أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-7-2022
2206
التاريخ: 7-5-2019
3423
التاريخ: 2024-08-17
241
التاريخ: 19-5-2019
2895
|
- الإمام أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ بن أبي طالب ( عليهما السّلام ) الشهيد بكربلاء ، ثالث أئمّة أهل البيت بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وسيّد شباب أهل الجنة بإجماع المحدّثين ، وأحد اثنين نسلت منهما ذرية الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وأحد الأربعة الذين باهل بهم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) نصارى نجران ، ومن أصحاب الكساء الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، ومن القربى الذين أمر اللّه بمودّتهم ، وأحد الثقلين اللذين من تمسّك بهما نجا ومن تخلّف عنهما ضلّ وغوى .
- نشأ الحسين مع أخيه الحسن ( عليهما السّلام ) في أحضان طاهرة وحجور طيّبة ومباركة امّا وأبا وجدّا ، فتغذى من صافي معين جدّه المصطفى ( صلّى اللّه عليه واله ) وعظيم خلقه ووابل عطفه ، وحظي بوافر حنانه ورعايته حتى أنّه ورّثه أدبه وهديه وسؤدده وشجاعته ، ممّا أهّله للإمامة الكبرى التي كانت تنتظره بعد إمامة أبيه المرتضى وأخيه المجتبى ( عليهم السّلام ) وقد صرّح بإمامته للمسلمين في أكثر من موقف بقوله ( صلّى اللّه عليه واله ) : « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا » ، « اللّهمّ إنّي احبّهما فأحب من يحبّهما » .
- لقد التقى في هذا الإمام العظيم رافدا النبوّة والإمامة ، واجتمع فيه شرف الحسب والنسب ، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدّه وأبيه وامّه من طهر وصفاء ونبل وعطاء ، فكانت شخصيّته تذكّر الناس بهم جميعا ؛ فأحبّوه وعظّموه ، وكان إلى جانب ذلك كلّه مرجعهم الأوحد بعد أبيه وأخيه فيما كان يعترضهم من مشاكل الحياة وأمور الدين ، لا سيما بعد أن دخلت الامّة الإسلامية حياة حافلة بالمصاعب نتيجة سيطرة الحكم الأموي الجاهلي ، حتّى جعلتهم في مأزق جديد لم يجدوا له نظيرا من قبل ، فكان الحسين ( عليه السّلام ) هو الشخصية الإسلامية الرسالية الوحيدة التي استطاعت أن تخلّص امّة محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) خاصّة والإنسانية عامّة من براثن هذه الجاهلية الجديدة وأدرانها .
- لقد كان الحسين بن عليّ ( عليهما السّلام ) كأبيه المرتضى وأخيه المجتبى في جميع مراحل حياته ومواقفه العملية مثالا للإنسان الرسالي الكامل ، وتجسيدا حيّا للخلق النبويّ الرفيع في الصبر على الأذى في ذات اللّه ، والسماحة والجود والرحمة والشجاعة وإباء الضيم والعرفان والتعبّد والخشية للّه والتواضع للحقّ والثورة على الباطل ، ورمزا شامخا للبطولة والجهاد في سبيل اللّه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأسوة مثلي للإيثار والتضحية لإحياء المثل العليا التي اجتمعت في شريعة جدّه سيّد المرسلين ، حتّى قال عنه جدّه المصطفى ( صلّى اللّه عليه واله ) : « حسين منّي وأنا من حسين » معبّرا بذلك أبلغ التعبير عن سموّ هذه الشخصية العظيمة التي ولدها ( صلّى اللّه عليه واله ) وربّاها بيديه الكريمتين .
- بقي الحسين بن عليّ ( عليهما السّلام ) بعد جدّه في رعاية الصدّيقة الزهراء سيّدة النساء فاطمة ( عليها السّلام ) وفي كنف أبيه المرتضى سيّد الوصيّين وإمام المسلمين الذي عاش محنة الانحراف في قيادة الامّة المسلمة بعد وفاة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وقد حفّت بأبيه وامّه نكبات هذه المحنة والصراع مع الذين صادروا هذه الإمامة الكبرى بكل صلف ودون حجّة أو برهان . . . لقد عاش الحسين مع أخيه الحسن وأبيه عليّ وامّه الزهراء ( عليهم السّلام ) هذه المحنة وتجرّع مرارتها ، وهو لا يزال في سنّ الطفولة ، ولكنّه كان يعي جيّدا عمق المحنة وشدّة المصيبة .
- شبّ إلامام أبو عبد اللّه الحسين أيّام خلافة عمر ، وانصرف مع أبيه وأخيه عن السياسة والتصدي للحكم في ظاهر الأمر ، وأقبل على تثقيف الناس وتعليمهم معالم دينهم في خطّ الرسالة الصحيح ، والذي كان يتمثّل في سلوك والده عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ومواقفه المبدئية المشرّفة .
- وقف الإمام الحسين ( عليه السّلام ) إلى جانب أبيه ( عليه السّلام ) في عهد عثمان ، وهو في عنفوان شبابه يعمل مخلصا لأجل الإسلام ، ويشترك مع أبيه في وضع حدّ للفساد الذي أخذ يستشري في جسم الامّة والدولة معا في ظلّ حكم عثمان وبطانته ، ولم يتعدّ مواقف أبيه ( عليه السّلام ) طيلة هذه الفترة ؛ بل عمل كجندي مخلص للقيادة الشرعية التي أناطها رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بأبيه المرتضى ( عليه السّلام ) .
- وفي عهد الدولة العلوية المباركة وقف الحسين إلى جانب أبيه ( عليهما السّلام ) في جميع مواقفه وحروبه ، ولم يتوان عن قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، بينما كان أبوه حريصا على حياته وحياة أخيه الحسن ( عليه السّلام ) خشية انقطاع نسل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بموتهما ، وبقيا إلى جانب أبيهما حتى آخر لحظة ، وهما يعانيان من أهل العراق ما كان يعانيه أبو هما المرتضى ( عليه السّلام ) حتّى استشهد في بيت من بيوت اللّه ، وفاز بالشهادة وهو في محراب العبادة بمسجد الكوفة ، وفي أقدس لحظات حياته ، أعني لحظة العبادة والتوجه إلى ربّ الكعبة ، حيث خرّ صريعا وهو يقول : « فزت وربّ الكعبة » .
- ثمّ وقف إلى جانب أخيه الحسن المجتبى ( عليهما السّلام ) بعد أن بايعه بالخلافة كما بايعه عامّة المسلمين في الكوفة من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ، ولم يتعدّ مواقف أخيه الذي نصّ على إمامته كلّ من جدّه وأبيه ( عليهما السّلام ) بالرغم من كلّ المغريات التي كان يستعملها معاوية لإسقاط الإمام الحسن ( عليه السّلام ) وتفتيت قواه والقضاء على حكومته المشروعة .
- لقد كان الحسين ( عليه السّلام ) يعي مواقف أخيه الحسن ( عليه السّلام ) بشكل تامّ والنتائج المترتّبة على تلك المواقف ، لأنّه كان يدرك حراجة الظرف الذي كان يكتنف الامّة الإسلامية آنذاك وبعد استشهاد الإمام عليّ ( عليه السّلام ) بشكل خاص ، حيث انطلت ألا عيب معاوية وشعاراته الزائفة على جماعة كبيرة من السذّج والبسطاء ، ممّن كانوا يشكّلون القاعدة العظمى في مجتمع الكوفة ومركز الخلافة الإسلامية ، فأصبحوا يشكّون ويشكّكون في حقّانية خطّ الإمام عليّ ابن أبي طالب ( عليه السّلام ) بعد ذلك التضليل الإعلامي الذي قام به معاوية وبطانته وعمّاله في صفوف الجيش المساند للإمام ( عليه السّلام ) ، ولم يستطع الإمام الحسن ( عليه السّلام ) بكلّ ما أوتي من حنكة سياسية وشجاعة أدبية ورصانة منطقية أن يقنع تلك القاعدة الشعبية ، ويوقفها على زيف الشعارات الأموية في عدم صحّة الخضوع لشعار السلم الذي كان قد تسلّح به معاوية لنيل الخلافة بأبخس الأثمان ، ممّا اضطرّ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) للإقدام على الصلح من موقع القوة بعد أن نفّذ جميع الخطط السياسية الممكنة ، وبعد أن سلك جميع الطرق المعقولة التي ينبغي للقائد المحنّك أن يسلكها في تلك الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية التي كان يعيشها الإمام الحسن ( عليه السّلام ) وشيعته ، فتنازل عن الخلافة ، إلا أنه لم يوقّع على شرعيّة حاكميّة معاوية بالإضافة إلى أنّه قد اشترط شروطا موضوعية تفضح واقع معاوية والحكم الأموي على المدى القريب أو البعيد .
- وهكذا أفلح الإمام الحسن ( عليه السّلام ) بعد أن اختار الطريق الصعب ، وتحمّل ما تحمّل من الأذى والمكروه من أقرب أفراد شيعته فضلا عن أعدائه ، حيث استطاع أن يكشف حقيقة الحكم الأموي الجاهلي الذي ارتدى لباس الإسلام ورفع شعار الصلح والسلم ، ليقضي على الإسلام باسم الإسلام وبمن ينتسب إلى قريش قبيلة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد أن خطّط بشكل حاذق خطّة يتناسى المسلمون بسببها أنّ آل أبي سفيان الذين يتربّعون اليوم على كرسي الحكم الإسلامي ، ويحكمون المسلمين باسم الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وخلافته هم الذين حاربوا الإسلام بالأمس القريب .
- وبهذا هيّأ الإمام الحسن ( عليه السّلام ) - بتوقيعه على وثيقة الصلح - الأرضية اللازمة للثورة على الحكم الامويّ الجاهليّ الذي ظهر بمظهر الإسلام من جديد ، وذلك بعد أن أخلف معاوية كلّ الشروط التي اشترطها عليه الإمام الحسن ( عليه السّلام ) بما فيها عدم تعيين أحد للخلافة من بعده ، وعدم التعرّض لشيعة عليّ وللإمام الحسن والحسين ( عليهما السّلام ) بمكروه .
ولم يستطع معاوية أن يتمالك نفسه أمام هذه الشروط حتى سوّلت له نفسه أن يدسّ السمّ الفاتك إلى الإمام الحسن ( عليه السّلام ) ليستطيع توريث الخلافة لابنه الفاسق يزيد . . . ولكنّه لم يع نتائج هذا التنكّر للشروط ولنتائج هذه المؤامرة القذرة . . . وقد أيقن المسلمون - بعد مرور عقدين من الحكم الأموي - بشراسة هذا الحكم وجاهليّته ، ممّا جعل القواعد الشعبية الشيعية تستعدّ لخوض معركة جديدة ضدّ النظام الحاكم ، وبذلك تهيّأت الظروف الملائمة للثورة ، واكتملت الشروط اللازمة بموت معاوية ومجيء يزيد الفاسق شارب الخمور والمستهتر بأحكام الدين إلى سدّة الحكم ، والإقدام على أخذ البيعة من وجوه الصحابة وعامّة التابعين ، والإصرار على أخذها من مثل أبيّ الضيم أبي عبد اللّه الحسين ( عليه السّلام ) سيّد أهل الإباء وإمام المسلمين .
- لقد حكم معاوية بن أبي سفيان ما يقارب عشرين سنة متّبعا سياسة التجويع والإرهاب والخداع والتزوير ، ممّا أدّى إلى انكشاف حقيقته للامّة من جهة ، في حين أنّها كانت قد ابتليت بداء موت الضمير وداء فقدان الإرادة من جهة أخرى ، وهكذا استيقظت الامّة من سباتها وزال شكّها بحقّانية خطّ أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، بعد أن ارتفع جهلها بحقيقة الأمويين ، ولكنّها لم تقو على مقارعة الظلم والظالمين ، وأصبحت كما قال الفرزدق للإمام الحسين ( عليه السّلام ) حين كان متوجّها إلى العراق ومستجيبا لدعوة الكوفيين : قلوبهم معك وسيوفهم عليك .
ومن هنا تأكّد الموقف الشرعي للإمام الحسين ( عليه السّلام ) بعد أن توفّرت كلّ الظروف اللازمة للقيام في وجه الامويّين الجاهليّين ، بينما لم تكن النهضة مفيدة للامّة في حالة الابتلاء بمرض الشكّ والترديد التي كانت تعاني منه في عصر الإمام الحسن السبط ( عليه السّلام ) . لقد تمّت الحجّة على الإمام الحسين بن عليّ ( عليهما السّلام ) حينما راسله أهل العراق وطلبوا منه التوجّه نحوهم ، بعد أن أخرجوا عامل بني أمية من الكوفة وتمرّدوا على الأمويين حيث كان هذا أحد مظاهر رجوع الوعي إلى عامّة شيعة أهل البيت ( عليهم السّلام ) .
فاستجاب الإمام الحسين ( عليه السّلام ) لطلبهم ، وتحرّك نحوهم بالرغم من علمه بعدم ثباتهم وضعف إرادتهم أمام إغراءات الحاكمين واضطهادهم وإرهابهم ، وذلك لأنّه كان لا بد له من معالجة هذا المرض الجديد الذي يؤدّي باستشرائه إلى ضياع معالم الرسالة وفسح المجال لتحويل الخلافة إلى كسرويّة وقيصريّة ، وإعطاء المشروعية لمثل حكم يزيد وأضرابه من الجاهليّين الذين تستّروا بستار الشريعة الإسلامية لضرب الشريعة وتمزيقها .
- وبعد أن استجمعت ثورة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) كلّ الشروط اللازمة لنجاحها وبلوغ أهدافها[1]؛ نهض مستنفرا كلّ طاقاته وقدراته التي كان قد أعدّها وهيّأها في ذلك الظرف التأريخي في صنع ملحمته الخالدة ، فحرّك ضمير الامّة ، وأعادها لتسلك مسيرة رسالتها ، وبعث شخصيّتها العقائدية من جديد ، وسلب المشروعية من الحكام الطغاة ، ومزّق كلّ الأقنعة الخدّاعة التي كانوا قد تستّروا بها ، وأوضح الموقف الشرعي للامّة على مدى الأجيال . ولم يستطع الطغاة أن يشوّهوا معالم نهضته ، كما لم يستطيعوا أن يقفوا بوجه المدّ الثوري الذي أحدثه على مدى العصور ، ذلك المدّ الذي أطاح بحكم بني اميّة وبني العباس ومن حذا حذوهم ، فكانت ثورته مصدر إشعاع رسالي لكل الأمم ، كما كانت القيم الرساليّة التي طرحها وأكّد عليها محفّزا ومعيارا لتقييم كل الحكومات والأنظمة السياسية الحاكمة ، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا .
[1] راجع الشروط الضرورية الخمسة للنجاح والتي توفّرت في ثورة الحسين ( عليه السّلام ) في كتاب ( ثورة الحسين . النظرية - الموقف - النتائج ) السيّد محمد باقر الحكيم الطبعة الأولى ، منشورات مؤسّسة الإمام الحسين ( عليه السّلام ) : 62 - 92 ، وراجع مجلّة الفكر الإسلامي العدد ( 17 ) مقال الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر حول الثورة الحسينية تحت عنوان ( التخطيط الحسيني لتغيير أخلاقية الهزيمة ) .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|