أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين الجريمة التأديبية والجريمة الجزائية |
8317
10:41 صباحاً
التاريخ: 28-9-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2016
5081
التاريخ: 12/9/2022
1505
التاريخ: 2023-07-17
1615
التاريخ: 2024-02-26
1197
|
هنالك أوجه اختلاف بين الجريمة التأديبية والجزائية وهنالك أوجه اتشابه وسنتناول ذلك بشيئ من الايجاز وقبله لابد من الاشارة الى أن الدولة تعد مسؤولة عن تحقيق المصلحة العامة، ومن اجل تحقيق هذه الغاية قام المشرع بوضع القانون الجزائي، الذي يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع، ومن ثم يحقق المصلحة العامة.
فالفرد يكون عضوا في المجتمع الكبير، وقد يكون إلى جانب ذلك عضوا في مجتمع صغير داخل المجتمع الكبير وهو الوظيفة العامة، وعليه يجب على الفرد أن يلتزم بواجبات الوظيفة ويبتعد عن محظوراتها، وقد يرتكب الفرد عملا غير مشروع يكون جريمة تأديبية وجزائية معا في الوقت نفسه، من هنا تظهر العلاقة بين الجريمتين عن طريق أوجه التشابه والاختلاف بينهما، وفقا لمايأتي:
الفقرة الأولى: أوجه التشابه بين الجريمة التأديبية والجزائية.
تتشابه الجريمتين في جوانب عدة واهمها:
أولا: من حيث التعريف
لم يقم المشرع بوضع تعريف محدد للجريمة التأديبية والجزائية، تاركا الأمر للفقه والقضاء للقيام بذلك، والسبب هو رغبة المشرع بعدم وضع تعريف محدد يقتصر على بعض الأعمال دون الأخرى فقد تكون الأعمال التي لم يشملها التعريف جرائم في المستقبل، وهو ما يؤدي إلى حدوث مشاكل عملية بسبب التعريف.
ثانيا: من حيث شرعية العقوية وأثرها.
لا يجوز فرض عقوبة على الفعل الذي يكون جريمة تأديبية، أو جزائية ما لم تكن العقوبة منصوص عليها في القانون، لأن العقوبات التأديبية والجزائية جاءت على سبيل الحصر في القانون، وهدف العقوبات التأديبية والجزائية هو المنع والزجر، وليس التعويض كما في المسؤولية المدنية، وان الأثر الذي تسببه العقوبة التأديبية يكون على مستقبل الفرد بعده موظفا، أما الجنائية فتؤثر على مستقبله بوصفه مواطنة.
ثالثا: من حيث عدم جواز تعدد العقوبات على الفعل الواحد.
تتشابه الجريمتان من حيث عدم جواز توقيع أكثر من عقوبة على الفعل الواحد، فقد نص المشرع اللبناني في الفقرة الثامنة من المادة (59) من نظام الموظفين على ذلك، إذ جاء في الفقرة الثامنة: "لا يجوز أن تفرض أكثر من عقوبة واحدة على الموظف نفسه في القضية نفسها ما لم تكن العقوبة الثانية صادرة عن المجلس التأديبي أو الرئيس التسلسلي الأعلى، وفي هذه الحالة تلغي العقوبة الأولى".
وما نصت علية المادة (20) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام العراقي رقم 14 لسنة 1991 المعدل إذ جاء فيها: " لا يجوز للإدارة معاقبة الموظف بعقوبتين انضباطيتين عن فعل واحد". وكذلك الحال بالنسبة للشخص مرتكب الجريمة الجزائية فلا يجوز فرض أكثر من عقوبة عليه بسبب العمل غير المشروع الذي قام به .وقد قضت محكمة استئناف الرصافة بصفتها التميزية بذلك حيث جاء في إحد قراراتها: "لا يجوز الحكم مرتين بسبب ارتكاب المتهم جريمة واحدة (1) .
رابعا: من حيث خضوعها لنظام العفو.
تخضع الجريمتان لنظام العفو، ففي الجريمة الجزائية يحق لرئيس الدولة إصدار عفو خاص ويحق للسلطة التشريعية إصدار عفو عام(2) ، أما في الجرائم التأديبية فإنه يحق للرئيس الإداري العفو عفو عام عن الجرائم الجزائية فإنه لا يشمل الجرائم
عن بعض الجرائم التأديبية (3) ، أما إذا صدر عفو عام عن الجرائم الجزائية فإنه لا يشمل الجرائم التأديبية إلا إذا نص قانون العفو على ذلك(4)
خامسا: من حيث الإجراءات.
تطور القانون التأديبي من حيث الإجراءات ليشبه القانون الجزائي لحد كبير، إذ تخضع الدعوى التأديبية لنفس القواعد الإجرائية التي تخضع لها الدعوى الجزائي، بما يتلائم مع طبيعة الجريمة التأديبية، وأهمها إجراءات الاتهام وإجراءات الدفاع والمحاكمة(5) . ويعود سبب التقارب بينهما إلى الضمانات الحقيقية، التي تتوفر للموظف سواء في مرحلة التحقيق، أو المحاكمة في المجال التأديبي، إذ تتشابه هذه المضمانات مع ما هو موجود في القانون الجزائي، الذي يرى بعضهم إن إجراءاته أكثر اتفاقا مع العدالة (6)
سابعا: من حيث موانع المسؤولية وأسباب الإباحة.
إذا انعدمت إرادة الموظف الحرة في أي عمل يقوم به، فلا يمكن محاسبته عن حدوث الجريمة التأديبية أو الجزائية، لأن الإرادة الحرة تكون جوهر الركن المعنوي للجريمتين، فلا يمكن محاسبة الموظف عن فعل كانت القوة القاهرة هي السبب فيه، أو في حال أصاب الموظف فقدان للشعور بسبب الجنون أو العته، لأن إرادة الموظف تنتفي ومن ثم تنتقي مسؤولية الموظف التأديبية والجنائية. ويعد من أسباب الإباحة استعمال الحق وأداء الواجب والدفاع الشرعي (7) .
الفقرة الثانية: أوجه الاختلاف بين الجريمة التأديبية والجريمة الجزائية.
أن أوجه الاختلاف بين الجريمتين تكمن في كثير من الأمور وأهمها:
أولا: من حيث الأركان.
تختلف الجريمتان من حيث الأركان المكونة لكل منهما، ففي الجريمة الجزائية يجب توفر الركن المادي والمعنوي والشرعي(8) أما الجريمة التأديبية فهي تتكون من ركنين مادي و معنوي أما الركن الشرعي فينكر جانب من الفقه عده من أركان الجريمة التأديبية(9)، ويضيف جانب من الفقه ركن أخر للجريمة التأديبية وهو ركن الصفة (الموظف العام) (10). وإن الركن المادي في الجريمة التأديبية، يتكون من السلوك فقط، على خلاف الجرائم الجنائية ، إذ يتكون ركنها المادي من السلوك والنتيجة الجرمية ، والعلاقة السببية، لأن الجرائم التأديبية من جرائم الخطر وليس جرائم الضرر، أما الركن المعنوي ففي الجرائم الجزائية يشترط توفر القصد العام واستثناء توفر القصد الخاص، أما في الجرائم التأديبية فلا مجال للقصد الخاص فيها.
ثانيا: من حيث نطاق العقوبة المفروضة.
تميز النظام الجزائي بأنه نظام عمومي وشمولي فهو يطبق على افراد المجتمع من دون استثناء، ومن ثم فإن العقوبة الجزائية تصيب أي فرد من أفراد المجتمع، إذا ارتكب جريمة من الجرائم التي تنص عليه قوانين العقوبات(11). أما النظام التأديبي فيتميز بكونه نظام فئوية يطبق فقط على الموظفين(12) ، ومن ثم فإن العقوبة التأديبية تصيب الموظف فقط عندما يقوم بعمل غير مشروع.
ثالثا: من حيث الخضوع لمبدأ الشرعية.
تختلف الجريمتان في الخضوع لمبدأ الشرعية، ومقتضى هذا المبدأ (ان لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص)، فالجرائم الجزائية محددة على سبيل الحصر في القانون فلا يستطيع القاضي الجزائي إيقاع عقوبة غیر منصوص عليها في القانون(13) . خلاف الجرائم التأديبية فهي غير محددة على سبيل الحصر، وبالتالي لا تخضع لهذا الميدا. و إن المشرع اللبناني والعراقي لم يقم بتحديد الجرائم التأديبية على سبيل الحصر فتعد الجرائم التأديبية أوسع نطاقا من الجرائم الجزائية.
رابعا: من حيث نوع العقاب المفروض.
يتميز الجزاء الجنائي بأنه يصيب الفرد في حياته وماله وأهليته القانونية وحريته وشرفه، وللقاضي الحرية في تقدير العقوبة الملائمة للواقعة المنظورة أمامه، ضمن الحدود التي يسمح بها القانون، والجزاء الجنائي أشد خطورة من الجزاء التأديبي، الذي يمس الموظف بمركزه ومتعلقاته الوظيفية، والجزاءات التأديبية تكون محددة على سبيل الحصر في القانون، وأقصى ما تصل إليه هو العزل من الوظيفة نهائية (14)
خامسا: من حيث المصلحة محل الحماية.
إن الهدف من توقيع الجزاء التأديبي هو حماية المركز الوظيفي من المخالفات المخلة به، وضمان سير المرفق العام بانتظام واطراد، فالنظام التأديبي إذا يهدف إلى إصلاح الموظفين ورفع مهاراتهم وكفاءاتهم الإنتاجية.
أما العقوبة الجنائية فالهدف من توقيعها هو حماية المال والنفس بتجريم أعمال معينة ضمانا التحقيق استقرار المجتمع والأمن فيه، " ويترتب على ذلك أن الحق في توقيع الجزاء التأديبي والنزول عنه هو للهيئة التيوقع عليها الضرر وتقررت العقوبة الحماية مصالحها، أما الحق في توقيع العقوبة الجنائية والنزول عنها فهو للمجتمع، وفقا لما يحدده القانون من أوضاع وشروط (15) .
سادسا: من حيث الجهة المخولة بفرض العقوبة.
في النظام التأديبي تفرض الهيئة التي ينتمي إليها الموظف المخالف العقوبة عليه، وهناك بعض الأنظمة يتم فرض العقوبة التأديبية فيها من قبل مجالس وهيئات تأديبية أو حتى قضائية(16) ، أم في النظام الجزائي، فلا يجوز توقيع العقوبة إلا من قبل الجهة القضائية الرسمية المختصة المحكمة - لأنها ممثلة الدولة (17) .
سابعا: من الناحية الموضوعية.
أن الجرائم الجزائية لها طابع عام، ويمكن أن تقع في مجالات متعددة ومتنوعة، على العكس من الجرائم التأديبية التي لها طابع خاص، فهي تحصل بسبب قيام الموظف بخدمة أو بسببها، فالجريمة التأديبية تمس حسن سير المرفق العام بانتظام، وتمس كرامة الوظيفة العامة إن المشرع الإداري والجزائي في كل من لبنان والعراق لم يقوما بوضع تعريف للجريمة التأديبية والجريمة الجنائية، تاركين الأمر للقضاء والفقه.
وحسنا فعل المشرع ذلك، لأن محاولة حصر الأخطاء الوظيفية يؤدي إلى حدوث مشاكل عملية كثيرة، كون هذه الأخطاء ناجمة عن الإخلال بالواجبات الوظيفية وهذه الواجبات متنوعة ومتعددة.
وكذلك الأمر بالنسبة للجريمة الجزائية ومحاولة وضع تعريف لها لا تخلو من الضرر، فقد يكون التعريف غير جامع ومانع لكل المعاني المقصودة، لأن الجريمة عرضة للتغير بتغير الزمان والمكان.
أما القضاء الإداري في لبنان والعراق لم يقم هو أيضا بوضع تعريف محدد للجريمة التأديبية، فقد قام مجلس شورى الدولة اللبناني بوضع مجموعة من الأمثلة عن الجرائم التأديبية، أما محكمة قضاء الموظفين في العراق فقد نصت على مجموعة من الإحكام لتعريف الجريمة من خلال ما جاء في قراراتها.
أما الفقه الإداري والجزائي في العراق ولبنان فقد كان موفقا بوضع تعريفات عدة للجريمة التأديبية وكذلك للجريمة الجزائية. مع عدم اتفاقهم على تعريف محدد.
أما فيما يخص العلاقة بين الجريمة التأديبية والجريمة الجزائية، إن الجريمة التأديبية مستقلة عن الجريمة الجزائية، لكن هذا الاستقلال ليس مطلقا وكلية بل ثمة هنالك تأثير متبادل بين الجريمتين، فالجريمة التأديبية تشترك مع الجريمة الجزائية بمجموعة من الخصائص والصفات وتختلف عنها بخصائص وسمات أخرى .
______________
1- تميز عراقي. قرار رقم 80، تاریخ 2002/9/16 ,مجلة العدالة، ع 4، بغداد، 2002، ص96
2- يوسف سعد الله الخوري، مجموعة القانون الإداري، الجزء الخامس، الكتاب الأول، الوظيفة العامة، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2004، ص400
3- عبد القادر الشيخلي، القانون التأديبي وعلاقته بالقانون الإداري والجنائي، ط1، دار الفرقان، عمان، 1983، ص 44.
4- يوسف سعد الله خوري، المرجع السابق، ص 401
5- شاب توما منصور، النظام القانوني لعمال الدولة في العراق، مجلة العلوم الإدارية، العدد (2)، السنة 12، القاهرة، 1970، ص 395
6- تغريد محمد قدري النعيمي، مهذا المشروعية وأثره في النظام التأديبي للوظيفة العامة، ط1، منشورات الحلبي الحقوقية، بیروت، 2013، ص128.
7- تغريد النعيمي، المرجع السابق، ص 130-131.
8- عبد القادر الشيخلي، المرجع السابق، ص 43 .
9- د.ماجد راغب الحلو، القانون الإداري الكويتي وقانون الخدمة المدنية الجديد، ط1، من دون دار ومكان النشر، 1980، ص 257
10- علي خليل إبراهيم ، جريمة الموظف العام الخاضعة للتأديب دار العروبة بغداد ، 1985 ص 49 .
11-طارق فيصل مصطفى غائم، العلاقة بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية- دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون جامعة الناجح الوطنية، نابلس، 2019، ص 59-57.
12- محمود إبراهيم إسماعيل، شرح الإحكام العامة في قانون العقوبات، ط2، دار الفكر العربي، القاهرة، 1979، ص63 .
13- د.جمال إبراهيم الحيدري، شرح إحكام القسم الخاص من قانون العقوبات، مكتبة السنهوري، بغداد، 2009، ص6.
14- عبد القادر الشيخلي، المرجع السابق، ص60
15- د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات اللبناني القسم العام، بدون ذكر مكان النشر، 1998، ص 949 .
16- د. تغريد النعيمي، المرجع السابق، ص133 .
17- د.سلمان عبد المنعم ود. عوض محمد عوض، النظرية العامة للقانون الجزائي اللبناني، ط1، مجد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بیروت، 1996، صص 85 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|