أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2019
2433
التاريخ: 17-1-2019
2686
التاريخ: 8-8-2021
2618
التاريخ: 29-10-2019
2107
|
4- اهداف النظام المالي في النظم الاجتماعية المختلفة :
تتحدد أهداف النظام المالي كأهداف جزئية من الاهداف الاقتصادية العامة . وتُوضَع الاهداف الاقتصادية وفقاً للنظام الاجتماعي السائد ، ومن ثم تختلف اهداف النظام المالي من نظام اجتماعي لآخر . فهي تختلف في النظام الرأسمالي عنها في النظام الاشتراكي عنها في النظام المختلط او عنها في الدول النامية .
كما تختلف اهداف النظام المالي باختلاف مراحل النمو الاقتصادي الذي تمر به الدولة كما يتضح لنا من دراسة هذه الاهداف في النظم المختلفة التالية :
أ- أهداف النظام المالي في النظام الرأسمالي :
يقوم النظام الرأسمالي على جهاز السوق الذي يعتبر المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي حيث يقوم بتخصيص الموارد المختلفة على الانشطة الاقتصادية المتباينة كما يتميز النظام الرأسمالي بسيادة مبدأ الحرية الفردية في الانتاج والاستهلاك ، والملكية الخاصة لعناصر الانتاج ، ومبدأ سيادة المستهلك بالإضافة الى المنافسة وهدف تحقيق الربح . بالتالي فإن دور الدولة في النشاط الاقتصادي يعتبر دوراً محدوداً للغاية .
وقد مر هذا الدور بثلاث مراحل هي :
المرحلة الاولى : الفكر التجاري ونشأة الرأسمالية :
ارتبطت نشأة الدولة بمفهومها الحديث من حيث السيادة القومية بالفكر التجاري الذي ساد في القرن 14 حتى القرن 17 . وظهرت أهمية السياسة التجارية التي تتبعها الدولة في تكوين رؤوس الاموال والثروات المختلفة وكان النظام المالي يهدف الى تحويل المجتمع من مجتمع اقطاعي الى مجتمع رأسمالي قائم على الوحدة القومية وسيادة الدولة . ووفقاً للفكر التجاري يجب على الدولة أن تحقق أكبر فائض ممكن في ميزانها التجاري مع الدول الاخرى حتى لا يخرج من عندها الذهب والفضة وهما رمز الثروة والقوة الاقتصادية في ذلك الوقت. ومن ثم يجب على الدولة ان تتبع سياسة اقتصادية ومالية من شأنها تهيئة المناخ الاقتصادي لتشجيع الانتاج والصادرات وقد أخذ تدخل الدولة لتهيئة هذا المناخ أحد شكلين :
ــ الشكل الاول : كان يتمثل في التدخل المباشر بإقامة مشروعات عامة .
ــ الشكل الثاني : كان يتمثل في التدخل غير المباشر باتخاذ الاجراءات التي تستهدف تشجيع المشروعات الخاصة وخفض تكاليف انتاجها بتوفير عناصر الانتاج بتكلفة منخفضة ، فمثلاً يتم فرض ضريبة منخفضة على المواد الخام المستوردة ، ومتوسطة على المواد المستوردة غير تامة الصنع ، وعالية على المواد تامة الصنع كما قدمت الدولة قروضاً بفائدة منخفضة . أو إعانات للمنتجين وكذلك توفير الاراضي العامة لإقامة المشروعات بإيجار أو ثمن منخفض .
وفي بعض الأحيان كانت الدولة تشجع المشروعات بضمان تسويق منتجاتها وذلك بشراء الدولة لتلك المنتجات لفترة أو ضمانها لوضع احتكاري للمنتجين أو قيامها بغرض الحماية الجمركية على الصناعات المحلية ، وكذلك بفتح اسواق جديدة في المستعمرات واعتبارها امتداداً للأسواق المحلية .
المرحلة الثانية : الحرية الفردية والدولة الحارسة :
حقق النظام المالي في ظل الفكر التجاري الاهداف المرجوة منه ، فقد كانت النتيجة هي تراكم رأسمالي ضخم يطلق عليه رأس المال التجاري تمييزاً عن رأس المال الصناعي الذي تكون في مرحلة لاحقة .
ولكن مع قيام الثورة الصناعية وما صاحبها من اختراعات واكتشافات علمية ، ظهرت الحاجة الى شكل جديد في ادارة المشروعات وتشجيع المستثمرين على الاستفادة مما تحقق من اختراعات وادخالها مجال التطبيق الصناعي . لذلك كان لابد من اتباع سياسة جديدة . واعتقد المفكرون الاقتصاديون أن هناك محركاً ذاتياً أو ما اسموه باليد الخفية Invisible Hand التي تحرك الافراد نحو تحقيق مصالحهم الذاتية في كافة المجالات. ولذلك نادى الاقتصاديون بضرورة اطلاق الحرية الفردية في النشاط الاقتصادي وعدم تدخل الدولة في هذا المجال . وحيث ان المجتمع يتكون من افراد تحركهم مصالحهم ومنافعهم الخاصة فإن الفرد سوف يوجه استثماراته الى ما يحقق له اقصى فائدة ممكنة . وبالتالي فان مجموع مصالح الافراد ومنافعهم ما هي الا تحقيق لمصلحة المجتمع القصوى . ويصبح دور الدولة مقصوراً على المرافق الاساسية التي تحقق ارباحاً أو ذات تكاليف عالية دون تدخل في النشاط الاقتصادي. لان تدخل الدولة اقل كفاءة من الافراد .
ولذلك أصبح جهاز السوق أو تفاعل قوى العرض والطلب هو المحدد لتوجيه الموارد نحو الانشطة الاقتصادية المختلفة وتحقيق التوزيع الامثل من الاستثمارات والسعر العادل لعناصر الانتاج والمنتجات في ظل ظروف المنافسة .
وبذلك تحدد دور الدولة في القيام بالمرافق أو المشروعات المباشرة وتحقيق المناخ الملائم لحماية المنافسة وجهاز السوق من خلال قيامها بوظائف الامن والعدالة والدفاع .
وتحددت اهداف النظام المالي في الآتي :-
- الحصول على الايرادات العامة اللازمة للنفقات العامة التي يجب أن تكون عند أدنى حد ممكن مع تطبيق مبادئ العدالة عند فرض الضريبة وتوزيع الأعباء العامة .
- تحقيق توازن الميزانية أي توازن بين النفقات العامة والايرادات العامة . وقد ترتب على هذا المنطق ضرورة عدم اللجوء الى القروض أو زيادة الضرائب أو الاصدار النقدي . لان القروض التي تستخدم لتغطية نفقات استهلاكية تضر بالاستثمار وزيادة الضرائب تعني أن الدولة تحصل من الافراد وبلا ضرورة على مبالغ كان يمكنهم استثمارها ، اما الاصدار النقدي فانه يؤدي لحدوث تضخم وارتفاع بالأسعار .
- تطبيق قواعد التحليل الاقتصادي المطبقة على المشروعات الخاصة في حالة الانفاق العام . وبذلك كانت قواعد المالية العامة الخاصة مشابهة الى حد كبير لقواعد المالية العامة وهذا التحليل كان لابد أن ينظر الى الانفاق العام على أنه استهلاكي غير منتج وأن تطبق الدولة مبدأ تحقيق أقصى منفعة كما يفعل الافراد في قراراتهم المالية . ولكن هذه الامور وإن كانت تصلح في ادارة المشروعات الخاصة فإنها لا تصلح للمشروعات أو الانفاق العام خاصة في مجال التوظيف والانتاج والدخل ومواجهة الدورات الاقتصادية .
ويبدو أن إهدار النظام المالي كان نتيجة لمسايرة مباديء الحرية الاقتصادية والتي ساهمت في تشجيع الاستثمارات الخاصة وتكوين النظام الاقتصادي للدول الصناعية المتقدمة مع تقبل كل ما ينتج عن ذلك من مساوئ في شكل التقلبات الاقتصادية الدورية.
المرحلة الثالثة : مرحلة تدخل الدولة :
شهد العالم الرأسمالي ما عرف بالكساد الكبير خلال الفترة 1929- 1932 . ولم تنجح السياسات الاقتصادية المؤيدة للحرية الاقتصادية والنظام المالي المحايد الذي اقترن بها في الخروج من الازمة الاقتصادية الطاحنة التي مر بها العالم الرأسمالي . بل ساعدت السياسة المالية المتبعة حينئذ في تعميق الازمة فقد انتشرت البطالة ولم يعد جهاز الاتمان قادراً على تحقيق التشغيل الكامل للموارد الاقتصادية المتاحة سواء كانت مادية أو بشرية ، وأخذت الاسعار في الانخفاض ، وتدهورت أسعار الفائدة مما أدى لإحجام المستثمرين عن استثمار أموالهم .
ومما ساعد على زيادة تدهور الموقف هو افتراض السياسة الاقتصادية والنظام المالي المقترن بها سريان ظروف المنافسة الكاملة . ولكن ما حدث في الواقع هو تكوين الاحتكارات والشركات الكبيرة للسيطرة على جزء كبير من السوق نتيجة لانتشار الشركات الكبيرة التي تحتاج الى رؤوس أموال ضخمة . بالاضافة الى ذلك زادت قوة النقابات والاتحادات العمالية في تجديد حد ادنى للأجور .
كما بدأت تظهر في نفس الوقت الافكار الاشتراكية وتتبلور خاصة بعد نجاح الثورة البلشفية في الاتحاد السوفيتي عام 1917.
وللحفاظ على النظام الرأسمالي نفسه ، انتقل هذا النظام من مرحلة الدولة المحاية الى الدولة الحارسة ، ثم الى مرحلة الدولة المتدخلة . وجاءت كتابات الاقتصادي الإنكليزي كنيز J.M.Keynes لتمثل تحولاً في النظرية الاقتصادية والسياسة الاقتصادية والسياسة المالية وأهم هذه التغييرات تتلخص في الآتي :
1- التمييز بين النشاط المالي للدولة والنشاط المالي للأفراد حيث يطبق في الحالة الاولى أسلوب التحليل الكلي Macro Economic Analysis بدل من اسلوب التحليل الجزئي Micro Economic Analysis الذي يطبق في المشروعات الخاصة .وهذا يعني اختلاف المبادئ المتبعة في التطبيق عند تقييم الانفاق العام عن تلك المستخدمة في الانفاق الخاص . وأصبحت المشكلات التي يهتم بها الاقتصاد الكلي هي مشكلات التوظيف والدخل القومي والرواج والكساد والدورات الاقتصادية ومشكلات التضخم وبصفة خاصة مشكلات النمو الاقتصادي.
2- أهمية الدور الذي تلعبه الدولة بإرادتها المالية والنقدية أي أهمية الدور الذي يلعبه النظام المالي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وإتباع سياسة مكافحة أو مقاومة التقلبات الاقتصادية ولذلك نادى كنيز بالتدخل الحكومي بدلاً من الدولة المحايدة وتحول النظام المالي من نظام محايد الى نظام وظيفي أو المالية الوظيفية Functional finance .
3- في ظل التفكير الكنيزي أصبح من الممكن تحقيق عجز في الميزانية العامة وليس ضرورياً أن تتساوى الايرادات مع النفقات وحل محل التوازن المالي موازنات أخرى أكثر أهمية مثل التوازن الاقتصادي والتوازن الاجتماعي والتوازن العام. كما ان سياسة الاقتراض او التمويل التضخمي أصبحت أمراً معترفاً به ومقبولاً في ظل السياسة الكنيزية .
في ظل التغيرات الاقتصادية ، كان لابد من تغيير النظام المالي ليتوافق مع النظام الاقتصادي الجديد . ومن ثم أصبح أهم أهداف النظام المالي في مرحلة تدخل الدولة هي :-
1- المحافظة على الاستقرار الاقتصادي ومقاومة الدورات الاقتصادية باستخدام الادوات المالية والنقدية التي تؤدي الى تعويض انخفاض الانفاق الخاص الاستهلاكي والاستثماري .
2- تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية بتوجيهها نحو الانشطة الاقتصادية التي تحقق أكبر عائد إجمالي ممكن.
3- إعادة توزيع الدخل القومي بين الطبقات الاجتماعية المختلفة بحيث يتحقق أكبر قدر من العدالة في توزيع الدخل القومي وتقليل الفروق بين الطبقات والفئات الاجتماعية وبما لا يتعارض مع الحرية الفردية في التملك والكسب. فإعادة التوزيع لا تعني إزالة الفوارق الطبقية في المجتمع .
4- المحافظة على معدل للدخل القومي باتباع السياسات المالية التعويضية Compensatory Finance ودراسة آثار مضاعف الاستثمار والاستفادة منه لتحقيق معدلات النمو المطلوبة .
ويتضح مما سبق أن المالية العامة لم تعد تهتم بالنفقات والايرادات والدين العام ولكن توجه اهتمامها الى تتبع الآثار الاقتصادية والاجتماعية واتباع السياسة المالية التي تحقق الآثار المرغوب فيها في الاقتصاد القومي .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|