أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2021
2109
التاريخ: 3-10-2020
2216
التاريخ: 29-12-2020
2431
التاريخ: 21-12-2021
2253
|
إن الجيوستراتيجية الحديثة تبحث عن تطوير الأمن القومي الداخلي كونه الإطار الذي يسمح بتطوير الأمة بمختلف قطاعاتها الاقتصادية، وإتباع الجيوستراتيجية الحديثة لمنهج "سلمي" قائم على تطوير آليات الدفاع عن المسرح العملياتي القومي الذي يمتد على كامل التراب القومي للدول، ولا يعني هذا تخلي أصحاب القرار الجيوستراتيجي خاصة في الدول الكبرى عن طموحاتهم في السيطرة على اقتصاديات العالم للمحافظة على مكتسباتهم في خيراته وثرواته، لدرجة جعلت رؤساء بعض من هذه الدول يعلنون صراحة أنه من الخطأ التفكير بان دولنا هي دول محايدة، ولن تتردد في استخدام الخيارات العسكرية المدعومة بالسلاح الرادع لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لحماية مصالحها.
ويلاحظ المهتمون والمتابعون لشؤون السياسة العالمية، بان تطوير العالم لتكنولوجيا المراقبة الفضائية باستخدام توابع ذات مرئيات عالية الوضوح المكاني، " جعل للجيوستراتيجية بشقيها العسكري والمدني بعدا فضائيا هاما، كما يمكن اعتماد التفكير المغاير لذلك، والقول بان الطموحات التي مازالت كثيرة ومتعددة للدول المتقدمة في العالم في حربها الاقتصادية، ونتيجة لمتطلبات الجيوستراتيجية الحديثة، فقد تم تطوير هذه التوابع الصناعية الماسة للأرض التي تقدم مرئيات في غاية الدقة والتفصيل لمختلف مسارح العمليات.
ولا شك في هذا المجال بان الهدف الثاني والأكبر بعد الهدف الرئيسي الأول للجيوستراتيجية الحديثة، يكمن في تحقيق المكاسب وتكوين مناطق التأثير والأنظمة اللاحقة أو التابعة، ذلك أن الجيوستراتيجية التطبيقية تتطلب أن يكون هناك منافع ومكاسب من وراء الأراضي المحتلة، التابعة أو الحليفة، بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق عبقرية اتخاذ القرار الصادر عن الاستراتيجي المسيطر أو الأقوى الذي يتخذ عادة "القرارات التكتيكية الهجومية" التي لها بالضرورة علاقات مكانية، وإلا فإنها لن تكون جيوستراتيجية ولن يتمكن الاستراتيجي من تطويع "مكان الآخر" لصالحه، وذلك باعتماد واقع المكان والعلاقات السياسية - الاقتصادية المهيمنة أو السائدة والأهداف الاستراتيجية المطلوب الوصول إليها.
وتحتاج الجيوستراتيجية اذن إلى المعلومة المكانية - الزمنية، وهذه المعلومة يجب أن تكون موثقة وصحيحة لكي تتمكن القرارات التكتيكية الصادرة حسب الخطة الجيوستراتيجية من أن تكون صحيحة وقيمة وبالتالي ذات فاعلية، والحصول على المعلومات المكانية بان عن طريقين فقط هما: العمل الميدان، وآليات استشعار عن بعد بواسطة المرئيات الفضائية عالية الدقة، كما أن الحصول على المعلومات المكانية المرئية والبيانات الخاصة بمختلف الخصائص الجغرافية لأي مسرح عمليات تسمح بعزل وحصار هذا المسرح إعلامياً وقطعه عن العالم مما يؤدي إلى شلل كبير في مختلف مرافق هذا المسرح وسرعة وقوعه كقيمة نافعة إن كان ذلك بالمعنى الفكري أو المدني للجيوستراتيجية المستخدمة.
وهكذا نجد بان الجيوستراتيجية هي ليست نوعاً من أنواع الاستراتيجية لأن المسئول الجيواستراتيجي يهدف إلى السيطرة المتكاملة على المجال - الزمن من أجل أن يتمكن الاستراتيجي من اتخاذ قراره الصحيح والأمثل، ونظرياً نعتقد بان الجيوستراتيجية لا تستخدم لأغراض "محو الآخر" أي لأغراض عسكرية بل هي تقوم على دراسة الطرق الأمثل لتنظيم المجال لزمن محدد لتحقيق أهداف عسكرية ومدنية ولخدمة الاستراتيجية السياسية - الاقتصادية، فهي إذن من هذا المنطلق أداة تقنية لاتخاذ القرار وهي تكتسب كل أهميتها من هذا المنطلق.
إذن في النهاية يمكن القول، أن “الجغرافيا السياسية” تعالج العلاقات المكانية المتصلة بالوحدة السياسية لدولة ما بمنظور الحاضر في حين أن “الجيوبوليتيك” تتشوف المصالح المستقبلية للدولة لترسم سياستها القومية، وفي غياب بدائل سلمية تدخل “الجيوستراتيجيا” على الخط للحسم - يستثنى من ذلك النزاعات ذات الطابع الاقتصادي التي تدخل تحت طائلة “الجيواقتصاد”.
ومن التعريفات الأكثر وضوح وتداول بين أوساط المتخصصين ما جاء به “رايمون أرون” 1905- 1983 في بداية ستينات القرن الماضي عندما وصف “الجغرافية السياسية” بالاطار -Cadre- والجيوبوليتك بالرهان -Enjeu- و الجيوستراتيجيا بالمسرح Théâtre “فالجغرافيا السياسية” تشكل الإطار العام منها تنطلق الرهانات الكبرى التي يضبطها “الجيوبوليتيك” لتجد فيما بعد في “الجيوستراتيجيا” مسرحا لتحققها.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|