المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



مراكز الشعر الاموي/ مصر والمراكز الأخرى  
  
2802   11:51 صباحاً   التاريخ: 5-12-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:166-168
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاسلامي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-6-2021 4033
التاريخ: 2-9-2021 3325
التاريخ: 22-03-2015 3263
التاريخ: 22-03-2015 2884

 

مصر والمراكز الأخرى

إذا أخذنا نستقصي مراكز الشعر الأخري لهذا العصر وجدنا العناصر اليمنية

 

167

تغلب عليها، وهي من حيث الشعر والشاعرية تتخلف عن العناصر المضرية.

وقد تصادف أن كان أكثر الفاتحين لمصر وبلاد المغرب والأندلس من العناصر اليمنية، وأخذت تقدم وراءهم قبائل منهم، تستقر في تلك الديار، فكان طبيعيا أن لا ينشط فيها الشعر، وأن يظل خامدا طوال العصر.

ولعل أهم هذه المراكز المتخلفة في الشعر والشعراء مصر، وكانت متصلة بالحضارة اليونانية والرومانية قبل الفتح. ومدرسة الإسكندرية بها مشهورة وقد ظلت منارة للعرفان حتي عصر عمر بن عبد العزيز إذ هجرها أكثر أساتذتها الى أنطاكية. والذي لا ريب فيه أنه ظلت بمصر بقايا كثيرة من الحضارة اليونانية والرومانية.

وقد أخذت تتنفس في جو الثقافة الإسلامية العربية، وسرعان ما ظهرت بها مدرسة دينية على رأسها عبد الله بن عمرو بن العاص، وأخذت تنهض في هذا المجال. غير أننا إذا رجعنا الى الشعر بها وجدناه متخلفا، لما قلنا من غلبة العناصر اليمنية على العرب النازلين فيها. وحقا نجد فيها أشعارا كانت تنظم من حين الى حين في الأحداث التاريخية واليومية، وهي مبثوثة في كتاب الولاة والقضاة للكندي، ولكن قيمتها الشعرية ضعيفة وأكثر من ينظمونها يعدون مجهولين لنا، وربما كان أهمهم ابن أبي زمزمة الذي عاصر عبد العزيز بن مروان في ولايته على مصر (65 - 85 هـ‍) وأشعاره المنسوبة إليه لا ترقي الى أفق شاعر متوسط من شعراء المراكز الأخري في الحجاز ونجد والعراق وخراسان.

ومن المحقق أن الشعر نشط بمصر في ولاية عبد العزيز بن مروان، غير أنه في جملته شعر وافد، أنشده بمصر شعراء الحجاز ونجد والعراق، الذين وفدوا على ابن مروان يمدحونه لأخذ نواله، وكان بحرا فياضا، وغيثا مدرارا، فقصده الشعراء من كل صوب أمثال كثير وابن قيس الرقيات ونصيب وجميل وأيمن بن خريم وعبد الله بن الحجاج الثعلبي. وبمجرد أن مات عبد العزيز خمد هذا النشاط الطارئ، إذ لم يعد يفد عليها الشعراء لأخذ الجوائز والعطايا الجزيلة.

فمصر لم يكن بها نشاط قوي للشعر في هذا العصر، وإذا تركناها الى الغرب انبسطت أمامنا بلاد المغرب الى مشارف المحيط الأطلسي، وكان الشعر بها

168

 

أكثر تخلفا، لغلبة العناصر اليمنية على من نزلها من العرب، ولأنه لم يظهر بها وال على شاكلة عبد العزيز بن مروان، يرحل إليه الشعراء ويمدحونه. وكذلك الشأن في الأندلس المفتوحة في عهد الوليد بن عبد الملك، فقد فتحتها قبائل يمنية، ومن ثم لم يزدهر الشعر بها، بل ظل ذاويا ذابلا الى نهاية العصر.

وطبيعي أن يكون النشاط الشعري في اليمن خامدا، لأنها لم تجل فيه من قديم، ولأنه لم تضطرم بها العصبيات والثورات التي تدلع ألسنة الشعراء على نحو ما مر بنا في البصرة والكوفة وخراسان، ومع ذلك فقد كان ينزلها بعض الشعراء لمديح ولاتها على شاكلة أبي دهبل الجمحي الذي اشتهر بمديحه ابن الأزرق المخزومي والي ابن الزبير (1). وحين ظهر فيها نشاط الخوارج الإباضيين لأواخر هذا العصر أخذ الشعر يجري على بعض الألسنة. ولكن على كل حال كان الشعر هناك متخلفا، وربما كان خير شعرائها خالد الزبيدي الذي ترجم له ياقوت في معجمه (2).

_________

(1) أغاني (دار الكتب) 7/ 128.

(2) معجم الأدباء (طبع القاهرة) 11/ 21.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.