تلقى العقبات الداخلية تقديراً كبيراً من الجمهور لأنها تبدو أقل تكلفاً من العقبات الخارجية التي يمكن أن تبدو في بعض الأحوال مصنوعة بطريقة مصطنعة.

ان المبدأ في العقبات الداخلية هو الإيحاء أن ما يلاقيه البطل لا يحصل بمحض الصدفة بل نتيجة خيارات حياتية أو قرارات تفضي إلى الدراما. ويمكننا أن نحاول تصنيف العقبات الداخلية التي يمكن أن تواجه البطل..

اذ يمكن للعيوب الإنسانية، وهي في حالات كثيرة عيوب البطل نفسه، أن تكون عقبات داخلية قوية: الغيرة، الرعونة، القبح، الخجل والجشع، الخ...

وهكذا يصبح مزاج ماغي السيء في فيلم "Ladybird "لكين لوتش، عقبة داخلية قوية لأنه، بالإضافة إلى أمور أخرى، جعل دائرة المساعدة الاجتماعية تمتنع عن رد أطفالها إليها. كما أن رداءة طبعها تمنعها، في عدة مناسبات، من إدراك حب جورغ، الرجل الوحيد الذي يحبها دون أن يضربها.

والرعونة خصلة تتكرر في الشخصيات التي يؤديها بيير ريشار. أما في فيلم "Chèvre La "أو في فيلم "Compères Les ،" فإن بيير ريشار يصبح، أيضاً عقبة بالنسبة إلى شريكه في بطولة الفيلم، جيرار ديبارديو، بالإضافة إلى كونه عقبة أمام ذاته نفسها. وفي العديد من أفلام الرفاق، يتحول أحد بطلي الفيلم إلى عقبة بالنسبة إلى الآخر: "Emmerdeur’L" ،"48Hrs "أو أيضاً في سلسلة أفلام "Weapon Lethal

كما ينبغي وضع الإعاقة، نفسية كانت أم جسدية، في فئة العقبات الداخلية. إذ تشكل الأمراض العقلية عقبات داخلية في عدد كبير من الأفلام: "Repulsion " "In The Mouth Of Madness" ،هتشكوك لألفرد" Psycho" ،بولانسكي لرومان لجون كاربنتر

وفي السياق نفسه، يمكن القول إن ضروب الرهاب تشكل عقبات داخلية شديدة القوة وحاملة للكثير من التقلبات والمنعطفات الدرامية: فهي تسمح بإضفاء لمسة إنسانية على شخصيات كان يمكن أن تكون مفرطة «الكمال»، كما أنها، بالطبع، تشكل آلية ممتازة لخلق التشويق في الفيلم. وهكذا، يؤسس هتشكوك حبكة فيلم "Vertigo "برمتها على رهاب المرتفعات الذي يعاني منه بطله بما يسمح لأعدائه بالكيد له. وكما يمكن لنا أن نتوقع، يضعه أحد أقوى مشاهد الفيلم في مواجهة مخاوفه عندما يكون عليه أن ينقذ امرأة تقف على سطح شاهق الارتفاع. بيد أن خوفه يمنعه من القيام بذلك الأمر الذي يجعله يعاني، منذ تلك اللحظة، من شعور قوي بالذنب.

ويمقت بطل فيلم "Jaw ،"الشريف برودي البحر ليس لأنه لا يتقن السباحة فحسب، بل لأنه يخشى الماء كثيراً. لكنه يضطر للصعود على متن قارب كي يقاتل قرشاً أبيض ينشر الذعر في المنتجع الشاطئي الذي هو مسؤول عن أمنه. وتتمتع تلك المشاهد من الفيلم بحدة درامية مرتفعة للغاية لأن المتفرج يدرك أن البطل يقف في وجه أكبر مخاوفه وأن عليه أن يواجه خوفه كي يتقدم وينقذ حياته وحياة المقربين منه.

عندما تصنع شخصية لا تتردد في منحها نقطة ضعف، مهما تكن، يكون عليها مجابهتها. فسوبرمان نفسه، وهو أحد أكثر الأبطال الذين تم صنعهم على الإطلاق تمتعاً بالقوى الخارقة، يمتلك نقطة ضعف: حساسيته تجاه الكريبتونيت وهو نوع من الصخور كفيل بانتزاع كل قواه. وعندما يزودنا الفيلم في بدايته بمعلومة من هذا النوع، فإننا ندرك تماماً أن الشرير سيستغلها، على شاكلة دليلة التي قصت شعر شمشون مجردة إياه من أية وسيلة دفاع في مواجهة جلاديه. والواقع هو أن وجود نقاط الضعف في شخصيات الأبطال الأمر هو مبدأ مغرق في القدم يعود إلى حقبة عقب أخيل...

ويعد الوضع الأسري صنفاً آخر من أصناف العقبات الداخلية التي تستخدم بكثرة في السينما لما تحمله من ثراء غير محدود. فقد أعطتنا الصراعات الأسرية، من "Juliet And Romeo "إلى "Festen " لتوماس فينتربرغ مروراً بـ «روكو وأشقاؤه» لفيسكونتي و"Godfather "لكوبولا، أعمالاً غنية، قوية وواقعية.

فعندما يكتشف مايكل كورليوني، في الجزء الثاني من "Godfather ،"أن شقيقه أصبح عقبة في طريقه، يظن المتفرج أن الأمر قد أسقط في يده وأنه لا يستطيع التخلص منه كما يمكن أن يفعل أي رجل عصابات سوقي لأن الروابط الأسرية مقدسة. ومع ذلك يقرر كورليوني قتله لأن شرفه وشرف أسرته أصبح موضع رهان. وفي فيلم "Festen ،"يحضر رجل احتفالاً عائلياً كبيراً كي يكتشف حقيقة انتحار شقيقته وكي يكشف للجميع الحقيقة المريعة لوالده الذي ارتكب زنى المحارم. أما العقبة الرئيسية أمامه، فهي، بالطبع، أن يجد الشجاعة اللازمة لخرق قانون الصمت السائد في أسرته في مواجهة رجل، " La Vie Est Un Long Fleuve Tranquille" فيلم وفي. يمقته كما يخشاه، والده لإيتيين شاتيليه، تجري عن طريق الخطأ عملية تبديل لرضيعين عند ولادتهما فيكبر أحدهما في كنف أسرة ثرية فيما يعيش الآخر لدى أسرة فقيرة. وتتحول الأسرة، بالنسبة إلى كل منهما، إلى عقبة داخلية.

كما يمكن وضع المرتبة الاجتماعية في صف العقبات الداخلية الغنية من وجهة نظر كتابة السيناريو. ففي فيلم "Lights City "لتشابلن، يوحي المتشرد لبائعة الزهور الشابة الكفيفة أنه ثري لأنه يظن أنها سترفضه إذا علمت أنه فقير. وتشكل المرتبة الاجتماعية عقبة في الكثير من الأفلام التي يكون موضوعها الحب المستحيل.

أما الفئة الأخيرة الكبيرة من العقبات الداخلية فهي الاختلاف: فالبطل «المختلف» الذي يعاني الإقصاء على يد الأغلبية بسبب اختلافه هو بطل يتعلق به المتفرج بسهولة. ولذلك يكثر استخدام عقبة الاختلاف بمختلف أشكاله في السينما.

ويقع الدين ولون البشرة في هذه الفئة من العقبات الداخلية وهما شديدتا القوة من وجهة النظر الدرامية. فبطلة فيلم "Life Of Imitation "شابة خلاسية والدتها سوداء وهي توحي للآخرين أنها بيضاء. ولكن صديقها يتركها عندما يكتشف الحقيقة بعد أن يضربها فتقرر إنكار والدتها والفرار. فمن الواضح إذن أن اختلافها هو ما جعلها تمر بكل هذه الصعوبات.

ويقف الدين وراء الحروب التي تمزق أيرلندا منذ عقود وهو الموضوع الذي كان نقطة انطلاق فيلم "Sunday Bloody "لبول غرينغراس.