المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الخرشوف Artichoke (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24



الفواحش  
  
3246   12:56 صباحاً   التاريخ: 8-05-2015
المؤلف : الدكتور صادق عبد الرضا علي
الكتاب أو المصدر : القرآن والطب الحديث
الجزء والصفحة : ص184-196.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / تأملات قرآنية / مصطلحات قرآنية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-24 1207
التاريخ: 22-1-2016 10126
التاريخ: 20-1-2016 11021
التاريخ: 9-12-2015 10000

قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف : 33]

{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء : 32]

{وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } [الأنعام : 151]

{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [النور : 33]

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } [النور : 19]

وروي عن الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنه قال : «إذا أراد اللّه بعبد خيرا حال بينه وبين شهوته ، وحجز بينه وبين قلبه ، وأذا أراد به شرّا وكّله إلى نفسه».

وفي (نهج البلاغة) : «من عشق شيئا أغشى بصره ، وأمرض قلبه ، فهو ينظر بعين غير صحيحة ، ويسمع بأذن غير سميعه ، قد خرقت الشهوات عقله ، وأماتت الدنيا قلبه ، فهو عبد لها ولمن في يديه شي‏ء منها ، حيثما زالت زال إليها ، وحيثما أقبلت أقبل عليها ، لا ينزجر إلى اللّه بزاجر ، ولا يتعظ منه بواعظ».

وقال بعض الحكماء : «إذا انقادت النفس للعقل بما قد أشعرت من عواقب الهوى ، لم يلبث الهوى أن يصير بالعقل مدحورا ، وبالنفس مقهورا».

وقال بعض العلماء : «الهوى ملك غشوم ، ومتسلط ظلوم».

وقال بعض الادباء : «أعز العز الامتناع من ملك الهوى».

وقال بعض البلغاء : «أفضل الناس من لم تفسد الشهوة دينه ، وخير الناس من أخرج الحرص من قلبه ، وعصى هواه في طاعة ربه».

وقال بعض الأكابر : «أفضل الجهاد ، جهاد الهوى».

وقال بعض الأعاظم : «لا تسكن إلى نفسك وإن دامت طاعتها فإن لها خدائع ، وإن سكنت إليها كنت مخدوعا».

وقال أحد الشعراء :

إذا المرء أعطى نفسه كل ما اشتهت‏

 

ولم ينهها تاقت إلى كل باطل‏

وساقت إليه الاثم والعار بالذي‏

 

دعته إليه من حلاوة عاجل‏

     

خلق اللّه الانسان وهو يحمل معه العقل والشهوة ، فإذا سيطر العقل على الشهوة عاش الأنسان سعيدا ، بعيدا عن الفواحش والمفاسد ، متجها بروحه وقلبه إلى عش الزوجية السعيد ، فالزواج يعتبر من سلسلة العلاقات الكونية ومن مقتضيات الفطرة ، ومن مقتضيات قدرة اللّه تعالى في خلقه‏ {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات : 49].

{سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ } [يس : 36]

ويعتبر الزواج اتجاها في تركيب الانسان ، وهو اتجاه تكويني بالدرجة الاولى قبل أن يكون اتجاها تشريعيا ، أي أن إقامة علاقة بين الذكر والانثى في مجتمع الانسان ضمن إطار الزواج يعتبر سنّة وقانونا تكوينيا ، نابعا من تكوين وخلقة الانسان ومن طبيعة الانسان. {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً } [الروم : 21]

في نفس الوقت يعتبر الزواج من السنن التشريعية فيقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)  : «الزواج سنّتي فمن رغب عن سنّتي فليس منّي» «1».

وقال تعالى : {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة : 187]

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم)  : «من جاءكم ترضون دينه وخلقه فزوّجوه الّا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» «2». وهو بذلك يضع لنا مقومات الحياة الزوجية السعيدة ، ويوضحها لنا حتى نسير عليها.

والزواج مبادلة روح بروح : {وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء : 21] .

حدّد اللّه سبحانه عقد الزواج بألفاظ ذكرها في كتابه العزيز ، أوجب الوقوف عندها ، والتعهد بها تماما كألفاظ العبادة ، وأضفى على عقد الزواج من القداسة ما أبعده عن كل العقود ، كعقد البيع والاجارة ، وما إليها ، لأن البيع مبادلة مال بمال ، أما الزواج فمبادلة روح بروح ، وعقده عقد رحمة ومودة ، لا عقد تمليك للجسم بدلا عن المال.

وقال الفقهاء : «إنّ عقد الزواج أقرب إلى العبادات منه إلى عقود المعاملات والمعاوضات ، ومن أجل هذا يجرونه على اسم اللّه ، وكتاب اللّه ، وسنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ...».

وإذا تنبهنا إلى أن كلمة ميثاق لم ترد في القرآن الكريم إلّا تعبيرا عما بين اللّه وعباده من موجبات التوحيد ، والتزام الأحكام ، وعما بين الدولة من الشؤون العامة الخطيرة ، علمنا مقدار المكانة التي سما القرآن بعقد الزواج إليها.

وإذا تنبهنا مرة اخرى إلى أن وصف الميثاق «بالغليظ» لم يرد في موضوع من مواضعه إلّا في عقد الزواج ، تضاعف لدينا سمو هذه المكانة التي رفع القرآن إليها هذه الرابطة السامية عن كل ما أطلق عليه كلمة ميثاق.

... فالقرآن الكريم حدد الهدف من عقد الزواج ، وهو السكنى. والسكنى بمعنى أن الاستقرار والاطمئنان في الحياة لا تتم إلّا بمشاركة المرأة بطبيعتها والرجل بطبيعته ، وهما إذن طرفا عقد الزواج.

... إنّ العلاقة الجنسية المحظة في تفكير بعض الشارحين للحياة اليومية والاجتماعية .. هو اقتران مادي ، لا ينهض أن يكون آية من آيات اللّه ونعمة من نعمه سبحانه ، التي يسوقها دليلا على خالقيته واستحقاقه الربوبة والعبادة في الانسان.

أما إذا تغلبت الشهوة على العقل فقد أصبح الانسان مطية لها تسيره كيف تشاء ، حتى تنتهي به إلى الهوى في طريق الضلال والفساد والفحشاء.

فجريمة (الزنا) ينكرها الناس جميعا ، وتنكرها كذلك المدنية الغربية جهرا ، وترضى عنها سرا!!

وقد أنكرها الاسلام سرا وجهرا. وجعل سرها عنده كالجهر بها ، في اعتبارها عدوانا على حدود اللّه ، واستباحة لحرماته .. ولكنه جعل الحد الذي أوجب إقامته على الزناة عقوبة دنيوية ، وذلك للتشنيع على هذا الفاحشة ، ونكالا بالذين يخرجون على المجتمع هذا الخروج السافر بلا حياء ، واستحياء حيائه ..

أما العقاب لمن يأتي هذه الجريمة سرا ، فهو إلى اللّه تعالى يوم القيامة .. إن شاء عفا رحمة وفضلا ، وإن شاء عاقب حقا وعدلا ..

ومن جهة اخرى فإنّ إباحة الزنا في مجتمع أو تفشيه بين أفراده ، دون أن ينكره ضمير المجتمع أو يتأذى به شعوره ، فإن معنى ذلك ضياع الأنساب ، وانقطاع صلة الأبناء بآبائهم ، وحل روابط الاسرة التي يقوم بناؤها على صلة الدم بين أفرادها.

وإنّ من نتائج ذلك تصدع المجتمع ، وانهيار بنيانه ، حيث تموت فيه دواعي العمل للحاضر والمستقبل من خلال تلك العاطفة الأبوية ، التي تلح على الكائن الحي أن يعمل من أجل صغاره ، الذين يرى فيهم وجوده .. فكيف بالانسان وما خلق اللّه تعالى فيه من عقل وإرادة؟

من أجل هذا كان ذلك التشريع الاسلامي ، الذي يحمي به مجتمع المسلمين من الانهيار ، والانحدار إلى عالم دون عالم الحيوان ، حيث أنّ كثيرا من الحيوانات يقوم اتصال الذكر فيها بالانثى على حماية انثاه من أن يتصل بها غيره من جنسه.

وفي هذا يقول اللّه تعالى : {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [النور : 2]

وهذه الآية خاصة بغير المحصنين ، أما المحصنون فقد جاء الحكم برجمهم بقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وبعمله .. إذ أنّ غير المحصن أكثر تعرضا للوقوع في هذه الفاحشة ، وأكثر جرأة عليها ، وإتيانها على هذا الاسلوب العلني الذي يراه الناس فيه رأي العين!!.

أما المحصن ، وهو المتزوج ، فإنه لا تتحكم فيه الشهوة تحكمها في غير المحصن ، كما أنه يجد من الحياء ما يرده عن المعالنة بهذا المنكر على رؤوس الأشهاد ..

وقد اتخذ المفترون على الاسلام ما قررته شريعته من الجلد ، والرجم ، مع الفضح والتشهير لمرتكبي هذه الجريمة .. اتخذوا من ذلك بابا واسعا يدخلون منه للطعن على الاسلام ، وعلى فقدان الجانب الانساني فيه .. إذ كيف يبلغ به أن يجلد الانسان كما يجلد الحيوان ، ثم لا يكتفي بهذا بل يمثل به هذا التمثيل ، فيدعو الناس إلى مشاهدته وهو يتلوى تحت سياط العذاب؟

أما عملية الرجم ، فهي عملية أشد بشاعة ، وأنكر نكرا من كل ألوان العقاب‏ و العذاب .. فهذا رجل ، وتلك امرأة يرمى بهما أحياء في حفرة ، ثم تأخذهما الأيدي من كل جانب ، رجما بالحجارة ، حتى الموت!!

هكذا يقول المفترون على الاسلام ، دون أن ينظروا إلى ذلك الانسان الذي وقع تحت هذه العقوبة ، وإلى أي مستوى حيواني- لا إنساني- نزل إليه.

حقا إن العقوبة قاسية ، فيها إهدار لآدمية الانسان ، واستخفاف بإنسانيته ..

ولكن أي إنسانا هذا الذي أهدر الاسلام آدميته ، واستخف بإنسانيته؟

إنه لم يعد إنساسا بإقدامه على هذا الفعل على تلك الصورة ، التي يأبى كثير من الحيوان أن يفعلها علنا ، بل كثير من الحيوانات إذا اتصلت بانثاها حرصت على أن تذهب بعيدا بحيث لا تراها عين ، من إنسان أو حيوان!

أما هذا الحيوان الآدمي ، فقد تعرى من كل معاني الانسانية ، فلا حياء ، ولا عفة ، ولا مروءة ، بل فجور ، وتجرد من الحياء. واستخفاف بالجماعة التي يعيش بينها ، فلا يكتفي بالعدوان على حرمة أحد أفرادها ، في ستر وخفاء ، بل يأتي جريمته علنا على أعين الناس ، وكأنه في حجرة مغلقة عليه ، وعلى زوجه!

إنّ الناس حين يرون كلبا علق بكلبة في الطريق العام يرجمونهما بكل ما يقع بأيديهم من حجارة ، أو نحوها. هكذا بدون حساب أو تقدير .. وهكذا ينبغي أن يفعل بالرجل والمرأة إذا رآهما الناس على تلك الحال ، وغاية ما هناك هو أن يقادا إلى ولي الأمر ، وتقام عليهما الشهادة من أربعة شهود عدول ، ثم يقضي ولي الأمر بالحد الذي قضت به الشريعة فيهما ، ولا نحسب أنّ مجتمعا من المجتمعات يقبل أن يرى هذا الفعل المنكر ، ثم لا ينكره بالعمل ، ويعجل بإنفاذ العقوبة في مرتكبيه قبل أن يسوقهما إلى ساحة القضاء!

ولو استعرضنا العصر الجاهلي وما انتشرت في وسطه من فواحش أدت إلى انحطاطه وفساده ، عرفنا أثر تلك الفواحش التي حرمها الأسلام كي يجعل من مجتمعه مجتمعا قويا محصنا بعيدا عن المفاسد والآثام.

وكانت الآيات القرآنية هي الدستور الرادع والحل الوحيد الأمثل والبلسم الشافي الذي يداوي جروح المجتمع الجاهلي ، ويخلصه من آثامه ومفاسده ، ليحفظ وحدة الاسرة ويؤدي إلى تماسك المجتمع.

فقال عز من قائل : {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور : 3]

وهنا يتجلى نجاح التحريم بسلامة التطبيق ، ويحدثنا التأريخ أن الفترة التي حكم فيها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام علي (عليه السلام) قد ندرت فيها الفواحش والآثام ، وما ذلك إلّا لتطبيق أحكام الشريعة الاسلامية التي هي- بحق- ضمان أكيد للقضاء على كل ألوان الموبقات. كتشجيع الزواج المبكر الذي لا تعيقه قيود.

وتتعاقب الأيام ويتعطل العمل بالقوانين الاسلامية ، فماذا كانت النتيجة؟

هي تعرض الجنس البشري للحيف والاضطهاد والمعاناة من القوانين والأعراف الظالمة ، وتحمله من البطش والارهاب الشي‏ء الكثير خلال المسيرة الطويلة الشائكة ، والمرأة بصورة خاصة قد تحملت الشق الأكبر من هذا الحيف والظلم والبطش والانتهاك .. فلم ينظر للمرأة على أنها إنسانة لا تختلف عن أخيها الرجل إلّا بما فرضته واقتضته طبيعتها الانثوية ، فقد كان ينظر إليها من زاوية ضيقة داكنة رعناء ، فكانت وفقا لتلك النظرة تعامل معاملة قاسية جائرة ، وكانت تئن وتلتوي تحت سياط الحيف الاجتماعي اللاذعة ، وتبكي وتتضرع لعلها تثير في النفوس الغليظة الرأفة.

تذكر مجلة المانية : «إنّ تحرر المرأة وابتعادها عن الدور الطبيعي لها ، كان عاملا رئيسيا في الصعوبات التي تواجه زيجات اليوم .. وأنّ المرأة المعاصرة أصبحت حائرة في نفسها :

أ- كأم أمينة تعني بأولادها وزوجها ، وتخصيص رعايتها لهم.

ب- وكمشاركة في الكسب ، وشريكة شركة كاملة في الزيجة.

ج- وكملاعبة ، جذابة للرجل» «3».

ولذلك ابتدأت معايير السلوك الأخلاقي تتغير ، فالمرأة العاملة إذا أتاح لها الاستقلال الاقتصادي حرية وانطلاقا أوسع ، فلا غضاضة عليها إطلاقا من الناحية الأخلاقية- تبعا لمنطق الإستقلال- أن تسلك مع الرجل في المعاشرة الجنسية مسلكا يخالف ما جرى عليه العرف الأخلاقي في المجتمعات ، وهو الذي قام على عقد الزواج وحده.

حتى أنّ إحدى محاكم (كوبنهاكن) بالدانمارك أصدرت قرارا .. يعتبر أول قرار من نوعه في العالم ، يرفض قبول الخيانة الزوجية كسبب من أسباب الطلاق‏ «4».

لأن وضع المجتمع الصناعي أتى بفرصة العمل للمرأة ، ومكنها استقلالها إقتصاديا في الانفاق على حياتها الخاصة ، فلم يعد هناك مكان فسيح للارتباط بعقد الزوجية في السلوك الجنسي ، وفي شرعية العلاقة بين الرجل والمرأة!.

أما الحياة العامة في المجتمع الغربي فيقول عنها (بول بيرو) العالم الاجتماعي الفرنسي المعروف :

«إنّ من أراد من الباحثين أن يطالع حياتنا المدنية من خلال هذه النماذج للحياة التي لا يزال يعرضها كتاب مسرحياتنا منذ ثلاثين أو أربعين عاما ، فلا جرم أنه يستنتج أنّ جميع الأزواج المتزوجة في مجتمعنا قوم خونة متجردون من الوفاء اللازم للعشرة الزوجية ، فيكون كل زوج إما بليدا غافلا أو يكون لزوجته بلاءا ونكبة ، وأما الزوجة فأحسن خصالها أن تكون في كل حين متبرمة من زوجها وتكاد تميل بهواه عنه إلى غيره» «5».

فالمرأة التي عملت في تلك المجتمعات في غير مجالها الحقيقي .. قد اضطرت‏ لغيابها عن البيت إلى تسليم أطفالها إذا كان لها أطفال إلى دور الحضانة ، والمربيات ..

وليس في هذه الأماكن مسحة من حنان أو عطف من امومة ، يعوض نظرات الام وحنانها ، وضمها لصغيرها في ساعة يقظة منه .. ومن هنا انعكست آثار تلك الأعمال على الأجيال التي تسلمت زمام المجتمع ، وتحكمت في مصيره ..

«أما في عصرنا الحالي حيث قطعت البشرية أشواطا بعيدة من التقدم المادي ، وتفتحت أمامها أبواب علمية جديدة ، واستطاع الأنسان أن يهتدي إلى طرق وخبايا لم تكن تدور في ذهن الأسلاف ، فإنّ المرأة في ظل المجتمعات الغربية لم تكن بأحسن من حال اختها في الأزمان الدارسة. فراح ينظر إليها على أنها (انثى) فقط وليس كونها إنسانة يجب أن يكون لها الموقع الحقيقي ، وأن تحظى باحترام وتقدير المجتمع ، وأن تصان عفتها وشرفها ، وأن تنال من التربية والأخلاق ما يتناسب مع رسالتها في إعداد الأجيال النقية الصالحة ..

صحيح أنه قد رفعت شعارات (حرية المرأة) وطالب بهذه الحرية كثير ممن تأثروا بالغرب في ديار المسلمين ، ولكن ما ذا تعني حرية المرأة في نظر هؤلاء؟ إنها الإباحية والمجون والانتهاك. فحرية المرأة هي أن تتحول إلى جنس يتحرك على مسرح المجتمع ليشبع غرائز التائهين والمتعطشين ، وأن تتحول إلى وسيلة لهو عابث ، وإلى أسلوب دعائي خليع على صفحات المجلات التافهة ومداخل الشوارع وواجهات المحلات .. ونتيجة لذلك كله فقد انحدرت المرأة إلى أودية التيه وسقطت في حفر الضياع. وغرقت في مستنقعات الامتهان والفساد وأضحت لعبة مسلية لهذا وذاك خالية من الأحاسيس والمشاعر.

لهذا نلاحظ أنّ المجتمعات الغربية بصورة خاصة راحت تعاني من انهيار كيان الاسرة ، وكثرة الأطفال غير الشرعيين ، وزيادة حالات الطلاق ، وشيوع الأمراض الناتجة عن الشذوذ الجنسي ، وحالات قتل الزوج للزوجة وبالعكس ..

ومشاكل اخرى كثيرة خلقها الواقع الاجتماعي الذي لم يحترم المرأة ، والذي لم ينظر إليها بمنظار يتناسب والفطرة التي فطرها اللّه عليها ..

ولو ضربت أمثلة من واقع المجتمع الغربي نفسه لأدركت رغبة العقلاء منهم بأن تعود المرأة إلى فطرتها التي فطرها اللّه عليها .. دون أن تختلط بالرجال في المجتمع وتزاحمهم في أعمال إنتاجها فيه ضعيف حسب الاحصائيات .. وتحملها قليل ، لأن تكوينها الطبيعي والجسماني يختلف قوة واحتمالا عن وضع الرجل ..

إنّ مسألة المرأة لا يحلها خلع عذار وإطراح برقع وإزار. وإنما هي مسألة تحتاج لنظر طويل وبحث دقيق وجدال تتحطم فيه الأقلام وتجأر منه المحابر» «6».

فعن كتاب (تاريخ الفحشاء) للكاتب الأنجليزي (جورج رائيلي اسكات) :

«و لا تزال تكثر النساء اللاتي يزاولن العلاقات الجنسية قبل الزواج من غير ما تحرج ، وفي حكم النادر والشاذ وجود الأبكار اللاتي يكن في الحقيقة أبكارا عند ما يعقدون النكاح عقد الوفاء الأبدي أمام منبر الكنيسة».

ويذكر الكاتب الأسباب التي أفضت بأحوال المجتمع إلى هذا الحد ، فيعد من هذه الأسباب الولوع الفاحش بالتبرج الذي قد بعث في نفس كل فتاة أشد الحرص على الأزياء الفاتنة من أحدث الطرز ، ثم حرية النساء المطلقة ، فقد بلغ من ضعف رعاية الآباء ورقابتهم لبناتهم أن قد تهيأ لهن من الحرية والانطلاق ما لم يكن ميسورا حتى للأبناء قبل ثلاثين أو أربعين عاما ، ثم تهافت النساء على الأشغال التجارية ووظائف المكاتب والحرف المختلفة حيث يختلطن بالرجال صباح مساء.

ويقول بعد ذلك : «و قد حط ذلك من المستوى الخلقي في الرجال والنساء ، وقلل جدا من قوة المدافعة في النساء لاعتداءات الرجال على عفتهن ، ثم أطلق العلاقة الشهوانية بين الجنسين من كل القيود الخلقية. فالآن أصبحت الفتيات لا يخطر ببالهن الزواج أو الحياة العفيفة الكريمة ، حتى صار اللهو والمجون الذي كان يطلبه في الزمان الغابر أوغاد الناس تطلبه كل فتاة اليوم».

«و الجدير بالذكر أن مجموع المنحرفين جنسيا في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 15 مليون منحرف».

«وأنّ أرباح صناعة الجنس تزيد على المليارد دولار في امريكا فقط. وهناك (200) شركة جنسية على الأقل تصدر عشرات الآلاف من الكتب والمجلات ومئات الأفلام المتخصصة».

«أما في لندن فقد ارتفعت حالات الإجهاض من (50) ألف عام 1969 م إلى (83) ألف في عام 1970 م ونحو (200) ألف في عام 1971 م».

«و ترتفع هذه النسبة في فرنسا لتصل إلى ما بين (46- 143) إجهاض لكل مائتي ولادة و(16 خ- 95 خ) في إيطاليا و(124- 137) في بلجيكا و(78- 135) في النمسا» «7».

وما ظن القارى‏ء الكريم بامة اضطرت إلى أن تعفي خمسة وسبعين ألفا من جنودها عن الخدمة ، وهي في أشد المآزق وفي أمس الحاجة ، في السنتين الاولى من سني الحرب الاولى ، اضطرت إلى أن تعفي هذا العدد الضخم من الجنود وتبعث بهم إلى المستشفيات لأنهم اصيبوا بمرض الزهري؟

وفي وصف هذه الظاهرة نشرت مجلة (لانست) مقالا جاء فيه : «يبلغ عدد النساء اللواتي حملن بين عامي (1938 م- 1943 م) من علاقة غير شرعية (000/ 80) امرأة بمعدل الثلث في أول حمل ، ويمكننا أن نقول : إنّ لامرأة من كل عشر نساء علاقة جنسية خارج الزواج ، ولقد كانت في عام 1938 م (40 خ) من الفتيات اللواتي تزوجن قبل سنّ العشرين حاملات ، و(30 خ) من اللواتي تزوجن في سنّ الواحدة والعشرين ، ولا تمثل هذه الأرقام التي تتعلق بسنتين من سنوات قبل الحرب إلّا عدد العلاقات التي تؤدي إلى الحمل ، وهي نسبة صغيرة بالنسبة للعلاقات العامة فعليا ، ولا شك أنّه كان بإمكان التربية الجنسية الصحيحة أن تحول دون ولادة عدد ضخم من ال (000/ 480) طفل الذي ولدوا بالرغم من إرادة آبائهم» «8».

وقد تقدمت لجنة خاصة في وزارة الشؤون الاجتماعية باقتراح مفاده إدراج موضوع الاعتداء على النساء ضمن البرامج الدراسية في مدارس السويد. وتقول اللجنة : «إننا نريد أن يصبح الاعتداء على النساء مادة دراسية في مختلف المستويات التعليمية».

وقد خصصت الحكومة مبلغ مليون كراون في ميزانية عام (1982 م- 1984 م) لنشر المعلومات الكفيلة بمكافحة الاعتداء على النساء «9».

«و منع الحمل ووأد النسل المنتشران إنتشارا عظيما في تلك الربوع ، شاهدان على صدق تلك الدعوى ؟ على أنّ علاقة الرجل بالمرأة علاقة شهوة مجردة ، فهما يطلبان التخلص من نتائجها ، ويلتمسان له الأسباب ، ويبتغيان الحيل ، ويفزعان إلى الطب وعقاقيره ومستحضراته وآلاته ، وهي لديهم ميسورة موفورة ، تباع في كل بلدة وفي كل قرية دون أي حذر ودون أي مراقبة.

«فهل علمت أنّ (000/ 600) نسمة على الأقل يمنع توليدها في فرنسا في كل سنة على ما يقدر الاخصائيون ، من جراء هذه العادة المنتشرة في البلاد ، وأنّ (000/ 400) جنين اخرى تسقط من بطون امهاتها».

«و أنّ في أمريكا يسقط مليون ونصف مليون حمل على أقل التقدير في كل سنة ، ويقتل آلاف من الأطفال من فور ولادتهم» على ما يقول القاضي الأمريكي (بن لندسي) رئيس محكمة جنايات الصبيان (بدنور).

«و أنّ (95 خ) من العلاقات الجنسية الحاصلة اليوم بين الرجال والنساء يحولون بينها وبين نتائجها الفطرية بتدبير منع الحمل ، ثم لا يعد هذا العمل لديهم إجراما يعاقب عليه القانون».

هذه علاقة الرجل بالمرأة وعلاقة المرأة بالرجل في ظل تلك النظرة المادية ، فهل نطمع بشواهد أكثر ونتائج أكبر؟! وهل في هذا السلوك ما يشرف المرأة ويرفع‏ من قدرها ، بل وما يشرف الرجل والمجتمع ويرفع من قدرهما؟!» «10».

«و نحب أن ننبه إلى أنّ الوضع السي‏ء الذي صارت إليه المرأة في المجتمع الإسلامي في القرون الأخيرة ، لم يكن وضعا خاصا بالمرأة وحدها ، بل هو الوضع الذي انحدر إليه المجتمع كله ، وما أصابه من ضعف ، وجهل .. فإذا كانت المرأة قد أخذت نصيبها من هذا البلاء ، فإنّ الرجل قد أخذ نصيبا مضاعفا منه!.

وإنه يوم يعود للمجتمع الاسلامي وضعه الذي ينبغي أن يكون له في ظل الاسلام ، فإنّ هذه الصورة المعتمة المضطربة التي يراها الناس للمرأة ستتغير كثيرا ، حيث تنزع المرأة المسلمة كل هذه الأثواب المستعارة ، وتلبس ثوب الاسلام ظاهرا وباطنا ، ويومها يستر باطنها ما انكشف من ظاهرها .. ومن هنا نجد نذيرا جديدا للذين يجعلون من أوروبا مثلهم الأعلى في كل تجديد ، فإنّ مشكلة المرأة الأوروبية ما زالت خطيرة ، خطيرة حتى في ذهن المرأة ذاتها ، وفي تصورها لنفسها ، كيف تتحقق كمثل أعلى خلقي وجمالي لحضارة» «11».

__________________________

(1) الطبرسي (مجمع البيان) ج 7 ص 236.

(2) وسائل الشيعة : ج 7 ص 151.

(3)Dieneue lllust Rierte  في عددها الرابع والأربعين ص 38 في أول سبتمبر سنة 1964 م.

(4) جريدة الأهرام القاهرية عدد 28464 ص 2 ملحق في 15/ 11/ 1964 م.

(5) مجلة (الصحوة الإسلامية) العدد الثاني - ذي القعدة - 1405 هـ مقال بعنوان (الغرب وشعارات حرية المرأة).

(6) المرأة بين المادية والإسلام : للسيد طالب الخرسان ص 66- 67.

(7) ملحق صحيفة (النهار) البيروتية بتاريخ 27/ شباط/ 1972 م.

(8) اوسفلد شفارتس (علم النفس الجنسي) ص 101.

(9) صحيفة (اكسبرنسن) السويدية في 30/ مارس/ 1983 م.

(10) مجلة (الصحوة الإسلامية) العدد الثاني- ذي القعدة- 1405 هـ.

(11) المرأة بين المادية والإسلام : للاستاذ السيد طالب الخرسان ص 6- 7 (المقدمة).

 

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .