تعتبر مجموعة الجرائد اليومية المتوسطة الحجم إحدى النوعيات الضخمة في الصحافة الأمريكية التي يتراوح توزيعها ما بين ٢٥ الف إلى مائة الف نسخة ، وهي تطبع بكميات كبيرة في عواصم الولايات ، أو في مدن الدرجة الثانية أو الثالثة في بعض الولايات الضخمة . وأخيرا فهي تطبع في مناطق الضواحي المحيطة بالعواصم ، ويمتد

تأثيرها في اوقات كثيرة إلى خارج حدود المدينة لأنها توزع بالبريد والاتوبيسات وسيارات النفل ، وأحيانا بالطائرات إلى المناطق الريفية المحيطة الضخمة . ويستطيع سائق السيارة الذي يقود سيارته في طريق ريفي غالبا ، ان يتحكم في آثار الجريدة التي طبعت بالمدينة المجاورة عن طريق الصناديق الصفراء اللامعة المثبتة على اعمدة خارج المنازل الريفية لاستلام الطبعات اليومية من الجريدة .

والجرائد التي بهذا الحجم قوية بما يكفي لاستخدام أطقم تحرير ذات حجم ملحوظ ، مع العديد من الرجال أصحاب القدرات الفكرية . وقد ينتقل بعض هؤلاء المحررين إلى جرائد العواصم ، بينما يرضى البعض الآخر بقضاء بقية حياتهم المهنية في الصحف المتوسطة الحجم التي يناسبهم جوها في مجتمع كبير يسمح لهم بالحصول على بعض نكهات المدنية . وهو في نفس الوقت مجتمع صغير يسمح لهم بقضاء حياة مريحة.

أما ارتفع تكاليف التشغيل التي أصابت ناشري الجرائد ، وقللت من هامش أرباحهم فهي واضحة في الجرائد المتوسطة الحجم . وقد أظهرت دراسة اجريت ان  الجرائد التي تصدر في مدن بخلاف العواصم اجرتها هيئة المحاسبة في شيكاغو ، إن هامش الربح لدى معظم الجرائد قليل إلى حد ما خاصة فيما يتعلق بالاستثمار الضخم الموظف في الالات والمعدات . وقد قسمت هذه الدراسة الجرائد من حيث التوزيع إلى 11 مجموعة تبدأ من الجرائد اليومية الصغرى التي يتراوح توزيعها ما بين ٣٥٠٠ إلى 5 آلاف نسخة ، وصولا إلى المجموعة التي يتراوح توزيعها ما بين 75 ألف إلى 130 ألف نسخة ويتراوح متوسط أرباح هذه المجموعات قبل خصم الضرائب ما بين 41.6%  إلى 15.13%  مع زيادة ارقام الأرباح عند زيادة أرقام التوزيع .

إن نظام حياة سكان الحضر الأمريكيين الدائمة التغير ، قد خلق نوعية جديدة وناجحة من الجرائد اليومية ، تلك التي تطبع في أطراف مدينتنا التي تتسع في شكل ضواحي بدون تنظيم في ظل جرائد عواصم الولايات الضخمة . ونجد للوهلة الأولى أن وجود هذه التغيرات يوحى بأن حالة جرائد الضواحي غير مشجعة ، وهذا الكلام بعيد عن الحقيقة ، والعكس هو الصحيح في حالات كثيرة . إن وجود العديد من جرائد الضواحي اليومية على بعد حوالي 25 ميلا من مركز إصدارها قد يؤدى إلى ظهور تعديات خطيرة على توزع وإعلانات جريدة العاصمة .

وهذه الجرائد اليومية التي تصدر في الضواحي بعد الظهر ومعها طبعات الأحد ، تزدهر لأنها تقدم للقارئ المتوسط الكثير من المواد الواردة من وكالات الأنباء والاتحادات الصحفية التي يريدها هذا القارئ ، وتقدم له بالإضافة إلى ذلك أخبار مجتمعه المحلى . وتكفى كثافة السكان في هذه الضواحي لتحقيق إمكانيات كبيرة للتوزيع مما لا يتحقق بالنسبة للجرائد التي تعتمد على التجار المحليين كمصادر للإعلانات ، ولكن العديد من محلات وسط المدينة ، قد لحقت بالضواحي عن طريق افتتاح فروع لها في مناطق عديدة من الكتلة الحضرية . وعلى سبيل المثال فإننا نجد في لوس أنجيليس محلا واحدا كبيرا له 16 فرعا ضخما في مناطق الضواحي . وتنشر معظمها إعلاناتها في جرائد الضواحي التي تحقق دخلا من الإعلانات كان المفروض وصوله إلى جرائد العاصمة - وعلى ذلك فمن الضروري بالنسبة لجريدة العاصمة أن تتنافس على التوزيع والاعلانات ليس فقط ضد منافسيها في وسط المدينة بل أيضا ضد دستة أو أكثر من صغار المنافسين في داخل منطقة التوزيع الخاصة بها .

ومستويات هذه الجرائد اليومية التي تصدر في الضواحي مرتفعة من حيث المضمون والسياسات والشئون الشخصية ، وهي في نفس مستوى رفعة جاراتها الصادرة في العاصمة . وهي في موقعها تجد منفذا للتزود بالقوى البشرية الماهرة ، كما أنا تدفع أجورا تساوي تلك التي تدفعها جرائد وسط المدينة . وهي تتسلم برقيات وكالات الأنباء بالإضافة إلى خدمات الخلفية الإضافية وتقدم لقرائها العديد من المقالات التي تنشر في أكثر من جريدة في وقت واحد ، وهي التي تقدمها جرائد العاصمة . وتغطى طبعات الأحد التي تصدرها سلسلات القصص الفكاهية الملونة مثل جرائد وسط المدينة - و خلال العقد الماضي حققت هذه الجرائد التي تصدر في الضواحي مكاسب رائعة من جراء التوزيع لأن سكان المدن الكبرى قد تدفقوا على الضراحي . لقد وصل توزيع جريدة ( نيوزداى ) ذات التحرير الممتاز ، والتي تصدر في شكل التابلويد وتطبع في ناساو كاونتي خارج مدينة نيويورك إلى حوالي 400 ألف نسخة مما يضعها بين أكبر عشرة جرائد هي كل الجرائد المائية في الولايات المتحدة . وفي مقدمة أكبر ثلاثة من الجرائد الست اليومية التي تصدر في المدينة . وتصنف جريدة ديلى بريس - على قمة أكبر 20 جريدة مسائية ، ويصل توزيعها إلى 300 ألف نسخة . وقد حدثت نجاحات مشابهة على نطاق أضيق في بقية المناطق الحضرية الأمريكية خاصة لوس أنجيليس . وربما يقود نمو الجرائد اليومية المائية في المجتمعات العديدة التي تحيط بالعاصمة إلى استبعاد الجرائد المسائية التي تطبع في المدينة الكبرى لصالح الجرائد اليومية الصباحية . ويضع محررو هذه الجرائد اليومية التي تصدر في الضواحي نظرة فاحصة على

صناعة الأخبار التي يقوم بها منافسوها في العاصمة . وهي تقدم  لقرائها آخر الأنباء أكثر مما تفعله جرائد العاصمة الكبرى لأن تلك الأخيرة تواجه مشكلة مواعيد التسليم بأرسال جرائدها إلى الضواحي خلال زحمة المرور ، وتستطيع جريدة الضواحي اليومية بتحديدها وقتا محددا للطباعة ، أن تتميز بسرعة مواعيد التسليم في المنطقة القريبة منها ، وبذلك تتفوق عل منافسيها في وسط المدينة من حيث آخر الأنباء .