المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علم الكيمياء
عدد المواضيع في هذا القسم 11123 موضوعاً
علم الكيمياء
الكيمياء التحليلية
الكيمياء الحياتية
الكيمياء العضوية
الكيمياء الفيزيائية
الكيمياء اللاعضوية
مواضيع اخرى في الكيمياء
الكيمياء الصناعية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



النفايات النووية  
  
2672   02:34 صباحاً   التاريخ: 9-4-2021
المؤلف : د. أيوب أبو دية – عمان : المؤلف، 2011
الكتاب أو المصدر : الطاقة النووية .... ما بعد فوكوشيما
الجزء والصفحة : ص 17-26
القسم : علم الكيمياء / الكيمياء الاشعاعية والنووية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-1-2016 1395
التاريخ: 2-5-2021 1779
التاريخ: 27-4-2016 2353
التاريخ: 2-2-2019 1371

النفايات النووية

إن متوسط إنتاج المفاعل النووي التجاري من النفايات النووية المتوسطة والمتدنية القدرة على الإشعاع هو 300 م3 سنوياً، فضلاً عن نحو 30 طن سنوياً من المواد الصلبة الشديدة الإشعاع. وتنتج المفاعلات التي تعمل في العالم اليوم سنوياً نحو 12000 طن من الوقود المستنفذ العالي الإشعاع؛ وقد بلغت كمية النفايات النووية في العالم عام 2010 ما يزيد عن ثلث مليون طناً، أغلبها يتم خزنه في موقع المفاعل أو يتم إرساله لإعادة التأهيل في فرنسا، أو يتم دفنه في مخازن عميقة؛ وأكثر ما يقلق العلماء اليوم هو ملامسة مياه الشرب والمياه الجوفية للنفايات المشعة ووصول التلوث إلى طبقة البيوسفير الغنية بالتنوع الحيوي التي تحيط بها من كافة الاتجاهات(16).

وهذه التخوفات لها من الأسباب ما يبررها، إذ رصدت تسربات مشعة تحت منشأة هانفورد – واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية(17). والحوادث المتشابهة بفعل المسببات ذاتها لا ريب في أنها تتكرر في مواقع أخرى حول العالم، ولكن الكثير منها يظل طي الكتمان، وبخاصة في المواقع العسكرية.

ويتم التخلص من اليورانيوم المستخدم في تشغيل المفاعلات النووية بعد استخدامه لمدة نحو سنة ونصف السنة، وهو ما زال مشعاً، بعد أن يتم استخدام نحو 67 % من اليورانيوم 235. ويستخدم بعض اليورانيوم المستنفذ هذا في إنتاج الأسلحة فيما يتم إعادة تأهيل Reprocessing بعضه الأخر للاستخدام من جديد في المفاعلات النووية، بينما يتم ردم البعض الآخر في طبقات جيولوجية عميقة(18).

واليورانيوم المستنفذ هو مادة كيميائية سامة، ويستخدم في الذخائر الخارقة للدورع بفعل كثافته المرتفعة التي تبلغ 1.7 مرة كثافة الرصاص Lead، الأمر الذي ينتج عنه زيادة مدى القذائف وزيادة قدرتها على اختراق الدروع بفعل طاقة الحركة الأكبر التي تمتلكها. ويتم تصنيع الجزء الخارق من الذخيرة بإضافة مواد كالتاتينيوم إليه لزيادة قوته ومقاومته للصدأ.

أسلحة متنوعة مغلفة باليورانيوم المستنفذ

عندما تحترق ذخائر اليورانيوم المستنفذ ينتج غبار من أكاسيد اليورانيوم السام والمشع، أحدهما أكسيد لا يذوب في الماء بينما الآخر قابل للذوبان. بعض الجزيئات من الأغبرة دقيقة جداً بحيث يتم استنشاقها وتستقر في الرئتين لتتشكل مركبات اليورانيوم التي تستقر في الغدد اللمفاويّة Lymph nodes والعظام والدماغ والخصيتين Testes.

وعندما تنفجر الذخائر ُتخلــّـف غباراً ينتشر لعدة كيلومترات، وبخاصة في المناطق الجافة، حيث يتم استنشاقه أو يدخل الجهاز الهضمي للمدنيين والعسكريين على السواء.

كما أن هناك مخاطر استخدامات اليورانيوم المستنفذ من النفايات النووية لغايات صناعة الأسلحة المدمرة في العالم، فما الذي يحدث اليوم في عالم تصنيع الذخيرة من اليورانيوم المستنفذ؟

اليورانيوم المستنفذ Depleted Uranium هو فضلات نووية، ويتم التخلص منها عبر استثمارها في صناعة الأسلحة التي تباع بأثمان باهظة، وتتحكم دول محددة بهذه الصناعة، فمن هي هذه الدول؟

يعتقد اليوم أن 17 دولة في العالم تمتلك أسلحة تحتوي على اليورانيوم المستنفذ، منها: بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، روسيا، اليونان، تركيا، إسرائيل، السعودية، البحرين، عُمان، مصر، الكويت، باكستان، تايلاند، الصين، الهند وتايوان. ومعظم هذه الدول اشترت هذه الأسلحة من الولايات المتحدة الأمريكية، فيما يعتقد أن بعضها تنتجه محلياً، مثل فرنسا وروسيا والباكستان والهند.

أنكرت الحكومات في البداية استخدامه لتخوفهم من آثار تتعلق بالصحة العامة، ولكن اليوم قد بات معلوماً أن اليورانيوم المستنفذ قد استخدم على نطاق واسع من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في حرب الخليج الأولى 1991، ثم في البوسنة وصربيا وكوسوفو في يوغسلافيا السابقة، ومرة أخرى تم استخدامه من جديد في غزو العراق ابتداء من عام 2003. ويعتقد أن اليورانيوم المستنفذ هو سبب الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بالسرطان، مثل سرطان الثدي وسرطان الدم في بعض مناطق العراق بعد حرب 1991 وخلال احتلال العراق عام 2003 وما بعده. كما تشير الإحصاءَات إلى زيادة كبيرة في الولادات المشوهة في المناطق القريبة من ساحات المعارك.

التشوهات الخلقية الناجمة عن إشعاعات اليورانيوم

إن أهم ضرر إشعاعي مصدره أشعة ألفا، وعندما تدخل المادة المشعة عبر الجهاز الهضمي أو الجهاز التنفسي تؤدي إلى تأين إشعاعي Ionizing Radiation. وعندما تشرع في التحلل إشعاعيا Decays تتحول إلى ثوريوم Thorium وبروتاكتنيوم Protactinium، حيث تنطلق أشعة بيتا وجاما لتزيد الضرر هولاً.

إن ضرر أشعة ألفا في داخل الجسم يكون عظيماً وبخاصة في تدمير الكروموسومات، حيث يبلغ أثر أشعة ألفا مئة مرة ضرر الإشعاعات الأخرى، وهي تؤدي إلى ثقب في المادة الوراثية الحية DNA والتغيير في خواصها. ويمتد ضرر أشعة ألفا إلى الخلايا المجاورة حيث تتعرض إلى حالة من عدم الاستقرار الجيني، فتظهر طفرات Mutations تحفز نمو السرطان.

وبشكل عام، يمكن القول إنه لا يوجد علاج مضاد لوقف ضرر أشعة ألفا، فضررها غير قابل للإصلاح جينياً.

بدأت الأبحاث حول السمية الكيميائية لليورانيوم المستنفذ في أربعينيات القرن العشرين، وقد بات مؤكداً ضررها الصحي بالطبيعة الحية على نحو ما تصيبنا المعادن الثقيلة من أضرار، كالرصاص والكروم والنيكل والزئبق. تشير الأبحاث إلى أضرار بالكلى ناجمة عن سمية اليورانيوم المستنفذ، فضلاً عن أضرارها بالخلايا البيضاء في الدم والتغيرات في الخواص الجينية. وفي عام 2007 تم إثبات ضررها بخلايا الرئتين وإعاقة إصلاح المادة الوراثية الحية DNA والعديد من الأضرار التي ما زالت قيد البحث والدراسة.

أصدرت منظمة الصحة الدولية في عام 2001 تقريراً يدّعي أن التعرض لليورانيوم المستنفذ ليس بذي بال على الصحة العامة، باستثناء بعض الحالات الخاصة، وبناء عليه تم استبعاد نتائج أبحاث مهمة جداً من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، وبخاصة في الأثر الواقع على الجينات البشرية.

ويعترف الدكتور كيث بيفرستوك، الذي عمل مع المنظمة في وحدة الحماية من الإشعاعات النووية، أن الضغوط قد مورست من قبل أعلى المستويات لإهمال الأبحاث، وبات واضحاً أنهم رفعوا شعار أن المنظمة قوية طالما ظلت تستمد دعماً مادياً من الدول الأعضاء!

وتتعاظم المصاعب والفوضى بحكم علاقة المنظمة بهيئات أخرى مثل وكالة الطاقة الذرية الدولية، التي تسعى لترويج استخدامات الطاقة النووية في العالم.

قادت الدكتورة ألكساندرا ميلر بين عامي 2000 – 2003 أبحاثاً بدعم من الحكومة الأمريكية  حول قدرات اليورانيوم المستنفذ الإشعاعية وسميتها الكيميائية. وبعد صدور أبحاث محكمة حول العلاقة الوطيدة بين اليورانيوم المستنفذ وسوء الصحة، قامت الجهة الداعمة بوقف دعمها للأبحاث. وقد كشفت       الباحثة وزملائها قدرة أكاسيد اليورانيوم في داخل جسم الإنسان على تحفيز الطفرات المتعلقة بالجهاز البولي        Urinary Mutagenicity ويمكنها أيضاً تحويل خلايا الإنسان إلى خلايا تنتج أوراماً سرطانية؛ كما أنها تؤدي إلى الضرر بالمادة الوراثية الحية DNA في غياب الإشعاعات النووية الناجمة عن التحلل الإشعاعي Decay. ويعني ذلك أن أغبرة اليورانيوم المستنفذ وحدها كافية بفعل سميتها الكيميائية لحدوث الضرر.

وقد تمت التغطية على هذه النتائج وتم التعامل معها بسرية بالغة وقطعت الجهة الممولة الدعم المالي للمشروع!

بالرغم من عدم وجود اتفاقية محددة تمنع بشكل واضح وصريح استخدام هذه الأسلحة، فإنه من الواضح أن استخدام هذه الأسلحة يتعارض مع القوانين الأساسية المكتوبة والمتعارف عليها في القانون الإنساني الدولي، وذلك للأسباب الآتية:

إنها تتعارض مع القانون الإنساني الدولي ومع القاعدة العامة التي تتعهد بحماية المدنيين من نتائج حالات الحرب والعداء، حيث هناك حدود لأنواع الأسلحة وطرق الحرب التي تؤدي إلى إصابات واسعة أو عذاب غير ضروري، بل هي ممنوعة.

كذلك فإنها تتعارض مع القانون الإنساني الدولي في ضوء منع الأسلحة السامة وفقاً للفقرة 1 من المادة 23 من أنظمة الهيج وقواعد بروتوكول الغاز السام.

وهي ممنوعة في ضوء منع الدمار الواسع للبيئة الطبيعية والتدمير غير المبرر وفقاً لقوانين وأنظمة الهيج والبروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف.

وفي ضوء قاعدة "النسبية الإنسانية" المتضمنة في إعلان سان بطرسبرغ. فإن كلاً من القوانين الإنسانية والقوانين البيئية تستند إلى الحذر الشديد وإلى قاعدة التناسب Proportionality في رد الفعل التي ينبغي أن تلتزم بها الأمم في الحد الأدنى.

ثم هناك قراران صدرا حول حقوق الإنسان؛ القرار الذي يحمل الرقم 16/1996 والقرار الآخر 36/1997، إذ ينصان على أن استخدام ذخائر اليورانيوم المستنفذ لا ينسجم مع القوانين الدولية القائمة وقانون حقوق الإنسان.

  أما البرلمان الأوروبي، في تصريح موقع باسم بعض أعضائه، فقد سعى جاهداً منذ عام 2001 لإصدار وثيقة لحظر أسلحة اليورانيوم المستنفذ عالمياً، وفي عام 2006 اتخذ البرلمان الأوروبي قراراً بشأن الأسلحة الكيميائية والأسلحة التقليدية غير الإنسانية.

تتعاظم الإرادة الدولية يوماً إثر يوم لمنع استخدام هذه الأسلحة وتحريمها دولياً، وفي عام 2006 شدد البرلمان الأوروبي موقفه من هذه المسألة الذي سبقه نداءَات ثلاثة حول هذه المسألة تدعو للسعي لمنع استخدام أسلحة اليورانيوم المستنفذ منعاً كلياً، بتصنيف أسلحة اليورانيوم المستنفذ وقنابل الفسفور الأبيض بوصفها غير إنسانية. أما بلجيكا فقد أصبحت الدولة الأولى في العالم التي تحرّم استخدام اليورانيوم المستنفذ في الأسلحة التقليدية وذلك في عام 2007. ودعت الدول الأخرى كي تحذو حذوها. فقد قررت بلجيكا حظر أسلحة اليورانيوم في بلادها، وقد دخل هذا القرار حيز التنفيذ في حزيران 2009. وقد بات هذا القرار حافزاً للكثير من دول العالم كي تحذو حذوه.

           وفي عام 2007 أيضاً دعمت 136 دولة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لتسليط الضوء على الأضرار الصحية التي تنجم عن استخدامات أسلحة اليورانيوم المستنفذ، فيما دعمت 141 دولة في عام 2008 قراراً بإعادة تقييم المخاطر الناجمة عن أسلحة اليورانيوم، وبخاصة على السكان المدنيين في المناطق الملوثة بعد الحروب؛ وهذا القرار يعترف ضمنياً لأول مرة بمدى المخاطر الصحية، القصيرة والبعيدة المدى، لاستخدام هذه الأسلحة.

وفي أيار 2008 مرر البرلمان البلجيكي قراراً بأغلبية ساحقة دعا فيه المجتمع الدولي للشروع في مفاوضات فورية لتأسيس اتفاقية دولية لمنع إنتاج ونقل واستخدام اليورانيوم المستنفذ في الأسلحة التقليدية، وطلب من الدول الأوروبية الأعضاء تقديم تقارير مفصلة بهذا الشأن، كما طالب بسرعة وقف انتشار أي جموع عسكرية أو مدنية في المناطق التي استخدمت فيها أسلحة اليورانيوم المستنفذ، وبالشروع في تركيب شواخص تحذيرية في المناطق الملوثة ورصد صندوق إغاثة مستعجل للضحايا في المناطق المنكوبة بالتلوث الإشعاعي.

           وعلى صعيد الاعتراف القانوني بمخاطر اليورانيوم المستنفذ، حكمت محكمة فلورنسا بإيطاليا بأن تدفع وزارة الدفاع الإيطالية أكثر من نصف مليون يورو كتعويض لأحد الجنود الطليان الذين خدموا في الصومال بعد اعتراف المحكمة بتقارير طبية ربطت بين إصابته بالسرطان وتعرضه للإشعاعات الناجمة عن أسلحة اليورانيوم المستنفذ.

انخفاض إشعاع الوقود النووي المستنفذ المعالج مقارنة بالوقود المستنفذ غير المعالج

          ويلاحظ في الشكل الأخير أن النفايات النووية غير المعالجة والمصدرة إلى مواقع دفن النفايات تمتلك قدرة إشعاعية عالية جداً مقارنة بالنفايات المستنفذة المعالجة؛ فضلاً عن أنها تستمر مشعة وخطيرة لملايين السنين، الأمر الذي يجعل منها خطراً عظيماً على البيئة بمكوناتها المختلفة: الإنسان، الماء، الهواء والتراب.

وفي الحالة الأخيرة، حيث يتم اللجوء إلى دفن النفايات النووية، فإنه لا توجد ضمانات لعدم انتشار التلوث الإشعاعي في باطن الأرض ومن ثم وصوله إلى طبقة البيوسفير Biosphere خلال مئات الآلاف أو الملايين من السنين الضرورية لاستنفاذ قدرته الإشعاعية decay process(19)، الأمر الذي يهدد بانتشار أضراره الإشعاعية حول العالم بسرعة كبيرة.

لذلك، يمكننا القول إن معالجة النفايات النووية مسألة في غاية الأهمية والخطورة، وإن التخلص منها في البحار العميقة وتحت سطح الأرض في رمال الصحاري أو الطبقات الجيولوجية العميقة، أو في أماكن مخصصة حيث المفاعل النووي نفسه، لا يعني أن ضررها لن يصيبنا في المستقبل القريب، أو أنه لن يصيب الأجيال القادمة ويلوث مصادر الغذاء والماء الإستراتيجية.

ففيما يتم تدوير وإعادة إنتاج البلوتونيوم واليورانيوم من النفايات النووية لاستخدام محطات توليد الطاقة النووية، فإن البعض الآخر يتم تحويله إلى أكسيدي البلوتونيوم واليورانيوم المستخدمين في بعض المفاعلات الأوروبية. ولكن الباقي يذهب إلى أماكن تخزين، إما أن تكون أمينة لفترة من الزمن، أو أنها تكون خطيرة للغاية، كما يحدث اليوم في بئر دونري Dounreay Shaft في اسكتلندا / بريطانيا، أو في أماكن أخرى من العالم.

بئر دونري في اسكتلندا الذي يمتد إلى عمق 53.5 متراً تحت سطح البحر

وبناء عليه، فإن الدخول في معركة إنتاج الطاقة من المفاعلات النووية يستدعي النظر في الطريقة التي سنتعامل بها مع إدارة النفايات النووية، للسيطرة على الإشعاعات. ففي بريطانيا هناك عدة مكبات للمخلفات النووية، مثل المكبات الضحلة Shallow burials للنفايات المتدنية التلويث Low level Wastes في منطقة Drigg مثلاً، فضلاً عن بئر دونري Dounreay المشهور في اسكتلندا (بعمق 65 متراً عن سطح الأرض) الذي ما زالت الحكومة البريطانية لا تعلم كيف تحل مشكلته التلويثية، وهو يحاذي البحر وقد بدأت عمليات الحت تقترب منه ليصبح مكشوفاً على البحر. وقد تم التخلص من كميات ملوثة كبيرة فيه في الماضي، وبات يسبب إشكالية سياسية وبيئية معاً سوف تستمر لزمن طويل.

وقد شرعت شركة بريطانية في عام 2007 في تنفيذ مشروع حقن المنطقة المحيطة بالبئر من خلال أربعمئة ثقب، وذلك لإغلاق مسامات التربة ومنع حركة الماء منه وإليه. ويتوقع أن ينجز المشروع في غضون 2 – 4 سنوات(20). ولم نسمع حتى الآن أن هذا المشروع قد تم إنجازه!

وهناك مناطق دفن مغلقة في مواقع متعددة من العالم، وهي مخازن محصنة بالاسمنت بسماكات كبيرة أو ببعض أنواع المعادن التي تمنع مرور الإشعاعات النووية من خلالها، كالرصاص، وهي منشآت ذات تكلفة بناء عالية. فهل نحن مستعدون لبناء منشآت للتخلص من النفايات النووية، وهل سينتفع منها غيرنا أم ستكون لنفاياتنا وحدنا؟ وهل ستصمد هذه القلاع أمام أنواء الطبيعة (الحركات الأرضية أو حركة المياه الجوفية والبراكين مثلاً)؟ وهل يمكن استعادتها في المستقبل عندما تصبح تكنولوجيا إعادة تدويرها أكثر أمناً وأقل تكلفة؟ وهل نستطيع حمايتها في الحالات الاستثنائية، كالحروب وفترات عدم الاستقرار السياسي؟

رسم تفصيلي لمستودعات المواد المشعة في نيفادا

ولتوضيح إشكالية مدافن النفايات النووية المتفاقمة في العالم، قررت إدارة الرئيس الأمريكي أوباما تطوير سياسة أكثر أمناً لخزن النفايات النووية لفترات طويلة جداً، وكذلك قررت إغلاق المستودعات النووية العميقة تحت جبال يوكا Yucca في نيفادا Nevada(21)، التي تظهر في الشكل الأخير. وهذا ما يؤكد أن مسألة تخزين النفايات النووية ليست بالمسألة البسيطة أو الآمنة.

ويقول البعض إنه سوف يتم إعادة استخدام البلوتونيوم الموجود في المستودعات بتطور التكنولوجيا مع مرور الزمن، ولكن العلماء يعترفون أيضاً أن هذه التقانة تمر بمشاكل كثيرة اليوم. والمرشح الأفضل لاستخدامها هو في مفاعلاتMixed Oxide Fuels (MOX)  التي تعمل على اليورانيوم والبلوتونيوم معاً، ولكن هذا النظام أيضاً تشوبه مشكلة التكلفة والأمان. فقد أثبتت تجربة بريطانيا لإعادة استخدام اليورانيوم المستنفذ في منشأة سيلافيلد Sellafield أنها ليست عملية مجدية اقتصادياً وأن هناك بعض المشكلات الأمنية إشعاعياً في التعامل مع هذه المادة، حيث تم إعادة شحنة من هذه المواد إلى إنجلترا بعد شحنها إلى اليابان في عام 1999(22).

متظاهرون يقتحمون المنشأة النووية "سيلافيلد"

          ويظهر في الصورة الأخيرة 250 متظاهراً من نشطاء مجموعة السلام الأخضر يقتحمون محطة سيلافيلد احتجاجاً على شدة تلويث هذه النمط من التصنيع وإعادة التدوير. كذلك، تصاعدت الاحتجاجات إثر تسرب كميات كبيرة (83000) لتر من سائل شديد الإشعاع خلال فترة 9 شهور، فيما لم يتم ملاحظة ذلك إلا بعد فوات الأوان. أما في أماكن أخرى من العالم فقد أنشأت ثلاثة معامل لإعادة استخدام الوقود المستنفذ الشديد الإشعاع في الولايات المتحدة الأمريكية، ولم ينجح أي منهم في الإنتاج بسعر معقول، فتم إغلاقها جميعاً(23).

وإذا عرفنا أن تكلفة معالجة اليورانيوم المستنفذ لإعادة استخدامه مرتفعة جداً؛ إذ تراوحت التكلفة للكيلوغرام الواحد بين ألف إلى ألفي دولار أميركي(24) في عام 2006، وهذا يعني أن الأسعار تتجه صوب الارتفاع؛ حالها حال تكلفة إنشاء المحطات النووية وإدارة نفاياتها. وبالمقابل، فإن أسعار الطاقة المتجددة النظيفة تتجه صوب الانخفاض، كما يتضح من الشكل الآتي:

http://www.renewablepowernews.com/wp-content/uploads/solar-nuclear-costs.jpg (Visited 12-6-2011)

          صحيح هو القول إن بعض المفاعلات (مثلا: ( Fast Breeder Reactors تنتج البلوتونيوم وبالتالي يمكن أن تحل مشكلة نضوب اليورانيوم الوشيك، ولكن هذه المفاعلات تستخدم الصوديوم المسال للتبريد، وهي لذلك أخطر من المفاعلات التقليدية؛ ومشروع المفاعل الفرنسي SuperPhenix الذي تشغيله في عام 1985 كان من المشاريع الفاشلة التي انتهت بإغلاقه عام 1998 بعد خسارة 15 مليار دولار أمريكي(25).

          وتتطور الصناعة النووية شأنها شأن الصناعات الأخرى، فهناك مفاعلات يمكن تبريدها باستخدام الصوديوم المسال، كما ذكرنا، وهي لذلك لا تقل خطورة عن المفاعلات التقليدية، ويمكن استخدام أساليب متطورة للتبريد كالملح المذاب والرصاص والتبريد بالغاز ونحو ذلك من أساليب(26)، ولكن المخاطر تبقى موجودة بالرغم من تنوع الأساليب وتحديثها.

          تعرض مفاعل نووي في أوهايو – الولايات المتحدة الأمريكية إلى تسرب في المياه المضغوطة المستخدمة في تبريد المفاعل، وبما أن المياه تحتوي على حامض البوريك Boric Acid، وقد أذاب الأسيد فتحة في الغلاف الفولاذي سماكتها نحو 15 سنتمتراً، كما يظهر في الصورة، مما جعل المفاعل معرضاً لأسوأ المخاطر نتيجة فقدان مياه التبريد المضغوطة(27). وهذا دليل على أن المفاعلات الحديثة هي عرضة للمخاطر أيضاً، حتى تلك التي يظن أنها أكثر أمناً.

الثقب الذي أحدثه الحمض في خزانات مياه التبريد المضغوطة

http://www.treehugger.com/football-acid-nukes.jpg (Visited 5-6-2011)

وبناء عليه، فإن الطاقة النووية في هذا العصر غير مستدامة، من حيث استخدامها لليورانيوم الطبيعي المحدود الكمية في العالم والذي يتوقع أن يشرع في النضوب في غضون عقود محدودة من الزمن، أو من حيث ضررها على البيئة من حيث إنتاج كميات كبيرة من الغازات الدفيئة خلال مراحل تعدين وتصنيع الوقود النووي وإنشاء المفاعلات وهدمها بعد نهاية عمرها التشغيلي، أو من حيث خطورة المواد المشعة الذي يمتد ضررها لملايين السنين القادمة. فما الحل إذاً؟

للإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن نطرح تساؤلات عديدة حول المفاعلات النووية التقليدية:

* هل مشاريع تعدين اليورانيوم مجدية اقتصادياً، وهل هي آمنة؟ وهل مستوى تلويثها للبيئة مقبول؟

* ما هي الاحتياطات اللازمة التي ينبغي تدبرها في أثناء مراحل التعدين والتصنيع؟

* ماذا نفعل بالنفايات المشعة؟ هل نتخلص منها نهائياً بخزنها أو معالجتها أو إعادة تدويرها، وكيف؟

* هل سوف يتم استخدام بعض النفايات النووية المشعة لصناعة الأسلحة؟

* هل نقوم بدفن ما تبقى في الطبقات الجيولوجية العميقة لتلوث مياهنا الجوفية التي نعتمد عليها لمستقبل الأجيال القادمة، كما نعتمد عليها لنجاح مشاريع التنمية المستدامة التي ترتكز على قاعدة "الإنسان السليم المعافى"؟

* هل سوف نقوم بتدريب المواطنين على حالات الكوارث، وكيف؟

* ما هو مستوى الإشعاعات الذي سوف يصدر عن هذه المفاعلات في أحوال تشغيلها الاعتيادية، وعن مستوى الإشعاعات في المياه التي يتم تبريد اليورانيوم المشع فيها، ومدى إمكانية تسربها إلى الخارج؟

* ما هو ضرر هذه الإشعاعات على الإنسان والغذاء والماء على المستويين القريب والبعيد، وعلى المستوى العالمي؟ وهل سوف نزود السكان بحبوب اليود تجنباً للخطر الإشعاعي على الصحة؟

* هل وسائل الأمان كافية في العالم العربي لتصنيع اليورانيوم والتعامل مع النفايات التي تنتجها المفاعلات بعد سنوات؟

* هل عامل الأمان الكامن في ثقافتنا الوطنية بالمستوى المطلوب بحيث يجعلنا واثقين تماماً من السيطرة على المخاطر الإشعاعية؟

* هل درسنا حالات التلوث الإشعاعي في العالم كي نتعلم منها؟

* هل يمكن أن نكون أكثر حرصاً ودقة من اليابانيين الذين تعرضوا لكارثة فوكوشيما بعد زلزال 11/3/2011؟

* هل سوف نستورد تكنولوجيا المفاعلات النووية (استدامة استيراد التكنولوجيا) كاستيرادنا الذي لا يتباطئ للتقانة الغربية، وبخاصة لأحدث ما توصلت إليه صناعة الأجهزة الخلوية والحواسيب، وما إلى ذلك، والتي نسيء استخدامها في الكثير من الأحيان؟

* ما هو العمر التشغيلي لهذه المفاعلات، وهل الوقود النووي سوف يتوافر طوال عمرها التشغيلي؟

* هل تكلفة المفاعلات النووية واضحة المعالم في المدى المنظور، وهل تكلفة المخاطر الإشعاعية المحتملة تدخل في حسابات إنشاء المفاعلات أو في تكلفة إنتاج الكهرباء، وهل تكلفة إزالة هذه المنشآت في المستقبل محسوبة أيضاً بأسعار المواد والعمالة في ذلك الزمن من التاريخ؟

* ما هي نسبة الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة الحرارية الكلية للمفاعل؟ ففي مفاعل Oldbury الإنجليزي مفاعلان نوويان، ينتج كل منهما 815 ميجاواط طاقة حرارية ولكن إنتاج الكهرباء هو فقط 218 ميجاواط، أي أن الكفاءَة الحرارية هي فقط 27%. وما هي نسبة التشغيل السنوية، مع ترك فسحة للصيانة والطلب على الكهرباء؟

* ما معدل كفاءة الإنتاج بعد مراعاة أعمال الصيانة والأعطال وانقطاع المدد المفاجىء وانخفاض الطلب على الكهرباء فجأة،....إلخ.

* متى سوف يشرع العالم في إنتاج الطاقة النووية بالاندماج على نحو تجاري؟

* ماذا سوف يكون حال تكنولوجيا الطاقة النووية القديمة (بالانشطار) في حال نجاح مشاريع الطاقة النووية بالاندماج؟

* هل هناك وسائل بديلة متوافرة لإنتاج الطاقة بحيث تكون نظيفة ومستدامة؟

          وحاجة المفاعلات النووية إلى المياه كبيرة، والتخلص من المياه الحارة مشكلة بيئية تؤدي إلى ما يسمى بالتلوث الحراري Thermal Pollution من حيث ارتفاع درجة حرارة المحيط المائي.

كذلك، تتلوث المياه المستخدمة لتبريد اليورانيوم المستنفذ، وقد حدث تسربات عديدة من مفاعلات في العالم، كما حدث في اليابان من منشأة كاشيوازاكي كاريوا في عام 2007 إثر هزة أرضية، وفي فرنسا في عام 2008، وغيرها من حالات، ثم في مفاعلات فوكوشيما إثر هزة 2011.

وتزداد المشكلة تعقيداً عندما تتطلع الأنظار لاستخدام المياه المعالجة من محطات التنقية، وبخاصة في الدول الفقيرة بمياه الشرب، فتتأثر الزراعة ومشاريع التحريج، كما أن قرب المفاعل من مناطق زراعية يقلل من القيمة الاقتصادية للمنتجات الزراعية التي تكون معرضة للتلوث الإشعاعي.

          ونتساءَل في هذا المقام، ماذا سيحصل إذا توقف مصدر المياه عن العمل؟ وماذا سوف يحصل إذا تعطل المفاعل أو توقف عن العمل للصيانة، وبخاصة عندما يسهم بنسبة عالية من القدرة الكهربائية الكلية للدولة؟ وهي حال الدول الصغيرة إجمالاً؛ إلا إذا كان هدف المفاعل الرئيس هو تصدير الكهرباء إلى الخارج؟ وهل الشبكة الوطنية قادرة على استيعاب هذا الحمل المفاجىء؟

وبعد، هل يمكننا القول إن الطاقة النووية آمنة، نظيفة أو مستدامة؟




هي أحد فروع علم الكيمياء. ويدرس بنية وخواص وتفاعلات المركبات والمواد العضوية، أي المواد التي تحتوي على عناصر الكربون والهيدروجين والاوكسجين والنتروجين واحيانا الكبريت (كل ما يحتويه تركيب جسم الكائن الحي مثلا البروتين يحوي تلك العناصر). وكذلك دراسة البنية تتضمن استخدام المطيافية (مثل رنين مغناطيسي نووي) ومطيافية الكتلة والطرق الفيزيائية والكيميائية الأخرى لتحديد التركيب الكيميائي والصيغة الكيميائية للمركبات العضوية. إلى عناصر أخرى و تشمل:- كيمياء عضوية فلزية و كيمياء عضوية لا فلزية.


إن هذا العلم متشعب و متفرع و له علاقة بعلوم أخرى كثيرة ويعرف بكيمياء الكائنات الحية على اختلاف أنواعها عن طريق دراسة المكونات الخلوية لهذه الكائنات من حيث التراكيب الكيميائية لهذه المكونات ومناطق تواجدها ووظائفها الحيوية فضلا عن دراسة التفاعلات الحيوية المختلفة التي تحدث داخل هذه الخلايا الحية من حيث البناء والتخليق، أو من حيث الهدم وإنتاج الطاقة .


علم يقوم على دراسة خواص وبناء مختلف المواد والجسيمات التي تتكون منها هذه المواد وذلك تبعا لتركيبها وبنائها الكيميائيين وللظروف التي توجد فيها وعلى دراسة التفاعلات الكيميائية والاشكال الأخرى من التأثير المتبادل بين المواد تبعا لتركيبها الكيميائي وبنائها ، وللظروف الفيزيائية التي تحدث فيها هذه التفاعلات. يعود نشوء الكيمياء الفيزيائية إلى منتصف القرن الثامن عشر . فقد أدت المعلومات التي تجمعت حتى تلك الفترة في فرعي الفيزياء والكيمياء إلى فصل الكيمياء الفيزيائية كمادة علمية مستقلة ، كما ساعدت على تطورها فيما بعد .