المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



الانفعالات السلطوية لهارون الرشيد  
  
3432   02:00 مساءً   التاريخ: 15-05-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص387-390.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام موسى بن جعفر الكاظم / قضايا عامة /

حاول الحكام الأمويون والعباسيون الذين حكموا المجتمع الإسلامي لعدة قرون أن يكون لهم نفوذ روحي في القلوب، وأن يجلبوا ثقة واحترام الناس لهم، كي يرضوا بحكمهم روحاً وقلباً، ويروا في طاعتهم لهم واجباً دينياً، كلّ ذلك من أجل توطيد سلطانهم، وتثبيت قواعد حكمهم حتى يسيطروا على الناس أكثر، غير انّ الاعتقاد القلبي والروحي ليس بالأمر الذي يحدث أو يعدم بالقوة والإجبار، لذلك راح كلّ منهم يتوسّل بوسائل الخداع لاستغفال عامة الناس وحياكة الدسائس لاكتساب تعاطفهم والنفوذ فيهم روحياً وطبعاً كان للعباسيّين الورقة الرابحة ظاهراً دون الأمويين، و تلك هي صلة القرابة التي تربطهم بنبي الإسلام (صلَّى الله عليه وآله) ، فقد كانوا يستغلون وهم من أحفاد عم النبي العباس بن عبد المطلب صلتهم هذه إعلامياً، ويقدّمون أنفسهم على أنّهم هم ورثة الخلافة ؛ ومع ذلك كان سيفهم الإعلامي هذا مسلولاً على أئمة الشيعة الكبار، ذلك انّ الوراثة أمر مستبعد من موضوع الخلافة وانّ الأمر الهام فيها هو جدارة وعظمة القائد والإمام وطهارته أوّلاً.

وثانياً حتى لو كان للوراثة دخل فيها فإنّ أولاد أمير المؤمنين هم المفضّلون على غيرهم، لأنّهم أقرب إلى رسول اللّه (صلَّى الله عليه وآله) وقد كان أئمّة الشيعة الكبار الذين كانوا يتمتعون بجدارة ذاتية وقرابة للرسول يحظون باهتمام الناس واحترامهم دائماً، وعلى الرغم من محاولات الحكام الأمويين والعباسيين في اكتساب عطف الناس والنفوذ الروحي فيهم، فإنّ الكفّة الراجحة والثقيلة في ميزان التمتع بحب الناس وتقديرهم هي كفة أئمّة الدين الكبار ؛ وقد تجلّى هذا الأمر من بين الخلفاء العباسيين في عصر هارون الرشيد أكثر من غيره، وعلى الرغم ممّا كان تحت ملكه من الحدود كان يشعر بأنّ قلوب الناس مع الإمام السابع موسى بن جعفر بن محمد (عليهم السَّلام) ، وكان ذلك يؤلمه كثيراً، وحاول محاولات يائسة في التقليل من مكانة الإمام الروحية بين الناس ونفوذه فيهم، لم يكن بالأمر الذي يسكت عليه أن يصله خبر دفع الناس الضرائب الإسلامية للإمام موسى بن جعفر بشكل سري ممّا يعني في الواقع هو الرضا بحكمه رسمياً ورفض الحكم العباسي ؛ وعلى هذا الأساس قال هارون ذات يوم للإمام و قد رآه في جانب الكعبة: هل أنت من بايعه الناس خفية ورضوا به إماماً؟! فقال الإمام:  أنا إمام القلوب وأنت إمام الجسوم .

وقد كان هارون يعوّل كثيراً وعلناً على صلة القرابة التي تربطه بالرسول (صلَّى الله عليه وآله) ، وكان يؤكد على ذلك في كلّ مناسبة، وقد قدم المدينة يوماً وزار قبر نبي الإسلام ولما وصل إليه كان هناك جموع كثيرة من قريش والقبائل الأُخرى، فتوجّه إلى القبر الشريف و قال: السلام عليك يا رسول اللّه ، السلام عليك يا ابن عم.

يذكّر الناس بالصلة التي تربطه بنبي الإسلام، وكان يتفاخر بذلك عمداً ليعلم الناس أنّه ابن عمّ النبي.

وفي تلك اللحظة قال الإمام السابع، وقد كان حاضراً هناك، وعرف هدف الرشيد من ذلك، بصوت عال قرب الضريح:  السلام عليك يا رسول اللّه، السلام عليك يا أبة .

فتغيّر وجه هارون و تبيّن الغيط فيه، فقال: هذا هو الفخر حقاً.

ولم يكتف هارون بالتأكيد على صلة القرابة التي تربطه بالرسول فحسب، بل أراد أن ينكر انتساب الأئمّة (عليهم السَّلام) وبنوتهم له أيضاً، فقد قال للإمام السابع يوماً: لمَ يقولون لكم يا بني رسول اللّه وأنتم بنو علي، وإنّما ينسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنّما هي وعاء والنبي جدكم من قبل أُمّكم؟!

 

فأجابه الإمام وقرأ له آية يقول اللّه تعالى ضمنها {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ } [الأنعام: 84، 85]
ثمّ قال الإمام: إنّما أُلحق عيسى بذراري الأنبياء من قبل مريم، وأُلحقنا بذراري النبي من قبل أُمّنا فاطمة .
فلم يحر هارون جواباً.

وفي حوار مماثل ومثير وأكثر تفصيلاً للإمام السابع (عليه السَّلام) مع هارون حيث قال: لم جوزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول اللّه (صلَّى الله عليه وآله) ويقولون لكم: يا بني رسول اللّه، وأنتم بنو علي وإنّما يُنسب المرء إلى أبيه وفاطمة إنّما هي وعاء، والنبيّ (عليه السَّلام) جدّكم من قبل أُمّكم ؟

فقلت: يا أمير المؤمنين لو أنّ النبي (صلَّى الله عليه وآله) نشر فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ .

فقال: سبحان اللّه ولم لا أُجيبه ؟ بل أفتخر على العرب والعجم بذلك .

فقلت: لكنّه (عليه السَّلام)لا يخطب إلي ولا أزوّجه .

فقال: ولم ؟!

فقلت: لأنّه ولدني ولم يلدك.

فقال: أحسنت يا موسى.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.