أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-08-2015
1129
التاريخ: 24-12-2018
713
التاريخ: 12-1-2019
1753
التاريخ: 29-12-2018
6436
|
إن المعجزات الباهرة الظاهرة بالمعنى الدالّة على نبوّته سوى القرآن(كثيرة) :
[1] فمنها : شقّ القمر نصفين بمكّة ،
وقد نطق به القرآن (1).
وعن عبد الله بن مسعود أنّه قال : «
انشقّ القمر حتّى صار فرقتين ، فقال كفّار أهل مكّة ؛ هذا سحر سحركم به ، قال :
فسئل السفار وقد قدموا من كلّ وجه ، فقالوا : رأيناه » (2).
وبيانه على ما روي عن الصادق عليه
السلام : « أنّه كان في الليلة الرابعة عشرة من ذي الحجّة باستدعاء أربعة عشر نفرا
من أصحاب العقبة ـ بعد تخيير النبيّ صلى الله عليه وآله لهم في اختيار أيّ معجزة يريدون واختارهم شقّ القمر ـ ونزل جبرئيل من
الله تعالى واختاره فيه بأنّ جميع مكوّنات العالم العلوي والسفلي مطيعة له ، فعند
ذلك أمر النبيّ صلى الله عليه وآله للقمر بالانشقاق ، فانشقّ ، فسجد النبيّ صلى الله عليه وآله والمؤمنون شكرا ، وبعد رفع الرأس قال المنافقون : قل للقمر أن يرجع
إلى حاله الأوّل ، فأمر ، فرجع ، ثمّ لمّا قالوا : قل له أن ينشق ثانيا ، فانشقّ ،
فقالوا : إخواننا في السفر إلى الشام واليمن فإذا رجعوا نسألهم عن حال القمر فإن
رأوا كما رأيناه ، علمنا أنّه من الله ، وإلاّ فنقول : هذا سحر مستمرّ » (3).
ودفعه أنّه لو كان سحرا لما وقع ذلك ،
ولمّا كان.
[2] ومنها : مجيء الشجرة إليه صلى الله عليه وآله ، فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : « لقد كنت معه صلى الله عليه وآله لمّا أتاه الملأ من قريش فقالوا : يا محمّد ، إنّك قد ادّعيت عظيما
لم يدّعه آباؤك ، ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أجبنا إليه وأريناه علمنا
أنّك نبيّ ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنّك ساحر كذّاب ، فقال لهم : وما تسألون؟ »
قالوا : تدعو لنا هذه الشجرة حتّى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك ، فقال صلى الله عليه وآله : إنّ الله على كلّ شيء قدير ، فإن فعل ذلك بكم تؤمنون وتشهدون
بالحقّ؟ قالوا : نعم ، قال : فإنّي سأريكم ما تطلبون ، وإنّي لأعلم أنّكم لا
تفيئون إلى خير ، وإنّ فيكم من يطرح في القليب ، ومن يحزب الأحزاب ، ثمّ قال :
أيّتها الشجرة ، إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر ، وأنّي رسول الله فانقلعي
بعروقك حتّى تقفي بين يديّ بإذن الله. والذي بعثني بالحقّ لانقلعت بعروقها وجاءت
ولها دويّ شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتّى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله مرفوعة، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله ، وبعض أغصانها على منكبين
وكنت على يمينه صلى الله عليه وآله ، فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا ـ علوّا واستكبارا ـ : فمرها فليأتك
نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها بأعجب إقبال وأشدّ دويّ ، وكادت
تلتف برسول الله ، فقالوا ـ كفرا وعتوّا : ـ فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه ،
فأمره صلى الله عليه وآله فرجع ، فقلت
أنا : لا إله إلاّ الله إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول الله ، وأوّل من آمن بأنّ
الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا بنبوّتك وإجلالا لكلمتك ، فقال القوم : بل
ساحر كذّاب عجيب السحر خفيف فيه ، فهل يصدّقك في أمرك غير هذا؟ يعنونني » (4).
[3] ومنها : خروج الماء من بين أصابعه
، وذلك كما قيل : إنّهم كانوا في سفر فشكوا أن لا ماء معهم وأنّهم بمعرض التلف
وسبيل العطب ، فقال : « كلاّ إنّ معي ربّي ، عليه توكّلت » ثمّ دعا بركوة فصبّ
فيها ماء ما كان ليروي رجلا ضعيفا ، وجعل يده فيها ، فنبع الماء من بين أصابعه،
فصيح في الناس فشربوا وسقوا حتّى نهلوا أو علوّا ـ وهم ألوف ـ وهو يقول : « أشهد
أنّي رسول الله » (5).
[4] ومنها : حنين الجذع الذي كان يخطب
صلوات الله عليه عنده ، وذلك كما روي أنّه كان في مسجده بالمدينة يستند إلى جذع
فيخطب الناس ، فلمّا كثر الناس اتّخذوا إليه منبرا ، فلمّا صعده حنّ الجذع حنين
الناقة التي فقدت ولدها ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله فضمّه إليه وكان يئنّ أنين الصبيّ الذي يسكت (6).
[5] ومنها : حديث شاة أمّ معبد ، وذلك
أنّه صلى الله عليه وآله عند مهاجرته من
مكّة ـ مع أبي بكر وغيره ـ مرّ على أمّ معبد فسألوا تمرا أو لحما ليشتروا ، فلم
يصيبوا عندها شيئا إلاّ شاة بلا لبن خلقها الجهد، فبعد الاستئذان للحلب دعا رسول
الله صلى الله عليه وآله بإناء ، فحلب
فيه ، فسقاها حتّى رويت ، وسقى أصحابه حتّى رووا ، فشرب صلى الله عليه وآله فقال : « ساقي القوم آخرهم شربا » فشربوا جميعا عللا بعد نهل ، ثمّ
حلب فيه ثانيا ، ثمّ ارتحلوا عنها ، الخبر (7).
[6] ومنها : خبر سراقة بن جعشم ، وهو
أنّه تبعه صلى الله عليه وآله وهو متوجّه إلى
المدينة فساخت قوائم فرسه حتّى تغيّبت بأجمعها في الأرض ، وهو بموضع جدب وقاع صفصف
، فعلم أنّ الذي أصابه أمر سماويّ ، فنادى : يا محمّد ، ادع ربّك يطلق لي فرسي ،
وذمّة الله عليّ أن لا أدلّ عليك أحدا ، فدعا له فوثب جواده كأنّه أفلت من أنشوطة
، (8) فعلم بما رأى أنّه سيكون له نبأ ، فقال : اكتب أمانا ، فكتب وانصرف (9).
[7] ومنها : حديث الغار ، وهو أنّه صلى الله عليه وآله لمّا أوى عند الهجرة إلى غار بقرب مكّة، فخرج القوم يطلبه ، فأعمى
الله أثره ـ وهو نصب أعينهم ـ وبعث سبحانه العنكبوت فنسجت في وجه النبيّ صلى الله عليه وآله فسترته ، وبعث حمامتين وحشيّتين فوقعتا بفم الغار ، فمن تعجّل منهم
لينظر من في الغار بقدر أربعين ذراعا رجع إلى أصحابه ، فقالوا له : ما لك لا تنظر
في الغار؟ فقال : رأيت حماما بفم الغار فعلمت أن ليس فيه أحد ، وسمع النبيّ صلى الله عليه وآله ما قال (10).
[8] ومنها : كلام الذئب. بيانه أنّ
رجلا كان في غنمه يرعاها ، فأغفلها سويعة من نهاره. فعرض ذئب فأخذ منها شاة ،
فأقبل يعدو خلفه ، فطرح الذئب الشاة ، ثمّ كلّمه بكلام فصيح ، فقال : تمنعني رزقا
ساقه الله إليّ؟ فقال الرجل : يا عجبا الذئب يتكلّم ، فقال : أنتم أعجب وفي شأنكم
للمعتبرين عبرة ، هذا محمّد يدعو إلى الحقّ ببطن مكّة وأنتم عنه لاهون ، فأبصر
الرجل رشده وأقبل حتّى أسلم ، وأبقى يراجع شرفا لا تخلقه الأيّام يفتخرون به ،
ويقولون : إنّا بنو مكلّم الذئب (11).
[9] ومنها : كلام الشاة المسمومة
المهداة من اليهوديّة بخيبر ، حيث دعا أصحابه إليه فوضع يده، ثمّ قال : « ارفعوا
فإنّها تخبرني بأنّها مسمومة » وقد كان صلى الله عليه وآله تناول منها قليلا قبل أن كلّمته ، ليعلم أنّه مخلوق وعبد (12).
وصار ذلك سبب الشهادة مع عوده كلّ
سنة.
[10] ومنها : إشباع الألوف من قومه
يوم الأحزاب بقوت رجل أو رجلين بعد دعوة رجل من أصحابه إليها واحتفال القوم معه ،
وأمره صلى الله عليه وآله بتغطية الإناء
، وأكل القوم كلّهم منه حتّى شبعوا كأن لم يجوعوا ، والطعام بحاله بلا نقص (13).
[11] ومنها : إشباع قومه في غزوة تبوك
بفضلة زاد لهم وهي بضع عشرة تمرة ، حيث شكوا الجوع ، فطرحت تلك التمرة بين يديه
فوضع يده عليها وقال : « كلوا بسم الله » فأكل القوم حتّى شبعوا وهي بحالها يرونها
عيانا (14).
وبالجملة : فمعجزاته أكثر من أن تحصى ، كإخباره صلى الله عيه وآله بالمقاتلة
مع أمير المؤمنين (15) عليه السلام وقتل الحسين عليه السلام ومصارع أهل بيته (16) ،
ونحو ذلك.
وعن بعض أنّ أعلامه تبلغ ألفا (17) فالأولى الاقتصار على ما ذكرنا. وتلك
المعجزات وإن كان كلّ واحدة منها منقولة بخبر واحد بحسب الكيفيّة في [ البعض ] (18)
والأصل في البعض، إلاّ أنّه يحصل من جميعها القطع بصدور المعجزة من النبيّ صلى الله
عيه وآله ويقال له : المتواتر المعنوي ، كالعلم بجود حاتم ، وشجاعة رستم ، وعدل نوشيروان
، بالحكايات المنقول كلّ واحدة منها بخبر واحد.
فنقول : إنّ محمّد بن عبد الله ادّعى النبوّة وختم الرسالة ، وعمومها بالنسبة
إلى الثقلين ، ونسخ ملل السابقين ، وأظهر المعجزة على طبقها. وكلّ من كان كذلك فهو
نبيّ من عند الله ، وما ادّعاه حقّ ، محمّد بن عبد الله نبيّ من عند الله وما ادّعاه
من ختم الرسالة وعمومها ونحوهما حقّ.
فإن قلت : إن كان في الملل المنسوخة مفسدة فوضعها قبيح ، وإلاّ فرفعها
قبيح ، ولا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّه تعالى وضعها ويمتنع كون ما صدر منه تعالى قبيحا
... فتعيّن الثاني ، فتكون الملّة الثانية لموسى عليه السلام بالاتّفاق غير مرفوعة
، فيكون ملّة محمّد صلى الله عيه وآله التي تكون ناسخة لها غير ثابتة.
قلت : ذلك مدفوع بالنقض والحلّ. أمّا النقض فبالملل السابقة على ملّة موسى
عليه السلام المنسوخة بها وغيرها ، كما قيل : إنّه ورد في التوراة أنّه كان أكل جميع
ما يدبّ على الأرض حلالا على
آدم عليه السلام وحوّاء ، وحرّم أكل بعض الحيوانات على نوح عليه السلام، وأنّ الختان
كان جائزا لنا حراما على نوح ، وصار واجبا فوريّا على من تأخّر عنه من الأنبياء ، وأنّ
الجمع بين الأختين كان حلالا في شريعة آدم ونوح عليهما السلام وصار حراما في شريعة
موسى عليه السلام كما في شريعتنا.
وأمّا الحلّ فبأنّ حسن الأشياء وقبحها على قسمين : ذاتي ، وعرضي ، فقد
يصير الحسن بالذات قبيحا بالعرض كالصدق الضارّ ، وبالعكس كالكذب النافع ، فبحسب المصالح
يختلف الحال ، فلعلّ الملل المنسوخة كانت في زمانها فيها مصلحة اقتضت وضعها ، ولمّا
انتفت تلك المصلحة في الزمان المتأخّر عنه ، بل اقتضت المصلحة خلافها ونسخت ووضعت خلافهما.
فيمكن أن تكون المنسوخة قبيحة بالذات ، حسنة بالعرض ، والناسخة بالعكس
في زمان المنسوخة ، ولمّا انتفت المصلحة الموجبة لحسن المنسوخة القبيحة ، وقبح الناسخة
الحسنة ، حكم بمقتضى حكم الحسن والقبح الذاتيّين بالنسبة إلى الناسخ والمنسوخ ؛ لأنّ
الضرورة تتقدّر بقدرها ، كما في أكل الميتة عند الضرورة ، ويمكن أن يكون الأمر بالعكس
، فلمّا تحقّقت المصلحة الموجبة لقبح المنسوخة الحسنة ، وحسن الناسخة القبيحة ، حكم
بمقتضى الحسن والقبح العرضيين المقتضي أوّلهما وجود المصلحة في الناسخ ، وثانيهما تحقّق
المفسدة في المنسوخ ، فلا إشكال.
فإن قلت : إنّ اليهود أخبروا عن موسى عليه السلام قوله : « تمسّكوا بالسبت
أبدا » فما دام السبت باقيا كانت شريعة موسى عليه السلام باقية.
قلت أوّلا : إنّه غير ثابت النقل منهم ، بل هو موضوع أوقع بين اليهود.
والدليل على ذلك أنّه لو كان ثابتا لوجب محاجّة اليهود مع النبيّ صلى
الله عليه وآله بذلك ، ولو وقعت المحاجّة لنقلت ، ولم تنقل.
ولو سلّمنا بثبوته بين اليهود ، نمنع صدوره عن موسى عليه السلام ؛ لعدم
اتّصال عدد التواتر من أزمان
اليهود إلى زمان موسى عليه السلام ؛ لاستئصال بخت نصّر لهم ، بحيث لم يبق منهم عدد
التواتر كما قيل ، ولا أقلّ من عدم العلم.
وثانيا : إنّ مثل هذا الكلام يسمّى عرفيّة ، فالمعنى المفهوم منه عرفا
: تمسّكوا بالسبت أبدا ما دامت شريعتكم باقية ، كما يقال : اكتب بالقلم أبدا ، والمعنى
ما دمت كاتبا.
__________________
(1) الانشقاق (84) : 1.
(2)
« إعلام الورى » 1 : 84.
(3) « بحار الأنوار
» 17 : 351 ـ 352 ، ح 1 ، بتفاوت يسير.
(4) « إعلام الورى
» 1 : 74 ـ 75 ، وقد صحّحنا النقل على المصدر.
(5) المصدر السابق
1 : 76 ، نقله بتفاوت يسير.
(6) المصدر السابق
1 : 76.
(7) المصدر
السابق.
(8) الأنشوطة هي
العقدة التي يسهل انحلالها. انظر « المعجم الوسيط » : 922 « ن. ش. ط».
(9) « الكافي »
8 : 218 ـ 219 ، ح 378 ؛ « إعلام الورى » 1 : 77 ـ 78 ، وقد صحّحنا النقل على المصدر.
(10) « إعلام الورى
» 1 : 78 ـ 79.
(11)
المصدر السابق : 79.
(12) « كنز الفوائد
» 1 : 173 ؛ « كشف الغمّة » 1 : 27 ؛ « إعلام الورى » 1 : 80.
(13) « الخرائج
والجرائح » 1 : 27 ؛ « إعلام الورى » 1 : 80.
(14) « كنز الفوائد
» 1 : 27 ؛ « إعلام الورى » 1 : 80.
(15) « إعلام الورى
» 1 : 92.
(16) المصدر السابق
1 : 93.
(17) المصدر السابق
1 : 89.
(18) بين المعقوفتين
منّا أضفناه لاستقامة المتن.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|