الصحاري Deserts

تعد الصحاري او المناطق القاحلة اكثر النظم البيئية جفافا ويعد الماء عاملاً محدداً Limiting factor للكائنات الحية لا سيما النباتات. وتتصف الصحاري بانخفاض معدلات سقوط الامطار (اقل من 200 مليمتر سنويا )، وفي بعض الصحاري الاكثر جفافا قد لا يهطل المطر مدى عشر سنوات. ولم تسقط اية امطار في احدى هذه المناطق في تشيلي مدة اكثر من عشرين سنة. وقد تكون مثل هذه الصحاري خالية من الكائنات الحية بصورة فعلية على مساحات شاسعة. ففي الصحراء الكبرى جنوب ليبيا يمكن للانسان ان ينتقل مئات الكيلومترات من دون رؤية نبات حي او أي شكل من اشكال الحياة. ومن ناحية اخرى يكون لمعظم الصحاري بعض الموارد المائية الناتجة من الامطار الوقتية او من المياه الجوفية، وتكون لها تشكيلة كبيرة من الكائنات الحية تبعا لهذه المواد المائية على نحو ما هو الحال في الصحراء الجنوبية في العراق في منطقة الزبير وصفوان.

تفوق معدلات التبخر كمية الامطار ، فضلا عن معدلات درجات الحرارة تكون مرتفعة. وتتميز الصحاري بتباين حراري كبير يوميا او فصليا حيث ترتفع درجات الحرارة في اثناء النهار اوالسيف ارتفاعا واضحا قد يصل إلى اكثر من 50 درجة مئوية. وتنخفض في اثناء الليل او في الشتاء. وتستقبل التربة الصحراوية حوالي 90% من كمية الاشعاع الشمسي اثناء النهار وتفقدها بسرعة كحرارة اثناء الليل لعدم توفر غطاء نباتي كثيف يمنع فقدان هذه الحرارة مما يجعل الاختلاف كبير من درجات الحرار في غضون اليوم الواحد. وتمثل عدة مناطق في شبه الجزيرة العربية Arabian desert والمنطقة الجنوبية الغربية في العراق والصحراء الكبرى Sahara desert في ليبيا والصحراء جنوب الجزائر وصحراء مناطق اوراسيا Eurasia واواسط استراليا وغيرها من الامثلة لهذا الاقليم.

على الرغم من ان هذا الماء يعد العامل المحدد الرئيسي في الصحراء ، إلا ان معادن التربة والملوحة وفقدان المادة العضوية يمكن ان تكون عوامل محددة ايضا. لذلك لا يصح بالضرورة جعل الصحاري منتجة عن طريق الارواء فقط. ففي منتصف الخمسينات انفقت الولايات المتحدة ملايين الدولارات في برنامج اروائي في افغانستان صمم لإستصلاح الصحراء. وازدهرت الصحراء لفترة سنة او سنتين بعد توفير الماء إلا ان المواد المغذية القليلة استنفدت بسرعة كبيرة وتركزت الملوحة العالية للتربة على السطح من جراء التبخر. وثبط النمو النباتي الاضافي وفشل المشروع بسبب عدم تقييم واف للبيئة وعواملها المختلفة حيث لم يتم اعطاء تقرير كاف للعوامل المحددة بجانب عامل الماء.

تقدر الساحة من سطح الارض المغطاة بالصحاري بحدود 18% تقريبا. لذا يجدر بالانسان القيام بأفضل استخدام علمي ممكن لهذه المناطق ويمكن جعل الصحاري منتجة عن طريق اتباع الاسلوب العلمي والاخذ بنظر الاعتبار كافة العوامل المؤثرة في المنطقة من توفر المياه وغيرها. كما يمكن الاستفادة من الصحاري في استخدام الطاقة الشمسية بصور اكثر كفاءة.

يكون الكساء الخضري عادة في البيئة الصحراوية غير كثيف ومتناثر عادة. ونقع المنطقة الصحراوية عند نحو 20 إلى 30 درجة شمال خط الاستواء North latitude ونحو 20 إلى 30 درجة جنوب خط الاستواء  South latitude ايضا. وبذلك تنحصر الصحاري بين هذين الحزمين الواسعين كمناطق استوائية صحراوية عند مداري السرطان Tropic of cancer والجدي Tropic of Capricorn على التوالي. ان الهواء الساخن الذي يرتفع عند منطقة خط الاستواء يعود ويهبط في الحزام الصحراوي مسببا ارتفاعاً في درجات الحرارة ان تيارات الهوا الهابطة تكون جافة لا تحمل كميات تذكر من الرطوبة.

تتمثل النباتات السائدة للصحاري من الانواع العصارية ذات السطوح الشمعية مثل الصبير الذي يمكنه الاحتفاظ بالماء مدة زمنية طويلة. ومعظم النباتات الصحراوية حولية Annuals إذ يقضي النبات الفصول الجافة والحارة على هيأة بذور تقاوم الجفاف وعند توافر الرطوبة خلال سقوط المطر يجري لذا فان موسم النمو قصير جدا. وقد توجد نباتات معمرة لكن مثل هذه النباتات تكون جذورا عميقة في التربة لتصل إلى المياه الجوفية. وقد تكون النباتات المعمرة نفضية Deciduous او دائمة الخضرة Evergreen لكنها في الحالة الاخيرة يجب ان تمللك تكيفات للبيئة  الجافة مثل الادمة السميكة Thick cuticle والاوراق المختزلة في المساحة Reduced leave surface وتكون على اشبه بالابر وكذلك وجود الثغور بصور غائرة Sunken stomata مغطاة بشعيرات بشرية للتقليل من عملية النتح Transpiration ومن هذه النباتات نبات العاقول maurorum Alhagi والشوك Prosois stephaniana اللذين تكون اوراقهما على هيأة اشواك او تحورها إلى حرشفية على نحو في نبات الروثsalicoricum Haloxylon المنتشرة في صحراء جنوب العراق وغربه فضلا عن الصبريات  واللبيات .

يقتصر المجتمع الحيواني للصحاري على نحو ما هو معروف على المناطق التي توجد فيها حياة نباتية لان الحيوانات تعتمد على النباتات في غذائها بصورة مباشرة او غير مباشرة. وتسود هذا المجتمع الانواع الحفارة والانواع الليلية من القوارض والزواحف والحشرات ورتبة العنكبوتيات Arachnid كالعقارب والعناكب وغيرها. وتعيش الجمال Camels في الصحاري وتشرب كميات كبيرة من الماء عند توافره.

تتوقى هذه الحيوانات الصحراوية الدرجات الحرارية المتطرفة وتجنب هواء الصحراء بالعيش تحت سطح الارض خلال النهار والتجول خلال الليل فقط. وتمتلك معظمها تكيفات استثنائية للحفاظ على الماء. فقوارض الصحراء مثل العضل والفأر الكيسي   والجرذ الكنغر .Dipodomys  تستعمل الماء الايضي. فهي لا تحتاج إلى ماء حر ، لكنها تحصل على متطلباتها من الماء عن طريق التحليل الايضي للكربوهيدرات إلى ثنائي اوكسيد الكربون والماء كما انها تنتج بولا مركز للغاية. وتمتلك عددا من العنكبوتيات والحشرات اعظية شمعية وانها تقلص من كمية الماء المفقود عن طريق الادمة.

تلجاً بعض الحيوانات التي تعيش في الصحراء إلى السبات الصيفي Estivation مثل السنجاب الارضي Ground squirrel ، بينما الانواع التي تعيش في المناطق الباردة مثل امريكا الشمالية فانها تلجأ إلى السبات الشتوي Hibernation وذلك لتخطي الظروف البيئية القاسية في الحالتين كلتيهما. ولا تقتصر ظاهرة السبات الصيفي علي اللبائن (ومنها السنجاب) بل تشمل قوارض وحيوانات اخرى مثل بعض الطيور والحشرات.