أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2022
1174
التاريخ: 28-5-2022
1036
التاريخ: 24-8-2022
1733
التاريخ: 22-5-2022
1058
|
قادة الرأي والسياسة
أما في مجال السياسة فيقول كي بأن دراسات الرأي العام المستفيضة رغم ما ألقت من أضواء على جوانب كثيرة من ظاهرة الرأي العام فإنها أغفلت شيئا ذا أهمية. وهو فئة الصفوة التي تؤثر في الرأي الجماهيري، وتتأثر بالسلوك الجماهيري. ويضيف " كي " بأنه كلما عمقنا النظر في هذه المجموعة والدور الذي تقوم به، في مجال السياسة، تكثفت لنا حقائق أكثر عنها. ومن هذه الحقائق الدوافع التي تعمل على تنشيط هذه المجموعة والقيم التي تحملها، والقواعد التي تتبناها في اللعبة السياسية، والآمال التي تعقدها لمكانتها في المجتمع ولمكانة المؤسسات التي تعمل فيها. فهذه الحقائق قد تفسر لنا لماذا تتصرف القيادات والطبقة الحاكمة بهذه الطريقة .
يقول " كي " إن هذه الطبقة أو الصفوة هي مجموعة مستقلة ولها حضارتها الفرعية الخاصة بها ولها تقاليدها، ودوافعها، ومعاييرها. وتتم زراعة هذه التقاليد عادة - بين من ورثوا السلطة أو وصلوا إليها بالجهد عن طريق الممارسة في الحياة اليومية لتكون معايير للنشاط السياسي، ويتم تعزيزها بالتطبيق من قبل مجتمع النشطين سياسيا. والقاعدة العملية في بعض النظم هي أن المحكومين لا يستحقون سوى المعاملة الخشنة ولا يستحقون سوى الخير القليل الذي يحصلون عليه، وأن على السلطة الحاكمة دعم مركزها بزيادة سيطرتها.
أما الطبقة الحاكمة في النظم الديموقراطية فهي ليست بنفس الوضوح، وذلك سبب غموض مصطلح " المؤثرون " لسهولة النسبية في الانضمام إليها. وهذا لا يمنع من أن يكون للصفوة في النظام الديموقراطي خواصها، وإن كان هناك تفاوت كبير بين أفرادها من جوانب شتى. وعموما لا مكان، في النظام الديموقراطي، للصفوة التي تسعى لتحقيق مصالحها الشخصية. والانتخابات هي التعبير النهائي عن المعتقدات الديموقراطية.
نلاحظ مما سبق أن مصطلح قادة الرأي " يشير بصفة خاصة إلى الوسطاء بين المروجين للمنتجات الزراعية والصناعية والمستهلكين، والوسطاء بين وسائل الإعلام وجمهورها، والنماذج التي يقلدها الأطفال والبالغون، والقادة السياسيون وكبار رجال الدولة. أما عند الحديث عن الرأي العام فإن " زيلر " يعرف الصفوة بأنها مجموعة من الناس تخصص كل وقتها لعنصر من عناصر النشاط السياسي أو الشؤون العامة، ويمكن تسميتها بالصفوة السياسية. وتشمل هذه الصفوة السياسيين، وكبار المسؤولين في الدولة، والصحفيين، وبعض النشطين في مجال السياسة من المواطنين، وأصناف عديدة من الخبراء في السياسة والمتخصصين في صنع القرارات. وكذلك يعرفها ، " كي " بأنها المجموعة المؤثرة النشطة وذات الصفات القيادية. وبهذا يتبين أن كلمة الصفوة قريبة من عبارة " قادة الرأي " فكل أولئك قادة رأي في مجالاتهم. وبعبارة أخرى، هم موضع ثقة بين أتباعهم فيما ينقلون من معلومات وهم موضع تقدير فيما يعبرون عنه من آراء، وهم نماذج يحتذي بها. بيد أن هناك اختلافا لا ينبغي إهماله وهو أن قادة الرأي عادة يحصلون على نوع من السلطة بخضوع أتباعهم لهم طواعية. أما الصفوة فمدلول يضم هؤلاء وغيرهم ممن يحصلون على نوع من السلطة بالوراثة أو بالقوة.
وبهذا نلاحظ أن الفئة القيادية الصغيرة تتألف عادة من ثلاث فئات من الناس :
١- فئة توفر لها نوع من السلطة على الآخرين، توصلت إليها بالوراثة أو
بكسب أيديهم بطريقة مشروعة أو بالقوة.
٢- وفئة توفر لها نوع من السلطة على الآخرين إما بالانتخابات الرسمية أو
بالثقة الطوعية.
٣- وفئة ثالثة تجمع بين الطريقتين : الأولى والثانية. والملاحظ أن كلا الفئتين الثانية والثالثة من الفئة القيادية لها تأثير واضح على الجمهور.
ويلاحظ أن الفئة الثانية والثالثة تؤثران على الرأي العام، ويطاوعها الرأي العام إلى درجة كبيرة للثقة فيهما. أما الفئة الأولى التي تستخدم أسلوب التسلط أو الفئة الثانية التي تنحرف وتلجأ إلى الاستبداد والتسلط فهما تدفعان الرأي العام إلى تجريدهما من الثقة فيهما، ورفض توجهاتهما الصريحة وإن كانت أحيانا تحقق المصلحة العامة. وما يعنينا هنا هي الفئة الثانية.
يقول " كي " هناك حلقة مفقودة في دراساتنا للرأي العام ألا وهي حقيقة التفاعل بين الطبقة القيادية والجماهير الغفيرة، ولاسيما أن نظرة الطبقة القيادية إلى الجماهير تختلف اختلافا كبيرا بين الفئة والأخرى. فهناك طبقة قيادية لا ترى في الجماهير إلا مجموعة من الحيوانات لا حقوق لها. وهي لا تستحق إلا المعاملة الخشنة والعشوائية. وتعتقد هذه الطبقة القيادية أن القاعدة في الحكم هي زيادة نصيبها من الخير وحرمان المحكومين. وهناك مجموعة ترى ضرورة هيمنة الرأي العام، وتضع ثقة كبيرة في الجمهور عموما، وتنادي بضرورة العمل على زيادة مكاسب الجماهير الغفيرة بدلا من نصيب طبقة صغيرة.
ولأهمية الطبقة القيادية ولضمان نجاح النظام الديموقراطي، ينادي " كي " بضرورة وضع بعض القواعد التي تحكم التنافس بين أفراد هذه الطبقة بحيث لا يجور بعضهم على بعض. ومن القواعد التي يراها مناسبة: قواعد عامة للتعامل بين أفراد الفئة النشطة نفسها، وقواعد تنظم علاقة الفئة النشطة ببقية الجمهور العام بما يمنع تآمر الصفوة على الشعب. وفي جمع الأحوال يجب أن تضمن هذه القواعد وجود أقلية أو حزب معارضة داخل الفئة النشطة. فانعدام مثل هذه الأقلية معناه تحطيم الرأي العام. إضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى وجود قواعد تحقق مبدأ "عش" وأعط الفرصة للآخرين ليعيشوا. ومن الشروط المطلوبة اعتماد الدولة على سياسيين غير دائمين، واستقلالية نواب الشعب اقتصاديا بما لهم من مهن يعودون إليها بعد انتهاء مدتهم في الوظيفة الحكومية المؤقتة.
ويقول كي بأن من أمثلة القواعد التي تجسدت في الواقع تلك الضمانات الممنوحة لحرية الحديث وحرية الصحافة، وحق اللجوء إلى الناخبين للبحث عن السند. ومن الأمثلة ذات العلاقة الأنظمة التي تضمن حماية الممتلكات وتضمن سلامة المعارضين في أنفسهم، والأنظمة التي تحكم العضوية في المجالس التشريعية والمناصب التنفيذية الأخرى. ولما كان وجود القوى المتنافسة ضروريا لتحقيق الهدف المنشود من الرأي العام فإن وجود التنوع في القاعدة الشعبية يسهم في وجود مثل هذا التنافس، وبالتالي في نجاح النظام الديموقراطي.
ويؤكد " برايس " خطأ النظرية التقليدية للديموقراطية التي تفترض أن كل مواطن لديه أو ينبغي أن يكون لديه، أو أنه فكر في رأي لنفسه. ويؤكد أن أغلبية الجمهور إنما يسهمون بالعاطفة بدلا من التفكير. ويضيف بأنه من العدل القول بأن كل القضايا السياسية العظيمة - تقريبا - شقت طريقها أولا عبر الطبقة المتوسطة أو التي دونها. ولكن النبضة الأصلية التي حركت القضية، والأفكار المثيرة التي جذبت الناس إليها جاءت من العقول المتميزة والأذهان الوقادة وبشكل عام من العقول التي تنتمي إلى الطبقة المتحضرة. ولكن هذه الأفكار في الغالب قد تعرضت للفحص والتلمع الشديد بين الاستقبال الحافل لها من الأفراد العادين وبين مقت ومطاردة الطبقات الفنية والمتعلمة لها.
ويقول " برايس " بأن الفئه المنقادة تمثل تسعة عشر جزءا من عشرين جزءا. ويندرج تحت هذه الفئة الآراء السلبية التي يتبناها من ليس لديهم اهتمام خاص بالسياسة، أو لا يهتمون بها أبعد من الادلاء بأصواتهم، أو الذين يتلقون الآراء ويروجونها ولكن لا ينشئون الآراء في القضايا العامة.
ويضيف بأن الرأي لا ينمو بشكل تلقائي فقط وإنما يصنع أيضا. فالجمهور الذي تنطلق منه الشرارة الأولى للرأي لا يقتصر على الطبقة السلبية. بل هناك الطبقة النشطة التي تشغل نفسها بشكل رئيس بالشئون العامة والتي تستثير الأفكار وتقود. ومع هذا فإنه ينبغي أن ندرك بعض الحقائق عن الرجل الذي يريد توجيه الرأي العام. هذا الرجل يتصف عادة بدرجة عالية من الاستقلالية، وبالتالي فإن آراءه تتصف بالاستقلالية ولها قيمة فكرية أكثر. ومن جهة أخرى، فإن لديه دوافع أقوى من الدوافع الموجودة عند المتوسط من المواطنين في ضرورة الحفاظ على علاقة متناسقة مع أصدقائه وحزبه. وهو إن لم يفعل ذلك فإنه سيفقد تأثيره ومركزه. ولهذا فإنه على الرغم من أن الجزء الأكبر من الجهود لتكوين الرأي يقوم به هؤلاء الناس فإنه ينبغي أن لا ننسى ردود الفعل المستمرة من قبل الأغلبية الطبية. فنسبة التأثر المتبادلة بين الفئة القيادية والسلبية هي التي تميز بين الدولة المتحررة وغير المتحررة بشكل واضح. ففي بعض الدول تبلغ نسبة مساهمة القيادة في صنع الرأي ثلاثة أرباع الناتج الأخير. وفي دول أخرى نجد النسبة معكوسة. وفي بعض الدول نجد أن المستوى التعليمي لجمهور الناخبين ليس فقط متدنيا مقارنة بالأقلية القائدة ولكن هذه الفئة خانعة تنظر بعين التعظيم إلى من هم أعلى منها. أما في دول أخرى فنجد الفرق بين الذين يشغلون أنفسهم بالسياسة لا يختلف كثيرا عن متوسط الناخبين. وقد يكون الناخبون أكثر تعليما من القادة. لهذا فإن الملاحظ أنه في الحالة الأولى نجد أن الدستور قد يكون ديموقراطيا ولكن عادات الأمة لا تزال أرستقراطية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
جمعية العميد تناقش التحضيرات النهائية لمؤتمر العميد الدولي السابع
|
|
|