أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2022
2340
التاريخ: 9-10-2014
6082
التاريخ: 9-10-2014
2521
التاريخ: 14-2-2022
10150
|
قام بعض صناع هذا الفن بمحاولة تقسيم أسباب النزول الى أقسام عدة بلحاظات مختلفة ، ارتأينا أن نوردها في المقام إتماماً للفائدة ، ونهوضاً أكبر بالمطلوب.
يقول ابن عاشور في مقدمة تفسيره : إن أسباب النزول التي صحت أسانيدها وجدتها خمسة أقسام:
الأول: قسم هو المقصود من الآية ، يتوقف فهم المراد منهما على علمه ، فلابد للمفسر من البحث عنه ، وهذا منه تفسير مبهمات القرآن ، مثل قوله تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) (المجادلة: ١)، ومنه ما اقتضاه حال خاص نحو: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا)( البقرة:١٠٤)
الثاني: قسم هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام ، وصور تلك الحوادث لا تبين مجملاً ، ولا تخالف مدلول الآية بوجه تخصيص أو تعميم أو تقييد ، ولكنها إذا ذكرت أمثالها وجدت مساوية لمدلولات الآيات النازلة عند حدوثها ، مثل حديث عويمر العجلاني الذي نزلت فيه آية اللعان ، ومثل حديث كعب بن عجرة التي نزلت فيه آية: (فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام)( البقرة:١٩٦) فقد قال كعب : هي لي خاصة ولكم عامة.
وهذا القسم لا يفيد البحث فيه إلا زيادة في فهم معنى الآية ، وتمثيلاً لحكمها ، ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة ، إذ قد اتفق العلماء - أوكادوا- على أن سبب النزول في مثل هذا لا يخصص ، واتفقوا على أن أصل التشريع أن لا يكون خاصاً.
الثالث: قسم هو حوادث تكثر امثالها، ولا تختص بشخص واحد، فتنزل الآية لإعلانها وبيان أحكامها ، فكثيراً ما تجد المفسرين وغيرهم يقولون : نزلت في كذا وكذا ، وهم يريدون : أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة ، فكأنهم يريدون التمثيل.
ففي كتاب الأيمان من صحيح البخاري : أن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله (صلى الله عليه واله): «من حلف على يمين صبر ، يقتطع بها مال امرئ ، لقي الله وهو عليه غضبان» فأنزل الله تصديق ذلك: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً) (آل عمران: 77) ، فدخل الأشعث بن قيس فقال : ما حدثكم أبو عبدالرحمان؟ قالوا : كذا وكذا ، قال : في أنزلت ، كان لي بئر في أرض ابن عم لي... الخ ، فابن مسعود جعل الآية عامة ؛ لأنه جعلها تصديقاً للحديث العام ، والأشعث بن قيس ظنها خاصة به ، إذ قال : في أنزلت ، بصيغة الحصر.
وهذا القسم قد أكثر من ذكره أهل القصص وبعض المفسرين ، مع أن القاعدة عند الأصوليين في ذلك : أن العبرة لعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ثم لا فائدة في ذكره ، على أن ذكره قد يوهم القاصرين قصر الآية على تلك الحادثة ؛ لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات.
الرابع: قسم هو حوادث حدثت ، وفي القرآن آيات تناسب معانيها ، سابقة أو لاحقة ، فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات ، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية ، ويدل هذا النوع على وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول ، كما هو مبسوط في المسألة الخامسة من بحث أسباب النزول من الإتقان للسيوطي ، فارجع إليه ففيه أمثلة كثيرة.
وقد ذكر السيوطي في الإتقان عن الزركشي : قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال : نزلت هذه الآية في كذا ، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم ، لا أن هذا كان السبب في نزولها.
الخامس: قسم يبتن مجملات ويدفع متشابهات ، مثل قوله تعالى : (ومن لم يحكم بما أنزل فأولئك هم الكافرون)( المائدة:٤٤) فإذا ظن أحد أن (من) هنا للشرط أشكل عليه : كيف يكون الجور في الحكم كفراً؟ ثم إذا علم أن سبب النزول هم اليهود ، علم أن (من) موصولة ، وعلم أن الذين تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد (صلى الله عليه واله).
وكذلك حديث عبدالله بن مسعود ، قال : لما نزل قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) (الأنعام: ٨٢) شق ذلك على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله) ، وقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم ، ظنوا أن الظلم هو المعصية ، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله ): (إنه ليس بذلك ، ألا تسمع قول لقمان لابنه: (إن الشرك لظلم عظيم))(لقمان : 13)
هذا ، وإن القرآن كتاب جاء لهداية الأمم ، والتشريع لها ، وهذا الهدى قد يكون وارداً قبل الحاجة إليه ، وقد يكون نازلاً عند الحاجة ، وقد يكون مخاطباً به قوماً على وجه الزجر أو الثناء أو غيرهما ، وقد يكون مخاطباً له جميع من يصلح لخطابه. وهو في جميع ذلك قد جاء بكليات تشريعية وتهذيبية ، والحكمة في ذلك أن يكون وعي الأمة لدينها سهلاً عليها ، وليمكن تواتر الدين ، وليكون لعلماء الأمة مزيّة الاستنباط ، وإلا فإن سبحانه قادر أن يجعل القرآن أضعافاً لما أنزل ، وأن يطيل عمر النبي (صلى الله عليه واله) للتشريع أكثر مما أطال عمر ابراهيم وموسى ، ولذلك قال الله عز وجل: (وأتممت عليكم نعمتي)(المائدة:3) فكما لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية ؛ لأن ذلك يبطل مراد الله تعالى ، وكذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه خصوص ، ولا إطلاق ما قصد منه التقييد ؛ لأن ذلك قد يفضي الى التخليط في مراد ، أو الى إبطاله من أصله(1)
هذا ، وقام بعض آخر بتقسيم أسباب النزول الى الأقسام التالية وبلحاظ آخر:
(أ) ما ورد من دون سند صحيح. ويحتمل أن يكون مطابقاً للواقع أو مخالفاً له . ولا شك أن هذا القسم ليس معتبراً ، ولا يكون حجّة. نعم ، يجب تكريم هذا النوع من الروايات لاحتمال صدورها.
(ب) ما ورد من الصحابة من دون إسناد الى المعصوم ، ومن دون حصول لاطمئنان من إخبارهم ، فلا شك أيضاً في عدم اعتبارها وحجيتها ، ولا نلتزم بمضمونها أو العمل بمقتضاها.
(ج) ما ورد عن الصحابة مع حصول الاطمئنان والوثوق بمطابقتها للواقع ، ففي الواقع الاطمئنان هو الذي يكون حجة في المقام.
(د) ما استند الى المعصوم ، فلا شك في حجية هذا القسم(2)
ـــــــــــــــــــــــــــــ
١- تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور ٤٧١ المقدمة الخامسة.
٢- راجع تفسير تسنيم ١: ٢٣٢ (فارسي).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
العتبة الحسينية تطلق فعاليات المخيم القرآني الثالث في جامعة البصرة
|
|
|