المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



علي بن زيد البيهقي  
  
4162   04:32 مساءاً   التاريخ: 29-06-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج4، ص113-123
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

أبو الحسن بن أبي القاسم البيهقي. مات سنة خمس وستين وخمسمائة قال هو في كتاب مشارب التجارب أنا أبو الحسن علي ابن الإمام أبي القاسم زيد ابن الحاكم الإمام اميرك محمد ابن الحاكم أبي علي الحسين بن أبي سليمان الإمام فندق ابن الإمام أيوب بن الحسن بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عمر بن الحسن بن عثمان بن أيوب بن خزيمة بن عمرو بن خزيمة بن ثابت ابن ذي الشهادتين صاحب رسول الله صلى عليه وسلم ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس ورفع نسبه إلى آدم وذلك يسير كما ذكرناه في عدة مواضع من كتبنا.

 قال: ومولدي يوم السبت سابع عشرين شعبان سنة تسع وتسعين وأربعمائة، في قصبة السابزوار من ناحية بيهق وهي بلدة بناها ساسان بن ساسان بن بابك بن ساسان فأسلمني أبي بها إلى الكتاب ثم رحلنا إلى ناحية ششتمذ من قرى تلك الناحية ولوالدي بها ضياع فحفظت في عهد الصبا كتاب الهادي للشاري تصنيف الميداني وكتاب السامي في الأسامي له وكتاب المصادر للقاضي الزوزني وكتاب غريب القرآن للعزيزي وكتاب إصلاح المنطق وكتاب المنتحل للميكالي وأشعار المتنبي والحماسة والسبعيات وكتاب التلخيص في النحو. ثم بعد ذلك حفظت كتاب المجمل في اللغة وحضرت في شهور سنة أربع عشرة وخمسمائة كتاب أبي جعفر المقرئ إمام الجامع القديم بنيسابور مصنف كتاب ينابيع اللغة وغير ذلك وحفظت في كتابه كتاب تاج المصادر من تصنيفه وقرأت عليه نحو ابن فضال وفصلا من كتاب المقتصد والأمثال لأبي عبيد والأمثال للأمير أبي الفضل الميكالي ثم حضرت درس الإمام صدر الأفاضل أحمد بن محمد الميداني في محرم سنة ست عشرة وخمسمائة وصححت عليه كتاب السامي في الأسامي من تصنيفه وكتاب المصادر للقاضي وكتاب المنتحل وكتاب غريب الحديث لأبي عبيد وكتاب صحاح اللغة للجوهري. وفي أثناء ذلك كنت أختلف إلى الإمام إبراهيم الخراز المتكلم وأقتبس منه أنوار علوم الكلام وإلى الإمام محمد الفزاري وسمعت منه غريب الحديث للخطابي وغيرهم ثم مات والدي في سلخ جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وخمسمائة فانتقلت في ذي الحجة سنة ثماني عشرة إلى مرو فقرأت على تاج القضاة أبي سعد يحيى بن عبد الملك بن عبيد الله بن صاعد وكان ملكا في صورة إنسان وعلقت من لفظه كتاب الزكاة والمسائل الخلافية ثم سائر المسائل على غير الترتيب وخضت في المناظرة والمجادلة سنة جردة حتى رضيت عن نفسي  فيه ورضي عني أستاذي وكنت أعقد مجلس الوعظ في تلك المدرسة وفي الجامع ثم انصرفت عن مرو في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وخمسمائة واشتغلت بمرو بتزويج صدني عن التحصيل صدا وعدت إلى نيسابور ثم عدت إلى مسقط الرأس وزيارة الوالدة ببيهق وأقمت بها ثلاثة أشهر وذلك في سنة إحدى وعشرين ورجعت إلى نيسابور ثم رجعت إلى بيهق واتفقت بيني وبين الأجل شهاب الدين محمد بن مسعود المختار والي الري ثم مشرف المملكة مصاهرة وصرت مشدودا بوثاق الأهل والأولاد سنين وفوض إلي قضاء بيهق في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وخمسمائة فبخلت بزماني وعمري على إنفاقه في مثل هذه الأمور التي قصاراها ما قال شريح القاضي ( ( أصبحت ونصف الناس علي غضبان ) ) فضقت ذرعا ولم أجد بدا من الانتقال حتى يتقلص عني ظل ذلك الأمر فقصدت كورة الري ليلة العيد من شوال سنة ست وعشرين وخمسمائة والوالي بها شهاب الدين صهري فتلقاني أكابرها وقضاتها وسائر الأجلاء وأقمت بها إلى السابع والعشرين من جمادى الأولى سنة سبع وستين وخمسمائة وكنت في تلك المدة أنظر في الحساب والجبر والمقابلة وطرفا من الأحكام فلما رجعت إلى خراسان أتممت تلك الصناعة على الحكيم أستاذ خراسان عثمان بن جاذوكار وحصلت كتبا من الأحكام وصرت في تلك الصناعة مشارا إلي وانتقلت إلى نيسابور في غرة ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وخمسمائة وكان علم الحكمة عندي غير نضيج وعدت إلى بيهق وفي العين قذى من نقصان الصناعة فرأيت في المنام سنة ثلاثين قائلا يقول عليك بقطب الدين محمد المرزي الملقب بالطبسي النصيري فمضيت إلى سرخس وأقمت عنده وأنفقت ما عندي من الدنانير والدراهم وعالجت جروح الحرص بتلك المراهم وعدت إلى نيسابور في السابع والعشرين من شوال سنة اثنتين وثلاثين وأقمت معه بنيسابور حتى أصابه الفالج وذلك في رجب سنة ست وثلاثين فعدت إلى بيهق في شعبانها فأزعجني  عنها حسد الأقارب فخرجت منها خائفا أترقب في رمضان سنة سبع وثلاثين إلى نيسابور فأكرمني أكابرها فكنت أعقد المجلس في يوم الجمعة بجامع نيسابور القديم ويوم الأربعاء في مسجد المربع ويوم الاثنين في مسجد الحاج وتفد علي وفود إكرام الوزير ملك الوزراء طاهر بن فخر الملك وإكرام أكابر الحضرة فألقيت العصا بنيسابور وأقمت بها إلى غرة رجب سنة تسع وأربعين وخمسمائة ثم ارتحلت عنها لزيارة والدتي ومات ولدي أحمد ووالدتي في هذه السنة وكانت حافظة للقرآن عالمة بوجوه تفاسيره.

 وها أنا أذكر تصانيفي في هذه المدة كتاب أسئلة القرآن مع الأجوبة مجلدة، كتاب إعجاز القرآن مجلد، كتاب الإفادة في كلمة الشهادة مجلدة، كتاب المختصر من الفرائض مجلد، كتاب الفرائض بالجدول مجلد، كتاب أصول الفقه مجلد، كتاب قرائن آيات القرآن مجلد، كتاب معارج نهج البلاغة وهو شرح الكتاب مجلد، كتاب نهج الرشاد في الأصول مجلد، كتاب كنز الحجج في الأصول مجلد، كتاب جلاء صدأ الشك في الأصول، كتاب إيضاح البراهين في الأصول مجلد، كتاب الإفادة في إثبات الحشر والإعادة مجلد، كتاب تحفة السادة مجلد، كتاب التحرير في التذكير مجلدان، كتاب الوقيعة في منكر الشريعة مجلد، كتاب تنبيه العلماء على تمويه المتشبهين بالعلماء، كتاب أزاهير الرياض المريعة وتفسير ألفاظ المحاورة والشريعة مجلد، كتاب أشعاره مجلد، كتاب درر السخاب ودرر السحاب في الرسائل مجلد، كتاب ملح البلاغة مجلد، كتاب البلاغة الخفية مجلد، كتاب طرائق الوسائل إلى حدائق الرسائل مجلد، كتاب الرسائل بالفارسي مجلد، كتاب رسائله المتفرقة مجلد، كتاب عقود اللآلئ مجلد، كتاب غرر الأمثال مجلدان، كتاب الانتصار من الأشرار مجلد، كتاب الاعتبار بالإقبال والإدبار  مجلد، كتاب وشاح دمية القصر مجلد، ضخم كتاب أسرار الاعتذار مجلد، كتاب شرح مشكلات المقامات الحريرية مجلد، كتاب درة الوشاح وهو تتمة كتاب الوشاح مجلد خفيف، كتاب العروض مجلد، كتاب أزهار أشجار الأشعار مجلد، كتاب عقود المضاحك بالفارسي مجلد، كتاب نصائح الكبراء بالفارسية مجلد، كتاب آداب السفر مجلدة، كتاب مجامع الأمثال وبدائع الأقوال أربع مجلدات، كتاب مشارب التجارب أربع مجلدات، كتاب ذخائر الحكم مجلدة، كتاب شرح الموجز المعجز مجلد، كتاب أسرار الحكم مجلدة، كتاب عرائس النفائس مجلدة، كتاب أطعمة المرضى مجلد، كتاب المعالجات الاعتبارية مجلد، كتاب تتمة صوان الحكمة مجلد، كتاب السموم مجلد، كتاب في الحساب مجلد، كتاب خلاصة الزيجة مجلد، كتاب أسامي الأدوية وخواصها ومنافعها مجلد وهو معنون بتفاسير العقاقير مجلد ضخم، كتاب جوامع الأحكام ثلاث مجلدات، كتاب أمثلة الأعمال النجومية مجلد، كتاب مؤامرات الأعمال النجومية مجلد، كتاب غرر الأقيسة مجلد، معرفة ذات الحلق والكرة والأصطرلاب مجلد، كتاب أحكام القرانات مجلد، كتاب ربيع العارفين مجلد، كتاب رياحين العقول مجلد، كتاب الإراحة من شدائد المساحة مجلد، كتاب حصص الأصفياء في قصص الأنبياء على طريق البلغاء بالفارسية مجلدان، كتاب المشتهر في نقض المعتبر الذي صنفه الحكيم أبو البركات مجلد، كتاب بساتين الأنس ودساتين الحدس في براهين النفس مجلد، كتاب مناهج الدرجات في شرح كتاب النجاة ثلاث مجلدات، كتاب الأمانات في شرح الإشارات، كتاب رقيات التشبيهات على خفايا المختلطات بالجداول مجلد، كتاب شرح رسالة الطير مجلد، كتاب شرح الحماسة مجلد، كتاب رسالة العطارة في مدح بني الزنارة، كتاب تعليقات فصول بقراط، كتاب شرح شعر البحتري وأبي تمام مجلد، كتاب شرح شهاب الأخبار مجلد.

قال المؤلف: هذا ما ذكره في كتاب مشارب التجارب ووجدت له كتاب تاريخ بيهق بالفارسية وكتاب لباب الأنساب.

قال المؤلف: وقفت بنيسابور عند أول ورودي إليها في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وستمائة على كتاب وشاح الدمية فقال فيه إن أبا القاسم الباخرزي فرغ من تصنيف كتاب دمية القصر في جمادى الآخرة سنة ست وستين وأربعمائة وإنه هو بدأ بتصنيف الوشاح في غرة جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وفرغ منه في رمضان سنة خمس وثلاثين.

 وأنشد لنفسه في كتاب الوشاح أشعارا منها في مخلص الدين أبي الفضل محمد بن عاصم كاتب الإنشاء في ديوان السلطان سنجر قال وهو ابن أخت أبي إسماعيل الطغرائي: [الطويل]

 (كريم علا أوج النجوم علاه ... وأيقظ نوام المديح نداه)

 (سرى واهتدى طبعي بنجم كماله ... وأحمد في وقت الصباح سراه)

 (له روضة أبدت من الفضل نرجسا ... وغصنا من الإقبال طاب جناه)

 (أعاد رساغ القلب في حبل وده ... وغادر قلبي في صراع هواه)

 (يفرق أشجان الأفاضل يمنه ... ويجمع كل الصيد جوف فراه)

 (لقد زرت أشراف الزمان وإنما ... أبى الفضل إلا أن أزور فناه)

 وذكره العماد الأصفهاني في كتاب الخريدة ووصفه بالرياسة والشرف وقال: حدثني والدي أنه لما مضى إلى الري عقيب النكبة أصبح ذات يوم وشرف الدين البيهقي قد قصده في مركبه وهو حينئذ والي الري ونقله إلى منزله وتكفل بتسديد خلله وكان حينئذ يترشح لوزارة السلطان وهو كبير الشان وما زالا بالري مقيمين متوانسين حتى فرق بينهما محتوم البين وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.

 قال: وأظنه نكب في وقعة السلطان سنجر مع الكفار الخطائية وكان والدي يثني عليه أبدا ويقول إنه ما نظر إلى نظيره ولا مثلث لعينه عين مثله صنف كتاب وشاح الدمية ذيله على كتاب أبي الحسن الباخرزي وهو موجود بخراسان وأورد فيه لنفسه: [الوافر]

 (تراجعت الأمور على قفاها ... كما يتراجع البغل الرموح)

 (وتستبق الحوادث مقدمات ... كما يتقدم الكبش النطوح)

 وقوله: [الطويل]

 (يشير بأطراف لطاف كأنها ... أنابيب مسك أو أساريع إسحل)

 (وتومي بلحظ فاتر الطرف فاتن ... بمرود سحر بابلي مكحل)

 (ينم على ما بيننا من تجاذب ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل)

 وله: [السريع]

 (يا خالق العرش حملت الورى ... لما طغى الماء على جاريه)

 (وعبدك الآن طغى ماؤه ... في صلبه فاحمل على جاريه)

قال المؤلف: هكذا ذكر العماد في كتابه وإذا عارضت قوله بما ذكره البيهقي عن نفسه في كتابه الذي نقلت لفظه منه من خطه وجدت فيه اختلافا في التاريخ وغيره والله أعلم.

 ومن شعر أبي الحسن البيهقي الذي أورده لنفسه في كتاب الوشاح في عزيز الدين أبي الفتوح علي بن فضل الله المستوفي الطغرائي ونقلته من خطه: [الطويل]

 (شموسي في أفق الحياة هلال ... وأمني من صرف الزمان مِحال)

 (وأطلب والمطلوب عز وجوده ... وأرجو وتحقيق الرجاء مُحال)

 (إلى كم أرجي من زماني مسرة ... وقد شاب من رأس الزمان قذال)

 (وبال على الطاووس ألوان ريشه ... وعلم الفتى حقا عليه وبال)

 (وللدهر تفريق الأحبة عادة ... وللجهل داء في الطباع عضال)

 (لقد ساد بالمال المصون معاشر ... وأخلاقهم للمخزيات عيال)

 (وبينهم ذل المطامع عزة ... وعندهم كسب الحرام حلال)

 وله: [الطويل]

 (ضجيعي في ليلي جوى ونحيب ... وإلفي في نومي ضنى ولغوب)

 (دجا ليل آمالي وأبطأ صبحه ... وللمنذرات السود فيه نعيب)

 (وتلسعني الأيام فهي أراقم ... وتخدعني الآمال فهي كذوب)

(ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... وباعي في ظل الوصال رحيب)

 (خليلي لا تركن إلى الدهر آمنا ... فإحسانه بالسيئات مشوب)

 (وكم جاهل قد قال لي أنت ناقص ... فهيَّح ليث الحقد وهو غضوب)

 (وعيرني بالعلم والحلم والنهى ... قبائل من أهل الهوى وشعوب)

 (فقلت لهم لا تعذلوني فإنني ... لصفو زجاجات العلوم شروب)

 (وما ضرني أني عليم بمشكل ... وقد مس أهل الدهر منه لغوب)

 (لئن عد علم المرء جرما لديكم ... فذلك جرم لست منه أتوب)

 (كفى حزنا أني مقيم ببلدة ... بها صاحب العلم الرصين غريب)

 وذكر أيضا في هذا الكتاب قال دخلت على الأمير يعقوب بن إسحاق المظفر ابن نظام الملك فأكرمني وقابلني بالتعظيم والتفخيم فقلت بديهة: [الكامل]

 (يعقوب يظهر دائما في لفظه ... عسلا لديه يطمه يعسوبه)

 (وغدا بحمد الله صدرا مكرما ... يعلو نطاق المشتري عرقوبه)

 (فسقى أنامله حدائق لفظه ... وجرى على نهج العلا يعبوبه)

 (قد غاب يوسف خاطري عن مصره ... ويشم ريح قميصه يعقوبه)

 فأشار إلي وقال هل لك أن تنسج على منوالي فيما قلت؟ فأنشدني لنفسه: [الطويل]

 (أعاذل مهلا ليس عذلك ينفع ... وقولك فينا دائما ليس ينجع)

 (وهل يصبر الصب المشوق على الجوى ... وفي الوصل مشتاق وفي الهجر مجزع)

 (يقولون إن الهجر يشفي من الجوى ... وإن فؤاد الصب في القرب أجزع)

 (بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار أجدى وأنفع)

(تحن إلى ظل من العيش وارف ... وعهد مضى منه مصيف ومربع)

 فقلت أيها الصدر ليس للخل حلاوة العسل وللتكحل طلاوة الكحل ومن أين للسراج نور الشمس وللكودن سبق الخيل الشمس ومن أين للضباب منفعة السحاب فقال لا بد من ذلك فجمعت العجالة والبداهة هنالك وقلت في الحال في مقام الارتحال وكتبت بقلم الارتجال على قرطاس الاستعجال: [الطويل]

 (سرى طيفه وهنا ولي فيه مطمع ... وبرق الأماني في دجى الهجر يلمع)

 (ويأبى حقين الهجر عذرة طيفه ... فلم أدر في مهوى الهوى كيف أصنع)

 (لقد يحمد القوم السرى في صباحهم ... زمان تلاق عنده الشمل يجمع)

 (وهأنا أسري في ظلامي وإنني ... أذم صباحي والخلائق هجع)

 (أقول لصبري أنت ذخري لدى النوى ... وذخر الفتى حقا شفيع مشفع)

 (وأسكن ماء العين ناري وإنما ... هواء الهوى من تربة الطيف أنفع)

 (رأيت معيدي الخيال فقال من ... جهينة أخبار المعيدي تسمع)

 (دعوت إلى جيش الهوى جندب الهوى ... فولى وطرف العين في النوم يرتع)

 (وقال لنفسي لا تموتي صبابة ... لعل زمانا قد مضى لك يرجع)

 (ولم يبق مني غير ما قلت منشدا ... حشاشة نفس ودعت يوم ودعوا)

 (فلاذ بشمس الدين يعقوب من له ... نجوم لها في مشرق المجد مطلع)

 (أجلك يا يعقوب عن كنه مدحتي ... لأنك عن مدحي أجل وأرفع)

قال ثم شرفني بعد ذلك بقصيدة أولها: [الوافر]

                                  (ألا أبلغ إلى سلمى السلاما)

 فأجبت وقلت بعد الجواب علامة للتصديع والإبرام على طريق أداء شكر المنعم اللائق بأحوال الخدم: [البسيط]

 (يا صاحبي كسدت أسواق أشواقي ... والتفت الساق يوم الهجر بالساق)

 (يا ليت شعري هل سعد يساعدني ... أم هل لداء الهوى في الناس من راق)

 (أم هل سبيل إلى سلوان مكتئب ... أم هل طريق إلى إيناس مشتاق)

 (يا نجل إسحاق يا من ثوب سؤدده ... قد جل في الدهر عن وهي ابن إسحاق)

 (فما تمهلت في يومي وغى وندى ... إلا قضيت بآجال وأرزاق)

 (وكل ذكر وإن طال الزمان به ... فان وذكرك في نادي الندى باق)





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.