أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-09-2015
2343
التاريخ: 14-08-2015
1730
التاريخ: 30-09-2015
1946
التاريخ: 23-7-2016
17043
|
والصورة الأدبية الجيدة التي تستوفي شروط الكمال، وتتحقق في كل جزئية من جزئياتها الخصائص التي تعين على نضجها وتمامها، فلا تكون سطحية ولا مضطربة، وغيرها من الخصائص والشروط، التي تعمل على إبرازها ساحرة أخاذة، وتأخذ بمجامع القلوب.
أولًا: التطابق بين الصورة والتجربة:
لا بد أن تكون الصورة مطابقة تمامًا للتجربة التي مر بها الشاعر لإظهار فكرة أو حدث أو مشهد أو حالة نفسية أو غير ذلك، فكل صورة كلية، أو عمل أدبي يحدث نتيجة تجربة خامرت نفس صاحبها، وتفاعلت في جوانبها المختلفة، يمتزج الطارئ، إليها بالمخزون فيها، حتى إذا ما اكتملت في نفسه تتلاقى الأشباه، وتتآلف النظائر لعلاقة بين أجزائها، أو لأدنى ملابسة تلتقي فيها، فتنجلي مستقلة خارج النفس، من أجل لباس وأجمل ثوب في الصورة الأدبية.
وينبغي أن تكون مشتملة على كل أجزاء التجربة، فلا تند عنها جزئية، ولا تغيب حلقة، ولا يسقط منها وتر، بل تكون تامة الأجزاء متكاملة الجزئيات.
ومن الصعب على الناقد أن يوضح التطابق بين الصورة وتجربة الشاعر، الذي غاب عنا في الزمن لعدة قرون مضت، ولو كان الشاعر معاصرًا، فمن المتعذر أن نطلب منه تفصيلات عن تجربة، بل ربما تغيب عن الشاعر ذاته بعد أن ينتهي من العمل الأدبي، من الصعب أن نطالب هذا أو ذاك، ولكن على الناقد -ساعة النقد- أن يضع نفسه مكان الأديب ساعة تجربة الصورة، ويتمثلها تمامًا ثم يبحث عن أجزائها في نفسه لكي يتمكن من المطابقة على وجه التقريب؛ لأن
ذلك أمر يشق على الناقد ويصعب، ومن هنا بلغ الكمال، والتمام في أي شيء؛ لأن هذا كله أمر نسبي بين النقاد.
لذلك تفاوت في المطابقة النقاد، كل حسب كفاءته، وكان الذوق الأدبي للناقد الخبير والبصير المجرب، هو عماده في الكشف عن التطابق بين الصورة والتجربة.
ثانيًا: الوحدة والانسجام التام
ويترتب على ما سبق أن تكون الصورة مكتملة تامة مستوفية الأجزاء في كل المصادر السابقة، التي تعتمد عليها من كلمة أو عبارة أو نظم أو غير ذلك مما ذكرناه في مكانه، وينبغي أن تؤدي كل كلمة -بل كل حرف- وظيفتها في الصورة الجزئية، وكذلك تؤدي الصورة الجزئية بعد استيفائها وتمامها دورها الحي، وتأخذ مكانها المرهون بها في الصورة الكلية، أو القصيدة كلها كوحدة تامة وبنية حية مستوية، والتلاؤم التام بين جزئيات الصورة الكلية وبين فكرتها العامة، والشعور الذي يسري في خلاياها، فلا تقبل معنى شاردًا، ولا خاطرة نادرة ولا يضعف في جانب ويقوى في جانب، أو يفتر في مكان ويشتد في آخر، ولا ينخفض في جزئية، ويرتفع في غيرها، بل انسجام تام بين الأفكار، وتلاؤم متصل بين المشاعر ثم تجانس محكم بين هذا كله، وبين مصادر الصورة جميعها، وقد وصفها النقاد أوصافًا متعددة وأعطوها اصطلاحات مختلفة، موزعة بين وحدة فنية أو وحدة عضوية، والأخيرة هي التي عليها جل النقاد في العصر الحديث، وإنني أرى أنهما معًا متكاملان لا تستغني القصيدة عنهما، متطابقان تمامًا إذا كان الشعر موضوعيًّا كالشعر المسرحي مثلًا، فيكون هناك تجاوب وانسجام في التطبيق على هذا اللون من الشعر الموضوعي، وحينئذ لا نجد فرقًا بين الوحدة الفنية، وبين الانسجام والتلاؤم في الوحدة العضوية وكلاهما سواء.
ولكن إذا كان الشعر غنائيًّا فالوحدة الفنية هي أقرب إليه من الوحدة العضوية، لصعوبة بناء التجربة الشعرية عند الشاعر بناء عضويًّا كبناء الأعضاء في الجسد كما هو المفهوم، والمعروف للوحدة العضوية عند النقاد المحدثين، وفداحة الجهد الذي يبذله الناقد للتعرف على الوحدة العضوية في الشعر الغنائي.
وإنني لا أضع العقبات في تطبيق هذا المصطلح النقدي الحديث "الوحدة العضوية"، ولكني أرى أن من الصعب تطبيقه الآن على القصيدة الغنائية فقط لا الموضوعية، بل نحتاج إلى مراحل مقبلة حتى تحسن التطبيق، بل نشد أيادينا جميعًا مع النقد الحديث لكي ينشدها في الشعر لتبرز معالمها، حتى تتضح حقيقتها وتنجلي عناصرها في مجال التطبيق العملي لا النظري؛ لأن النقد في تطبيقها حتى اليوم ما زال قاصرًا ودون المطلوب والغاية، ولا عجب في ذلك، فالوصول إلى الكمال ليس سهلًا، بل يحتاج إلى وقت طويل، مشحون بالرعاية والتوجه والإصرار والمتابعة وإلا تجرد النقد من المعرفة والبحث، وهوى إلى التبلد، وناصر العجز، فقد كان البيت قديمًا مستقلًّا في معناه الظاهر عما قبله وعما بعده، وقد تغيرت القصيدة اليوم فصارت تعبر عن موضوع واحد، وهو ما يسمى الآن بالوحدة الموضوعية، وهي المعبر في المستقبل للوحدة العضوية، هذه لمحة سريعة عنها، لكونها جديرة بالعناية والدراسة؛ ولأنها تتصل بمضمون الشعر، وليس المضمون أساسيًّا وابتداء في مجال الصورة، وإنما يأتي تبعًا ووحيًا ونتيجة لتناول الصورة.
ثالثًا: الشعور
تعتمد الصورة الأدبية غالبًا على صور محسوسة من الواقع. هي تمثيل حي للتجربة الشعرية في شكل العمل الفني، أي يمتلئ بالأفكار والخواطر والمشاعر والأحاسيس والعواطف الحارة، وعلى ذلك ينبغي أن يسري في كل جزئية من الصورة شعور الشاعر في تدفق وقوة وحيوية، فكل كلمة لا بد أن تنبض بمشاعره وأحاسيسه؛ لأن التصوير كما يقول العقاد من عمل النفس المركبة من خيال وتصور وشعور، فتتحول المشاهد المحسوسة إلى حركات نفسية. وتعد الكلمات المنظورة والمسموعة خزانة مكتظة بمشاعر الأديب.
وليست العبرة بحشد الأشكال والنظائر من غير أن يربطها الشاعر بسياج متين من مشاعره الحية.
رابعًا: الإيحاء
قد يقوم الترابط التام بين أجزاء الصورة الأدبية بكشف مضمونه والتصريح به، وعرض أفكاره مباشرة، وهذه الصورة أقل تأثيرًا على النفس وأضعف إثارة لها؛ لأن العقل لم يجاهد الفكرة فيها، وفي الجهاد نشاط وحياة، وأن الفكر لم يتأن ولم يترو، وفي التأني والتروي الاستقصاء والتتبع، وفيهما اللذة والمتعة والإثارة والحياة بقدر ما يشغل تفكيره، وإحساسه من وقت وجهد.
هذا هو ما ينبغي أن يكون في الصورة الأدبية، والتي لا تنص على المضمون صراحة، ولا تكشف عنه مباشرة، بل يوحي بها من غير تصريح، ويشع عنها من غير مباشرة، وقد أجمع النقاد وعلماء البلاغة قديمًا وحديثًا على أن الإيحاء أقوى أثرًا في النفس من التصريح، وأن المعنى الذي ينتهي إلى المتلقي بعد مجاهدة النفس وكد الخاطر، وإعمال الفكر والشعور وتقلبهما على وجوههما المختلفة، تكون أمكن في النفس وأعظم أثرًا فيها، وأقوى ارتباطًا بها، فلا يغيب عنها بعد ذلك؛ لأن الشيء الذي يرد إلى النفس بسرعة. يعزب عنها على عجل، والشيء الذي تطمئن إليه بعد لأي ومشقة، لا يذهب إلا بعد هذا القدر أو أكثر.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|