أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-4-2018
895
التاريخ: 9-08-2015
862
التاريخ: 9-08-2015
739
التاريخ: 22-12-2018
1867
|
ﺃﺟﻤﻌﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﻓﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﻳﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﺿﺮﺍﺭ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﻓﻴﻪ ﻻ ﻳﻌﺘﺪ ﺑﻪ ﻷﻧﻪ ﺳﺒﻘﻪ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻭﺗﺄﺧﺮ ﻋﻨﻪ ﻭﺇﻥ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ:
ﻓﻘﺎﻝ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻧﻪ ﺣﻴﻦ ﺍﻟﺪﻓﻦ، ﻭﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ. ﻭﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺠﻤﻠﺔ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: 11] ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ. ﻭﺃﻧﻜﺮ ﻗﻮﻡ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ ﻫﻮ ﻣﺤﺎﻝ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﻮ ﻗﺒﻴﺢ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻤﺎ ﻳﺒﻄﻞ ﺑﺤﺼﻮﻝ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺗﻪ ﻭﺃﻧﻪ ﻭﺍﻗﻊ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺟﻮﺍﺯﻩ ﻭﺣﺴﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻓﺎﻟﻤﻴﺖ ﺇﺫﺍ ﺃﻋﻴﺪ ﺣﻴﺎ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻗﺐ، ﻓﻼ ﻭﺟﻪ ﻹﺣﺎﻟﺘﻪ. ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﺣﺎﻟﻪ ﺭﺑﻤﺎ ﻇﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻭﻫﻮ ﻣﻴﺖ، ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﺣﺪ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺿﻴﻖ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻮﺳﻌﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜﻦ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻮﻟﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻓﻼ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺳﻌﺔ ﻣﻮﺿﻊ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺑﻌﻀﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﻠﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻓﻴﻘﺪﻡ ﻣﻨﻪ ﺑﻌﻀﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺎﻟﺤﺪﻭﺩ ﻭﺑﻌﻀﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﻻ ﺣﺎﻝ ﻳﻨﺒﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺇﻻ ﻭﻳﻮﺟﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻟﻴﺲ ﻟﻌﺬﺍﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻗﺖ ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻪ ﺫﻟﻚ، ﻭﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﻫﻮ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﺪﻓﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻌﻘﻞ ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﻧﺎ ﻧﺒﺶ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﻴﻞ: ﻟﻮ ﻋﻮﻗﺐ ﻟﻮﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺎﻗﻼ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺴﻤﻊ ﻛﻼﻣﻪ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻪ ، ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺇﻣﺎ ﺑﺄﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﻗﺪﺭﺓ ﺃﺻﻼ ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻤﻨﻮﻋﺎ ﻣﻨﻪ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻠﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺎﺯﻻﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺳﻤﻴﺎ ﻣﻨﻜﺮﺍ ﻭﻧﻜﻴﺮﺍ ﺍﺷﺘﻘﺎﻗﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻨﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺐ ﻟﻔﻌﻠﻬﻤﺎ ﺃﻭ ﻧﻔﻮﺭﻩ ﻋﻨﻬﻤﺎ ، ﻭﻟﻴﺲ ﺑﻤﺸﺘﻖ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻜﺎﺭ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ - ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﺄﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻷﻧﻪ ﻋﺎﻟﻢ ﻟﻨﻔﺴﻪ - ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﻤﻪ ﻏﺮﺽ، ﻷﻥ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﻓﻴﺴﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻳﻜﺜﺮ ﺑﺬﻟﻚ ﻧﻔﻌﻬﻢ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻪ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﺍ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ. ﻭﺍﻻﺟﻤﺎﻉ ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﻪ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻭﻧﺸﺮ ﺍﻟﺼﺤﻒ ﻣﺠﻤﻊ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺷﺎﻫﺪ ﺑﻪ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻬﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﺳﻬﻠﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﺻﻌﺒﺔ، ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺒﻜﻴﺖ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ.
ﻭﺃﻣﺎ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻓﻘﺎﻝ ﻗﻮﻡ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺘﻰ ﻳﺸﻬﺪ، ﻭﻗﻴﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﺃﺿﺎﻓﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭﺡ ﻣﺠﺎﺯﺍ، ﻭﻛﻼ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻣﺠﺎﺯ. ﻭﻗﻴﻞ ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺸﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻳﻘﺮﺑﻪ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ، ﻭﻗﻴﻞ ﺇﻧﻪ ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻪ ﺃﻣﺎﺭﺓ ﺗﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﻤﻄﻴﻊ. ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺟﺎﺋﺰ.
ﻓﺄﻣﺎ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻓﻘﺎﻝ ﻗﻮﻡ ﺇﻧﻪ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺴﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﻼﻡ ﻓﻼﻥ ﻣﻮﺯﻭﻥ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻣﻮﺯﻭﻧﺔ. ﻭﻫﺬﺍ ﻭﺟﻪ ﺣﺴﻦ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻔﺼﺎﺣﺔ ﺍﻟﻜﻼﻡ. ﻭﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ: ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﻭﺍﻟﻜﻔﺘﻴﻦ ، ﻭﺇﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﻭﺯﻧﻬﺎ ﻭﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻳﺼﺢ ﻭﺯﻧﻬﺎ. ﻭﻗﻴﻞ: ﺇﻧﻪ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻜﻔﺘﻴﻦ ﻭﺍﻟﻈﻠﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ ﺇﻧﻪ ﻃﺮﻳﻖ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﺇﻧﻪ ﻳﻤﻬﺪ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻳﺘﺴﻬﻞ ﻟﻬﻢ ﺳﻠﻮﻛﻪ ﻭﻳﻀﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻳﺸﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺳﻠﻮﻛﻪ. ﻭﻗﺎﻝ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﺠﺞ ﻭﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻗﺔ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺎﺭ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰﺓ ﺑﻴﻨﻬﻢ. ﻓﺄﻣﺎ ﺃﻫﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻓﺎﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻋﻦ ﺟﻤﻴﻌﻬﻢ ﺯﺍﺋﻞ ﻣﺜﺎﺑﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻭ ﻣﻌﺎﻗﺒﻴﻦ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻜﻠﻔﻴﻦ ﻟﺠﺎﺯ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ ﻓﻴﺴﻘﻂ ﻋﻘﺎﺑﻬﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻹﺟﻤﺎﻉ. ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺛﻮﺍﺏ ﺃﻭ ﻋﻘﺎﺏ ﻹﺟﻤﺎﻋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺪﺍﺭ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ، ﻭﻷﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﺻﺎﻓﻴﺎ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺸﻮﺏ ﻭﺍﻟﻜﺪﺭ، ﻭﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻗﻮﻟﻪ {كُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: 60] ﺻﻮﺭﺗﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻹﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﺤﻀﺔ. ﻭﻗﺎﻝ ﻗﻮﻡ: ﺇﻧﻪ ﺃﻣﺮ ﻻ ﻳﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﺳﺮﻭﺭﻫﻢ ﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺫﻟﻚ، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻔﻮﻥ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻴﺲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻣﺸﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ.
ﻭﺃﻣﺎ ﺷﻜﺮﻫﻢ ﻟﻨﻌﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻤﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻓﻬﻢ ﻣﻀﻄﺮﻭﻥ ﺇﻟﻴﻪ، ﻷﻥ ﻣﻌﺎﺭﻓﻬﻢ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻓﻬﻲ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ، ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺴﺎﻥ ﻓﻴﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻴﻪ ﺳﺮﻭﺭ، ﻭﻣﻌﺎﺭﻑ ﺃﻫﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺿﺮﻭﺭﺓ، ﻭﻫﻢ ﻣﻠﺠﺄﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﻭﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺜﺎﺏ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻭﺍﺻﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ، ﻭﻻ ﻳﺼﺢ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﻣﻊ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺣﻜﻤﺘﻪ، ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺑﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺤﻘﻪ. ﻭﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺐ ﻣﺜﻠﻪ ، ﻷﻥ ﻣﻦ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﺤﻘﻪ ﻣﻊ ﺍﻻﻋﻈﺎﻡ ﻭﺍﻻﻛﺮﺍﻡ ﻣﻦ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ [ﻷﻥ ﺍﻻﻋﻈﺎﻡ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ] ﻻ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻴﻪ، ﻭﺍﻻﻋﻈﺎﻡ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﺼﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺼﺪﻩ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ، ﻭﻭﺻﻮﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻻﺳﺘﺨﻔﺎﻑ ﻭﺍﻹﻫﺎﻧﺔ. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻤﺜﺎﺏ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻓﻌﻞ ﺑﻪ ﻳﺴﺘﺤﻘﻪ، ﻭﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺫﻟﻚ ﺟﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻔﻀﻼ ﻓﻴﻌﺘﻘﺪﻩ ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻌﺮﺿﺎ ﻟﺠﻬﻞ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺇﻻ ﺑﻌﺪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻳﺴﺘﺤﻘﻮﻧﻪ ﺟﻮﺯﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻇﻠﻤﺎ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﻋﺘﻘﺪﻭﻩ ﻛﺬﻟﻚ، ﻓﻴﻜﻮﻧﻮﻥ ﻣﻌﺮﺿﻮﻥ ﻟﻠﺠﻬﻞ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻭﻟﻘﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺒﺢ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﻻ ﻳﺄﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺟﻬﻼ ﻓﻬﻮ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻣﺴﺘﺤﻘﺎ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﻮﻗﻒ ﻭﻻ ﻳﻘﺪﻡ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻭﺟﺒﺖ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻼ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺿﺮﻭﺭﺓ، ﺃﻭ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻦ ﻧﻈﺮ ﻣﺨﺘﺎﺭ، [ﺃﻭ ﻣﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻠﻪ، ﺃ ﻭﺗﺬﻛﺮ ﻧﻈﺮ، ﺃﻭ ﺑﺄﻥ ﻳﻠﺠﺄ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﻘﺪﻡ ﻧﻈﺮ]. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻋﻦ ﻧﻈﺮ ﻣﺒﺘﺪﺃ، ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻭﻣﺸﻘﺔ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎﻙ ﺗﻜﻠﻴﻒ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻠﺠﺌﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ، ﻷﻥ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻣﻊ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﺒﺚ، ﻭﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺸﻘﺔ. ﻭﻣﺎ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺳﺒﺐ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻋﻦ ﺗﺬﻛﺮ ﻧﻈﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺘﺬﻛﺮ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﺒﻬﺔ ﻓﻴﻠﺰﻣﻪ ﺣﻠﻬﺎ، ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺭﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻴﻨﺎ ﻓﺴﺎﺩﻩ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻻ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻊ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﺍﻷﺣﻮﺍﻝ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺸﺒﻬﺔ ﻭﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﻜﺘﺴﺒﺔ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺷﺎﻫﺪ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ، ﻷﻥ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﺗﻘﻊ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﺇﺫﺍ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﺎﺭﻓﺎ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﻌﺼﻰ ﺑﺘﻘﺪﻡ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ: ﺇﻥ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﺧﺎﻑ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﺍ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻨﻊ ﻣﻨﻪ، ﻓﺈﻗﺪﺍﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﺣﺎﻟﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻷﺟﻠﻪ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻋﻠﻤﺎ، ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻫﻞ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻣﻀﻄﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﻌﺎﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﻜﻲ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻟﻬﺬﻳﻞ، ﻷﻥ ﺍﻻﺿﻄﺮﺍﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﻟﺬﺗﻬﺎ، ﻷﻥ ﺍﻟﺘﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺃﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ.
ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺮﻏﻴﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻤﺄﻟﻮﻑ ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺨﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ. ﻭﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺜﺎﺏ ﻭﺟﺐ ﻣﺜﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﻗﺐ، ﻷﻥ ﺃﺣﺪﺍ ﻻ ﻳﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﺧﺒﺮ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻳﺄﻛﻠﻮﻥ ﻭﻳﺸﺮﺑﻮﻥ ﻭﻳﻔﻌﻠﻮﻥ، ﻓﺄﺿﺎﻑ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻫﻢ. ﻭﻗﺎﻝ {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} [الواقعة: 20]، ﻭﺫﻟﻚ ﺻﺮﻳﺢ ﺑﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ. ﻓﺈﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﺨﻴﺮﻭﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﺠﺰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻜﻠﻔﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻓﻴﻬﻢ، ﻓﻬﻢ ﻣﻠﺠﺄﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ، ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﻢ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﺘﻰ ﺭﺍﻣﻮﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻣﻨﻌﻮﺍ ﻣﻨﻪ. ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﺑﺄﻥ ﻳﻌﻠﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﻣﺴﺘﻐﻨﻮﻥ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻓﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺩﺍﻉ ﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻣﻠﺠﺄ، ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﻭﺍﻟﻤﻀﺎﺭ، ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻟﻢ ﻳﺼﺢ ﻓﻴﻪ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻻﻟﺠﺎﺀ.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|