المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05



البداء في القرآن الكريم والروايات الشريفة  
  
1801   02:45 صباحاً   التاريخ: 6-08-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : أضواء على عقائد الشيعة الإمامية وتاريخهم , ص432-440
الجزء والصفحة : ص432-440
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / البداء /

[ وردت في القران الكريم عدة آيات تتحدث عن البداء ] :

منها : قوله سبحانه حاكيا عن شيخ الأنبياء : {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 ، 12]

ترى أنه ( عليه السلام ) يجعل الاستغفار علة مؤثرة في نزول المطر ، وكثرة الأموال والبنين ، وجريان الأنهار إلى غير ذلك ، وأما بيان كيفية تأثير عمل العبد في الكائنات الطبيعية ، فيطلب في محله .

وقوله سبحانه : {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] .

وقوله تعالى : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53].

وقوله سبحانه : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].

وقوله سبحانه : {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3].

وقوله تعالى : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] .

وقوله سبحانه : {وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ} [الأنبياء: 76] .

وقال تعالى : {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} [الأنبياء: 83، 84].

وقال سبحانه : {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33] .

وقال تعالى : {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } [الصافات: 143 - 146] .

وقال تعالى : {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 88] .

وقال سبحانه : {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: 98].

وهذه الآيات بالإضافة إلى كثير من الأحاديث ... تعرب عن أن الأعمال الصالحة مؤثرة في مصير الإنسان، وأن الإنسان بعمله يؤثر في تحديد قدره وتبديل القضاء ، وليس هناك مقدر محتوم فيما يرجع إلى أفعاله الاختيارية حتى يكون العبد في مقابله مكتوف الأيدي والأرجل .

[البداء في الروايات ]

(إن) الأحاديث التي تدل على هذا المطلب ... كثيرة جدا مبعثرة في كتب الحديث تحت مواضيع مختلفة مثل الصدقة والاستغفار والدعاء وصلة الرحم ، وما أشبه ذلك ، وسنذكر فيما يلي نماذج مختلفة من الأحاديث الدالة على هذه المطالب :

ألف - الصدقة وأثرها في دفع البلاء : روى الصدوق في الخصال عن أنس قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " أكثِر من صدقة السر ، فإنها تطفئ غضب الرب جل جلاله " .

وروى في عيون الأخبار عن الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " باكروا بالصدقة ، فمن باكر بها لم يتخطاها البلاء " .

وروى الشيخ الطوسي في أماليه عن الباقر ( عليه السلام ) قال : " قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أفضل ما توسل به المتوسلون الإيمان بالله ، وصدقة السر ، فإنها تذهب الخطيئة ، وتطفئ غضب الرب ، وصنائع المعروف ، فإنها تدفع ميتة السوء ، وتقي مصارع الهوان " .

وروى الصدوق في ثواب الأعمال عن الصادق ( عليه السلام ) : قال : " الصدقة باليد تدفع ميتة السوء ، وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء " . إلى غير ذلك من الروايات المتعددة والتي يضيق المجال بذكرها ، وللمستزيد الرجوع إلى كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي ضمن أبواب الزكاة والصدقة وغيرها ( 1 ) .

ب - أثر الاستغفار في الرزق : روى الصدوق في الخصال عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : " الاستغفار يزيد في الرزق " .

وروى أيضا عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " أكثروا الاستغفار ، تجلبوا الرزق " ( 2 ) .

ج - الدعاء وآثاره : روى الحميري في قرب الإسناد عن الصادق ( عليه السلام ) : " إن الدعاء يرد القضاء ، وإن المؤمن ليأتي الذنب فيحرم به الرزق " ( 3 ) .

وروى أيضا عنه ( عليه السلام ) : قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " داووا مرضاكم بالصدقة ، وادفعوا أبواب البلاء بالدعاء " .

وروى الصدوق عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " ادفعوا أمواج البلاء عنكم بالدعاء قبل ورود البلاء" ( 4 ) .

قد عقد الكليني في الكافي بابا أسماه " إن الدعاء يرد البلاء والقضاء " ومن جملة أحاديث هذا الباب : روي عن حماد بن عثمان قال : سمعته يقول : " إن الدعاء يرد القضاء ، ينقضه كما ينقض السلك وقد أبرم إبراما "( 5 ) .

وروى عن أبي الحسن موسى ( عليه السلام ) : " عليكم بالدعاء ، فإن الدعاء لله والطلب إلى الله يرد البلاء وقد قدر وقضى ولم يبق إلا إمضاؤه ، فإذا دعي الله عز وجل وسئل ، صرف البلاء صرفة " ( 6 ) .

وأما من طرق العامة فقد أخرج الحاكم عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : " لا ينفع الحذر عن القدر، ولكن الله يمحو بالدعاء ما يشاء من القدر" .

قال : وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ، وابن أبي الدنيا في الدعاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : ما دعا عبد بهذه الدعوات إلا وسع الله له في معيشته : " يا ذا المن ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول ، لا إله إلا أنت ظهر اللاجين وجار المستجيرين ، ومأمن الخائفين ، إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا فامح عني اسم الشقاء وأثبتني عندك سعيدا ، وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروما ، مقترا على رزقي ، فامح حرماني ، ويسر رزقي ، وأثبتني عندك سعيدا موفقا للخير ، فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت : {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد: 39] ( 7 ) .

وروى أيضا في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى : {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ} [الرحمن: 29] ما يقرب من هذا ، فلاحظ ( 8 ) .

د - أثر صلة الرحم : روى الكليني عن أبي الحسن الرضا قال : " يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث سنين ، فيصيرها الله ثلاثين سنة ، ويفعل الله ما يشاء " ( 9 ) .

وروى أيضا عن أبي جعفر قال : " صلة الأرحام تزكي الأعمال ، وتنمي الأموال وتدفع البلوى، وتيسر الحساب ، وتنسئ في الآجال " ( 10 ) .

ومن طرق العامة وردت روايات متعددة في هذا المنحى ، نكتفي منها بما رواه السيوطي في الدر المنثور عن علي ( رضي الله عنه ) : أنه سأل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن هذه الآية : { يَمْحُو اللّهُ } فقال له : " لأقرن عينيك بتفسيرها ، ولأقرن عين أمتي بعدي بتفسيرها : الصدقة على وجهها ، وبر الوالدين ، واصطناع المعروف يحول الشقاء سعادة ، ويزيد في العمر ، ويقي مصارع السوء " .

وكما أن للأعمال الصالحة أثرا في المصير وحسن العاقبة ، وشمول الرحمة وزيادة العمر وسعة الرزق ، كذلك الأعمال الطالحة والسيئات لها من التأثير المعاكس الذي لا يخفى على أحد في مسيرة حياة الإنسان . ويدل على ذلك من الآيات قوله سبحانه : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112] .

وقال سبحانه : {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53].

وقال سبحانه : {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 130] .

أما الروايات في ذلك فحدث عنها ولا حرج منها ما روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عندما قال في خطبة له : " أعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء " فقام إليه عبد الله بن الكواء اليشكري ، فقال : يا أمير المؤمنين أو تكون ذنوب تعجل الفناء ؟ فقال : " نعم ويلك ! قطيعة الرحم " . وقال أيضا : " إذا قطعوا الأرحام جعلت الأموال في أيدي الأشرار " ( 11 ) .

وقد وردت في الآثار الوضعية للأعمال روايات يطول الكلام بنقلها . فلاحظ ما ورد في الزنا من أن فيه ست خصال ثلاث منها في الدنيا وثلاث منها في الآخرة ، أما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء ويعجل الفناء ويقطع الرزق ( 12 ) .

وأيضا ما ورد في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مثل ما روي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) من أنه قال : " لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ، أو لتستعملن عليكم شراركم ، فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم " ( 13 ) .

وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : " إنهم لما تمادوا في المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار نزلت بهم العقوبات " ( 14 ) .

ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " لا تزال أمتي بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر ، فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات ، وسلط بعضهم على بعض ، ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء " ( 15 ) إلى غير ذلك من درر الكلمات التي نقلت عن معادنها .

فقد تحصل مما ذكرنا :

أولا : أن علمه سبحانه يعم كل الأشياء ، ماضيها وحاضرها ومستقبلها .

وثانيا : أنه سبحانه كل يوم هو في شأن .

وثالثا : أن لأفعال العباد تأثيرا في حسن العاقبة وسوئها ، ونزول الرحمة والبركة ، أو العقاب والنقمة . إذا وقفت على هذه المقدمات الثلاث فاعلم : أنه يقع الكلام في البداء في مقامين :

1 - البداء في مقام الثبوت : أي تغيير المصير بالأعمال الصالحة أو الطالحة .

2 - البداء في مقام الإثبات : أي الإخبار عن تحقق الشيء علما بالمقتضي مع خفاء المانع .

البداء في مقام الثبوت : إن حقيقة البداء أنه سبحانه - على خلاف ما اعتقده اليهود والنصارى في حقه من فراغه عن أمر الخلق والتدبير ، والإحياء والإماتة ، والتوسيع والتقدير في الرزق ، والتعمير والتنقيص ، إلى غير ذلك مما يرجع إلى الكون والإنسان - هو القائم دائما بالأمر والتدبير ، وهو القيوم على كل شيء ، وكل يوم في شأن ، وليست يداه مغلولتين ، بل يداه مبسوطتان ( في كل شيء ) يمحو ويثبت حسب مشيئته الحكيمة وإرادته النافذة ، فهو المتجلي في كل زمان بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، كالخالقية والرازقية ، والإحياء والإماتة ، إلى غير ذلك من أسمائه وصفاته سبحانه وتعالى .

ومن شعب هذا الأمر ، هو أنه سبحانه : يزيد في الرزق والعمر وينقص منهما ، وينزل الرحمة والبركة ، كما ينزل البلاء والنقمة ، حسب مشيئته الحكيمة ، النافذة ، ولا تصدر عنه الأمور جزافا واعتباطا ، بل حسب ما تقتضيها حال العباد من حسن الأفعال وقبحها ، وصالح الأعمال وطالحها .

فربما يكون الإنسان مكتوبا في الأشقياء ، ثم يمحى فيكتب من السعداء ، أو على العكس بسبب ما يقوم به من أعمال .

وبالجملة : فالبداء في عالم الثبوت مخالف لزعم اليهود والنصارى المشار إليه في قوله سبحانه : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا} [المائدة: 64] ، وقد رد سبحانه تلك العقيدة اليهودية الباطلة في هذه الآية كما هو واضح .

ولأجل أن يديه سبحانه مبسوطتان ، يزيد في الخلق ما يشاء - وفي العمر - وينقص منه ، حسب مشيئته الحكيمة قال سبحانه : {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: 1] .

قال سبحانه : {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [فاطر: 11] .

وبناء على ذلك فالبداء بهذا المعنى مما يشترك فيه كل المسلمين ، على مذاهبهم المختلفة ، من دون اختصاص بالشيعة ، فليس أحد من المسلمين ينكر أنه سبحانه كل يوم هو في شأن ، وأنه جل وعلا يبدئ ويعيد ، ويحيي ويميت ، كما أنه سبحانه يزيد في الرزق والعمر وينقص ، إلى غير ذلك حسب المشيئة الحكيمة والمصالح الكامنة في أفعاله .

_________________

( 1 ) بحار الأنوار : الجزء 93 الباب 21 ، الأحاديث 4 ، 7 ، 9 ، 26 وروى هناك أحاديث أخرى .

( 2 ) المصدر نفسه كتاب الذكر والدعاء باب الاستغفار وفضله وأنواعه ، الحديث 4 - 17 (وروى أحاديث من الفريقين ) .

( 3 ) قرب الإسناد : 32 / 104 ط مؤسسة آل البيت - قم .

( 4 ) البحار ج 93 كتاب الذكر والدعاء ، أبواب الدعاء . الباب 16 / ح 2 ، 3 ، 5 ( وروى أحاديث من الفريقين ) .

( 5 ) الكافي ج 2 باب إن الدعاء يرد القضاء : 469 / 1 .

( 6 ) الكافي ج 2 باب إن الدعاء يرد القضاء : 470 / 8 .

( 7 ) السيوطي ، الدر المنثور 4 : 66 .

( 8 ) المصدر نفسه 6 : 143 .

( 9 ) الكافي 2 ، باب صلة الرحم ، الحديث 3 - ص 437 .

( 10 ) الكافي 2 ، باب صلة الرحم ، الحديث 4 ولاحظ البحار ج 4 باب البداء 121 ، الحديث 66 .

( 11 ) الكافي ج 2 كتاب الإيمان والكفر ، باب قطيعة الرحم ، الحديث 7 - 8 .

( 12 ) سفينة البحار 1 : 560 مادة ( زنا ) .

( 13 ) الوسائل ج 11 كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الباب 1 الحديث 4 .

( 14 ) المصدر نفسه ، الحديث 7 .

( 15 ) المصدر نفسه ، الحديث 18 .

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.