أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2021
1101
التاريخ: 21-1-2021
1128
التاريخ: 22-1-2021
4220
التاريخ: 27-1-2021
1592
|
السؤال : عندما ترد الكلمات التالية في القرآن الكريم:
1 ـ يصنعون : {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}[ الآية 30 من سورة النور].
2 ـ يعملون: {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[ الآية 62 من سورة المائدة], {وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[ الآية 139 من سورة الأعراف].
3 ـ يفعلون: {لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ}[ الآية 79 من سورة المائدة].
هل المعنى واحد؟! أم أن تلك الكلمات لها دلالات أخرى؟
بمعنى آخر, لو بدلنا كلمة: «يَعْمَلُونَ» في آية: {وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}.. بكلمة «يَفْعَلُونَ», أو قل بكلمة «يَصْنَعُونَ», هل تحافظ الآية على مدلولها أم لا؟
وما الفرق بين الصنع، والعمل، والفعل، في القرآن الكريم؟
وما الفرق أيضاً بين أن تأتي كلمات الصراط المستقيم «معرفة» أو «منكرة» في الآيات التالية؟
{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[ الآية 161 من سورة الأنعام].
لما لا ترد: «إلى الصراط المستقيم»..
{إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[ الآيتان 3 و 4 من سورة يس].. لما لا ترد «على الصراط المستقيم»..
{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}[ الآية 6 من سورة الفاتحة].
{وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[ الآية 118 من سورة الصافات].
{هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}[ الآية 51 من سورة آل عمران].
والكثير من الآيات المباركات التي تتحدث عن الصراط, ومعظم الآيات تأتي غير معرفة في كلتا الكلمتين, وفي بعض الآيات ينسب الحق تبارك وتعالى «الصِّرَاطَ» إلى ذاته، وبصيغة أسماء الصفات مثل «صراط العزيز», أو «صراط الحميد», وفي آية أخرى، يجمع العزيز والحميد في آخر الآية, ولقد لاحظت أيضاً أن كلمة «صراط» أتت في بعض الآيات منكرة كـ {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}[ الآية 43 من سورة مريم] أو {صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}[ الآية 68 من سورة النساء].
كما لاحظت أن كلمة «صراط» لم تأت بصيغة الجمع خلاف كلمة «سبيل», بل في بعض الآيات نسب الحق تعالى السبيل إلى نفسه ككلمة «سبيلي» فهل كلمة «سبيلي» هنا بمعنى صراطي أم أن لها معنى آخر؟
الجواب :
الجواب على السؤال الأول:
يفعلون ـ يعملون ـ يصنعون:
بالنسبة للسؤال عن الفرق بين الكلمات التالية، الواردة في الآيات القرآنية: يصنعون، يعملون، يفعلون.. نقول:
قد ذكرت بعض كتب اللغة أن:
الفعل: لفظ عام، يقال لِما كان بإجادة وبدونها، ولِما كان بعلم أو غير علم، وقصد أو غير قصد، ولِما كان من الإنسان والحيوان والجماد..
العمل: لا يقال إلا لما كان من الحيوان، وبقصد وعلم.
أما الصنع: فإنه من الإنسان دون سائر الحيوانات، ولا يقال إلا لما كان بإجادة، ولهذا يقال للحاذق المجيد، والحاذقة المجيدة: صَنَعَ كبطل، وصَنَاع كسلام..
والصنع يكون بلا فكر، لشرف فاعله، والفعل قد يكون بلا فكر لنقص فاعله، والعمل لا يكون إلا بفكر لتوسط فاعله، فالصنع أخص المعاني الثلاثة، والفعل أعمها، والعمل أوسطها..
فكل صنع عمل، وليس كل عمل صنعاً، وكل عمل فعل، وليس كل فعل عملاً(1).
كما أن الصنع يطلق على الفعل الذي قصد به التوصل إلى أثره كالنجار يصنع الكراسي، قال تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}[ الآية 37 من سورة هود].
وقال أبو هلال العسكري ما مفاده:
إن الفعل هو إيجاد الشيء بعد أن كان مقدوراً، سواء أكان عن سبب أم لا. ومن الأفعال ما يقع في علاج، وتعب، واحتيال..
أما العمل فهو إيجاد الأثر في الشيء، يقال: فلان يعمل الطين خزفاً، قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}[ الآية 96 من سورة الصافات]، أي ما تؤثرون فيه بنحتكم إياه، أو صوغكم له..
ولا يقال للفعل الواحد عمل، وأصل العمل في اللغة الدؤوب وسميت الراحلة في اللغة، يَعْمُلَة، لأنها تدأب في السير.. والعمل لا يقتضي العلم بما يعمل له. فيسمى الذي يعمل عملاً لا يعرف فائدته عامل.
وبعدما تقدم نقول:
إن الظاهر هو أن هذه الخصوصيات قد لوحظت في الآيات، فاختلفت التعابير فيما بينها، بحسب كل معنى يراد بيانه..
1 ـ فإن أريد الإشارة إلى أنهم إنما يأتون المنكر من موقع القدرة عليه، والاختيار له، وأنهم يأتونه بسبب وبدون سبب، وأنهم قد ألفوه حتى أصبح من الأمور العادية التي يمارسونها من دون تكلف، بل تصدر عنهم بعفوية، ومن دون قصد والتفات في بعض الأحيان.. الأمر الذي يشير إلى مدى انسجامهم مع المنكر، واستهتارهم بالمعروف، وإلى مدى بعدهم عن الله تعالى، وعن مواقع رضاه..
إنه إن أريد الإشارة إلى ذلك، فإنه يختار للتعبير عن ذلك لفظ يفعلون..
2 ـ إنه قد يكون المطلوب هو الإشارة إلى أن عدوانهم ليس بسبب غضب طغا على عقولهم، فعطلها، ولا لأجل منفعة شخصية دعتهم إليها شهوتهم، ونفوسهم الأمارة، فلما واجهوا من عارضهم في ذلك، بادروا لإزالة معارضته بالعدوان عليه، لتسهيل نيل مآربهم، والحصول على شهواتهم، فإن كان المطلوب هو الإشارة إلى ذلك، فإن كلمة «يعملون» تكون هي الأنسب، حيث تشير إلى أنهم قاصدون لنتائج أعمالهم، وآثار عدوانهم، تماماً كما يقصد العامل أن يجعل الطين خزفاً، فهو قاصد بعمله أن يتوصل إلى خزفيته، كما أن العامل في الذهب يريد أن يوجد صفة أو حالة بعينها ويجسدها فيه، وهي صيرورته عقداً، أو خاتماً، أو ما إلى ذلك.
ثم هي تشير إلى أن الوصول إلى ذلك الأثر قد كان نتيجة دأب وإصرار عملي وجهد، فكلمة «يعملون» هي التي توحي بهذه المعاني، ولا تقوم مقامها كلمتا يفعلون ولا يصنعون..
3 ـ وأما حين يراد الإشارة إلى أن لهم مزيد عناية وقصد إلى إيجاد المنكر بكل مواصفاته، وجامعاً لكل ميزاته..
وإلى أنهم يجيدونه أيما إجادة، ويتقنونه مزيد إتقان..
وإلى أنهم يرون: أن هذا يجعل لهم امتيازاً وشرفاً على غيرهم..
ثم الإشارة أيضاً إلى أنهم يقصدون من هذه الإجادة الوصول إلى آثاره والحصول عليها.. وإلى أنه لا محل لتوهم الغفلة في حقهم، بل الأمور واضحة لهم، من حيث الدافع، المرتبط بالأثر والنتيجة..
ففي هذا الحال يكون التعبير بـ «يصنعون» هو الأكثر ملاءمة لهذه المقاصد، والأكثر وضوحاً في الدلالة عليها، والإشارة إليها.. ولا تقوم كلمتا «يفعلون ويعملون» مقامه.
الجواب على السؤال الثاني:
كلمة صراط، والصراط:
وأما بالنسبة لتعريف كلمة الصراط، وتنكيرها، فنقول:
إن التعريف للكلمة من شأنه أن يحصر مضمونها في نوع، أو جنس، أو فرد بعينه، وأما تنكيرها، فيطلقها من هذا القيد، وكلمة صراط المنكرة، تدل على فرد شائع في جنسه، على سبيل البدل، فإذا كان الكلام مع الكافرين الذين يرون أنه ليس للخلق غاية إلهية تحتاج إلى صراط مستقيم واحد يوصل إليها، وهو الدين الذي شرعه الله سبحانه، بل تتساوى لديهم جميع المناهج الاعتقادية، والسلوكية، ولا يعترفون بحتمية أي منهج أو طريق..
نعم، إذا كان الكلام مع هؤلاء، فإن هذا النوع من الخطاب يشير إليهم بوجود غاية لا بد أن ينتهي الخلق إليها، وأن الطريق إلى تلك الغاية واحد، وهو مستقيم، لا مجال للاعوجاج، ولا للتعدد فيه..
وذلك يستبطن إدانة إنكارهم للبعث، والحساب، والجنة، والنار.. وإدانة واقع الاختلاف في الاعتقاد، والمناهج والسبل، وفي الأديان.. والتأكيد على أن الطريق الموصل إلى الله طريق وصراط واحد مستقيم، لا يصح فيه الالتواء، والاعوجاج، لأن ذلك معناه الضلال عنه، وعدم الوصول إليه..
وبعدما تقدم نقول: إن المثال التالي يوضح، ما نرمي إليه.. وهو:
أنه إذا كانت هناك غاية يراد الوصول إليها، وبيننا وبينها جبال وأودية، وغابات وصحاري، ونبحث عن طريق موصل، فنحن نجهل الطريق، ونجهل مواصفاته التي توجب كونه موصلاً.. فهل يجب أن يكون مستقيماً، أو يكفي مطلق الطريق، حتى لو كان فيه التواء..
فيقال لنا: إن المستقيم فقط هو الموصل، لأن أي التواء واعوجاج في الطريق يمثل انحرافاً عن الهدف، وتضييعاً له..
وفيما نحن فيه نلاحظ: أن قوله {صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}[ الآية 68 من سورة النساء].. فيه إعلام بالحاجة إلى طريق موصل وإعلام بصفته، وهو كونه مستقيماً..
فالتنوين إنما هو للإشارة والإعلام بلزوم الطريق الموصل، ولزوم كونه مستقيماً، وذلك لأن السامع جاهل بالأمرين معاً..
وأما التعبير: بـ «الصراط المستقيم» فإنما يكون في صورة إدراك الحاجة إلى شيء محدد، فرضته علينا تلك الغاية، وهو الطريق، وإدراك الحاجة إلى صفة بعينها فيه، هي صفة الاستقامة، وليس هو مطلق طريق.. ولكن مع عدم تحديد المصداق الجامع لهذين الوصفين. وهما كونه طريقاً، وكونه مستقيماً..
فالإتيان بـ «أل» التعريف يفيد تحديد ذلك المصداق الجامع للأوصاف المطلوبة..
ويكون قد وجد ما يبحث عنه، مع علمه بحاجته إليه، وبحاجته إلى صفة الاستقامة فيه..
والمؤمن يعرف أنه بحاجة إلى الصراط الموصوف بالاستقامة، ولعل هذا هو السبب في أنه تعالى قال: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}[ الآية 6 من سورة الفاتحة].
وقال سبحانه عن موسى وهارون: {وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[ الآية 118 من سورة الصافات].
ولعل منه أيضاً قوله تعالى: {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا}[ الآية 43 من سورة مريم].
أو {صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا}[ الآية 68 من سورة النساء] حيث يظهر منه: أنه بصدد تحديد مصداق الصراط السوي..
صراط العزيز الحميد:
وهناك حالات يكون المطلوب فيها هو ضمان توفر صفة الاستقامة في الصراط، أو تحديد خصوصية أخرى فيه، كخصوصية أو صفة يتصف بها واضعه، ومن ينتهي إليه، أو غير ذلك، فتكون الآيات مشيرة إلى توفر تلك الخصوصية، مؤكدة عليها، وذلك كما في قوله تعالى: {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}..[ الآية 1 من سورة إبراهيم].
نسبة الصراط إلى نفسه:
وأما السبب في أنه ينسب الصراط إلى نفسه من خلال صفتي «العزيز» و «الحميد»، فيقول تارة: «صراط الحميد»، وتارة: «صراط العزيز الحميد»..
فإنه يظهر من ملاحظة أجواء الآيات التي ذكرت الوصفين، أنها تشتمل على خصوصيات لها ارتباط بهذين الوصفين، أو أحدهما، فما اقتصر في القرآن على وصف واحد هو آية واحدة، وهي قوله تعالى عن المؤمنين: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}[ الآية 24 من سورة الحج].
وهناك ثلاث آيات، ذكر فيها وصفان، هي:
الأولى: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ، صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ}[ الآيتان 52 و 53 من سورة الشورى].
الثانية: قوله تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[ الآية 6 من سورة سبأ].
الثالثة: قوله تعالى: {ألَر * كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ * اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}[ الآيتان 1 و 2 من سورة إبراهيم].
فإذا لاحظنا الآيات الأربع، فسوف نلاحظ: مدى انسجام ملاءمة وصف الحميد لمضمون الكلام الذي سبقه وهو قوله: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}.. في الآية الأولى..
وفي الآية الثانية: هناك انسجام تام بين إشارات ودلالات الآية وبين ألوهيته ومالكيته تعالى لما في السماوات وما في الأرض، فإنه تعالى هو الذي جعل ذلك الوحي نوراً، وهو الذي يهدي به، وهو الذي يشاء لهم الهداية..
فالصراط الذي يهدي إليه الرسول، هو صراطه تعالى من موقع ألوهيته، ومالكيته لما في السموات وما في الأرض..
إذ إن هذه الهداية، وهذا الاستقلال في المشيئة، هما من مظاهر ألوهيته، ومن تجليات مالكيته تعالى..
وفي الآية الثالثة: نجد أن كل ما أنزله الله على رسوله يختزن الحق كل الحق، وهذا يتناغم مع ما ينشده الإنسان في حياته، ويجسد له طموحاته، حين يستوثق من واقعه ومن مستقبله، إذ هو يستند إلى مقام العزة، والكرامة، ليعيش هذه الروح في التزامه بذلك الحق الذي أنزله الله على الرسول، ويطمئن إلى أنه في مواضع الحمد، والسلامة، والرضا، والفلاح. فالتعبير بالعزيز الحميد هو الذي يتناغم وينسجم مع هذه المشاعر، ومع واقع الحق في ما أنزله الله تعالى..
والآية الأخيرة: تؤكد على أن بالخروج من الظلمات إلى النور يتجلى ثبات الإنسان، ويشعر بقوة بكيانه، وبحقيقة وجوده، فلا يعيش الضعف، والوهن، والضياع، والذل، في ظلمات التيه والجهل والحيرة..
وهذا ما يجعله يشعر بالعز وبالكرامة، ويعيش الرضا والسلامة والحمد مع الله العزيز الحميد..
الجواب على السؤال الثالث:
السبيل والصراط:
وأما السؤال عن السبيل والصراط، وعن الإفراد والجمع فيهما، فنقول:
إن هناك فرقاً من ناحيتين على الأقل، بين السبيل والصراط..
ويتضح ذلك من خلال العرض التالي:
قد فسر السبيل بالطريق، ولكنه يختلف عن الطريق بأمور:
أحدها: أنه أغلب وقوعاً في موارد الخير..(2).
الثاني: أنه يستعمل في الطريق وما وضح منه..(3).
الثالث: أنه يراد به في الطريق السهل..(4).
الرابع: أنه يستعمل في ما يتوصل إليه بالأعمال الجوارحية، فيقال: أنفق، وجاهد في سبيل الله.. أو في سبيل الشيطان..
الخامس: أنه يستعمل في مفردات الدين وأجزائه..
أما الصراط فهو الطريق أيضاً، ولكنه يختلف عنه بالخصوصيات التالية:
1 ـ إنه الطريق السهل، قال الشاعر:
حشونا أرضهم بالخيل حتى ... ... تركناهم أذل من الصراط
وهو من الذل خلاف الصعوبة، لا من الذل خلاف العز..(5).
وعبارة الراغب: السبيل هو: الطريق المستسهل..(6).
2 ـ إنه الطريق المستقيم..(7).
3 ـ وهو أيضاً السبيل الواضح(8).
4 ـ ويطلق على الدين كله. بما فيه المعتقد القلبي..
وبعدما تقدم نقول:
إذا كانت الاستقامة مأخوذة في معنى الصراط، وإذا كان لا بد للصراط المستقيم من غاية يوصل إليها.. وإذا كان حين يطلق على ما يوصل إلى الله، فإنه يكون منحصراً بفرد واحد، وهو المستقيم، والواضح، والسهل..
فسيصبح واضحاً: أن الصراط يفترق عن السبيل بأمرين:
1 ـ إن الصراط يستبطن معنى الاستقامة..
2 ـ إن السبيل يطلق على أجزاء الدين ومفرداته، وما له اتصال بالعمل الجوارحي، والصراط يطلق على الدين كله كما هو الغالب..
وهذا يعطينا: أن الصراط لا بد أن يكون بصيغة المفرد، وأن لا يأتي جمعاً أصلاً..
وأما كلمة «سبيل»، فإنها تستعمل في الطريق السهل والواضح، ولم يؤخذ فيها معنى الاستقامة، وإنما يؤدي السبيل معنى الصراط حين يراد منه الدين الحق، وذلك إذا صاحبته قرينة على ذلك، مثل أن ينسب إلى الله تعالى، أو إلى النبي صلى الله عليه وآله، كقوله تعالى: {هَذِهِ سَبِيلِي}[ الآية 108 من سورة يوسف].. أي طريقي السهل الواضح، الموصل إليَّ..
ولأجل ذلك، فإن السبل قد تتعدد، كما قال تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}[ الآية 153 من سورة الأنعام].
وبعد، فإن الإجابة الوافية على هذا السؤال تحتاج إلى المزيد من البحث والبيان، وأعتذر عن القصور، وعن التقصير، فإن القرآن بحر عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنفد غرائبه، ولا يشبع منه علماؤه..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين..
_____________
(1) راجع: فروق اللغات ص155 و156 للسيد نور الدين الجزائري بتصرف يسير.
(2) راجع: فروق اللغات ص144 والفروق اللغوية ص246.
(3) لسان العرب ج6 ص162 ط دار إحياء التراث.
(4) المفردات للراغب ص223 نشر المكتبة الرضوية طهران.
(5) راجع: الفروق اللغوية ص246 و331.
(6) المفردات للراغب ص230 و280 نشر المكتبة الرضوية طهران.
(7) المصدر السابق.
(8) لسان العرب ج7 ص313 و314.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|