المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05

الآثار الاجتماعية لتقنية النانو
2023-10-08
تطور الجغرافية الطبية
10-7-2021
القلويدات Alkaloids
25-11-2020
إذا رأوا العدوّ تآلفوا !
25-10-2017
أحمد بن محمد بن علي بن سيف الدين العطّار.
17-7-2016
الكلام وما يتألف منه
14-10-2014


الأخطل  
  
5416   04:31 مساءً   التاريخ: 28-1-2021
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الادب العربي - العصر الاسلامي
الجزء والصفحة : ص:258-265
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

الأخطل (1)

واضح مما قدمنا أن الأخطل من قبيلة تغلب، وهي إحدى القبائل العربية الكبيرة التي كانت تكون مجموعة قبائل ربيعة، وكانت تنزل في الجزيرة، وتمتد بعض عشائرها جنوبا الى الحيرة وغربا الى الشام، وشرقا الى أذربيجان.

وكان لها قديما حروب مع أختها بكر جلي فيها المهلهل. وأخري مع أمراء كندة وأمراء الحيرة، وقصة قتل فارسها وشاعرها عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند صاحب الحيرة مشهورة. وقد اعتنق جمهورها في الجاهلية النصرانية على مذهب اليعاقبة، ولما فتحت الفتوح لجت في أول الأمر مع الفرس والروم، وسرعان ما اضطرت الى الدخول في طاعة الخلافة الإسلامية لعهد عمر بن الخطاب، واستغاثت به أن يضع عنها الجزية، فوضعها عنها، وقبل منها أن تؤدي الصدقة أسوة ببقية العرب. ودخلت طائفة منها في الإسلام، ولكن كثرتها ظلت نصرانية.

ونري فريقا منها يعين معاوية في حروبه مع على بصفين، ويلمع من بينهم اسم كعب بن جعيل، وهو شاعر مجيد، اعتنق الإسلام، وكان أحد الألسنة في جيش معاوية على خصومه (2):

وقد مضت تغلب بعد صفين تحطب في حبل الأمويين، من سفيانيين ومروانيين، فإن قبائل قيسية كما قدمنا نزحت الى منازلها مع الفتوح وزاحمتها في

 

259

مواردها الاقتصادية، ولم تلبث بعد وفاة يزيد بن معاوية أن بايعت ابن الزبير فاصطدمت مصالح الطرفين الاقتصادية والسياسية. ولم تكد تتقدم بهما الأيام في أثناء فتنة ابن الزبير، حتي سلا سيوفهما، واحتدمت المواقع بينهما، الى أن دخلت قيس في طاعة عبد الملك وتكافت القبيلتان عن المغازي في الجزيرة.

وفي هذه القبيلة وفي فرع منها يسمي جشم بن بكر وفي عشيرة من هذا الفرع تسمي بني الفدوكس ولد الأخطل في بادية الحيرة حوالي سنة 20 للهجرة.

وكانت أمه مثل أبيه نصرانية، وهي من قبيلة إياد، ومن ثم نشأ نصرانيا، وظل حياته على دينه، فلم يدخل في الإسلام. وفي أخباره أنه كان يكثر الشجار في صباه مع زوج أبيه فلقبته دوبلا، والدوبل الحمار الصغير. وتزوج أبيه بامرأة غير أمه مخالفا بذلك العقيدة المسيحية يدل على أن نصرانيته كانت رقيقة، وكذلك كانت نصرانية ابنه، فإننا نراه يطلق زوجته، ويتزوج بأخري، كما نراه يتردد على دور القيان. وقد استيقظت فيه موهبة الشعر مبكرة، واقترن بها سفه شديد، فكان يكثر من هجاء الناس، ولذلك لقبوه أو لقبه شاعر عشيرته كعب بن جعيل الأخطل ومعناه السفيه. أما اسمه فغياث، وكان يكني بأبي مالك وهو أكبر أبنائه.

ويحاول الاتصال بمعاوية وابنه يزيد، لينال جوائزهما وتواتيه الفرصة، فإن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت كان يهاجي عبد الرحمن بن الحكم الأموي ويتعرض لنساء بني أمية. وكان ممن تعرض لهن رملة بنت معاوية إذ تغزل بها غزلا مفحشا، وبذلك كان أول من اتخذ الغزل سلاحا للهجاء السياسي، ومعروف أن الأنصار كانوا مغاضبين لبني أمية منذ وقوفهم مع على في صفين.

وحاول يزيد بن معاوية نفسه أن يرد عليه، فاستعلاه ابن حسان، فقال يزيد لكعب بن جعيل: أجبه عني واهجه، فقال: «أرادي أنت الى الإشراك بعد الإيمان، لا أهجو قوما نصروا رسول الله صلي الله عليه وسلم، ولكني أدلك على غلام منا نصراني، كأن لسانه لسان ثور، يعني الأخطل». فأرسل إليه يزيد، فقدم عليه، فقال له: اهجهم، فقال له كيف أصنع بمكانهم وسابقتهم

 

260

في الإسلام؟ أخافهم على نفسي، فقال يزيد: لك ذمة أمير المؤمنين وذمتي، فنظم في هجائهم قصيدته التي يقول فيها:

ذهبت قريش بالمكارم والعلا … واللؤم تحت عمائم الأنصار

وغضب النعمان بن بشير الأنصاري، وكان ممن صحبوا معاوية في حروبه ضد على وولاه الولايات وأكرمه، فجاء إليه يشكو له هجاء الأخطل لقومه، فقال ما حاجتك؟ قال لسانه، فقال معاوية ذلك لك. وعلم الأخطل، فاستغاث بيزيد، فدخل على أبيه، وقال له: إني جعلت له ذمتك وذمتي، إذ رد عني، فقال معاوية للنعمان: لا سبيل الى ذمة يزيد. ورد النعمان على الأخطل -كما أسلفنا-ولكن الهجاء لم يستطر بينهما، وكأن الأخطل انسحب من المعركة سريعا خوفا على نفسه. ومنذ هذا التاريخ يصبح الأخطل شاعر بني أمية، فهو يعيش لهم يمدحهم، وهم يغدقون عليه. وليس في ديوانه مديح لمعاوية، ويظهر أن مديحه له سقط من الديوان، فإن المرتضي في أماليه روي له فيه هذين البيتين (3):

إذا مت مات العز وانقطع الغني … فلم يبق إلا من قليل مصرد (4)

وردت أكف الراغبين وأمسكوا … من الدين والدنيا بخلف مجدد (5)

وفي ديوانه مدائح مختلفة ليزيد وأخيه عبد الله ولابنه خالد، ونحس في قصائد الأولين ضربا من الدعوة السياسية لبني أمية، إذ لا ينسي أن ينوه بانتصار معاوية في صفين وأن الله اختار بيتهم للخلافة، على شاكلة قوله:

تمت جدودهم والله فضلهم … وجد قوم سواهم خامل نكد

ويوم صفين والأبصار خاشعة … أمدهم-إذ دعوا من ربهم-مدد

وأنتم أهل بيت لا يوازنهم … بيت إذا عدت الأحساب والعدد

 

261

ويظهر أنه لم يكن يقيم بدمشق طويلا، فقد كان يفد عليها وفودا، وسرعان ما يعود الى منازل قومه في الجزيرة، يدل على ذلك أكبر الدلالة أننا نجده في الفترة التي احتدمت فيها المعارك بين تغلب وقيس واقفا في صفوف قومه يناضل عنهم الراعي وابن الصفار المحاربي وابن الصعق وغيرهم من شعراء قيس.

ومر بنا أن القبائل اليمنية في الشام وعلي رأسها كلب بايعت مروان بن الحكم. بينما نشزت عليه القبائل القيسية إذ كان هواها مع ابن الزبير، وسرعان ما اصطدم الطرفان في موقعة مرج راهط. وانتصرت كلب وأخواتها انتصارا حاسما. وكانت تغلب قد أعانتها في تلك الموقعة، ومضت تعلن ولاءها لمروان ثم لابنه عبد الملك، وأخذت تتحرش بها قيس في الجزيرة، فنشبت بينهما سلسلة معارك حمي فيها وطيس الحرب، وأشرعت فيها ألسنة الشعراء على نحو ما أشرعت أسنة الشجعان، وكان الأخطل أهم لسان أشرع في تغلب على نحو ما أسلفنا في الحديث عن نقائضه.

وما زال عبد الملك يستنزل زفر بن الحارث وغيره من زعماء قيس، ليأمن طريقه الى مصعب بن الزبير. ويذعنون ويدخلون في طاعته، فتهدأ الحروب الناشبة بين قيس وتغلب، وتمر بهما فترة سلام. ويعود عبد الملك الى دمشق مظفرا، ويحاول في سنة 73 أن يصلح بين الفئتين، فيستقدم زعماءهما الى دمشق ويختصمون عنده، ويلمع اسم الأخطل في هذا الاختصام، إذ يدخل على عبد الملك بن مروان وعنده الجحاف السلمي، فينشد:

ألا سائل الجحاف هل هو ثائر … بقتلي أصيبت من سليم وعامر

أجحاف إن نهبط عليك فتلتقي … عليك بحور طاميات الزواخر

ووثب الجحاف يجر مطرفه غضبا، وذهب توا الى قومه في الجزيرة، فجمع فرسانهم وأغار بهم على تغلب ليلا فقتل فيها مقتلة عظيمة، وبقر من النساء من كانت حاملا. ومن كانت غير حامل قتلها. وتسمي تلك المعركة معركة «البشر» باسم جبل وقعت بجواره. وقد قتل فيها ابن للأخطل، ووقع هو نفسه أسيرا، غير أنه ضلل من أسروه إذ قال لهم إنه عبد، فأطلقوه. وهرب

 

262

الجحاف بعد تلك الوقعة الى الروم، الى أن سكن غضب عبد الملك وأمنه، فعاد على أن يؤدي الحمالات عما سفك من دماء. ونري الأخطل يتضور من هذه الوقعة تضورا شديدا، حتي لنراه يهدد بني أمية بانصراف تغلب عنهم، إن لم يأخذوا لهم بثأرهم، يقول:

لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة … الى الله منها المشتكي والمعول

فسائل بني مروان ما بال ذمة … وحبل ضعيف لا يزال يوصل

فإلا تغيرها قريش بملكها … يكن عن قريش مستراد ومزحل (6)

واستطاع عبد الملك أن يرم الفتق ويحكم الصلح بين الفئتين. ويعود الأخطل الى رحابه ويحل منه منزلا عليا، إذ يصبح شاعره الأثير على الرغم من نصرانيته، ويقول الرواة إنه كان يمثل بين يديه «وعليه جبة خز وحرز خز، في عنقه سلسلة ذهب، فيها صليب ذهب، تنفض لحيته خمرا (7)»

وعصر عبد الملك يعد العصر الذهبي للأخطل، فقد نزل منه منزلة الشاعر الرسمي للدولة، وآثره على جميع معاصريه من الشعراء، وأمر من يعلن بين الناس أنه شاعر بني أمية وشاعر أمير المؤمنين، وفي الأغاني أخبار كثيرة تصور ذلك. ونري مدائح الأخطل لعبد الملك حينذاك تمتلئ بالفخر بقومه وما قدموا من خدمات لبني أمية، كما تمتلئ بالدعوة السياسية للأمويين، وهي دعوة ينال فيها من خصومهم أمثال الزبيريين، كما ينال من قيس وشاعرهم جرير، ومن خير ما يصور ذلك قصيدته «خف القطين» التي أسلفنا الحديث عنها، وقد أحكم نسجها حتي لتتوهج بعض أبياتها توهجا على مثال قوله في الأمويين:

حشد على الحق عيافو الخنا أنف … إذا ألمت بهم مكروهة صبروا

وإن تدجت على الآفاق مظلمة … كان لهم مخرج منها ومعتصر (8)

 

263

أعطاهم الله جدا ينصرون به … لا جد إلا صغير بعد محتقر (9)

شمس العداوة حتي يستقاد لهم … وأعظم الناس أحلاما إذا قدروا (10)

والأخطل في مديحه لا يقل براعة ومهارة عن الفرزدق وجرير، بل لا شك في أنه يتقدم أولهما إذ كانت نفسه صلبة، وكان يعتز بآبائه اعتزازا شديدا، فلم يبرع في المديح، إنما برع في الفخر. أما جرير فكانت نفسه لينة، ومن ثم يعد هو والأخطل في المديح فرسي رهان. وإن كنا نلاحط في الوقت نفسه أن مدائح جرير أكثر عذوبة، إذ كان يتفوق على خصميه جميعا في حلاوة الألفاظ وجمال النغم ورشاقة اللفظ ونعومته. أما الأخطل فيمتاز برصانة الألفاظ وفخامتها وجزالتها، ومدائحه في عبد الملك تعد درره الشعرية، وهو فيها يكثر من أن الله اصطفاه لأمته على شاكلة قوله:

وقد جعل الله الخلافة فيكم … بأبيض لا عاري الخوان ولا جدب

ولكن رآه الله موضع حقها … على رغم أعداء وصدادة كذب (11)

ونراه يلم في هذه الفترة من حياته بالكوفة والبصرة كثيرا يمدح ولاتهما وأجوادهما من مثل خالد بن عبد الله بن أسيد الأموي، وبشر بن مروان والحجاج، وسماك الأسدي، وهو من أجواد الكوفة. ونراه ينوه بمصقلة بن هبيرة الشيباني أحد قواد طبرستان، كما ينوه بعكرمة بن ربعي الفياض وجوده الغمر، ومن قوله فيه:

إن ابن ربعي كفاني سيبه … ضغن العدو وعذرة المحتال (12)

وإذا عدلت به رجالا لم تجد … فيض الفرات كراشح الأوشال (13)

وممن نوه بهم جرير بن عبد الله البجلي وجدار بن عتاب التغلبي وهمام بن مطرف.

 

264

وتطوي صفحة حياته الزاهية إذ يتوفي عبد الملك، ويخلفه ابنه الوليد، فيأفل نجمه، إذ يقصيه عنه، ويقرب منه شاعرا شاميا مسلما هو عدي بن الرقاع العاملي، وبذلك انزوي الأخطل، ولم يعد له كبير شأن. وقد مدح الوليد، ومدائحه فيه فاترة.

وعلي نحو ما كان الأخطل يجيد المديح كان يجيد نعت الخمر ودنانها ونداماها، ويطيل المديح في عتقها والسرور بشربها، يقول:

صهباء قد كلفت من طول ما حبست … في مخدع بين جنات وأنهار (14)

عذراء لم يجتل الخطاب بهجتها … حتي اجتلاها عبادي بدينار (15)

واقرأ له القصيدة الاولى في ديوانه، فستراه يصور فيها زقاق الخمر تصويرا بديعا، إذ يقول،

أناخوا فجروا شاصيات كأنها … رجال من السودان لم يتسربلوا (16)

ويصف تمشيها في دمه وجسمه وعظامه، فيقول:

تدب دبيبا في العظام كأنه … دبيب نمال في نقا يتهيل (17)

ويرسم صورة المنتشي بها نشوة تفقده حسه ووعيه، على هذا النحو:

صريع مدام يرفع الشرب رأسه … ليحيا وقد ماتت عظام ومفصل

نهاديه أحيانا وحينا نجره … وما كاد إلا بالحشاشة يعقل (18)

إذا رفعوا صدرا تحامل صدره … وآخر مما نال منها مخبل

وكان الأخطل شغوفا بالخمر شغفا شديدا، حتي لنراه يذكر في حديث له مع عبد الملك أنها هي التي تمنعه من إعلان إسلامه (19). وفي أخباره وأشعاره ما يدل على انصياعه لدينه أحيانا، فقد كان يتمسح بالقساوسة تبركا، وكانوا إذا أنزلوا به عقابا خضع لهم واستكان. ونراه يذكر الصليب في ديوانه كما يذكر قديس قبيلته مار سرجيس، ويقسم بالمسيح والرهبان. وقد ظل يهاجي جريرا الى أن توفي سنة اثنتين وتسعين للهجرة.

265

 

_________

(1) انظر في ترجمة الأخطل أغاني (دار الكتب) 8/ 280 وكذلك في ترجمة جرير 8/ 3 وما بعدها وفي خبر الجحاف ويوم البشر 12/ 198 وما بعدها، وراجع الشعر والشعراء 1/ 455 وابن سلام ص 386 وما بعدها وفي مواضع متفرقة وخزانة الأدب 1/ 220 والموشح ص 132 والاشتقاق ص 338 وكتاب الأب لامانس Le Chantre des Omiades: والأخطل شاعر بني أمية للسيد مصطفي غازي وانظر في أشعاره نقائض جرير والأخطل وديوانه نشر صالحاني.

(2) انظر في أشعار كعب بصفين واقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 56 وفي مواضع متفرقة. وانظر في ترجمة كعب ابن سلام ص 458 وما بعدها وفي مواضع مختلفة (انظر الفهرس) والشعر والشعراء 2/ 631 ومعجم الشعراء ص 233 والخزانة 1/ 457 وراجع فهرسي الطبري والأغاني.

(3) أمالي المرتضي (طبعة الحلبي) 2/ 24.

(4) مصرد: مقلل.

(5) الخلف: واحد أخلاف الناقة، ويقال تجددت أخلافها إذا ذهب لبنها.

(6) بملكها: بقدرتها. مستراد: مرعي. مزحل: من زحل عن مكانه إذا زال عنه وتنحي.

(7) أغاني (دار الكتب) 8/ 299.

(8) تدجت: أظلمت. معتصر: ملجأ.

(9) الجد: الحظ.

(10) شمس: جمع شموس وهو العسير في عداوته. استقاد له: أعطاه مقادته وذمامه، فخضع وذل.

(11) كذب: جمع كذوب.

(12) السيب: العطاء: العذرة: الاعتذار، يشير الى من يسألهم فيعتذرون.

(13) عدلت: وزنت. الأوشال: جمع وشل وهو الماء القليل. والراشح: الذي يسيل في قلة.

(14) الصهباء: الخمر. كلفت: تغير لونها.

(15) عذراء: لم تفضس. العبادي: نسبة الى قوم في الحيرة كانوا يتجرون في الخمر، وهم نصاري، سموا العباد.

(16) الشاصيات: الممتلئة.

(17) النقا: الكثيب من الرمل.

(18) نهاديه: نسوقه. الحشاشة: بقية النفس.

(19) أغاني (دار الكتب) 8/ 290.

 

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.