أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-14
1026
التاريخ: 12-4-2021
2952
التاريخ: 12-6-2022
1477
التاريخ: 11-5-2022
2439
|
تمتد مرحلة المراهقة من سن الثالثة عشر إلى الحادية والعشرين، وقد تتأخر إلى الرابعة عشرة أيضاً، وتقسم إلى مرحلتين(1): الأولى حتى السابعة عشرة، والثانية إلى ما بعدها وصولاً إلى الحادية والعشرين، حيث تسمى الأولى المراهقة المبكرة، والثانية المراهقة المتأخرة، لوجود بعض الفروقات بينهما، لكن تحديد السن لا يكون حاداً في غالب الأحيان، فقد تتداخل زيادة السنة أو نقصانها بين المرحلتين، أي انتهاء المراهقة المبكرة عند الثامنة عشرة أو السادسة عشرة، لتبدأ بعدها المراهقة المتأخرة.
ويُصاحب مرحلة المراهقة نموٌ شامل، جسدي وعقلي ونفسي، تواكبه اضطرابات جسدية وعقلية ونفسية، بسبب هذه المرحلة الانتقالية الحساسة. ثم تستقر في نهايتها في اتجاهات واضحة ومحددة، حيث تكتملُ معالمُ الجسد شكلاً ووظيفة ومواصفات، وتتبلور قواعدُ العقل والتفكير في تحديد مسار الخيارات الشخصية والثقافية والمهنية والسياسية والمجتمعية، وتتجهُ النفس نحو إطارٍ يطبع حياة الشباب، التي تبرز مميزاتها في السلوك العملي، بحالة مستقرة أو قلقة، مؤمنة أو حائرة، متفائلة أو متشائمة، مطمئنة أو أمارة بالسوء... من دون نفي بعض التقلبات المحتملة مع تبدل الظروف والقناعات، ومن دون حدية لحالة دون اخرى، فقد يطغى اتجاه على آخر مع بقاء أثرٍ ما لنقيضه.
إذاً، نشهد في سن المراهقة انفعالات واضطرابات نفسية مصاحبة للنمو الجسدي والعقلي، وهي متفاوتة بين شاب وآخر، بين فتاة وأخرى، بين الشاب والفتاة، حيث تكون عادية وبسيطة أحياناً، وتكون حادة ومتوترة أحياناً أخرى، وما بينهما مراتب كثيرة. علينا أن نتعاطى مع الانفعالات النفسية بلحاظ خصوصيات المراهق، وأن نبحث عن الأساليب التي تزيد من مستوى اضطرابها وتوترها، فقد تكون جسدية، أو عقلية، أو تربوية، أو بسبب الظروف الاجتماعية المحيطة، أو مزيج من عدة أسباب، أو غير ذلك.
سنتناول في هذا البحث سبباً من هذه الأسباب لتوضيح الصورة، وتسهيل التعامل مع المراهق والمراهقة: ـ الانفعال
في المرحلة الانتقالية التي يعيشها المراهق على المستوى الجسدي والنفسي، تكون قابليته للانفعال سهلة وسريعة، حيث يتخذ الانفعال لديه أشكالاً متعددة بحسب مقوماته الشخصية وظروفه التي تحيط به.
ففي بعض الحالات يكتم المراهق انفعالاته خشية انتقاد الآخرين ولومهم، ويحسب حسابات كثيرة لمن حوله، ويتحسس من أي تصرف قد يكشفه أمام الآخرين ويعرِّضه للمساءلة، وتبرز عليه معالم الخجل من المواجهة أمام الأحداث، فيعيش حالة انطواء وعزلة. يجب أن يخرج المراهق من هذه الحالة، فهي طارئة واستثنائية، لها علاقة بالأجواء التربوية التي أحاطت به، والتقاليد والأعراف التي ضغطت عليه. على الأهل والمربين أن يساعدوه على كسر هذا الحاجز، بتشجيعه لإبداء رأيه، والاستماع لملاحظاته بصبر وتأمل، وعدم تسخيف وجهة نظره. وعلى المراهق أن لا يعيش وَهمَ الضغط الاجتماعي والأسري، وأن يجرب إبداء وجهة نظره في بعض المجالات، بين الأصدقاء، أو مع أحد معلميه، وأن يلجأ إلى التعبير الثنائي بينه وبين أحدهم، بينه وبين أبيه أو أمه أو معلمه... ولا يلجأ في بداية المطاف إلى التعبير بحضور مجموعة كبيرة، فيكون بتعبيره الثنائي قد كسر حاجز الخجل والخوف، وتخلّص من خطر الانطواء والانفعال الذاتي الذي يولد الاكتئاب وانعدام الثقة بالنفس.
وفي حالات أخرى يتصف سلوك المراهق بالشدة والتوتر، فهو يرد بسرعة على أي موضوع، ويرفع صوته مستنكراً، ولا يراعي من هو أكبر منه. يتصرف بعدائية تجاه الآخرين متهماً إياهم بأنهم لا يفهمونه ولا يقدّرون حاجاته ورغباته، ويثور لأتفه الأسباب، حيث يبرز ذلك من تعابيره القاسية أو حركاته أو عصبيته المفرطة.
على الكبار أن لا يتصرفوا معه بردة فعل قاسية، وأن يراعوا سنَّه وقلة درايته وتجربته، وأن يستدرجوه للإفصاح عما يزعجه ويؤلمه، وأن يُبدوا له التفهم والتقدير والمساعدة في إطار احترام رأيه، آخذين بيده لتلطيف طريقته في التعبير. لا يصح وضعه في موقع الند مع الكبار، ولا الرد على انفعاله بانفعالات مقابلة، فهذا ما يعقد المشكلة، ويجُرُّه إلى تصرفات غير لائقة وأكثر عدوانية.
على المراهق أن يلتفت لنفسه، وأن يعلم بأن معرفته القليلة وتجربته المحدودة وخبرته المعدومة تقلل من حسن تقديره للموقف، ليس صحيحاً أنه على حق دائماً، وليس الآخرون أعداء له، ولا يتصدى أحدٌ له ليحطمه ويؤذيه. عليه أن يدرك بأنه في مرحلةِ تذبذبٍ وعدم استقرار، فليلجُم سلوكه، وأن الأمر بيده ليتخذ القرار المناسب، إذا تأمل وفكّر ولم يتسرع. على المراهق أن يتقبل التمايز بين وجهة نظره والآخرين، وأنه ليس وحيداً، وليس معذوراً في إطلاق العنان لتصرفاته الانفعالية السلبية، فسلوكه لم يحصل بطريقة لا إرادية، إنه قراره السلبي بسبب عدم التروي وقلة المعرفة والتشكيك بالآخرين، ليس صحيحاً أن يرد الأمر لمرحلته التكوينية التي يمر بها، وكأن سلوكه آليٌ لا يتحكم به، إنما الصحيح هو سرعة استجابته لمثل هذا السلوك الذي يستطيع ضبطه والتحكم به. ستبقى ميزة الشباب القليل الخبرة بارزة في سلوكه الذي يميزه عن الكبار، لكننا نتحدث عن انفعال يزيد عن حدِّه لأتفه الأسباب من دون مبرر ولا نفع، ثم لا يؤدي إلّا إلى مزيدٍ من التوتير والعناد والتحدي والمشاكل.
يمكننا توجيه الانفعال ليكون إيجابياً ومتوازناً، من دون إبطال ميزة الشباب وخصوصياتها، وأن يكون وسيطاً بين الخجل المفرط والانفعال الزائد، بين الانطواء على النفس وعدم لياقة التعامل مع الكبار، بين الشعور بالغبن واستعداء المحيط ، وذلك باعتماد القاعدة التي رسمها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله: ((خيرُ شبابكم من تشبَّه بكهولكم))(2).
فالكهل بما يمتلك من معرفة وخبرة يتصرف باتزان ودراية، وهو بذلك قوة للشباب الذي يريد تقويم أدائه، نحو الأفضل، فالحديث لا يدعو إلى الخروج عن خصوصية مرحلة الشباب، بل يدعو إلى التشبه، أي الاستفادة من إيجابيات سلوك الكهل.
على المراهق أن لا يبالغ في تصوراته وأوهامه وأحلامه، وأن يكون واقعياً، يلتفت إلى إمكاناته ومحيطه الاجتماعيين، وأن يتجاوز حسّه المرهف تجاه تصرفات الآخرين، فلا يتسرع بالحكم عليها، ولا يتهمهم بالإساءة إليه أو استهدافه. وعليه أن لا يقاطع عالم الكبار، ولا يكتفي بنصائح وآراء أقرانه، فإنه بحاجة إلى من يرشده وينصحه كي لا يدفع الثمن من تجاربه وأخطائه.
________________________________
(1) قاسم، الشيخ نعيم، حقوق المعلم والمتعلم، ص:83.
(2) الشيخ الصدوق، معاني الأخبار، ص:401.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|