المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

تراجم اسلامية عريقة
18-11-2014
أسلوب الأسئلة العدة
17-3-2020
الكلام والسكوت والصمت
25-2-2019
تعريف ديمومة النص القانوني
2024-03-21
دعوةٌ إلى العفوِ عندَ المقدرةِ
29-9-2020
Giuga Sequence
27-10-2020


النبي وصفاته والدليل على صدقه  
  
975   11:29 صباحاً   التاريخ: 3-08-2015
المؤلف : المحقق الحلي
الكتاب أو المصدر : المسلك في اصول الدين وتليه الرسالة الماتعية
الجزء والصفحة : ص 153
القسم : العقائد الاسلامية / النبوة / صفات النبي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-4-2018 962
التاريخ: 24-4-2018 845
التاريخ: 3-08-2015 1204
التاريخ: 3-08-2015 976

في النبوات وفيه... ﺛﻼﺛﺔ ﺑﺤﻮﺙ:

ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ:

ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻤﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻐﻴﺮ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﻓﻘﺪ ﺻﺎﺭ ﺑﻌﺮﻑ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻐﻴﺮ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻓﻴﻘﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺹ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﻻ ﻳﻘﻊ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﻠﻚ. ﻭﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺣﺴﻨﺔ، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻭﺧﻠﻮﻫﺎ ﻋﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﺳﺪ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻨﺎ. ﻭﻳﺤﻜﻰ ﻋﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻬﻨﺪ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻘﺒﺢ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ. ﻭﺍﺣﺘﺠﻮﺍ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺇﻥ ﺟﺎﺀ ﺑﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻛﺎﻑ، ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺀ ﺑﻤﺎ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻟﻢ ﻳﺠﺰ ﺍﻻﻧﻘﻴﺎﺩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﺟﺎﺀ ﺑﺈﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ. ﻭﻟﻘﺎﺋﻞ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺘﻔﺼﻴﻞ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺟﻤﻠﺔ ﻻ ﺗﻔﺼﻴﻼ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻳﺸﻬﺪ ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻄﻔﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺐ ﻓﻬﻮ ﻭﺍﺟﺐ. ﺛﻢ ﻻ ﻧﻬﺘﺪﻱ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻣﺜﻼ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻣﺸﺘﻤﻼ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻠﻄﻒ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺃﺷﺒﺎﻫﻪ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻓﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺴﻤﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺃﺷﺎﺭﻭﺍ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺻﺮﻳﻦ. ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﻮﺟﻪ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻛﻮﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﺮﺷﺪﺍ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﺮﺷﺪﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻮﺭ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﻞ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻗﺒﻠﻬﺎ. ﻭﻫﻞ ﻫﻮ ﻣﻌﺼﻮﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺴﻬﻮ ﺃﻡ ﻻ؟

ﻓﻴﻪ ﺧﻼﻑ ﺑﻴﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ، ﻭﺍﻷﺻﺢ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑﻌﺼﻤﺘﻪ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ.

 ﻟﻨﺎ: ﻟﻮ ﺟﺎﺯ ﺷﺊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﺠﺎﺯ ﺗﻄﺮﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻣﺤﺎﻝ، ﻭﻷﻥ  ﺃﻳﻀﺎ. (1)

[ﺍﻟﺒﺤﺚ] ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨﺒﻲ:

ﻭﺍﻟﻀﺎﺑﻂ ﻋﺼﻤﺘﻪ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ، ﺃﻭ ﻳﻨﻔﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ، ﻓﺎﺗﻔﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﻛﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻭﺟﻮﺩﺓ ﺍﻟﺮﺃﻱ، ﻭﺇﻥ ﻭﺟﺪ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﻖ ﻋﻴﺴﻰ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ -، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﺷﺘﺮﺍﻁ ﺳﻼﻣﺘﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻴﻮﺏ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ ﻛﺎﻷﺑﻨﺔ، ﻭﺍﻧﻄﻼﻕ ﺍﻟﺮﻳﺢ، ﻭﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺬﺍﻡ ﻭﺍﻟﺒﺮﺹ. ﻭﺃﺟﺎﺯﻭﺍ ﺍﺗﺼﺎﻓﻪ ﺑﺎﻟﻌﻤﻰ ﻭﺍﻟﺼﻤﻢ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻓﻘﺪ ﺍﺧﺘﻠﻔﻮﺍ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺼﻤﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﻠﻴﻎ ﻻ ﻏﻴﺮ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻋﺼﻤﻪ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺃﻧﻪ ﻣﻌﺼﻮﻡ ﻣﻊ ﺗﺠﻮﻳﺰ ﺫﻟﻚ ﻳﺮﺗﻔﻊ ﺍﻟﻮﺛﻮﻕ ﺑﺨﺒﺮﻩ، ﻓﻴﻨﺘﻘﺾ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﺒﻌﺜﺔ. ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﻬﻮ ﻣﻌﺼﻮﻡ ﻋﻦ ﺗﻌﻤﺪ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻭ ﻛﺒﻴﺮﺓ، ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻗﻮﻟﻪ:{لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: 124].(2) ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺗﻀﻤﻨﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﻭﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺒﺎﺭ... ﻣﺎ ﻇﺎﻫﺮﻩ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﻓﻤﺤﻤﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ، ﻷﻥ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﻗﺾ ﺍﻷﺩﻟﺔ. ﻭﻟﻨﺬﻛﺮ ﻃﺮﻓﺎ ﻣﻦ ﻣﺎ ﻧﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻓﺎﺿﻞ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻟﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻋﻨﻪ ﻣﻌﻴﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﺎ ﻧﺴﺐ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ.

ﻛﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121].

ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻧﻮﺡ: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ } [هود: 45].

ﻭﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺠﻴﺒﺎ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46].

ﻭﻗﻮﻟﻪ ﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ: { وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: 86]...

ﻭﻗﻮﻟﻪ: {هَذَا رَبِّي} [الأنعام: 77] ﺗﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺠﻢ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ.

ﻭﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻣﻮﺳﻰ: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} [الأعراف: 155].

 ﻭﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻋﻴﺴﻰ: {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﻜﻔﺮﻫﻢ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻪ.

ﻭﻓﻲ ﻗﺼﺔ ﻣﺤﻤﺪ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2].

{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7].

{وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} [الشرح: 2].

ﻷﻥ ﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻭﻛﻤﺎ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺐ، ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻨﺪﻭﺏ، ﻭﻣﻊﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﻛﻞ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ، ﻳﺠﺐ ﺗﻨﺰﻳﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﻤﻨﺪﻭﺏ، ﻟﻴﺴﻠﻢ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﻌﻦ. ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻐﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﺪ ﺍﻟﺮﺷﺪ، ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺿﺪ ﺍﻟﻈﻔﺮ ﻛﻘﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:

ﻭﻣﻦ ﻳﻠﻖ ﺧﻴﺮﺍ ﻳﺤﻤﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻣﺮﻩ * ﻭﻣﻦ ﻳﻐﻮ ﻻ ﻳﻌﺪﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻲ ﻻﺋﻤﺎ ( ﺃﻱ ﻳﺨﺐ). ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻵﻳﺔ: ﻭﺧﺎﻟﻒ ﺁﺩﻡ ﺭﺑﻪ ﻓﺨﺎﺏ، ﻭﻟﻢ ﻳﻈﻔﺮ ﺑﻤﺮﺍﺩﻩ. (3)

 ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺔ ﻧﻮﺡ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻓﻐﻴﺮ ﺩﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﻏﺎﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻧﻪ ﻭﺻﻒ ﺍﺑﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺮﻑ، ﻭﺇﺧﺮﺍﺝ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺇﺧﺮﺍﺝ ﻟﻪ ﻋﻦ ﺍﻷﻫﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻋﺪﻩ ﺑﻨﺠﺎﺗﻬﻢ، ﻓﻜﺄﻧﻪ ﻗﺎﻝ: ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺃﻫﻠﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻋﺪﻧﺎﻙ ﺑﻨﺠﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻗﺪ ﻳﺸﺘﺒﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺒﻬﻪ .

ﻭﺃﻣﺎ ﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻷﺑﻴﻪ، ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺠﻬﻞ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻟﻪ، ﺑﻞ ﻟﻤﻮﺍﻋﺪﺗﻪ ﺇﻳﺎﻩ، ﻓﺄﺭﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺮﺍﺀ ﺳﺎﺣﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ، ﻷﻥ ﻻ ﻳﻈﻦ ﺑﻪ ﺍﻟﺨﻠﻒ، ﻭﻟﻴﻜﻦ ﺣﺠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻴﻪ ﺃﺗﻢ.

ﻭﻟﻴﻜﻦ ﺣﺠﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻴﻪ ﺃﺗﻢ. ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻫﺬﺍ ﺭﺑﻲ) ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻔﺮﺍ ﺇﻻ ﻣﻊ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ ﻟﺼﺤﺘﻪ، ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻼ ﻧﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻄﻮﻳﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩ، ﻭﻗﺪ ﻳﻘﺎﻝ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﺘﻘﺪﻳﺮ ﻟﻤﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ، ﻛﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺭﺑﻲ ﻟﻤﺎ ﺃﻓﻞ، ﻓﻔﺮﺽ ﻭﻗﻮﻋﻪ ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺎﻟﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﺮﺽ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻣﺬﻫﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﻄﺮ. (4)

 ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺔ ﻣﻮﺳﻰ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻓﺎﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻬﺎ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭﻭﺍﻻﻣﺘﺤﺎﻥ، ﻭﻳﺸﻬﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] ﻭﻗﻮﻟﻪ: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه: 131] ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ ﺍﻻﺧﺘﺒﺎﺭ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺔ ﻋﻴﺴﻰ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻓﻨﻘﻮﻝ: ﺇﻧﻤﺎ ﻋﻠﻢ ﻭﺟﻮﺏ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻉ، ﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻓﺠﺎﺋﺰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻴﺴﻰ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﺟﻮﺯ ﻏﻔﺮﺍﻥ ﺍﻟﻜﻔﺮ، ﻛﻤﺎ ﻳﺠﻮﺯ ﻏﻔﺮﺍﻥ ﺍﻟﻔﺴﻖ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻮﺍﺯ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻗﺎﺩﺣﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﻤﺘﻪ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻗﺼﺔ ﻣﺤﻤﺪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻣﺼﺪﺭ، ﻓﻜﻤﺎ ﺗﺼﺢ ﺇﺿﺎﻓﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﺗﺼﺢ ﺇﺿﺎﻓﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻔﻌﻮﻝ، ﻛﻤﺎ ﻳﻀﺎﻑ ﺍﻟﻀﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀﺎﺭﺏ ﻭﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻀﺮﻭﺏ. ﻓﺎﻟﺬﻧﺐ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺑﺎﻟﻨﺒﻲ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺘﺢ، ﻓﺈﻥ ﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺇﺳﻼﻣﻬﻢ ﻳﻐﻔﺮ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺬﻧﺐ، ﻭﺃﺿﻴﻒ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻷﻧﻪ ﻭﻗﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻘﻪ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﺠﺎﺋﺰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﺧﺒﺎﺭﺍ ﻋﻦ ﺿﻼﻟﻪ ﺑﻴﻦ ﻣﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﻜﻰ ﻭﻗﻮﻉ ﺫﻟﻚ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺘﻴﻘﻨﺎ ﻓﻬﻮ ﻣﻤﻜﻦ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺣﺴﻦ ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﻧﺰﻟﺖ ﺑﻤﻜﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﻼﻝ ﻋﻦ ﺍﻛﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺵ، ﺃﻭ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ، ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺪﻳﻦ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻮﺯﺭ ﺍﻟﻤﻨﺴﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ، ﻓﻴﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺛﻘﻞ ﺍﻫﺘﻤﺎﻣﻪ ﻟﻔﺘﺢ ﻣﻜﺔ، ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﻨﺪﻫﺎ، ﻭﺍﻟﻮﺯﺭ ﻫﻮ ﺍﻟﺜﻘﻞ. ﻳﺸﻬﺪ ﻟﺬﻟﻚ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ:

ﻓﺄﻋﺪﺩﺕ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﺃﻭﺯﺍﺭﻫﺎ * ﺭﻣﺎﺣﺎ ﻃﻮﺍﻻ ﻭﺧﻴﻼ ﺫﻛﻮﺭﺍ

 ﻻ ﻳﻘﺎﻝ: ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﻣﺼﻴﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ، ﻭﻋﺪﻭﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ.

ﻷﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ: ﻗﺪ ﻳﺼﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯ ﻟﺪﻻﻟﺔ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻞ. ﻭﻧﺰﻳﺪﻩ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻭﻗﻌﺖ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ، ﻟﻜﺎﻥ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺠﺐ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ، ﻭﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﺭﺗﻜﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ، ﺃﻭ ﻻ ﻳﺠﺐ، ﻭﻫﻮ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻨﺒﻲ.

ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻣﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ : ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮﺍﻥ :

 ﺇﻣﺎ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺃﻭ ﻧﺺ ﺍﻟﻨﺒﻲ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻳﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻭﻝ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ، ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻮﺓ ﻣﻦ ﻳﻨﺺ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻜﺎﻥ ﻧﺒﻮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰ ﺍﻟﺪﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﺮﻕ.

ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﺫﻟﻚ ﻓﺎﻟﻤﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻋﺎﺟﺰﺍ، ﻭﻓﻲ ﺍﻻﺻﻄﻼﺡ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻌﻞ  ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻖ ﻟﺪﻋﻮﻯ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ، ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﺃﻧﻪ ﻟﻮﻻ ﺫﻟﻚ ﻟﺰﻡ ﺃﺣﺪ ﺃﻣﺮﻳﻦ: ﺇﻣﺎ ﺍﻟﻌﺒﺚ ﺃﻭ ﺍﻹﻳﻬﺎﻡ، ﻭﺍﻟﻘﺴﻤﺎﻥ ﺑﺎﻃﻼﻥ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻼﺯﻣﺔ ﻓﻸﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻟﻜﺎﻥ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻏﺮﺽ، ﻭﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﻳﻠﺰﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺒﺚ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻏﺮﺽ ﻓﺈﻣﺎ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﺑﺘﻘﺪﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﻻ ﺩﻻﻟﺔ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﻨﻪ ﺍﻹﻳﻬﺎﻡ  ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ: ﺻﺪﻗﺖ، ﺇﺫ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﻭﻛﺎﻟﺔ ﻣﺜﻼ ﻭﻗﺎﻝ ﺇﻧﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻋﻘﻴﺐ ﺩﻋﻮﺍﻱ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺮ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺑﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺟﺎﺭﻳﺎ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﺮﺩﻩ ﻟﺰﻡ ﺍﻹﻳﻬﺎﻡ...

ﻭﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻫﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺼﺪﻕ ﻣﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻓﺎﻟﻤﻌﺠﺰ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ [أي مشاهدة الناس للمعجزة] ﻓﻼ ﺑﺤﺚ، ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﻞ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺗﺮ ﻻ ﻏﻴﺮ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺮﻳﺪ ﻟﻠﻤﺤﻘﻖ ﺍﻟﻄﻮﺳﻲ: ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺣﺴﻨﺔ ﻻﺷﺘﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﻛﻤﻌﺎﺿﺪﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻻﻳﺪﻝ، ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺨﻮﻑ، ﻭﺍﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﺴﻦ، ﻭﺍﻟﻘﺒﺢ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻊ، ﻭﺍﻟﻤﻀﺎﺭ، ﻭﺣﻔﻆ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ، ﻭﺗﻜﻤﻴﻞ ﺃﺷﺨﺎﺻﻪ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﻬﻢ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ، ﻭﺍﻷﺧﻼﻕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻓﻴﺤﺼﻞ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻟﻠﻤﻜﻠﻒ.

(2) ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ: ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ [ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻵﻳﺔ] ﻳﻈﻬﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﺑﺎﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﻣﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺻﺪﺭ ﻋﻨﻪ ﻇﻠﻢ ﻣﺎ، ﻣﻦ ﺷﺮﻙ ﺃﻭ ﻣﻌﺼﻴﺔ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺑﺮﻫﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺛﻢ ﺗﺎﺏ ﻭﺻﻠﺢ.

(3) ﻓﻲ ﺗﻨﺰﻳﻪ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ: ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ ﻭﺑﺎﻟﻨﺪﺏ ﻣﻌﺎ... ﻓﺄﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ: (ﻓﻐﻮﻯ) ﻓﻤﻌﻨﺎﻩ ﺃﻧﻪ ﺧﺎﺏ... ﺹ 10 ﺍﻟﻄﺒﻊ ﺍﻟﺤﺠﺮﻱ.

(4) ﻓﻲ ﻋﺼﻤﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻟﻔﺨﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺮﺍﺯﻱ ﺹ 18: ﻭﺍﻷﺻﺢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻭﺍﻻﺳﺘﺪﻻﻝ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻢ ﻳﺬﻡ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺑﻞ ﺫﻛﺮﻩ ﺑﺎﻟﻤﺪﺡ ﻭﺍﻟﺘﻌﻈﻴﻢ...

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.