تدخل السلطة التنفيذية وتأثيرها على عضو البرلمان في النظام البرلماني |
1710
01:57 صباحاً
التاريخ: 5-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-17
1095
التاريخ: 29-3-2017
2965
التاريخ: 20/12/2022
1345
التاريخ: 21-10-2015
2264
|
هناك حالات تمكن السلطة التنفيذية من التدخل والتأثير والسيطرة على عضو البرلمان بشكل خاص، وعلى السلطة التشريعية بصورة عامة وتجعلها خاضعة لها أو مسيطرة عليها وتكون الغلبة للسلطة التنفيذية على حساب عضو مجلس النواب والسلطة التشريعية رغم وجود مبدأ الفصل بين السلطات ويمكن تلاحظ ذلك من خلال :
أولا / في حال تكوين البرلمان :
إن الدول تختلف في تشكيل البرلمان الخاص بها على حسب ما تنتهجه لساتيرها، سواء أكان النظام المجلس أو المجلسين، وقد نصت عدة دساتير على تأثير السلطة التنفيذية في الأنظمة البرلمانية من خلال التدخل في تشكيل البرلمان سواء كان ذلك بالتعيين أو الوراثة، ولو نرجع على بداية الدساتير لوجدنا أن النظام البريطاني يتكون من مجلسين هما مجلس العموم ومجلس اللوردات، اذ أن الأخير يتكون بطريق الوراثة أو التعيين (1).
وكذلك الحال في الأردن في مجلس الأعيان (2)، وأيضا إلى أعضاء مجلس الشورى البحريني (3)، اذ يتم تعينهم عن طريق الملك.
أما بالنسبة للدستور العراقي السنة (2005) النافذ (4)، فقد وضح ان السلطة التشريعية تتكون من مجلس النواب ومجلس الاتحاد، وان اختيار أعضاء مجلس النواب يكون بالانتخاب العام السري المباشر(5) ، في حين تم تأجيل العمل دستورية بمجلس الاتحاد.
لو تلاحظ ان اعتماد الية تعيين أعضاء البرلمان تكشف لنا مدى تدخل السلطة التنفيذية في تكوين البرلمان، وقدد برر ذلك جانب من الفقه (6)، ان هذا الأسلوب المتبع في تشكيل البرلمان هو الأفضل للدول التي كانت في بدايتها في طريق الديمقراطية، لكون أسلوب التعيين يساعد في استقطاب الكفاءات والخبرات لعضوية المجلس، في حين أن البعض الآخر من الفقه انتقد هذا الأسلوب (7) ؛ لأنه يتنافى مع مبدأ الديمقراطية التي تركز على مبدأ السيادة الوطنية، وما الانتخابات الا تعبيرا عنها، ونحن نرجع الرأي الأخير من حيث تدخل السلطة التنفيذية في تعيين النواب في المجلس، ونجدها من اشد الأمور التي تؤثر على استقلال البرلمان وأعضائهم من خلال حقهم في التصويت في المسائل التي تعرض عليهم بشكل عام، بل أن وجود هذه الالية لا محل للحديث عن استقلال النائب البرلماني وحريته في التصويت، إذ تجعل منه عين للسلطة التنفيذية في البرلمان وخصوصا أن مستقبله البرلماني بيد هذه السلطة (السلطة التنفيذية)، من حيث تمرير مشاريع القوانين المصلحة الحكومة أو تعطيلها من خلال الايعاز للأعضاء بذلك.
ثانيا / تشكيل الحكومة من رحم البرلمان :
في النظم البرلمانية عادة تولد الحكومة من رحم البرلمان، من خلال أن من يكلف بتشكيل الحكومة، يكون غالبأ زعيم حزب أو رئيس كتلة قد فاز في الانتخابات، وغالبا ما تكون أعضاء الحكومة (السلطة التنفيذية) هي من الكتلة الأكثر نيابية في البرلمان، إذ يدخل عادة رؤساء الأحزاب وأعضائه إلى البرلمان لتشكيل الحكومة اذ يتولون الوزارات السيادة كوزارة الدفاع والداخلية ووزارة المالية والخارجية، وهم جميعهم غالبا ما يكون أعضاء في البرلمان، ومن ناحية أخرى من خلال منح الحكومة الثقة من قبل البرلمان، فالحكومة تستمد شرعيتها من تأييديها من مجلس الشعب لها، وهذا ما يفسر افتتحاح جلسة البرلمان باسم الشعب أو نيابة عنه، وهذا ما نص عليها صراحة النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي يفتتح الرئيس كل جلسة مع ذكر رقم الجلسة على النحو الآتي (بسم الله الرحمن الرحيم... نيابة عن الشعب تفتتح الجلسة...)(8) . وقد حدد الدستور العراقي السنة (2005) النافذ ونظامه الداخلي إليه منح الثقة للحكومة إلأ يعرض رئيس المجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري على مجلس النواب، ويعد حائز ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة (9) وهم أغلبيتهم مثلما قلنا هم أعضاء نواب من المجلس.
ومنذ عام (2003) وبعد تغيير الحكم في العراق وأصبح نظام الحكم برلماني تلاحظ، منذ عهد الحكومة الانتقالية والعمل جاري على شكلية الدور الذي يمارسه النواب في المجلس على اختيار رئيس مجلس الوزراء المكلف والتصويت عليه، كونه رئيس توافق قد اتفق عليه رؤساء الكتل والأحزاب في صفقة واحدة تضم عادة الرئاسات الثلاث، ولا رأي للنواب، كونهم متحزبون أو منضمون تحت مظلة كتلة أو حزب كبير بغيره، لأنه ليس لهم القدرة على الوصول لكرسي النيابة، ومن هنا يتبين لنا أنه ليس لأحد من النواب من يستطيع التغريد خارج السرب أو التحليق بعيدة عنه، والا كان جزائهم الإقصاء أو التهميش، وهذه الآلية تثبت لنا سيطرة السلطة التنفيذية وتدخلها في أعمال أعضاء المجلس النواب والسيطرة عليهم وعلى حقهم في التصويت داخل مجلس النواب ومثال على ذلك:
بعد اعقاب إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية لسنة (2010) قد حصلت القائمة العراقية بزعامة الدكتور اياد علاوي على (91) مقعدة، وجاءت تالية قائمة دولة القانون بزعامة السيد نوري المالكي (89) مقعدأ، ووفق التقاليد والنظام البرلماني يكلف رئيس الجمهورية رئيس القائمة الذي حصل على أعلى الأصوات بتشكيل الحكومة، وفي حال فشل أو خفق المكلف بتشكيل الحكومة، يكلف الرئيس مرشحا آخر من القائمة ذاتها، أو من قائمة أخرى ربما تكون ائتلافية داخل مجلس النواب (10).
على ذلك اتفق كل من رئيس قائمة دولة القانون بزعامة نوري المالكي الحاصل على(89) مقعد مع قائمة الائتلاف الوطني الحاصلة على (70) مقعد، وتشكيل تحالف داخل مجلس النواب جديد باسم (التحالف الوطني)، وكلف برئاسة الوزراء الدكتور نوري المالكي .
نحن ننظر أن هذا التحالف قد قلب المعيار المعتمد في تكليف مرشح الحزب الفائز بالانتخابات في النظام البرلماني، وهذا بالقطع بعد رأي مخالف للإرادة الشعبية التي اختارت القائمة الفائزة في الانتخابات لتشكيل الحكومة، لذا نرى أن الانحراف قد بدأ منذ البداية وذلك بخرق نيابي واضح وفاضح وقد فتح الباب على مصراعيه لاستبداد السلطة التنفيذية واحتوائها في التحكم والسيطرة على مجلس النواب وأعضائه في حقهم على التصويت، من خلال أعضائها والتحالف الذي قد حصل في ما بين الكتل داخل مجلس النواب، وكان القضاء الدستوري له دور في ذلك .
نستخلص مما حصل أن هذه الاتفاقيات والمحاصصة داخل قبة البرلمان تدفع النواب إلى اللجوء للتحالف مع الكتلة النيابية الأكبر التي ستحكم وتسيطر على جميع مفاصل الدولة والمتمثلة بالسلطة التنفيذية للحصول على منافع شخصية تنفعه سواء حصل عليها في الوقت الحاضر أو يحصل عليها في المستقبل، وهذا لأن السلطة التنفيذية قد حصلت على أكثر المقاعد داخل مجلس النواب هذا من جهة، ومن جهة أخرى كيف لها الخوف أو المسائلة من البرلمان وهي تملك أكثر النواب لصالحها داخل المجلس في حال التصويت على محاسبتها أو تقصيرها، وهذه الوسائل جمعيها تؤثر على استقلال البرلمان بشكل عام وعلى النائب البرلماني بشكل خاص في حقة في التصويت، وهذا يعد انتهاك صريح من قبل الأعضاء لحقهم في التصويت والذي يفترض أن يمارسونه لتحقيق المصالح العليا للدولة والشعب وليس مصالح الأحزاب والكتل السياسية، لذا يجب على المشرع العراقي الانتباه إلى هذه الحالة، ويضع حلا لها ، لأن بقاء هذه الحالة تؤدي إلى التفرقة لا الوحدة بين النواب الذين هم ممثلين عن الشعب. فكيف يصبح حال الشعب؟
ثالثا / تدخل السلطة التنفيذية في عمل البرلمان :
إن تأثير السلطة التنفيذية على استقلال البرلمان في النظام البرلماني لم يتوقف عند حد تكوينه فقط بل أخذ يمتد ليشمل تدخل هذه السلطة (السلطة التنفيذية في الية سير العمل البرلماني، فقد اسندت الكثير من الدساتير البرلمانية اختصاص السلطة التنفيذية بدعوة البرلمان الأدوار انعقاده، وكذلك الأدوار الانعقاد غير العادية (الاستثنائية )، كما يبرز دور السلطة التنفيذية في هذا الصدد بتأجيل وانهاء دور الانعقاد العادي والاستثنائي للبرلمان(11) ، فمن المعروف أن البرلمان لا ينعقد بصفة مستمرة، بل ينعقد وفق مدة يحددها الدستور، وتسمى دورة الانعقاد العادي ويمارس المجلس من خلالها المهام البرلمانية، وفي بعض الأحيان قد تطر في حالة عطلة البرلمان ظروف غير عادية تستوجب إلى دعوة لانعقاد المجلس وتسمى اجتماع غير عادي (12)
نلاحظ أن الدساتير قد منحت لرئيس الدولة دعوة البرلمان للانعقاد العادي الا أنها لم تترك الأمر مشيئة لرئيس الدولة الشخصية، وانما وضعت مواعيد لستورية معينة يلتزم بها رئيس الدولة في دعوة البرلمان للانعقاد العادي، والا اعتبر منعقد بحكم القانون(13)، وقد منح الدستور الأردني السنة (1952) النافذ هذا الحق للملك في دعوة البرلمان للانعقاد العادي (14) ، وكذلك الاستثنائية، كما أن الدستور العراقي السنة (2005) النافذ قد اناط هذا الحق لرئيس الجمهورية في دعوة مجلس النواب للانعقاد الدورة بدورته العادية(15).
يتضح لنا أن المشرع قد الزم رئيس الجمهورية بتوجيه دعوة للبرلمان خلال مدة من زمن حددها الدستور ولم يترك له سلطة تقديرية. أما بخصوص دعوة المجلس إلى جلسة استثنائية فقد عالجها المشرع في الدستور العراقي الرئيس الجمهورية أو لرئيس مجلس الوزراء أو لرئيس مجلس النواب أو لخمسين عضو من أعضاء المجلس دعوة مجلس النواب إلى جلسة استثنائية.... )(16).
يتضح من هذا النص الصريح أن المشرع قد رغب في توزيع مهمة انعقاد المجلس الاستثنائي العدة جهات إذا ما اقتضت المصلحة العامة للانعقاد. وليس فقط تتدخل السلطة التنفيذية في انعقاد المجلس بل تتدخل أيضا في تأجيل الجلسات.
وهذا ما سلكة المشرع الأردني في منح الحق للملك في تأجيل جلسات البرلمان ثلاث مرات(17) وكذلك سلك المشرع الكويتي إذ منح للأمير هذا الحق في التأجيل (18) . وكذلك المشرع البحريني قد منح للملك تأجيل اجتماعات المجلس الوطني (19)، أما موقف المشرع العراقي في دستور (2005) النافذ يتبين أنه لم يستعمل مصطلح (التأجيل) للبرلمان، أو جلساته، بل أشار إلى تمديد الفصل التشريعي لدورة انعقاد مجلس النواب بما لا يزيد على ثلاثين يوما....) (20).
يتضح لنا أن المشرع العراقي قد اتبع نفس أسلوب دعوة البرلمان للانعقاد الجلسة استثنائية من حيث تعدد الجهات التي لها الحق في طلب تمديد الفصل التشريعي لمجلس النواب.
نستخلص مما ذكر أعلاه، أن تدخل السلطة التنفيذية في عمل البرلمان يحد بشكل أو آخر من استقلال البرلمان اتجاه السلطة التنفيذية التي ربما قد تستعمل هذه الوسائل في التأثير على استقلاله وهذا ينعكس بالتأثير السلبي على استقلالية عمل البرلمان بشكل عام والنائب البرلماني وحقه في التصويت بشكل خاص من خلال التدخل في عمله وخلق المشاكل التي تحد من استقلال البرلمان.
رابعا الجمع بين العضوية البرلمانية والوزارية :
أن أصل ولادة الحكومة هي من رحم البرلمان، فيدخل رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أي وزير أولا عضوا في البرلمان، ثم بعد ذلك يكلف بمهام التنفيذ في أي منصب، وان من أهم السمات للنظام البرلماني التي يتمتع بها هو الجمع بين العضوية البرلمانية والعضوية الوزارية، والتي ترتكز على مبدأ التعاون بين السلطتين، حتى أصبح هذا الجمع من مميزات النظام(21) ، إذ أصبح من العرف ان الوزراء غالبا ما يشكلون أعضاء مجلس النواب، كما ذهبت بعض اللمساتير إلى النص على ذلك (22) . وأبرزها الدستور الانكليزي ، اذ ذكرنا ان انكلترا مهد النظام البرلماني، قد طبق هذا المبدأ، فقد اجاز إلى الجمع بين عضوية البرلمان وعضوية الوزارة، إذ سمح لعضو البرلمان للترشيح لمنصب رئيس الوزراء أو منصب وزير أو العكس، وكذلك له الحق في الجمع في حال فوزه، ويحق له حضور الجلسات والكلام والمناقشة وحق التصويت. وقد جرت العادة في بريطانيا أن المجلس يختار رئيس الوزراء والوزراء من بين أعضائه (23)، وكذلك الحال للمشرع الأردني واللبناني فقد أجازا الجمع بين العضوية البرلمانية والعضوية الوزارية (24).
أما أغلب الدساتير قد نصت على التقييد بعلم الجمع بين عضوية المجلس النيابي والوظيفة العامة (25) ، ومن ضمن هذه الدساتير، دستور فرنسا لعام (1958)، اذ اشترط على العضو التفرغ اللعضوية، ويمنع ممارسة أي وظيفة أخرى طيلة فترة النيابة، وقد أعطى خيار للعضو في حالة تبوء منصب ميادي خلال شهرين ان يختار أما المنصب السيادي أو المقعد البرلماني، أما في حال استقالة الحكومة قبل نفاذ المدة الممنوحة للعضو، فيعد العضو محتفظ بمكانته ومقعده داخل البرلمان (26).
أما الدستور العراقي النافذ لسنة (2005) أكد المشرع على نظام الحكم البرلماني(27)، وان من سمات هذا النظام هو مبدأ التعاون والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أن الجمع بين العضويتين البرلمانية والوزارية هي أحد ميزات التعاون، الا أننا نجد أن المشرع العراقي قد ذهب إلى خلاف ذلك، ونص صراحة على ذلك في الدستور النافذ لسنة (2005) (28) : (لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب، وأي عمل، أو منصب رسمي آخر)، ونجد أن المشرع العراقي لم يكتف بذلك، بل ذهب إلى تكرار النص في هذا المنع في أكثر من موضع في الأنظمة الداخلية والقوانين، إذ أكد النظام الداخلي للمجلس لسنة (2006) على ذلك أيضا(29) ، كما أكد المشرع العراقي على نفس المعنى في قانون استبدال الأعضاء رقم (6) لسنة (2006) على ذلك(30).
في ضوء المواد أعلاه نجد أن المشرع العراقي يؤكد وفي أكثر من موضع على عدم جواز الجمع بين العضوية البرلمانية والوزارية، ونرى نحن أن المشرع العراقي كان موفقأ على عدم الجواز، لأن الجمع يثير العديد من الأسئلة، إذ نجد من جانب أنه يخل بالعمل المرجو من النائب كونه يمثل عين الشعب والرقيب على الأداء الحكومي، فكيف يتم ذلك إذ كان العضو هو جزء من السلطة التنفيذية وكيف يوجه سهام النقد للوزارة وهو أحد أعضائها، كذلك نجد ان يقر بعدم المساواة بين الأعضاء كون الوزير المتمتع بالعضوية البرلمانية أنه يتمتع بالتصويت داخل السلطة التنفيذية وكذلك في التصويت في البرلمان، وهذا ما يخل بمبدأ المساواة بين الأعضاء، كما أنه قد يثير إلى مبدأ الازدواجية والتضارب في استعمال حقه في التصويت، فقد يصوت الوزير داخل السلطة التنفيذية بالقبول في حين أنه يصوت بالرفض داخل المجلس، أو العكس في المشاريع المعروضة عليه، كذلك نجد أنه من الأمور السلبية التي تؤثر بشكل مباشر وواضح على استقلال النائب البرلماني وحقه في التصويت، إذ إن من الأمور المتفق عليها هو استقلال البرلمان بشكل عام والنائب البرلماني بشكل خاص للحد من تأثير السلطة التنفيذية اتجاه البرلمان والنائب، فكيف يتحقق هذا الاستقلال في ظل عضو برلماني يمثل جزءا من السلطة التنفيذية، وكيف يؤدي وظيفته الرقابية اتجاه سلطة هو جزء منها.
إذ كان هذا المبدأ يعد من أسس النظام البرلماني المتقدمة كبريطانيا، فهو غير صالح للتطبيق حاليا في العراق على أقل تقدير، والسبب في ذلك الحداثة التجربة الديمقراطية والمؤسسات السياسية الدستورية لتطبيق هذا الأمر وبشكل صحيح، بل قد وجدنا أن حتى الدول البرلمانية المتقدمة التي تأخذ به قد بدأت تعدل عنه (31)، ومنها الدستور الأردني(32)، عندما نص على جواز الجمع بين العضوية البرلمانية والعضوية الوزارية الا أنه نجد ان النظام الدستوري الأردني وبناء على رغبة الملك الذي يتربع على قمة الهرم السياسي قد تم العدول عن هذا المبدأ وتبني مبدأ الفصل بين عضوية الوزارة والنيابية في ظل العهد الرابع للدولة الأردنية وقد تم تبني هذا الفصل بين العضويتين في الحكومات المتعاقبة في هذا العهد، اذ لم تتضمن في عضويتها أي من أعضاء مجلس النواب والأعيان كما أن أعضاء مجلس الأعيان الذين تم تعيينهم في عضوية الوزارة قاموا بتقديم استقالتهم من عضوية مجلس الأعيان، بعد أدائهم اليمين القانوني أمام الملك.
ونحن نرى أن الحكمة من عدم الجمع بين الوظيفة النيابية والوظيفة العامة هي ضمان تحرير العضو من كل تأثير وقیود مفروضة من السلطة التنفيذية، فالعضو يجب أن يبدي آرائه وأفكاره وحقه في التصويت وهو غير خاضع لأحد، بل يجب أن يعمل وفق ما يراه ضميره والقانون دون الارتباط أو التأثير بالغير (33).
خامسا / في مجال تشريع القوانين:
إن من الأمور المتفق عليها أن البرلمان صاحب الاختصاص والاصيل في العملية التشريعية، وان النظام البرلماني قائم على مفهوم الفصل المرن بين السلطات، حيث أن للسلطة التنفيذية لها الحق في وضع مشروعات القوانين، لكون السلطة التنفيذية أكثر دراية وأقرب بأمور المواطنين من خلال إدارتها للحكم، بل أنها الأقدر على صياغة واعداد مشاريع القوانين (34).
وعلى مستوى التطبيق العملي تبقى المبادرة في اقتراح القوانين للسلطة التنفيذية وأغلب القوانين المصادق عليها في البرلمان هي أصلها صادرة عن السلطة التنفيذية سواء كانت مجسدة في رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، ويعلق أحد الفقهاء على ذلك، أن حق السلطة التنفيذية في العالم العربي باقتراح القوانين بقوله، أن السلطة التشريعية ضعيفة، وان السلطة التنفيذية هي التي تقترح مشاريع القوانين وتقوم بتقديمها إلى البرلمان، والذي يقوم بإقرارها بصورة شكلية وأوتوماتيكية (35).
وعلى هذا فأن، تدخل السلطة التنفيذية في المجال التشريعي للبرلمان قد يؤثر بشكل عام على استقلال البرلمان، كما يؤثر بصورة خاصة على استقلال النائب البرلماني وحقه في التصويت، لأنه في طبيعة الحال أن السلطة التنفيذية ستحاول تعديل القوانين بالصيغة التي تراها مناسبة لها، حتى أنها تضمن علم الاعتراض عليها من قبل النواب من خلال أعضائها المؤيدين لها داخل مجلس النواب، وهذا كله يؤثر بشكل سلبي على استقلالية النائب البرلماني وحقه في التصويت، وهذا يجعل العضو لا يكون بيده سوى التصويت أو عدم التصويت وان كان له حق التعديل، ولكن لا يكون له المبادرة التشريعية التي تعبر عن وجهات النظر للأعضاء فيما يخص موضوع معين.
كذلك تبرر سبب احتكار السلطة التنفيذية في مشاريع القوانين تعود لعدة أسباب، ومنها، آن البرلمان لا يحوي على فقهاء وحكماء قانونين، وانما يحوي أطياف المجتمع بتعددها الفئوي والمهني والوظيفي والكثير منهم غير متخصص في الحقل القانوني، وهذه كلها تؤثر في حال إعداد مشروع قانون لأن تشريع القوانين يحتاج إلى اختصاص فكيف يشرع البرلمان وهو بطبعه غير متخصص في التشريع(36)، ولا شك أن هذه المشاريع تقتضي قدرة عالية من الثقافة وبالذات الثقافة القانونية، وهذا ما تحتويه السلطة التنفيذية من كفاءات ذات خبرة وتجربة ودراية تجعلها قادرة على دعم الحكومة تقنية بحسم التوجهات السياسية التي يحددها رئيس الجمهورية الصياغتها في شكل مشاريع القوانين التي تبادر الحكومة بتقديمها للبرلمان لغرض التصويت، لذا نقترح على المشرع أن يضع قانون في الانتخابات البرلمانية، على الأعضاء الفائزين في الانتخابات اقامة دورات قانونية وتوعية لهم بشكل دوري حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة فيما يتعلق بالثقافة القانونية والتشريعية ويتمكنوا من مزاولة عملهم بكل ما يتطلبه البرلمان من مناقشة القوانين وتعاليها وتقديم مقترحات القوانين بشكل سليم.
سادسا / حل البرلمان من قبل السلطة التنفيذية :
إن النظام البرلماني القائم على أساس التعاون والتوازن بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، قد أعطى الحق للسلطة التنفيذية في حل البرلمان، بالمقابل إعطاء الحق للبرلمان في حجب الثقة عن الحكومة، فإذا قررت الحكومة حل البرلمان (37)، فإنه سيترتب على انهاء كيان عمل البرلمان قبل اونه، ويؤدي بالضرورة إلى إجراء انتخابات مبكرة لاختيار برلمان جديد (38).
إن هذا الإجراء يعد من الآليات الدستورية الخاصة بالنظام البرلماني، إذ تتمكن من خلاله السلطة التنفيذية بالحد من تجاوز السلطة التشريعية وتعسفها، مما يوفر عنصر التوازن والتعاون بين السلطتين، وفي هذه الحالة أنه يجنب الدولة من خطر الأزمات السياسية (39)، وفي بعض الأحيان قد يكون حل البرلمان من قبل السلطة التنفيذية بيد رئيس الدولة إذ يستعمله وفقا لسلطته التقديرية التي يراها، وعندئذ يسمى هذا الحل بالحل الرئاسي، أو قد يكون من قبل الوزير الأول وهو الأسلوب المتبع في أغلب الأنظمة البرلمانية، وهنا يسمى هذا الحل بالحل الوزاري، وقد يكون بشكل توافقي بين رئيس الدولة ورئيس الوزراء في حل البرلمان (40).
قد منح المشرع الأردني هذا الحق للملك في حل البرلمان (41)، وبناء على سلطته التقديرية، اللجوء لهذا الإجراء بحل مجلس النواب، وكذلك في حال عدم موافقة الرأي الشعبي عن أداء المجلس في الملك من حيث تقديره يأمر بحل المجلس (42)، وفق نصوص حدها الدستور ويجب مراعاتها (43).
تلاحظ أن السلطة التنفيذية تملك سلاح على السلطة التشريعية وهو حل البرلمان في حال عدم موافقتها في برنامجها الحكومي، فهذا بكل تأكيد سوف يؤثر على عضو البرلمان واستقلاله، على اعتبار أن هذا سلاح قد توجه الحكومة في حال رفض النواب في تمرير مشاريع قد اعدتها الحكومة مسبقة لغرض تنفيذها، لأن هذه المشاريع لا تقر الا بعد موافقة الأعضاء عليها، لذا تستطيع السلطة التنفيذية تهدید الأعضاء الرافضين للتصويت على مشروع قانون معين بحسب قناعة الأعضاء هو لا يحقق المصلحة العليا، فبكل تأكيد سوف يعلم الأعضاء أن الحكومة ستعمل على حل البرلمان كجزاء لرفضهم على التصويت، وعليه سيعمل العضو وفق توجهات الحكومة وما تعرضه من مشاريع قوانين وما عليه سوي التصويت عليها، سواء كانت تحقق المصلحة العليا أم لا.
أما بالنسبة للمشرع العراقي قد حدد في المادة (64) من الدستور لسنة (2000) النافذ على حق الحل اذ نصت المادة : أولا : يحل مجلس النواب، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بناء على طلب من ثلث أعضائه، أو طلب من رئيس مجلس الوزراء، وبموافقة رئيس الجمهورية ولا يجوز حل المجلس في أثناء مدة استجواب رئيس مجلس الوزراء).
يتضح لنا من هذا النص الدستوري أن المشرع الدستوري العراقي لم يتبنى فكر الحل الرئاسي وذلك لقصر حق رئيس الدولة في الموافقة على الطلب المقدم من قبل رئيس الوزراء في حل المجلس، إذ لم يترك الحل لرئيس الدولة وفق سلطته التقديرية، كما أنه لا يعد حل وزاري، لأنه جعل المشرع العراقي حل المجلس مرهون بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضائه في مجلس النواب، وهذا يعني حتى لو وافق رئيس الجمهورية على طلب رئيس مجلس الوزراء في حل البرلمان، فإنه لا يستطيع حل البرلمان، وذلك لأنه مرهون بموافقة مجلس النواب (44). كان الأجدر بالمشرع العراقي أن يجعل حل مجلس النواب بطلب من رئيس مجلس الوزراء وموافقة رئيس الدولة كونه من الأمور السائدة في الأنظمة البرلمانية، اسوة بما جرى عليه العمل في بريطانيا والأردن وغيرها باعتباره ان من سمات النظام البرلماني هو كونه قائم على التعاون والتوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية (45).
يتضح لنا مما ذكر أعلاه أن المشرع العراقي قد أخل، نوعا ما بأساس التعاون والتوزان في النظام البرلماني، وذلك من خلال جعل حل البرلمان من قبل السلطة التنفيذية هو مرهون بموافقة أعضاء مجلس النواب، وهذا يعني أنه جرد السلطة التنفيذية من أهم أسلحتها من حيث التأثير على السلطة التشريعية فيما إذ تعسفت السلطة الأخيرة في سلطتها.
_____________
1- د. حسان حد شفيق، الأنظمة السياسية والدستورية المقارنة، المكتبة القانونية، بغداد، 2007، ص 30.
2- ينظر المادة (36) من الدستور الأردني لسنة 1952 النافذ.
3- ينظر المادة (52) من دستور البحرين لسنة 2002 النافذ.
4- ينظر المادة (48) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
5- ينظر المادة ( 49 / أولا ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
6- د. عصام علي الدبس، السلطة التشريعية، المؤسسة الدستورية الأولى، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2011، ص 59. كذلك د. عبد الغني بسيوني، النظم السياسية والقانون الدستوري، الدار الجامعية، بيروت، 1992، ص 258، د. محمود عاطف البناء، الوسيط في النظم السياسية، 1990-1999، ص 351.
7- د. سعدي محمد الخطيب، العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الأنظمة الدستورية العربية، دراسة مقارنة منشورات الحلبي الحقوقية، ط1، 2008، ص 19، كذلك د. محد نصر مهنا، دراسة تطبيقية في النظام السياسي والدستوري، ط1، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2005، ص 302
8- ينظر المادة (39/أولا) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لعام 2006.
9- ينظر المادة (76/رابعا) من دستور جمهورية العراق النافذ لعام 2005.
10- د. علي يوسف الشكري، الحياة النيابية في العراق تاريخ وتجربة، ط1، مؤسسة دار الصادق الثقافية، العراق، 2017 ، ص91.
11- د. جعفر عبد السادة بهير الدراجي، تعطيل الدستور (دراسة مقارنة) ط1، دار الحامد للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2009، ص 178، وكذلك د. رافع خضر صالح شیر، مصدر سابق، ص 64.
12- د. رافع خضر شبر، فصل السلطتين التنفيذية والتشريعية في النظام البرلماني في العراق، ط1، مكتبة السنهوري، بغداد، 2012 ، ص 148-149.
13- د. رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري، والنظام الدستوري للجمهورية العربية المتحدة، دار النهضة العربية، القاهرة ، سلة 1970، ص 367.
14- ينظر المادة (34) من الدستور الأردني لعام 1952 النافذ.
15- ينظر المادة (5) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ (يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسوم جمهوري خلال خمسة عشر يوما من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة....).
16- ينظر المادة (58 /أو ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
17- ينظر المادة (81) من الدستور الأردني لعام 1952 النافذ.
18- ينظر المادة (106) من الدستور الكويتي لعام 1962 النافذ.
19- ينظر المادة (91) من الدستور البحريني لعام 2002 النافذ.
20- ينظر المادة (58/ثانيا) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
21- أن هذا التعاون في النظام البرلماني والذي يسمح للوزير أن يكون عضو في البرلمان لا وجود له في النظام الرئاسي الرئاسي الذي يقوم على أساس الفصل شبه المطلق بين السلطات، ينظر إلى د. هاني على الطهراوي، النظم الساسية والقانون الدستوري ط3 دار الثقافة والنشر والتوزيع 2011 ، ص 259.
22- د. عصام علي الدبس، السلطة التشريعية، المؤسسة الدستورية الأولى، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2011 ، ص 752.
23- عقیل محمد عبد، النظام السياسي البريطاني، العلاقة بين الحكومة والمعارضة، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1995 ص 38.
24- ينظر المادة (52) من الدستور الأردني لسنة 1952 النافذ، كذلك ينظر المادة (28) من الدستور اللبناني المعدل السنة 1929.
25- د. إسلام فؤاد معوض، الموظف العام وممارسة الحقوق والحريات العامة، منشأة المعارف، الاسنکدرية، 2017، ص 307 .
26- د. افين خالد عبد الرحمن خالد، المركز القانوني لعضو البرلمان، المركز العربي للدراسات والبحوث العالمية، القاهرة ، 2017 ، ص 278.
27- ينظر المادة (1) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ (جمهورية العراق دولة اتحادية... نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي...).
28- ينظر المادة (1149) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 النافذ.
29- ينظر المادة (15) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2009، كذلك للقانون رقم (13) لسنة 2018 المادة( 8/ اولا ) منه ، الذي نشر في الوقائع العراقية الجريدة الرسمية بالعدد (4499) بتاريخ 16/7/2018 .
30- ينظر المادة (1) من قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم (5) لسنة 2009 المعدل : (تنتهي العضوية في مجلس النواب لأحد الأسباب الآتية : تيوء عضو المجلس منصبأ في رئاسة الدولة أو مجلس الوزراء ، أو أي منصب حكومي أخر).
31- د. عصام علي الدبس، النظم السياسية، مصدر سابق، ص 273.
32- ينظر المادة (52) من الدستور الاردني لسنة 1952 النافذ.
33- د. حميد ابراهيم الحمادي، تطور السلطة التشريعية في دول الخليج العربي، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2016، ص 111.
34- د. عصام علي الدبس ، السلطة التشريعية، مصدر سابق، ص 744.
35- سعدي محمد الخطيب، العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الأنظمة الدستورية العربية، دراسة مقارنة منشورات الحلبي الحقوقية، ط1، 2008 ، ص 115.
36- علي موسى، التحليل البرلماني للتشريعات (الفلسفة، الالية، اللوائح البرلمانية، سلسلة دراسات برلمانية، العدد (الأول)، 2008، ص 35.
37- يجب أن يكون استعمال الحكومة لهذا الإجراء بناء على أسباب معقولة منها انعدام التعاون بين الحكومة والبرلمان أو عدم تمتع الحكومة بالأغلبية البرلمانية الكافية داخل مجلس النواب وغيرها من الأسباب، ينظر في هذا د. جعفر عبد السادة بهير الدراجي، مصدر سابق، ص 180
38- د. عصام علي الدبس، أسس التنظيم السياسيي ، مصدر سابق، ص 303.
39- المصدر نفسه، ص753
40- حسين عذاب السكيني، الموضوعات الأخلاقية في الدستور العراقي (دراسة قانونية ورؤية سياسية) النظام البرلماني - السلطة التنفيذية، ط، الخير للطباعة، العراق، 2009، ص 87-92.
41- ينظر المادة (34) من الدستور الأردني لعام 1952 النافذ.
42- د. عصام على الدبس، مصدر سابق، ص 754.
43- ينظر المواد (73و 74) من الدستور الأردني لعام 1952 النافذ.
44- أحمد محمد هادي، التنظيم الدستوري لحل مجلس النواب في دستور جمهورية العراق لسنة 2005، رسالة ماجستير ، كلية القانون، جامعة البصرة، 2012، ص 77، و ص 94، ومنهم من يذهب بان دستور العراق لسنة 2005 حاول الأخذ بالحل الوزاري عند اجاز لرئيس مجلس الوزراء اقتراح حل مجلس النواب، ينظر، علي سعد عمران، حدود حل البرلمان، دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه ، كلية القانون، جامعة بابل، 2013، ص59
45- أحمد محمد هادي، مصدر سابق، ص 96.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|