أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-5-2022
1627
التاريخ: 22-10-2015
2111
التاريخ: 2023-06-05
989
التاريخ: 25-10-2015
6554
|
إن إعلان حالة الطوارئ يتيح للسلطة التنفيذية الخروج عن القواعد الأصلية لمبدأ المشروعية على نحو يؤدي إلى فرض القيود الثقيلة على الحقوق الفردية والتضييق الشديد على الحريات العامة لغرض حرمان السلطة التنفيذية من اتخاذ هذا النظام الاستثنائي للتجاوز على السلطات العامة او المساس بحريات رعاياها وحقوقهم لذلك اقتضى ضرورة وجود مبررات وأسباب قوية تستدعي ذلك(1).
إذ تُعد المحافظة على الأمن القومي للبلاد ، إحدى أهم المسوغات لفرض حالة الطوارئ التي تهدد المساس بحقوق الإنسان وأمنها ، لذلك لا تعلن حالة الطوارئ إلا إذا قامت أسباب جدية خطيرة تبرر ذلك ، كحالة الحرب او الفتنه الطائفية ، او في حالة الأفعال والأعمال التي تشكل تهديداً لمنطقة او مدينة معينة في الدولة ، او في حالة الثورة الداخلية واستخدام القوة او التهديد باستخدامها ، لذا فان تقييد الحقوق والحريات السياسية يجب ان يكون فقط في حالة كون مصلحة البلاد معرضة للخطر (2)، ومن اجل ذلك اقتضى أن تكون هذه المبررات محددة وواضحة ، ولابد أن تنطوي على مواجهة خطر حقيقي لا وهمي ، تعجز النصوص العادية عن مواجهته لكي يقوم المبرر لترك القواعد القانونية العادية واللجوء إلى القوانين الاستثنائية(3).
لذلك نجد إن الكثير من التشريعات التي تأخذ بنظام الطوارئ تحرص على أن تُحدَد بوضوح المبررات التي يمكن للسلطة التنفيذية بمقتضاها إعلان حالة الطوارئ ، ومن ثم تقييد الحقوق والحريات ، ففي فرنسا يفرض نظام الطوارئ في حالة الخطر الداهم الناتج عن حرب أجنبية او اضطراب مسلح وهو ما أكده دستورها لسنة 1958 عندما اشترط ( تعرض إقليم الدولة الفرنسي او جزء منه لخطر داهم ناتج عن حرب أجنبية او اضطراب مسلح (4) (.
أما في مصر ، إذ وضح قانون الطوارئ رقم (162) لسنة 1958 مبررات إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن او النظام العام للخطر، سواء شمل هذا الخطر إقليم الدولة كله او جزءاً منه ، وقد حصر هذا القانون مصادر الخطر في أمور خمسة هي : حالة وقوع حرب ، وحالة التهديد بوقوع حرب ، وحالة حدوث اضطرابات في الداخل ، وحالة حدوث كوارث عامة ، وحالة انتشار وباء(5).
وفي العراق، بين قانون الطوارئ النافذ حالياً ، أمر الدفاع عن السلامة الوطنية لسنة 2004 الأسباب الموجبة لإصدار هذا القانون هي ما تسببه الظروف الأمنية الخطيرة والتداعيات العصبية التي تعصف بالعراق في هذه المرحلة وضرورة التصدي للإرهابين ، والعابثين بالقانون ، وانطلاقاً من التزام الحكومة المؤقتة بحماية حق المواطن في الحياة الحرة الكريمة وضمان حقوقه السياسية والمدنية والالتزام بتهيئة الأجواء لأجراء انتخابات حرة وديمقراطية.
مما تقدم ، يتبين من عرض هذه التشريعات ، أن مبررات فرض نظام الطوارئ ومن ثم تقييد الحقوق السياسية في القانون المقارن تتمثل في تحقيق عنصرين أساسيين:
الأول :أن يَحدُق خطر بالدولة نتيجة الحرب او الغزو او الاضطرابات او تهديد الأمن او النظام العام او ما يخشى منه على توافر الأقوات او ضرورات الحياة.
الثاني : أن يُبلغ هذا الخطر درجة الجسامة التي تجعل من السلطة العامة بما لها من الاختصاصات العادية عاجزة عن مواجهة هذا الخطر او توقية (6)، وعليه لا يجوز إلغاء ممارسة الحقوق او تقييدها لتفادي أزمة عادية او بسبب وجود معارضة لنظام الحكم او لمجرد توقع حصول ظرف استثنائي في المستقبل
اخيراً فانه متى ما توفرت المبررات السابقة جاز للسلطة التنفيذية استخدام صلاحياتها الاستثنائية في تقييد ممارسة الحقوق على ان يكون في أضيق نطاق ، بقصد المحافظة على كيان الدولة واستقلالها من الإخطار التي تهددها ، وذلك يتطلب إقامة نوع من التوازن بين الإجراءات والتدابير التي تتخذها في هذه الظروف وبين ما تتطلبه الأوضاع ويعد ذلك التزاماً ملقى على عاتقها لإضفاء المشروعية على قرارها بشأن تقييد ممارسة الحقوق (7).
بعد إلقاء نظرة على المبررات التي اعتمدتها تشريعات بعض الدول لإعلان حالة الطوارئ، يتضح أن بعض التشريعات لم تتوسع في بيان هذه المبررات ، مثل فرنسا حيث حصرتها بحالات (الخطر الناجم عن حرب أجنبية او اضطراب مسلح) ، في حين ان تشريعات أخرى وسعت من هذه المبررات مثل مصر والعراق وهذا التوسع قد ينتج عنه إتاحة الفرص المتعددة أمام السلطة المختصة التي تقوم على إجراءات الطوارئ في استخدامها لقهر الأفراد، وخنق حرياتهم ، ومصادرة حقوقهم ، فضلاً عن ذلك يلاحظ ان هذه المبررات وردت على سبيل الحصر والتعداد لكن النظرة الفاحصة لكل منها تبين أنها اتسمت بالعمومية وعدم التحديد لكون عبارتها مرنه قابلة للتفسير الموسع حيث يفتح الباب أمام سلطات الطوارئ أن تخلق اسباباً جديدة غير المنصوص عليها صراحة في قوانين الطوارئ .
لذلك نعتقد انه من الأفضل إتباع الدقة والتحديد في استعمال الألفاظ حتى لا تستغل من قبل سلطة الطوارئ.
_________
1- د. زكريا محمد عبد الحميد محفوظ ، حالة الطوارئ في القانون المقارن وفي تشريع الجمهورية العربية المتحدة ، الطبعة الأولى ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1966 ، ص156.
2- أحمد خنجر خزاعي ، قواعد القانون الدولي المتعلقة بحقوق الإنسان المدنية والسياسية وتطبيقاتها في العراق ، بدون طبعة ، مؤسسة مرتضى للكتاب العراقي ، 2011، ص144.
3- اظين خالد عبد الرحمن ، ضمانات حقوق الانسان في ظل قانون الطوارئ ، رسالة ماجستير، الطبعة الاولى ، دار الحامد ، عمان ، 2009 ، ص64.
4- المادة (36) من الدستور الفرنسي لسنة 1958 .
5- ينظر نص المادة (1) من قانون الطوارئ المصري رقم (162) لسنة 1958.
6- د. زكريا محمد عبد الحميد محفوظ ، مصدر سبق ذكره ، ص159.
7- فاروق السامرائي ، فاتح سميح عزام وآخرون ، حقوق الإنسان في الفكر العربي ، الطبعة الأولى ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، ص101.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|