البعد المادي والمعنوي لشخصية الإمام علي عليه السلام , وكلمات كبار المسلمين في حقه |
2635
08:37 صباحاً
التاريخ: 1-07-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
4696
التاريخ: 1-08-2015
5243
التاريخ: 12-1-2017
1807
التاريخ: 31-3-2017
1715
|
ومن هنا يحظى الإمام علي ( عليه السلام )
بمكانة مرموقة لدى الجميع ، مسلمين وغير مسلمين، لما كان يتمتع به من شخصية سامقة
، وخصوصيات خاصة يتميز بها .
وهذا هو ما دفع بالبعيد والقريب إلى أن يصف
عليا بما لم يوصف به أحد من البشر ، ويخصه بنعوت ، حرم منها غيره ، فهذا الدكتور
شبلي شميل المتوفى سنة 1335 هـ / 1917 م وهو من كبار الماديين في القرن الحاضر
يقول : الإمام علي بن أبي طالب عظيم العظماء نسخة مفردة لم ير لها الشرق ولا الغرب
صورة طبق الأصل لا قديما ولا حديثا (1) .
قال عمر بن الخطاب : " عقمت النساء أن
يلدن مثل علي بن أبي طالب " ( 2 ) .
ويقول جورج جرداق الكاتب المسيحي اللبناني
المعروف : " وماذا عليك يا دنيا لو حشدت قواك فأعطيت في كل زمن عليا بعقله
وقلبه ولسانه وذي فقاره " ( 3 ) .
هذه الأبعاد التي ألمحنا إليها هي الأبعاد
الطبيعية للشخصية العلوية .
البعد المعنوي لشخصية الإمام (
عليه السلام ) :
غير أن أبعاد شخصية الإمام علي ( عليه
السلام ) لا تنحصر في هذه الأبعاد الثلاثة ، فإن لأولياء الله سبحانه بعدا رابعا ،
داخلا في هوية ذاتهم ، وحقيقة شخصيتهم ، وهذا البعد هو الذي ميزهم عن سائر
الشخصيات وأضفى عليهم بريقا خاصا ولمعانا عظيما .
وهذا البعد هو البعد المعنوي الذي ميز هذه
الصفوة عن الناس ، وجعلهم نخبة ممتازة وثلة مختارة من بين الناس ، وهو كونهم رسل
الله وأنبياءه ، أو خلفاءه وأوصياء أنبيائه .
نرى أنه سبحانه يأمر رسوله أن يصف نفسه
بقوله : { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء:
93] .
فقوله : " بشرا " إشارة إلى
الأبعاد البشرية الموجودة في كل إنسان طبيعي ، وإن كانوا يختلفون فيها فيما بينهم
كمالا ولمعانا .
وقوله : " رسولا " إشارة إلى ذلك
البعد المعنوي الذي ميزه ( صلى الله عليه وآله ) عن الناس وجعله معلما وقدوة للبشر،
فلأجل ذلك يقف المرء في تحديد الشخصيات الإلهية على شخصية مركبة من بعدين : طبيعي
وإلهي ولا يقدر على توصيفها إلا بنفس ما وصفهم به الله سبحانه مثل قوله في شأن
الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) : {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ
النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ }
[الأعراف: 157] وقد نزلت في حق الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) آيات ، ووردت
روايات . كيف وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " عنوان صحيفة
المؤمن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام ) " ( 4 ) .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : " من
سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال عليا بعدي ،
وليوال وليه ، وليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي ، رزقوا فهما
وعلما ، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين فيهم صلتي ، لا أنالهم الله
شفاعتي " ( 5 ) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل : ما لأحد من
الصحابة من الفضائل بالأسانيد الصحاح مثل ما لعلي (رض ) ( 6 ) .
وقال الإمام الفخر الرازي : من اتخذ عليا
إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه ( 7 ) .
وقال أيضا : من اقتدى في دينه بعلي بن أبي
طالب فقد اهتدى لقول النبي ( صلى الله عليه وآله): اللهم أدر الحق مع علي حيث دار
( 8 ) .
تسليط الضوء على شخصيته السامية
:
لا عتب على اليراع لو وقف عند تحديد شخصية
كريمة معنوية خصها الله تعالى بمواهب وفضائل ، وكفى في ذلك ما رواه طارق بن شهاب ،
قال : كنت عند عبد الله ابن عباس فجاء أناس من أبناء المهاجرين فقالوا له : يا بن
عباس أي رجل كان علي بن أبي طالب ؟ قال : ملئ جوفه حكما وعلما وبأسا ونجدة وقرابة
من رسول الله ( 9 ) .
روى عكرمة عن ابن عباس قال : ما نزل في
القرآن : " يا أيها الذين آمنوا " إلا وعلي ( عليه السلام ) رأسها
وأميرها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان ، وما ذكر عليا إلا بخير ( 10 )
.
وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ما
نزل في أحد من كتاب الله ما نزل في علي (11). وقال ابن عباس : نزلت في علي أكثر من
ثلاثمائة آية في مدحه ( 12 ) .
نكتفي في ترجمة علي ( عليه السلام )
بكلمتين عن تلميذيه اللذين كانا معه سرا وجهرا .
1 - قال ابن عباس - عندما سئل عن علي - :
رحمة الله على أبي الحسن ، كان والله علم الهدى، وكهف التقى ، وطود النهى ، ومحل
الحجى ، وغيث الندى ، ومنتهى العلم للورى ، ونورا أسفر في الدجى ، وداعيا إلى
المحجة العظمى ، ومستمسكا بالعروة الوثقى ، أتقى من تقمص وارتدى، وأكرم من شهد
النجوى بعد محمد المصطفى ، وصاحب القبلتين ، وأبو السبطين ، وزوجته خير النساء ،
فما يفوقه أحد ، لم تر عيناي مثله ، ولم أسمع بمثله ، فعلى من أبغضه لعنة الله
ولعنة العباد إلى يوم التناد ( 13 ).
2 - إن معاوية سأل ضرار بن حمزة بعد موت
علي عنه ، فقال : صف لي عليا ، فقال : أو تعفيني ؟ قال : صفه ، قال : أو تعفيني ؟
قال : لا أعفيك ، قال : أما إذ لا بد فأقول ما أعلمه منه: والله كان بعيد المدى ،
شديد القوى ، يقول فصلا ، ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من
نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير
الدمعة ، طويل الفكرة ، يقلب كفيه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن
الطعام ما جشب . كان والله كأحدنا ، يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه ،
ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ، ولا
نبتدئه عظمة ، إن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ،
لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله . فأشهد بالله لقد رأيته في بعض
مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، وقد مثل في محرابه قابضا على لحيته
يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ، وكأني أسمعه وهو يقول : يا دنيا أبي
تعرضت ؟ أم إلي تشوقت ؟ هيهات هيهات غري غيري ، قد باينتك ثلاثا لا رجعة لي فيك ،
فعمرك قصير ، وعيشك حقير ، وخطرك كثير ، آه من قلة الزاد ، وبعد السفر، ووحشة
الطريق .
قال : فذرفت دموع معاوية على لحيته فما
يملكها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ، فقال معاوية : رحم الله أبا
الحسن ! كان والله كذلك ، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال : حزن من ذبح ولدها في
حجرها ، فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها (14).
هذه شذرات من فضائله ، وقبسات من مناقبه
الكثيرة التي حفظها التاريخ من تلاعب الأيدي .
غير أنه لا يعرف عليا غير خالقه ، وبعده
صاحب الرسالة الكبرى ابن عمه المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) .
________________
(
1 ) الإمام علي صوت العدالة الإنسانية 1 : 37 .
( 2 ) الغدير 6 : 38 ط النجف .
(
3 ) الإمام علي صوت العدالة الإنسانية 1 : 49 .
( 4 ) أخرجه الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه 4 : 410 .
( 5 ) أخرجه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء 1 : 86 .
( 6 ) مناقب أحمد لابن الجوزي الحنبلي : 163 .
( 7 ) تفسير مفاتيح الغيب 1 : 205 .
( 8 ) المصدر نفسه : 204 .
(
9 ) شواهد التنزيل 1 : 108 ح 153 .
( 10 ) مسند أحمد 1 : 190 ، تاريخ الخلفاء : 171 .
( 11 ) الصواعق المحرقة ، الباب التاسع ، الفصل الثالث : 76 .
( 12 ) تاريخ الخلفاء : 172 .
(
13 ) ميزان الاعتدال 1 : 484 .
(
14 ) ابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة 18 : 225 وغيره .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|