أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-26
911
التاريخ: 2023-04-26
790
التاريخ: 31-1-2022
2012
التاريخ: 19-12-2021
2570
|
من موانع تطبيق القانون الأجنبي ، هو الغش نحو القانون او التحايل على القانون . ويتم التحايل بتغيير ظرف الاسناد بهدف نقل الاختصاص من قانون لأخر يتفق مع رغبة الشخص ويجنبه تطبيق القواعد الآمرة للقانون المختص اصلا.
فاذا كان قانون الجنسية لا يجيز تعدد الزوجات فيلجا الراغب بالزواج من ثانية الى تغيير جنسيته (ظرف الإسناد) والحصول على جنسية دولة أخرى يسمح قانونها بتعدد الزوجات ، ويتزوج مستفيدا من قانون جنسيته الجديد . إذ لا يخفى بان المشرع وهو يضع القواعد القانونية موضوعية كانت أو قواعد اسناد فإنه يجعل منها قواعد تفسيرية واخرى امرة حسب ما تتطلبه مقتضيات العدالة والمصلحة العامة والدولية .
وان جعل بعض القواعد آمرة قد لا يتفق مع المصلحة الخاصة لأفراد معينين لذلك يعمل مثل هؤلاء على. تجنبها عن طريق التحايل على القانون الدولي ولا يقتصر الغش نحو القانون على قواعد القانون الدولي ، بل هو عام يمكن أن يظهر في جميع فروع القانون كنتيجة حتمية للصراع بين حرية الأفراد في ترتيب علاقاتهم والاحكام القانونية الامرة التي تخالف مصالحهم الخاصة .
ويتم الغش نحو القانون في القانون الداخلي بمحاولة استبعاد الوصف القانوني لوضع او عمل واحلال وصف اخر مكانة يتفق بناته مع النص الذي يحكمه الا انه يرمي إلى الاستفادة من هذا الوصف الجديد بالتضحية بنص مختص ليحل محله نص اخر من قانون الدولة نفسها كما لو منع القانون بيع مال معين فلجئ الأفراد إلى وصف عقدهم النصب على ذلك المال بالإيجار الطويل . وكوصف البائع بيع عقاره بالهبة للحيلولة دون تمسك الجار بحق الشفعة .
اما في القانون الدولي الخاص فيبقي وصف العلاقة ذاته ويتم الغش نحو القانون بتغيير بعض عناصر العلاقة القانونية على وجه يتغير معه القانون الواجب التطبيق .
فالغش نحو القانون في القانون الدولي الخاص عبارة عن تدبير ارادي لوسائل تؤدي إلى الخلاص من قانون دولة لتصبح العلاقة من اختصاص قانون دولة اخرى اكثر تحقيقا للنتائج المتوخاة . ويعتمد ذوو المصلحة في ذلك إلى تغيير عناصر العلاقة القانونية لأنشاء ظروف تصبح معها العلاقة خاضعة لقانون اخر .
حيث ان قواعد الاسناد ترتكز على ظروف خاصة بالإسناد (كالجنسية والموطن ومحل وجود المال ومحل ابرام التصرف) يتم بمقتضاها ربط العلاقة بقانون دولة من الدول ، وهذه الظروف كثيرا ما يكون في مقدور اطراف العلاقة تغييرها . وهم قد يلجأون الى هذه المكنة ليتسنى لهم اخراج العلاقة من اختصاص قانون دولة واخضاعها لقانون دولة أخرى بممارسة حريتهم في تغيير ظروف الاسناد هذه كتغيير جنسية الشخص او موطنه او محل ابرام العقد وما يتبع ذلك من تغيير في الاختصاص القانوني . .
فمن اجل تحقيق رغبة شخص ما يروم ايقاع الطلاق والزواج من أخرى رغم آن قانون جنسيته لا يجيز الطلاق والتطليق ، يلجأ هذا إلى تغيير جنسيه والحصول على جنسية دولة اخر يبيح قانونها الطلاق لتحكم احواله الشخصية بقانون جنسيته الجديد كي يستطيع ايقاع الطلاق وفقا للقانون الجديد والزواج مرة اخرى . ومن ثم يعود لبلده مع زوجته الجديدة ويطلب الرجوع لجنسيته الأولى كما تم في قضية الأميرة دي بوفرمن (1) .
واذا ما رغب ذوو المصلحة في التهرب من النصوص الأمرة الخاصة بعقد انشاء شركة فانهم يعمدون إلى تغيير موطنهم واختيار اخر غيره تتحقق في قانونه التسهيلات المرغوبة ليمضوا ذلك العقد وفقا للشكل المقرر فيه تمشيا مع القاعدة التي تقضي بأن العقد القانوني يخضع من ناحية الشكل القانون البلد الذي أنشئ فيه التصرف القانوني.
وقد يعمد الأفراد للتخلص من الشروط الموضوعية للقانون المختص بان ينصوا في العقد نفسه على اخضاعه لقانون اخر لا يمت إلى العقد بصلة .
وفي جميع ما تقدم يمارس الافراد حقا منحهم اياه القانون وهو حقهم في تغيير ظروف الاسناد ، وحق الأفراد هذا ، كجميع الحقوق ، له حدوده المثبتة بالهدف الذي بموجبه اعترف به القانون وكل تطاول على ما رسمته هذه الحدود يعتبر خروجا عن ذلك الحق او اساءة في استعماله .
فاعتراف القانون للأفراد بحق تغيير جنسيتهم يقصد منه اشباع رغبة مشروعة وهي الانضمام ، بصورة صادقة ، الى جماعة اخرى وقبول النتائج التي تترتب عن هذا الوضع الجديد . فيلحق تغيير الجنسية مثلا تغيير في القانون الذي يحكم الأحوال الشخصية ، في حين ان النتيجة اللاحقة في الغش نحو القانون وهي تغير الاختصاص القانوني تصبح السبب الأساسي لتغيير ظروف الاسناد .
فلا يكون تغيير الجنسية مطلوبا لذاته وانما بهدف التوصل الى اخضاع العلاقة القانونية الى قانون اخر غير الذي أشارت اليه قواعد الاسناد . ولذك تضطر بعض الدول في مثل هذه الأحوال الى مقاومة التحايل على قوانينها الامرة عن طريق رفض تطبيق القانون الأجنبي الذي اعطي الاختصاص بصورة اصطناعية ، وتطبيق القانون المختص أصلا. .
وهكذا يشترك الغش نحو القانون مع النظام العام في استبعاد تطبيق القانون الاجنبي ، مما دعى الفقيه بارتان إلى اعتباره حالة خاصة منه وعدم دراسته في
موضوع منفرد (2) ويتجه الراي السائد إلى تخصيص كل منهما بدراسة منفصلة لان اشتراكهما في التوصل إلى نتيجة معينة وهي استبعاد القانون الأجنبي لا يعني تشابهها في جميع النواحي ، فهما يختلفان من حيث الاسس لان اساس الاخذ بفكرة النظام العام هو استبعاد القوانين الأجنبية لعدم اتفاقها والمفاهيم العامة للبلد الذي يراد تطبيقها فيه فهي قوانين مختصة تشير قواعد الاسناد الوطنية إلى الأخذ بها ، ولا يعمل بها لمخالفتها لفكرة النظام العام . في حين إن استبعاد القانون الأجنبي في حالة الغش نحو القانون يقوم على أساس اخر هو الحد من ارادة الأفراد التي تسيء استعمال الحق الذي منحها اياه القانون ، ومنعها من تبديل ظروف الاسناد لاصطناع الاختصاص (3) . ويختلفان ايضا من حيث مجال اعمالهما . فالتمسك بالنظام العام يظهر بصورة رئيسية وقت انشاء العلاقات او المراكز القانونية، اما تلك التي تم انشاؤها في دولة اخرى غير دولة القاضي فإن مفعول النظام العام كمانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي قد ينعدم او يخفف وهذا ما طلق عليه (لطيف مفعول النظام العام) . وعلى خلاف ذلك فان مجال العمل بالغش نحو القانون يكون وقت الاحتجاج بالمراكز القانونية لا وقت انشائها(4) .
تقدير نظرية الغش نحو القانون :
لاقت نظرية الغش نحو القانون قبولا وترحيبا من بعض الشراح وكانت موضع اهتمام وبرس منذ زمن للحرسة الهولندية في القرن السابع عشر و ناصرها بعد ذلك عدد غير قليل . ولكن الذين ناصروها وتحمسوا للأخذ بها لم يتفقوا فيما بينهم على مدى نطاق تطبيقها . فمنهم من دعا إلى تعميمها ومنهم من ذهب إلى قصر مجال العمل بها على بعض التصرفات .
كما لاقت هذه النظرية مقاومة شديدة ، فظهر من يعارض الأخذ بها ويدعو الى وجوب تطبيق القانون الذي اصبح مختصا على اثر تغيير ظروف الاسناد ،دون النظر في الباعث الذي دفع الأفراد إلى تغييره . وقد اعتمد كل من الفريقين على أدلة خاصة به ، فعزز معارضو هذه النظرية رأيهم بالحجج الاتية :
1- يتحقق الغش نحو القانون عندما يراد من تغيير ظروف الاسناد نقل الاختصاص من قانون الى اخر . ولا يتحقق الغش نحو القانون اذا كان تغيير ظروف الاسناد تصرفا مقصودة بحد ذاته ولم يكن انتقال الاختصاص من قانون الى اخر إلا نتيجة له . والقول بوجود غش نحو القانون يستلزم بحث نية فاعلة للتأكد من وجوده . وتواجه هذا البحث عقبات صعبة لان النية مسألة داخلية وجدانية تستوجب معرفتها تحري ما في الضمائر . وعمل كهذا ان لم يكن مستحيلا فهو ليس بالهين اليسير . أضف إلى ذلك أن امر تقدير نية الغش لا يخلو من خطر كبير . اذ قد يسيء القاضي استعمال سلطته او قد يخطئ في استخلاص هذه النية . لذلك يعارض البعض هذه النظرية ويرون عدم الأخذ بها كمانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي ويدعون إلى الاكتفاء بالمظاهر الخارجية والاعتماد عليها، والمظاهر الخارجية للتصرف لا تدل على الغش والأصل في الانسان
حسن النية .
2- لو سلم جدلا بان اكتشاف نية الغش سهل وميسور ، فإن هذا في حد ذاته لا يبرر الاخذ بنظرية الغش نحو القانون ، ذلك لأن نية الغش قد تتوفر في احد أطراف العلاقة دون الطرف الاخر ، وابطال الاختصاص القانوني ونقله القانون اخر - أخذا بنظرية الغش - سيؤدي إلى الإضرار بالطرف الحسن النية وهذا ما يتنافى مع العدالة .
3- ان المشرع قد اخضع تصرف من تتحقق فيه ظروف معينة (جنسية، موطن ... الخ) لاختصاص، قانون معين وسمح له الوقت ذاته أن يغير هذه الظروف . وعليه فان من يغير ظروف الاسناد بغية اخضاع تصرفه لقانون ما لا يكون تصرفه بحد ذاته جريمة وانما يكون استعمالا لحق منحه القانون. وما دام القانون يعطيه هذا الحق فلم يبق ما يدعو لمؤاخذته على تصرفه بحجة الغش نحو القانون . وعلى الرغم من الحجج السالفة الذكر فإن مؤيدي الأخذ بهذه النظرية ردوا بما يأتي :
1- لا شك أن التحقق من القصد في الغش صعب جدا الا انه ليس بالمستحيل، وعلى القاضي أن يكون شديد الحذر في التقدير للكشف عن هذا القصد ولا يحتج بصعوبة معرفة القصد في الغش لعدم الأخذ بفكرة الغش نحو القانون لان الأخذ بالنية والبحث عنها قد سمح به في أمور كثيرة، فسمح القانون للقاضي بالبحث عن النية التي دفعت الى ارتكاب الجريمة في الأمور الجزائية في المسؤولية الجنائية وكذلك بالأخذ بالنية في المسائل المدنية فنظرية السبب
تقوم أساسا على نيات المتعاقدين (5). واحتمال حدوث شيء من التحكم والتعسف من جانب محكمة الموضوع في تقديها لنية الغش يمكن الحد منه إلى اضيق نطاق ممكن عن طريق رقابة محكمة التمييز، لا لنية الغش، بل للأثر الذي يترتب عن نية الغش وذلك في تقديرها ما اذا كان وجود الاثر يشكل مخالفة غير مباشرة للقانون أم لا (6) .
وبالإضافة إلى ذلك فان النظام العام كالغش نحو القانون يعطي القاضي سلطة تحكمية في تقدير ما اذا كان القانون الأجنبي يخالف النظام العام أم لا.
ومع ذلك لم يحتج بها (السلطة التحكمية) لمنع الاخذ بالنظام العام .
2- ان عدم الأخذ بنية الغش القانون يعتبر حسب قول والترفيليمور (في مؤتمر جمعية القانون الدولي الذي عقد في جلاسكو سنة 1901 (7) امتيازا للأغنياء الذين تتوفر لديهم النفقات اللازمة للانتقال من بلد إلى آخر لأجراء تصرفات قانونية تخضع لقوانين اقل شدة من تلك التي يخضع لها من لم يتمكن من الانتقال لتغيير ظروف الاسناد.
3- ويرد على الحجة القائلة ، بأن القانون ذاته قد أجاز لمن تتوفر فيه ظروف معينة ( جنسية، موطن .... الخ) أن يجري تصرفا قانونيا يخضع للقانون الذي يتعين بمقتضى ظرف الاسناد بأن مثل هذا الحق ما اعطى الا للضرورة التي يوجد فيها الشخص في مثل تلك الظروف. ومثل هذه الضرورة منتفية بالنسبة لمن يغيرون جنسياتهم او مواطنهم لغرض التخلص من القوانين الامرة والناهية. وهؤلاء باستعمالهم حق تتغير ظروف الاسناد يستخدمون وسيلة
مشروعة بقصد الوصول بها إلى غاية غير مشروعة (8) وبناء على ما تقدم فقد غلب انصار هذه النظرية معارضيها فأقرتها المؤتمرات الدولية واخذت بها المحاكم في دول كثيرة (9) واصبحت هذه النظرية من مبادئ القانون الدولي الخاص، ويمكن. الأخذ بها في الأردن استنادا الى المادة (20) من القانون المدني، التي تقضي بلزوم اتباع مبادئ القانون الدولي الخاص فيم لم يرد في شأنه نص في المواد السابقة في احوال تنازع القوانين.
نطاق نظرية الغش نحو القانون :
نطاق تطبيق هذه النظرية التي لم يتفق انصارها على مدى تطبيقها .
فمنهم من يرى الأخذ بها بصورة عامة بالنسبة لجميع التصرفات القانونية وبالنسبة لقوانين جميع الدول. ومنهم من يريد تطبيقها تطبيقا ضيقا من ناحية الموضوع الذي يمكن أن يظهر فيه الغش ومن ناحية القانون الذي يقع الغش ضده.
فبالنسبة للموضوع الذي يمكن أن تجد هذه النظرية مجالا للتطبيق ، فيدعو المطالبون بالتطبيق الضيق قصر ذلك على بعض العلاقات القانونية كالمسائل المتعلقة بشكل التصرف والطلاق والانفصال الجسماني.
اما بالنسبة للقانون الذي يمكن أن يرتكب الغش ضده فيرى هؤلاء قصره على القانون الوطني للقاضي المرفوع امامه النزاع. فالغش الذي يبعد قانون القاضي من اختصاصه يجب ان ينال جزاءه بأبطال الاختصاص الناتج عن الغش (10). وكل غش تترتب عليه تنحية قانون اجنبي لمصلحة قانون اجنبي اخر لا يعتد به ولا ينال جزاءه بأبطال الاختصاص. ذلك أن القاضي، حسب قول هؤلاء، لا يحمي القوانين الأجنبية وانما يحول دون التحايل على قانونه فحسب.
ومثل هذا التطبيق لنظرية الغش نحو القانون عرضة للانتقاد من قبل الفقهاء الذين يرون أن الغش نحو القانون يجب ان ينال جزاءه. فسواء أكان القانون المبعد وطنيا ام اجنبيا يلزم اعادة الاختصاص اليه ذلك لأن الأخذ بنظرية الغش نحو القانون يجب أن يكون عملا موضوعيا مجردا متى ما توافرت العناصر اللازمة لنشوئه. غير أن العمل يظهر لنا قصر نطاق أعمال الدفع بالغش نحو القانون على حالة التهرب من قانون القاضي(11).
عناصر الغش نحو القانون :
التحقيق الغش نحو القانون يجب توافر العناصر الاتية :
1- توافر نية الغش :
يستلزم الغش نحو القانون كشرط أساسي توفر نية الغش تجاه القانون المختص، وتنحصر نية الغش في اخراج العلاقة القانونية من نطاق اختصاص قانون ما واخضاعها عن طريق التحايل لقانون آخر.
ولما كان تغيير ظروف الاسناد لذاته لا يتضمن في جميع الأحوال قصد اخراج العلاقة القانونية من اختصاص قانون القانون بلد آخر. لذلك فإن تغيير ظروف الاسناد وحده لا يكفي للأخذ بنظرية الغش بل يجب أن تكون ارادة الأفراد موجهة بقصد التحايل على اختصاص قانون ما. اي ان يكون تغيير الاختصاص القانوني هدفا تنشده الارادة من تغيير ظروف الاسناد في حين ان كل تغيير للاختصاص ناتج عن تغيير ظروف الاسناد المقصود لذاته لا يكون غشا نحو القانون ، فلا مؤاخذة على تبدل الاختصاص الناتج عنه.
لذلك يلزم للعمل بهذه النظرية معرفة غرض ذوي العلاقة. فان كان غرضهم نقل الاختصاص فيكون هذا تهريبا للعلاقة القانونية من اختصاص لأخر مما بشكل غشا نحو القانون ، واذا كان غرضهم تغيير ظروف الاسناد فينتفي عنصر الغش
ويقع على المحكمة تقدير نية الغش نحو القانون .
2- فعالية وسيلة الغش :
لا يلجا الى نظرية الغش الا اذا كانت الوسيلة المتبعة لنقل الاختصاص فعالة وذات تأثير في تغيير الاختصاص. فالحصول على موطن صوري لا يغير من احتفاظ الشخص بموطنه الحقيقي ويلزم اعطاء الاختصاص لقانون الموطن الحقيقي لا الصوري. وكذلك تغيير جنسية أحد الزوجين مع بقاء الزواج محكوما بالقانون الذي كان يحكمه سابقا قبل تغيير ظروف الاسناد لا توجب الأخذ بنظرية الغش نحو القانون لعدم فعالية وسيلة الغش.
3- ان تكون القاعدة القانونية المتحايل عليها من النصوص الامرة :
الرأي التقليدي يتجه إلى حصر أعمال الغش نحو القانون على الحالات التي يكون التهرب فيها من النصوص الأمرة اما بالنسبة للنصوص الاختيارية (المفسرة) فلا يرى انصار هذا الرأي أي مجال الاعمال فكرة الغش فيها ذلك لان الافراد يتمتعون ابتداء بحرية الخروج عنها واخضاع علاقاتهم لغيرها ولهذا لا يمكن أن يظهر الغش نحو القانون بالنسبة اليها.
. وهناك من لا يسلم بهذا الشرط ويرى أن في الإمكان التمسك بالدفع بالغش نحو القانون حتى لو كانت القاعدة التي نقل عنها الاختصاص من القواعد الاختيارية وهذا واضح من ان الرخصة التي حولت للأفراد في اختيار القانون الذي يحكم العقد لا تمكنهم من اخضاع العقد لقانون لا تربطه بالعقد أيه صلة (12). آثار الغش نحو القانون الاثار التي تترتب على الغش نحو القانون منها ما تتعلق بالنتيجة (وهي تحديد القانون الواجب التطبيق) ، ومنها ما تتعلق بالوسيلة (وهي ظروف الاسناد التي تم بموجبها الغش).
ففيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق، فالمظهر الاساسي لأثار نظرية الغش .
نحو القانون هو ابطال الاختصاص القانوني المتأتي عن الغش وإحلال القانون المبعد بسبب الغش مكانه بصورة كاملة.
أما فيما يتعلق بظروف الاسناد (الجنسية، الموطن، محل وجود المال ...الخ) التي عمد الأفراد إلى تغييرها كوسيلة لتحقيق الغرض المنشود وهو نقل الاختصاص القانوني ، فإن احتمال بطلانها موضوع خلاف ان يدعو البعض إلى بطلانها بصورة تامه واعتبارها كأن لم تكن وعلى هذا يكون تجنس الشخص الذي وقع بقصد الغش نحو القانون باطلا من كل وجه.
ويعامل كأنه لا يزال محتفظة بجنسيته السابقة ويستمر بالخضوع للتشريعات الناتجة عن جنسيته الأصلية (13).
ويورد باتيفول تحفظا على ذلك، وهو عدم ابطال ظروف الاسناد الناتجة عن الغش في الاحوال التي ينتج تغيير الاختصاص فيه بسبب تصرف مادي كتغيير موقع المنقول (14). ففي هذه الحالة لا يمكن تجاهل الظروف المادية إذ يكتفي بعدم قبول الاحتجاج بهذه الظروف في موضوع النزاع الذي وقع الغش من أجله فقط وفيما عدا ذلك تبقى هذه الظروف صحيحة.
ويدعو آخرون إلى أبطال ظروف الاسناد الناتجة عن الغش نحو القانون فيما يخص الحالة التي حصل فيها الغش سواء كان تغيير الظروف قد نجم عن تصرف قانوني ام تصرف مادي، وذلك لتوفر نية الغش بالنسبة لهذه الحالة فلو تجنس المرء بجنسية اخرى بقصد الإفادة من حق الطلاق الوارد بقانون الجنسية الجديدة فيكون هدف المتجنس من هذا الاجراء ابعاد تطبيق قانون الجنسية السابقة فيما يخص الطلاق ، ولا تتوفر نية الغش نحو القانون في التصرفات الأخرى التي يجريها في ظل قانون الجنسية الجديدة لان النية لم تنصرف فيها إلى إعطاء الاختصاص لهذا القانون بدلا من القانون المختص قبل تغيير الجنسية، وعلى هذا فركن الغش نحو القانون غير متوفر بالنسبة لهذه التصرفات.
______________
1- في قضية الأميرة دي بوفرمون De Bauffrement البلجيكية الأصل التي أرادت الحصول على التطليق من زوجها الفرنسي ولم يسعفها القانون الفرنسي المختص، اضطرت إلى التجنس بجنسية اخرى يسمح قانونها لها بالحصول على التطليق. وبعد التطليق تزوجت من اخر واقامت في فرنسا. طلب زوجها الأول بطلان التطليق وبالتالي الزواج الثاني، استجابت المحكمة الطلبة وبنت حكمها على أن تغيير الجنسية انما تم بقصد الغش.
2- Bartin الجزء الأول رقم 11 ص 292 Niboyc . الجزء الثالث رقم 1049.
3- Nihoye الجزء الثالث ص135 . دكتور عز الدين عبدالله - القانون الدولي الخاص – سنة 1972 ، ص570 وفي رأي آخر الغش ما هو الا تطبيق لمبدأ عام مفاده والغش يفسد كل أمره راجع تفصيل تلك هشام على صادق الذكور ص 363.
4- د. فؤاد عبد المنعم رياض و د. سامية راشد - القانون الدولي الخاص - دار النهضة ، القاهرة : 1974، ص227 .
5- فالبيع والايجار الوارد على منزل يريد المشتري أو المستأجر ادارته للعهارة وكان البائع والمؤجر عالما بنية المشتري والمستأجر، يكون باطلا، د. عبد الرزاق السنهوري - الوجيز (1) سنة 1966 ، ص 175 .
6 - راجع في ذلك عز الدين عبدالله - القانون الدولي الخاص المصري – الطبعة السابعة والسادسة دار النهضة العربية القاهرة ، 1972 ص 563 (كان من المعقول أن تمتد رقابة هذه المحكمة إلى مسألة الأثر الذي يترتب على هذا الباعث، فاذا ما استخلص قاضي الموضوع من ظروف الدعوى ان شخصا غير جنسيته لمجرد تجنب الحكم الأمر المانع من التطليق الوارد بقانون جنسيته الأول ليتمكن من التطليق وفقا لقانون جنسيته الجديدة كان هذا الذي استخلصه القاضي بعيدا عن رقابة محكمة النقض، أما كون تغيير الجنسية كان بقصد التمكن من التطليق يعتبر مخالفة غير مباشرة للقانون وبعبارة اخرى يعتبر غشا نحو القانون ام لا يعتبر كذلك فهو امر يخضع للرقابة هذه المحكمة) .
7- راجع ، عبد الحميد وشاحي ، القانون الدولي الخاص في العراق بغداد 1940 ، ص192 .
8 - دكتور عز الدين عبدالله وهامشه في الصفحة 408.
9- ويبدو أن المحاكم العراقية عملت بهذا في نطاق العلاقات الوطنية، راجع قرار محكمة التمييز الصادر من الهيئة العامة في 31/12/1951 اضبارة رقم 7 قضية 1951. فقد قررت رد دعوى التمييز المتضمنة طلب الحكم له بأبطال نفقة مطلقته المسيحية، مستندة في ذلك الى انه اعتنق الدين الاسلامي بعد استحصال الزوجة حكما عليه بالنفقة، واعتبرت اعتناق الدين الاسلامي لا يخلو من احتمال كونه بقصد التهرب من النفقة. والي خلاف هذا الراي ذهبت محمة النقض المصرية واستقرت على أن اعتناق الإسلام ينتج اثره كاملا ولا يمكن ان يحتج عليه بفكرة التحايل على القانون لان اصول الاسلام لا تجيز الشك في نية من اعلن اسلامه استنادا الى الآية الكريمة (ولا تقولوا لمن القي اليكم السلام الست مؤمنا). راجع بهذا الدكتور احمد مسلم - موجز القانون الدولي الخاص المقارن - ص 202.
10- انظر في ذلك باتيفول 1959 ص429، وما أشارت اليه قرارات المحاكم الفرنسية.
11- انظر في ذلك تنازع القوانين، د. منصور مصطفى منصور، مذكرات في القانون الدولي الخاص دار المعرفة بمصر سنة 1957، ص13۸.
12- دكتور فؤاد عبد المنعم رياض والدكتورة سامية راشد - القانون الدولي الخاص دار النهضة العربية القاهرة 1974 - ص 223 .
13- Niboyet 431 .
14- BATIFFOL. 1090.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|