أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-07
177
التاريخ: 2-5-2021
3042
التاريخ: 10-4-2016
2356
التاريخ: 18/12/2022
1057
|
ولغرض الوقوف على هذه الآثار بصورة تفصيلية، يقتضينا الحال أن تتناول هذه الآثار تباعا ، وكالاتي :
أولا: الاثار السياسية
أن خطورة تفاقم الديون الخارجية لا تقف عند الحدود الاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل تتعدى ذلك لتصل إلى حد التعرض إلى حرية صانع القرار السياسي إلى مزيد الضغوطات والتدخل الأجنبي، وفي ظل عالج يتميز بهيمنة الدول المتقدمة ومؤسساتها المالية الدولية.
ومما تجدر الإشارة إليه، إن هذه الآثار السياسية تأخذ الجانب السلبي مع تنامي ظاهرة العولمة بكافة أوجهها وبالأخص الوجه المالي، إذ يصار إلى تحريك الأموال المقترضة من خلال الشركات متعددة الجنسيات، ووفق الرؤية التي تراها مناسبة لتحقيق مصالحها الاقتصادية والسياسية.
من هذا المنطلق، يرى البعض أن هذه الأموال والشركات الكبرى قادرة على التأثير على سيادة هذه الدول، وهو الأمر الذي يشكل بالنتيجة مساسا بالسيادة الوطنية واستقلال القرار السياسي على حذا سواء (1).
وعلى الرغم من تأييدنا للرأي المذكور أعلاه، إلا أننا نرى عدم الأخذ به على إطلاقه، غير أن هذه الآثار السياسية السيئة تدور وجودة وعامة مع وجود إرادة سياسية وطنية، وفي ظل وجود تعددية حزبية من عدمه، إذ في حالة وجود تيارات وطنية، فإن القرض المذكور سوف لن يسمح للشركات متعددة الجنسيات أن تتحكم في سير مبالغ القروض، كون هذه الدول سيكون لديها رؤية استراتيجية وطنية في الغالب الأعم من الحالات، خلافا لما هو عليه الحال بالنسبة إلى الدولة التي لا تتوافر فيها الإرادة الوطنية الخالصة، إذ يصار إلى فسح المجال أمام الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية لأن ترسم خارطة طريق إنفاق مبالغ القروض وينطبق الأمر ذاته بالنسبة إلى حالة وجود تعددية سياسية، إذ في هذا الفرض فإن وجود أحزاب متعددة ومعارضة يجعل من الحزب الحاكم يتخذ المزيد من الحيطة والحذر في كيفية توزيع مبالغ القروض، والذي سينعكس بالنتيجة على الموازنة العامة، ومن ثم سيكون استخدام مبلغ القرض بصورة تنسجم مع محاولة الإنعاش الآني للاقتصاد وسد العجز الحاصل فيه، وهو الأمر الذي سيؤشر الاستخدام الإيجابي لمبالغ القروض.
بعبارة أخرى، فإن الدين المتراكم والناشئ عن الاقتراض الدولي سيصبح عبئا على الإنتاج الحالي والمستقبلي، مما يؤدي إلى إضعاف حافز الاستثمار من جانب الدولة، ويشجع هروب رؤوس الأموال إلى الخارج، أي أنه سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على الاقتراض الخارجي(2).
وعلى الرغم من ذلك، إلا أن آثار القرض إذا ما نظرنا إليها من زاوية القطاع الخاص، فإن إحجام الدولة عن الاستثمار بصورة عامة، سيؤدي إلى جعل الفرصة سانحة ومفتوحة أمام القطاع الخاص والأجنبي على حل سواء، وذلك للقيام بالاستثمار كبديل عن إحجام الحكومة أو الدولة المقترضة عن الولوج في المشاريع الاستثمارية داخل الدولة
ثانيا: الآثار الاجتماعية
إن الآثار السلبية للديون الخارجية لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية والسياسية فحسب، بل تتعدى ذلك إلى الجوانب الاجتماعية، إذ إن الدول التي كانت تتمنى أنظمة اقتصادية اشتراكية وتقوم بالأساس على سيطرة الدولة على ملكية وإدارة النشاطات الاقتصادية، نجدها تتحول تحولا جذرية نتيجة مشاكلها المالية المتعذر بيها وتطبيقها، للشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي من خلال تطبيق برامج التثبيت الاقتصادي والإصلاح الهيكلي .
وبهذا تتخلى عن جزء كبير من مهامها الاجتماعية المتمثلة أساسا في حماية أصحاب المداخيل المحدودة، وتستند هذه البرامج إلى ضرورة إعطاء السوق الدور البارز في الحياة الاقتصادية ، وتحرير المعاملات الاقتصادية والمالية مع العالم الخارجي ومما تجدر الإشارة إليه بهذا الصدد هو أن أغلب الدول التي طبقت البرامج المذكورة أعلاه تحت وطأة ارتفاع مديونيتها الخارجية، وبمباركة من المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، ونادي باريس، ونادي لندن وغيرها، كانت تعاني من معدلات بطالة مرتفعة كادت تهدد استقرارها الاجتماعي والسياسي.
فضلا عن ذلك، فإن تطبيق البرامج المشار إليها أعلاه أدت إلى تراجع الحكومات عن خلق فرص عمل جديدة للعمل، وذلك بحجة ضغط الإنفاق العام، وتقليص عجز الموازنة العامة، إلى غير ذلك من الإجراءات المرافقة البرامج الإصلاح الاقتصادي والتي أصبحت شرط ضرورية تفرضه الجهات المانحة مقابل إعادة جدولة الديون أو حصولها على قروض جديد.
ثالثا: الآثار الاقتصادية
للقروض العامة آثار واسعة على النشاط الاقتصادي والتوازن الاقتصادي، فهي أداة من أدوات المالية العامة تغيرت النظر إليها من دور الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة المنتجة، فهي ليست تعد مصدرا استثنائيا من مصادر الإيرادات العامة. فأصبحت الدولة تستعين بها لإحداث آثار اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتمتد آثار القروض العامة إلى المتغيرات الرئيسية في الاقتصاد القومي، فتؤثر على مستوى الإنفاق العام ومن ثم فهي تساهم في التوسع في الإنفاق العام والاستثمار العام على حساب الإنفاق والاستثمار الخاص، مما يؤثر على مستوى الدخل القومي كما أنها تؤثر في الكمية النقدية المتداولة، والميل للاستهلاك والادخار، وهذا يشكل عبئة مالية بين الأجيال المختلفة .
______________
1- فضيلة جنوحات، إشكالية الديون الخارجية وآثارها على التنمية الاقتصادية في الدول العربية حالة بعض الدول المدنية، اطروحة دكتوراه، (الجزائر : جامعة الجزائر، كلية العلوم الاقتصادية والتسيير، 2005-2006 ، ص 147.
2- فضيلة جنوحات، إشكالية الديون الخارجية وآثارها على التنمية الاقتصادية في الدول العربية حالة بعض الدول المدنية، اطروحة دكتوراه، (الجزائر : جامعة الجزائر، كلية العلوم الاقتصادية والتسيير، 2005-2006 ، ص 195 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|