المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

معنى كلمة رقب
31-12-2021
أسماء الذين قيل بأنّ ابن أبي عمير روى عنهم من المضعّفين / داوود بن كثير الرقّي.
2023-03-01
البيعة لأبي العباس
28-6-2017
حريز بن عكاشة
21-1-2023
انفصال الشحنات وشبه التعادل الكهربائي
3-6-2017
الضرب
2-6-2022


التهذيب وأساليبه في التنشئة الاجتماعية والثقافية  
  
3503   10:10 صباحاً   التاريخ: 18-11-2021
المؤلف : الاستاذ فاضل الكعبي
الكتاب أو المصدر : الطفل بين التربية والثقافة
الجزء والصفحة : ص105 ـ 110
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية العلمية والفكرية والثقافية /

عادة تخضع التنشئة الاجتماعية للأطفال لمؤثرات عديدة تلعب دورها في طبيعة هذه التنشئة وأسلوبها وشكلها منها (شخصية الوالدين) وما  تعكسه هذه الشخصية من سلوك وثقافة وتربية وأساليب العيش على الأطفال، إضافة إلى تأثير الأفكار الدارجة التي تروج لها وسائل الإعلام، ووسائل الاتصال المختلفة، وكتب الأطفال، ولعبهم وتجمعاتهم الاجتماعية في المحيط الاجتماعي وفي الجو المدرسي، وفي عموم البيئة التي يتحرك فيها الطفل ويلتقط منها ما هو مسموع ومرئي من العلامات والألفاظ والصور والسلوكيات وكلها تشكل تحولاً في إطار التنشئة الاجتماعية وبنيتها التربوية والتطبيعية في المجتمع..

هذا يعني ان طبيعة المجتمع، وأساليب نشأة أفراده وتقاليده وما تعارف عليه من قيم وطباع ونظم هي المحدد العام أو الخاص لطبيعة عيش هؤلاء الأفراد ونظمهم السلوكية والأخلاقية والتربوية التي انطلقت من قيمهم الثقافية والحضارية التي ساروا عليها وتطبعوا على وفق نهجها وأساليبها في الحياة..

من هنا تأتي التنشئة الاجتماعية لتضع الإطار الصحيح لسمات الثقافة العامة لهذا المجتمع، ولتضع الإطار الصحيح الذي ينظم آليات التعايش والتكيف والتهذيب والإعداد الاجتماعي والتربوي والثقافي للأفراد.. فإننا عندما نريد ان يخضع الأفراد إلى نظم المجتمع وقياساته في الأخلاق والتربية والسلوك فأننا نعمل بالدرجة الأساس على تهذيب الأفراد تهذيباً كاملاً على وفق ذلك، على ان يخضع هذا التهذيب لنظمنا وعاداتنا وأساليبها وأنماطنا الثقافية والاجتماعية والتربوية، لكي تتم من خلال ذلك عملية التوافق الصحيح بين ما يريده نظام المجتمع من ضبط سلوكي واجتماعي في ضوابط الشخصية الفردية وعلاقتها بالأفراد الآخرين في المجتمع، وبين وما نريده نحن من مستوى أخلاقي وتربوي واجتماعي وثقافي لأفراد أسرنا أو مجتمعنا، لكي نجعل الحياة أكثر استقراراً والعيش فيها أكثر أماناً وسلامة ورقي، وتكيفاً بين الفرد والجماعات.. وهذا ما يقوم به التهذيب في عملياته وأدواره ونشاطه وفاعلياته في جوهر التنشئة الاجتماعية، والتهذيب هنا هو المعوّل عليه للقيام بمهمة الإعداد والتكيف والضبط والتوافق الاجتماعي والسلوكي والأخلاقي والتربوي لنظم الشخصية ودوافعها وقدراتها، ولأن التهذيب هو روح التنشئة الاجتماعية وجوهرها، فلا تنشئة اجتماعية سليمة دون ان يكون هناك تهذيب سليم وفاعل في آلياتها، وإذا تركت التنشئة الاجتماعية مسؤوليتها في التهذيب فإنها تسلم أمرها إلى (القضاء والقدر) ومؤثرات العوامل الخارجية السلبية منها والايجابية في ان تفعل فعلها، في إطار هذه التنشئة لهذا الطفل أو ذاك لتصنع منه شخصية عدوانية، أو خارجة عن القانون، أو شخصية ضعيفة وسلبية يصعب تكيفها الطبيعي مع المجتمع السوي، أو تصنع من هذا وذاك شخصية طيعة تتقبل كل المؤثرات السلبية أو الايجابية وتتوافق معها بنفس المستوى، فيجعلها ذلك سهلة أمام عوامل الانحراف والانزلاق من التنشئة الاجتماعية المتوافقة إلى مهاوي الجريمة والجنوح والسلوك السلبي، الذي لا يؤثر على هذا الفرد وشخصيته فحسب إنما يكون تأثيره السلبي على عموم المجتمع وبنيانه الاجتماعي والأخلاقي، لذلك يأتي التهذيب لتفعيل التنشئة الاجتماعية في فعلها ودورها الأساس..

والتهذيب أو الترويض كما يحدده العلماء هو المعنى الايجابي لأسلوب التنشئة الاجتماعية، إذ يقصد منه اعتبارات ومحددات عديدة لضبط السلوك والانفعالات والغرائز والتصرف، والخلاصة منه إلى نوع من السلوك المتوافق مع التكيف الاجتماعي وطبيعة نظم المجتمع السلوكية والاجتماعية..

ويعرف التهذيب كما يحدده علماء (هيئة معهد دراسة الطفل بجامعة تورنتو بكندا) على انه : (التخطيط لكافة المؤثرات التي سوف توجه تطور الطفل وتقوده، أما الاستعمال الشائع للتهذيب بين الناس والذي يعتبر التهذيب مجموعة من العقوبات ومن القيود والأوامر والنواهي، فانه يعني نظرة ضيقة ومحددة إلى أسس تهذيب الطفل، ولا يمكن قبولها أساساً، وإنما يعتبر التهذيب محاولة من جانب الأبوين والمعلمين وسواهم في تهيئة الشروط الملائمة التي يمكن بواسطتها مساعدة الطفل على ان يتعلم الأنماط المرغوبة في السلوك، وان الغرض الأساسي من هذا التهذيب ليس إنتاج أطفال حسني التصرف فحسب، وإنما لكي ينشأوا سعداء، ويترعرعوا وهم حسنوا التوافق والتلاؤم في حياتهم)(1). لذلك علينا ان نعي تماماً آليات التهذيب الصحيح والغرض منه لكي نخرج بنتيجة إيجابية تحقق لنا ما نصبوا إليه في تهذيب الطفل وترويضه بالطريقة التي تمنح التوافق الموضوعي بيننا وبين الطفل، أي تمنحنا الرضا بمستوى هذا التهذيب ونتائجه في شخصية الطفل، ورضا الطفل علينا، وقبوله بنتائج التهذيب وعوامله الفاعلة والمؤثرة إيجابياً في سلوكه وفي محيطه..

إن التهذيب في إطاره الوظيفي يقوم على أساس التوجيه والإرشاد لنوازع الطفل وقدراته وغرائزه وسلوكه، وهذا التوجيه والإرشاد يتطلب نوعاً من الضبط الذي يؤدي إلى النتائج المرجوة.. وهذا الضبط هو الذي يراقب الطفل وينظم شؤونه وسلوكه وفعالياته، وتعتبر من أهم مقومات التهذيب، وأكثر النتائج فعالية وايجابية في تربية الطفل وتهذيبه، ويتطلب هذا الضبط في آليات التربية والتهذيب (السيطرة المباشرة وغير المباشرة على شؤون الطفل من غير إلحاح عليه، فكلما كانت السيطرة غير المباشرة ناجحة أكثر في قيادة الطفل كلما قلت الحاجة إلى إتباع السيطرة المباشرة في توجيهه، لذلك جاء الضبط ضرورياً وذلك لعدم نضج الطفل النضج الكافي، ولمساعدته على ان يتعلم كيف يتوافق من الناحية الاجتماعية مع الآخرين، ولحمل الطفل على اكتساب القدرة على الضبط الذاتي)(2) الذي يدفع الطفل إلى الاعتماد على قدراته وحوافزه الذاتية في اختيار السلوك الايجابي والتقيد به بناء على ضبطه الذاتي الذي جعله يميز بين السلبي والايجابي في السلوك الاجتماعي العام ..

إن التهذيب لكي يأخذ دوره ووظائفه وفاعليته في سلوك الطفل وقدراته ودوافعه ومجمل فعالياته الشخصية، يحتاج إلى قيادته في التوجيه والتنظيم والإرشاد.. لذا تقع مسؤوليته الكبرى بشكل أساسي على الوالدين بوصفهما المسؤولان الأساسيان عن إدارة السلطة في البيت، وقد أدرك العلماء دور الوالدين وفاعليتهما في تربية الطفل وتهذيبه، فأكدوا على ان الأم تضطلع بدور أكبر ومسؤولية أوسع من الأب للأسباب التالية: لأنها تبذل جهوداً أكبر ولمدة أطول في العناية الشخصية به.

وأنها أعمق تفهماً لدرجة تقدمه ومديات تطوره.

وان الأم لها الميل نحو تقضية وقت أطول في السهر على الأطفال والعناية بهم ..

وكذلك زيادة اعتماد الطفل على أمه.

ولأن الأب يغيب عن البيت معظم النهار عادة، فتشغل الأم مكان الأب في تنظيم أعمال الطفل الروتينية اليومية..

ولأن الأب يبقى بعيداً عن الاهتمام بالطفل الصغير جداً أو العناية به (3).

ونتيجة لذلك تحدث هناك بعض الفروق الأساسية في أسلوب تنشئة الطفل ومقومات تربيته وتهذيبه، وقد خلص علماء معهد دراسة الطفل بجامعة تورنتو بكندا، على ان الأب والأم (يحتاجان إلى الاتفاق على خطة وأسلوب معينين يتبعانه في تنشئة الطفل ثقافياً واجتماعياً لسببين اساسيين:

أولهما: ان عدم الاتفاق على ذلك يؤدي إلى الفوضى والارتباك. .

وثانيهما: ان هناك خطراً في ان يصبح أحد الأبوين متساهلا مع الطفل، للتعويض عن التشدد الذي يبديه الآخر منهما نحوه، كذلك يحتاج الأبوان إلى عقد مؤتمرات، أو جلسات بين الحين والآخر لغرض تحديد الأهداف والقيم والمبادئ الأساسية، وكذلك تعيين الأساليب المؤدية لتحقيقها.. كذلك يخشى من خطر آخر إلا وهو: ان أحد الأبوين ينحو اتجاهات ومستويات أعلى مما لدي الآخر منهما.. لذا، لا ينبغي لأحد الأبوين ان يستأثر بمركز الصدارة في تنظيم شؤون الطفل، سواء في نواحي وضع الخطط، وفي طريقة حل المشكلات التي يعاني منها الطفل) (4).

ولكي لا يكون هناك خلل في آلية التنشئة الاجتماعية والثقافية، وطريقتها وأسلوبها في ضبط سلوك الطفل وتربيته في الإطار الصحيح..

___________________________________

(1) فصول ملخصة في أسس تهذيب الطفل ص 10.

(2) المرجع نفسه ص 16.

(3) المرجع نفسه ص 39.

(4) المرجع نفسه ص 41. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.