المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

قصة أيوب
2-06-2015
طقس الغابات الصنوبرية
5-2-2018
الاستثناءات الاختيارية على التسوية
6-4-2016
الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بالعفو العام (العفو التشريعي )
2023-08-23
المشكلات العامة في عالم الفتيات
13-12-2016
جواز امامة العبد مع الشرائط لمواليه
4-12-2015


المراقبة والمحاسبة  
  
4990   04:15 مساءً   التاريخ: 15-1-2018
المؤلف : مرتضى المطهري
الكتاب أو المصدر : التربية والتعليم في الاسلام
الجزء والصفحة : ص218-221
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-10 1142
التاريخ: 28-4-2017 2592
التاريخ: 19/10/2022 1532
التاريخ: 22-12-2020 2947

يذكر علماء الأخلاق وتؤكد المتون الإسلامية موضوع المراقبة والمحاسبة، ولا توجد هكذا مفاهيم في التعاليم غير الدينية ولكن بما أن الأساس في التعليم والتربية الدينية هو الله وعبادة الحق، فإن هذه المسائل تطرح في الدين. هناك آية في القرآن الكريم وقد ذكرتها تكراراً، لأننا حينما كنا في الدرس في قم في فترة ما، كان مدرس الأخلاق يهتم كثيراً بهذه الآية وبما أننا سمعناها وفكرنا بها كثيراً فقد كان لها وقع خاص في ذهني، وهي قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 18، 19].

ولتنظر نفس ما قدمت لغد، قصدي من المراقبة والمحاسبة هو هذه الكلمة. أي أن جميع أعمال الإنسان تعتبر (مقدمة) في القرآن. وكثير من الآيات هي بهذا الصدد{وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ}[البقرة: 110] ،وقد صاغ سعدي هذا المضمون شعراً بقوله : اجمع متاعاً وارسله إلى قبرك، فإن أحداً لن يبعث لك شيئاً بعد ذلك وعليك أن تقدم أنت".

تعبير التقديم هو من نفس القرآن. فكل أعمال الإنسان هي مقدمات. أي أن الإنسان يرسل متاعاً وبضاعة إلى المحل الذي سيرحل إليه قبل رحيله ثم يلتحق به بعد ذلك. فعليكم أن تنظروا وتدققوا في هذه المقدمات عندما تريدون إرسال شيء إلى مكان معين فإنكم تفحصونه وتتأكدون منه قبل إرساله. فيجب أن تفعلوا مثل ذلك بالنسبة لما تقدمونه لآخرتكم.

ثم يقول:{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة: 8] كأنه يريد أن يقول : إنكم لم تنظروا، فهناك عين دقيقة جداً ترى في جميع الأحوال. فقد يرسل الإنسان شيئاً قبل سفره ثم يقول : حسناً فليكن ما يكون ممن ينظر ويدقق؟ فيقال له: كلا، ليس الأمر هكذا. إن الله خبير وعليم بكل ما تفعلون.

قال بعض من كان حاضراً عند السيد البروجردي (رضوان الله عليه) قبل وفاته بعدة أيام. لقد رأيناه حزيناً جداً وانه قال : وأخيراً انتهى عمرنا وسوف نرحل ولم نستطع أن نقدم لأنفسنا خيراً.

تصور أحد الجالسين المتملقين، أن هناك محلاً للتملق فقال : لماذا تقول هذا يا سيدي؟ نحن المساكين يجب أن نقول هذا، فأنتم تركتم آثاراً خيرة كثيرة بحمد الله وخرّجتم طلاباً كثيرين، وكتبتم كتباً كثيرة، وبنيتم مسجداً عظيماً، ومدارس، فقال السيد: (خلّص العمل فإن الناقد بصير) فماذا تقول أنت؟ انك تصورت أن ما يوجد عند الناس وفي منطقهم هو كذلك عند الله تعالى.

{إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة: 8]. وهنا يستفيد علماء الأخلاق المسلمون مسألة مهمة من هذه الآية. "وتلك هي المراقبة" والمراقبة تعني أن تتعامل مع نفسك كشريك لا تطمئن له. ويجب أن تراقبه دائماً. أي اعتبر نفسك كدائرة وأنت المسؤول عنها. فيجب عليك مراقبتها وتفتيشها. أي يجب أن يكون حال الإنسان حال المراقب دائماً.

قلنا إن هناك دستوراً آخر يسمى المحاسبة وجاء ذلك في التعاليم الإسلامية أيضاً. فانظروا إلى نهج البلاغة، وكم لجمله وعباراته. من روح ومعنى؟

يقول أمير المؤمنين (عليه السلام):" حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا " . زنوا أنفسكم هنا، وانظروا هل انكم خفاف أم ثقال؟ فان كنتم خفافاً فأنتم لا شيء، وان كنتم ثقالاً فأنكم تامون مكتملون. لا تقولوا: إن الإنسان يمكن أن يمتلئ بالذنوب. لا، بل ان ميزان يوم القيامة طبقاً للقرآن هو ميزان يزن الحسنات فقط؛ فإن كان فيه حسنات فهو ثقيل، وإلا فهو خفيف:{فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}[القارعة: 6 - 9].

يعطي الإمام هنا دستوراً عاماً للمحاسبة، وتفسير ذلك في رواياتنا هو: "ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كل يوم". فالمحاسبة في عمل الإنسان هي من امتيازات الإسلام. وقد ألفت كتب في مجال محاسبة النفس. ومنها كتاب "محاسبة النفس" للسيد ابن طاووس ومثله للكفعمي، وقد طرحت مسألة مراقبة النفس ومحاسبتها في أغلب أو جميع الكتب الأخلاقية الإسلامية.

المشارطة، المعاتبة، المعاقبة :

لو أراد الإنسان تربية نفسه إسلامياً، فالشرط الأول هو المراقبة. ولكن يقال ان هناك شيئاً قبل المراقبة والمحاسبة وشيئاً بعدها. فقبل المراقبة "المشارطة" أي على الإنسان أن يقطع عهداً على نفسه. لأنه إن لم تحصل المشارطة أولاً، ولم يجعل لنفسه برنامجاً فانه سوف لا يعرف كيف يراقب نفسه. فليتعهد مع نفسه في البداية على تحديد طعامه نوعاً وكماً، وتحديد نومه، وكلامه، وما يجب أن يقوم به لنفسه، وما يجب أن يقوم به لخلق الله. وعلى كيفية تقسيم أوقاته. فإنه يشخص هذه الأمور في ذهنه، ويعاهد نفسه بأن يعمل طبقاً لهذا البرنامج، وبعد ذلك يراقب نفسه دائماً ويحاسبها على فعل ما تعهدت به، مرة في كل يوم وليلة، فإن كل قد عمل بتعهداته، تأتي مرحلة الشكر والحمد لله والسجود شكراً له. وان لم يفعل. تأتي مسألة المعاتبة وتعني لوم النفس إذا كانت المخالفة قليلة، وتأتي المعاقبة عندما تزداد المخالفة والعقوبة تكون بالصوم وبالأعمال الشاقة والصعبة، وهذه من الأصول المسلمة في الأخلاق والتربية الإسلامية.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.