مركز الثقل الاقتصادي مراكز الجذب

لا يقل التوسط الهندسي أهمية عن وقوع العاصمة في مراكز الجذب. ذلك لأن كل شيء يتوقف على سهولة المواصلات ومواقع الوديان التي توجه الحركة، وتتحكم في توزيع الخصوبة. ففي تلك الدول التي تكون الأنهار أهم الطرق فيها تنشأ العواصم على ضفافها مثل القاهرة والخرطوم على النيل ووارسو على نهر الفستولا وبرازا فيل على الكونغو. كما تصبح العاصمة في موقع مركزي إذا ربطت بالمعمور بوسائل المواصلات الحديثة. فعند نشأة استراليا كان لا بد أن تقوم العاصمة في الركن الجنوبي الشرقي، حيث تتوفر مياه الأمطار مصدر الحياة، ويطيب المناخ للوافدين البيض. فنشأت مدينة كانبرا العاصمة. وقامت بغداد في قلب المعمور. وقامت واشنطن في الركن الشمالي الشرقي من الدولة، حيث يقع أول الأقاليم التي استغلها المهاجرون من أوروبا. وليس الغنى الاقتصادي هو وحده الذي يضفي أهمية على مركز الجذب. فالدور التاريخي الذي يكون قد لعبه في نشوء الدولة والقومية لا يمكن تجاهله عند اختيار موقع العاصمة. فباريس كانت عاصمة لمملكة غطت كل حوض باريس. وكانت بذلك بمثابة النواة التي نمت حولها الدولة الفرنسية.