة جدّي ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحقّ فاللّه أولى بالحقّ ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي اللّه بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين »[18].

ومنها : وصيّته لام المؤمنين أم سلمة حيث أوصاها بما يرتبط بإمامة الإمام من بعده . روي أنّه لمّا عزم على الخروج من المدينة أتته أم سلمة ( رضي اللّه عنها ) فقالت : يا بني لا تحزنّي بخروجك إلى العراق ، فإنّي سمعت جدّك يقول : يقتل ولدي الحسين ( عليه السّلام ) بأرض العراق في أرض يقال لها : كربلا . فقال لها : « يا أماه وأنا واللّه أعلم ذلك ، وأنّي مقتول لا محالة ، وليس لي من هذا بدّ ، وإنّي واللّه لأعرف اليوم الذي اقتل فيه ، وأعرف من يقتلني ، وأعرف البقعة التي ادفن فيها ، وإنّي أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي ، وإن أردت يا امّاه أريك حفرتي ومضجعي » .

ثم أشار إلى جهة كربلاء ، فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده ، فعند ذلك بكت أم سلمة بكاء شديدا وسلّمت أمره إلى اللّه .

فقال لها : « يا امّاه قد شاء اللّه عزّ وجلّ أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما وعدوانا ، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشرّدين ، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيّدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصرا ولا معينا » .

وفي رواية أخرى : قالت امّ سلمة : وعندي تربة دفعها اليّ جدّك في قارورة ، فقال : « واللّه إنّي مقتول كذلك ، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضا » ثم أخذ تربة فجعلها في قارورة وأعطاها إيّاها ، وقال : « اجعليها مع قارورة جدّي فإذا فاضتا دما فاعلمي أنّي قد قتلت »[19].

وروى الطوسي عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى عن ربعي بن عبد اللّه عن الفضيل بن يسار قال : قال أبو جعفر ( عليه السّلام ) : « لمّا توجه الحسين ( عليه السّلام ) إلى العراق ودفع إلى امّ سلمة زوجة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) الوصية والكتب وغير ذلك قال لها : « إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي اليه ما قد دفعت إليك » ، فلمّا قتل الحسين ( عليه السّلام ) أتى عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) أم سلمة فدفعت اليه كلّ شيء أعطاها الحسين ( عليه السّلام ) »[20].

وروى عليّ بن يونس العاملي في كتاب الصراط المستقيم النصّ على عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) في حديث ثم قال : وكتب الحسين ( عليه السّلام ) وصيّته وأودعها امّ سلمة وجعل طلبها منها علامة على إمامة الطالب لها من الأنام فطلبها الإمام زين العابدين ( عليه السّلام )[21].

توجّه الإمام إلى مكة :

قال المؤرّخون : إن الإمام الحسين ( عليه السّلام ) عندما توجّه إلى مكة لزم الطريق الأعظم ، فقال له أهل بيته : لو تنكبت الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير كي لا يلحقك الطلب ، فقال : لا واللّه لا أفارقه حتى يقضي اللّه ما هو قاض[22] . ولمّا دخل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) مكة كان دخوله إيّاها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقرأ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ[23].

ثم نزلها فأقبل أهلها يختلفون اليه ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق ، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة وهو قائم يصلّي عندها ويطوف ، ويأتي الحسين ( عليه السّلام ) فيمن يأتيه ، فيأتيه اليومين المتواليين ويأتيه بين كلّ يومين مرة ، وهو أثقل خلق اللّه على ابن الزبير ، قد عرف أنّ أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسين ( عليه السّلام ) في البلد وأنّ الحسين ( عليه السّلام ) أطوع في الناس منه وأجلّ[24].

 

[1] الإرشاد : 2 / 32 .

[2] المصدر السابق .

[3] تأريخ اليعقوبي : 2 / 215 .

[4] المقصود هنا الإمام الحسين ( عليه السّلام ) وعبد اللّه بن الزبير وعبد اللّه بن عمر ، باعتبار أنّ بعض المصادر التأريخية أفادت بأنّ رسالة يزيد تضمّنت أسماءهم جميعا مثل تأريخ الطبري : 6 / 84.

[5] حياة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) : 2 / 25 .

[6] المصدر السابق : 2 / 251 .

[7] حياة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) 2 / 251 .

[8] المصدر السابق .

[9] إعلام الورى : 1 / 434 ، وروضة الواعظين : 171 ، ومقتل أبي مخنف : 27 ، وتذكرة الخواص : 213 .

[10] الإرشاد : 2 / 33 .

[11] حياة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) : 2 / 254

[12] الإرشاد : 2 / 33 - 34 .

[13] مقتل الحسين للمقرّم : 144 ، وإعلام الورى : 1 / 435 .

[14] الفتوح لابن أعثم : 5 / 17 ، ومقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 184 .

[15] أي لم تجد بها قرارا ولم تطمئن عليها . انظر لسان العرب : 15 / 302 مادة نبأ.

[16] الإرشاد : 2 / 35 .

[17] القصص ( 28 ) : 21 .

[18] مقتل الحسين للمقرّم : 156 .

[19] بحار الأنوار : 44 / 331 ، والعوالم : 17 / 180 ، وينابيع المودة : 405 . . . إلى قوله : بكت امّ سلمة بكاء شديدا .

[20] الغيبة للطوسي : 118 حديث 148 ، واثبات الهداة : 5 / 214 .

[21] إثبات الهداة : 5 / 216 حديث 8 .

[22] الفتوح : 5 / 24 ، وينابيع المودّة : 402 الإرشاد للمفيد : 2 / 35 .

[23]  القصص ( 28 ) : 22 .

[24] الإرشاد : 2 / 36 ، وبحار الأنوار : 44 / 332 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.