أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-7-2017
1394
التاريخ: 11-7-2017
1641
التاريخ: 1-11-2017
9739
التاريخ: 11-7-2017
1151
|
قال (عليه السلام) : لأبنه الإمام الحسن (عليه السلام) – يا بني : احفظ عني اربعا وأربعا ، لا يضرك ما عملت معهن : ان اغنى الغنى العقل ، واكبر الفقر الحمق ، وأوحش الوحشة العجب ، وأكرم الحسب حسن الخلق.
يا بني ، إياك ومصادقة الاحمق ، فإنه يريد ان ينفعك فيضرك.
وإياك ومصادقة البخيل ، فإنه يقعد عنك احوج ما تكون إليه.
وإياك ومصادقة الكذاب ، فإنه كالسراب : يقرب عليك البعيد ، ويبعد عليك القريب.
الدعوة إلى الالتزام ببنود هذه الوصية ، التي قد أكد فيها بعدة مؤكدات :
أولها : يا بني ، مع ما تعنيه من الشفقة والمحبة ، الدالين على الحرص التام على اهمية التقيد.
ثانيها : احفظ عني ، مع ما تدل عليه من ضرورة الاستيعاب الذهني ، المستتبع للتطبيق.
ثالثها : اربعا وأربعا ، مع لهذا الحصر العددي من إرادة جدية لأخذ المستلزم للعمل ، إذ قد يكون عدم التنصيص على العدد ، مؤديا إلى التضييع او الإهمال ، بسبب عدم الحصر من جانب ، وعدم المتابعة من الجانب الآخر ، لكن العدد حاصر ومذكر.
رابعها : لا يضرك ما عملت معهن ، مع دلالتها على الضمان المؤكد ، لصدوره من الوالد الشفيق ، ومن الإمام المعصوم (عليه السلام).
خامسها : إياك ، مع ما تعنيه من ضمير منفصل ألحقت به كاف الخطاب ، الموجب لاستمالة القلب ، واستجلاب النفس ، فضلا عن إصغاء الاذن ، المتحصل من تكرارها في كل مقطع.
وان التدبر في هذه المقاطع يعطينا تصورا عن عمق الحالة الأبوية – نسبيا وسببيا – التي يحملها، ما يترشح منها من حرص على التحلي بصفات ايجابية ، والتخلي عن صفات سلبية ومفاداة الوقوع في ورطات التعامل مع كل من : الاحمق والبخيل والفاجر والكذاب ، وما يسببوه من مشكلات غير محدودة الآثار ، ولذا كان التنبيه المبكر.
وقد انتظمت الوصية في فصلين :
الأول : الحث على تفعيل دور العقل في حياة الإنسان ، والتعامل في اطار الاخلاق الحسنة ، لما فيهما من اثر اجتماعي ، ومردود عام ، وهو ما يقع على كاهل أفراد المجتمع عامة.
الثاني : الحث على مقاطعة المتصفين بصفات : الحمق والبخل والفجور والكذب ، لما فيها من تقاطع تام مع ما ينبغي الاتصاف به ، سواء للفرد أم للنوع.
أما الفصل الأول فقد جاء ضمن بيان :
1- ان العقل بما يعنيه من اتزان الإنسان وانضباطه ضمن الحدود الصحيحة ، يمثل اقصى ما يؤمل من الغنى والرفاه المالي ، لذا فيلزم التحلي به من خلال المقاربة مع أحكامه العلمية والعملية.
2- ان الحمق بما يعنيه من (نقصان العقل)(1) ، مؤشر على افتقار الإنسان للأسلوب الحضاري الصحيح ، والذي يقتضي المعاشرة بالحسنى مع الآخرين ، وعدم المصادمة – مهما أمكن - ، وبعكسه فلا يغني مال ولا سواه ، وهذا هو الفقر بعينه ، إذ ما جدوى مال لا يحمي مقتنيه.
3- ان العجب باعتباره انه (ان يتكبر الإنسان في نفسه ، تقول : هو معجب بنفسه)(2) وبما يعنيه من دلالة على تعالي الفرد عمن حواليه ، ليوجب نفرة الناس عن المتصف به ، فتمر عليه أوقات يستوحش بها ، ويشعر بوحدته وعزلته الاجتماعية ، حتى لو كان محاطا بالناس ، لكونهم لا يتواءمون معه ، كما لا ينسجم هو معهم ، وهذا ما تهون معه سائر حالات الانفراد ، لإمكان معالجتها باستقدام من يسليه ويؤنسه ، لكن المعجب بنفسه لا يرى أساسا نظيرا له ليجالسه ويعايشه ، مع نظرة ازدراء اجتماعية ، حتى لتصل إلى المقاطعة – ولو النسبية احيانا - ، وهو ما يطوقه بالعزلة ، فيستوحش.
4- ان حسن الخلق ، مما يشكل للإنسان قاعدة اجتماعية ، يسعى لتكوينها من خلال عدة مفردات حياتية ، ولكنه قد يغفل عن إمكان ذلك بأن يطيب تعامله مع الآخرين ، ليحظى بدعمهم ، ومحبتهم ، ويكونوا أعوانه ومعاضديه ، ولا يعني هذا التقليل من شأن الأقارب ، بقدر ما يؤكد على الإنسان لو شعر بضعفه لأي سبب كان ، فيمكنه التعويض بالأخلاق الحسنة ، كونها جالبة ، حتى عندما تكون الاحساب والأنساب متفردة ، ولا سيما وان البعض لا يمتزج روحيا باستعراض الآباء الاشراف ، خاصة لو شعر بدناءة حسبه ، لكنه يمتزج بالأخلاق الحسنة.
وأما الفصل الآخر – الثاني – فقد جاء ضمن بيان آثار مصادقة كل من :
أ- الأحمق الذي يريد امرا ، ولكن لنقصان عقله ، وضعف تمييزه ، يتسبب في عكسه ، والأمثلة على ذلك عديدة ، فيتكلم رغبة في النصرة والدفاع ، إلا انه لحمقه يختار ما يوجب تحسس الاخر فينفعل ، ويتطور الموقف ، فدفاعه تهييج واستثارة ، وكذلك برأي ما ، وبسبب حمقه تحدث تورمان ومضاعفات جانبية غير محسوبة العاقبة ، وهكذا.
ب- البخيل ، فإنه بما اعتاده من الشح والمنع ، فلا ينفع صاحبه في الاوقات الحرجة ، عندما يحتاج عونه ، واسناده ، وذلك بتأثير صفة البخل الضاغطة على تصرفاته ، والمؤثرة على أسلوب معالجته للمواقف الصعبة ، لتكون متلونة بهذا اللون الباهت من العلاقة والصحبة.
ت- الفاجر ، فإنه لميله عن الحق ، وان لا يبلغ نهاية الكلام في الصدق ، بل يلتوي وينثني ، بحسب رغباته ومشتهياته ، فلا يؤمل منه الوفاء ، وإنما ينتظر منه عكسه ، فيفوت الفرصة ، ويتسبب في التضييع.
وان العاقل ليدرك بوضوح مدى حراجة الموقف وقضاء الوقت مع هؤلاء ، مع إفرازاتهم السيئة تلك ، ليحدد موقفه منهم بنفسه ، بعد إدراكه لانتقاض غرضه من مصادقتهم ، حيث يتوقع النفع ، والعون ، والإسناد ، والنصح من الصديق ، ليبرهن بذلك على صدقه ، فيكون وفيا للعلاقة ، أمينا عليها ، وبخلافه فلا شيء يرجى من ديمومتها.
ولما كان اختيار الصديق امرا دقيقا ، قد لا يوفق فيه الإنسان دائما ، كان التحذير بدءا من اختياره كذلك ، ثم التحذير من إدامة العلاقة واستمراريتها بعد اكتشافه، لما تعنيه من فقدان الرصيد ، وانعكاس ذلك احيانا على شخصية الفرد ، نفسيا ، واجتماعيا ، أو غير ذلك ، وهذا ما يضر كثيرا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مقاييس اللغة 2/106.
(2) المصدر نفسه 4/343 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|