أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2022
1396
التاريخ: 2-7-2017
1809
التاريخ: 6-12-2016
1876
التاريخ: 9-4-2022
2289
|
نقد النظرية:
ولكن كيف تمكن (فون تونن) أن يوائم بين نظريته، وبين وجود الأنهار الصالحة للملاحة، ومدينة السوق الصغيرة؟ لقد أوضح ذلك في الشكل (15). فالنهر يزودنا بوسيلة نقل رخيصة، ومن ثم، فهو يعمل على توسيع النطاقات على طول مجراه. أما
المدينة الصغيرة، فهي تقوم بخدمة المناطق المحيطة بها ، على مقياس أصغر مما هي عليه الحال حول المدينة الكبيرة، ويزداد امتدادها نحو الجهة المغايرة للمدينة الرئيسية.
ومع أن العوامل الأساسية التي حاول أن يوضحها (فون تونن) في نظريته مازالت عاملة فعالة، فمن الصعب أن نجد أمثلة عليها في أيامنا الحاضرة، وذلك لأسباب عديدة؛ فهناك أشكال جديدة للنقل (من مركبات ومراكب وسكك حديدية) أقل تكلفة من الخيول والعربات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تكاليف النقل لا تتناسب بصورة طردية مع المسافة، ولا تزداد في جميع الاتجاهات بصورة متماثلة. ويمكن للمواد القابلة للتلف أن تنقل إلى مسافات طويلة بواسطة البرادات، أو غيرها من الوسائل المستخدمة في حفظ الأطعمة والمشروبات، وأخيراً، لم يعد خشب الوقود الوسيلة الرئيسية للتدفئة المنزلية. وعلى الرغم من ذلك كله، فقد كانت نظرية (فون تونن) خطوة رائدة في ظهور نظرية الموقع الهامة.
لقد هدف (فون تونن) من هذه النظرية إلى إبراز القوانين التي تتحكم في توزيع المحاصيل الزراعية، على أساس الحصول على أكبر قدر ممكن من الربح من أرضه الزراعية. وتجدر الإشارة قبل تمحيص هذه النظرية إلى أنها ليست نظرية صالحة للتطبيق في جميع الأحوال، وفي جميع الأماكن والأزمان، ولكنها مجرد نظرية تساعد على تفسير بعض مظاهر النشاط الاقتصادي للإنسان.
ويمكن أن نلخص مضمون هذه النظرية في نقطتين رئيسيتين:
أولاً- كلما بعدت مناطق الإنتاج عن السوق، زادت نفقات الإنتاج، بسبب زيادة تكاليف النقل.
ثانياً- يتناسب إيجار الأراضي الزراعية تناسباً عكسياً مع تكاليف النقل، فكلما ارتفع الثاني، انخفض الأول، وبالعكس.
ونحاول بعد ذلك أن نستعرض الافتراضات المختلفة التي بنى عليها ( فون تونن) نظريته:
(أ) إذا افرخنا وجود الدولة المنعزلة التي تصورها (فون تونن)، كما هي، ولكن مع اختلاف بسيط، وهو وجود نهر ملاحي يقطع المكان من أدناه إلى أقصاه، ويمر بمركز التجمع السكاني. فإن هذا التغيير الطفيف في الوضع الطبوغرافي لنموذج (تونن)، سوف يؤدي إلى تعديل بسيط في شكل النطاقات الستة، حيث تأخذ هذه النطاقات في الاستطالة النسبية باتجاه النهر؛ مما يسهل نقل المنتجات إلى السوق.
كما أن المنطقة رقم (٢)، وهي المخصصة للغابات، يمكن أن تكو ن في أطراف الدولة (أو على أطراف النهر)، لأن وجود النهر يساعد على نقل الأخشاب بتكاليف منخفضة وسريعة النقل نسبياً، وبالتالي يمكن أن يتسع المكان المتاح لاستخدامات رقم (٣) و (٤) و (٥ )، مما يزيد في إنتاجها، وبالتالي يزداد إنتاج الدولة بصورة عامة.
(ب) وإذا تصورنا أن الدولة لا تحتوي على نهر ملاحي واحد فحسب، بل يوجد بها أيضاً عدد من الطرق، فإن تصور استخدامات الأراضي في هذه الحال، يوضح اتساع الأنشطة وامتدادها إلى مختلف شرايين الدولة بسبب هذه الميزة الهامة (وهي وجود طرق مواصلات سهلة)، كما يظهر في الشكل (16).
(ج) وإذا حاولنا تغيير الفرضية القائلة: إن أراضي الدولة ذات خصوبة واحدة، وافرضنا أن الأراضي الموجودة شمال المدينة أكثر خصوبة من الأراضي الموجودة إلى جنوبها، للاحظنا أن الاستخدام سيمتد أكثر إلى الناحية الشمالية، حيث تزداد إنتاجية الأراضي الشمالية، على إنتاجية الأراضي الجنوبية، وبالتالي تعوض الزيادة في الإنتاجية الزيادة في تكاليف النقل، عند امتداد النشاط لمسافة أبعد إلى الشمال.
(د) أما عن الفرضية القائلة بتجمع السكان وتمركزهم في مدينة واحدة، فقلما نشهدها في الحياة العملية، وفي الأغلب أن تكون مجموعة من المراكز البشرية، مختلفة الحجم والوظيفة، داخل المكان المتاح للدولة، تتنافس فيما بينها على استغلال المواد الطبيعية الموجودة داخل ظهائرها ، وهذا يعني ان أنماط استخدام الأراضي تتأثر بقوى الجذب الناشئة عن أكثر من سوق واحدة.
ومن الطبيعي أن تتناسب قوى جذب الأسواق الثانوية مع أحجام هذه الأسواق وأبعادها، كما ترتبط أيضاً بمواقع هذه الأسواق بالنسبة لبعضها، وعلى أساليب وطرق المواصلات المستخدمة فيها. وعلى هذا الأساس، فإن وجود مدينتين من أحجام متقاربة، ووظائف متشابهة، ومواقع غير متباعدة، يعني تقاسمهما الأراضي المحيطة بهما في نواحي الاستخدام المختلفة؛ بحيث تستقطب كل منهما الأراضي القريبة منها.
وهذا الموضوع يقودنا إلى دراسة المدن التوابع (Satellite cities)؛ لما له من أهمية في التحليلات المكانية. فعندما تقوم مدينة صغيرة أو أكثر داخل النطاق الطبيعي لمدينة مركزية (1٧ Central)، فإن المدينة المركزية لا بد لها من منافسة المدن التوابع على استخدام الأرض. ونلاحظ أن مناطق نفوذ المدينة المركزية تكون متحدة المركز، ويتأثر شكلها باختلاف طبوغرافية الأرض، وخصوبة التربة، وسهولة المواصلات. كما يكون لكل من المدن التوابع مثل هذه المناطق، ولكن على أحجام أصغر، حيث إن المدن التوابع ستتغلب على منافسة المدينة المركزية في استخدام بعض الأراضي، طالما كان استخدامها ذا قيمة اقتصادية أو اجتماعية أكبر من قيمة استخدام المدينة المركزية لها.
أما إذا كان استخدام المدينة المركزية لهذه الأراضي يعطي قيمة اقتصادية، أو يشبع حاجة اجتماعية، أكبر من استخدام المدن التوابع ها، فلا بد للمدن التوابع أن تبحث
عن مواقع أخرى بديلة، على مسافة أبعد - في العادة - عن المدينة المركزية، تمكنها من منافسة المدينة المركزية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|