أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-09
1554
التاريخ: 5-05-2015
10441
التاريخ: 2024-02-02
1382
التاريخ: 2024-04-05
804
|
للسنة التاريخية ، هو شكل القضية الشرطية ، وفي هذا الشكل، تتمثل السنة التاريخية في قضية شرطية تربط بين حادثتين او مجموعتين من الحوادث على الساحة التاريخية، وتؤكد العلاقة الموضوعية بين الشرط والجزاء، وانه متى ما تحقق الشرط تحقق الجزاء. وهذه صياغة نجدها في كثير من القوانين والسنن الطبيعية والكونية في مختلف الساحات الاخرى.
فمثلا : حينما نتحدث عن قانون طبيعي لغليان الماء، نتحدث بلغة القضية الشرطية، نقول بأن الماء اذا تعرض للحرارة وبلغت الحرارة درجة مائة مثلا في مستوى معين من الضغط، سوف يحدث الغليان، هذا قانون طبيعي يربط بين الشرط والجزاء ويؤكد ان حالة التعرض للحرارة، ضمن مواصفات معينة تذكر في طرف الشرط تستتبع حادثة طبيعية معينة، وهي غليان هذا الماء، هذا القانون مصاغ على نهج القضية الشرطية. ومن الواضح ان هذا القانون الطبيعي لا ينبئنا عن تحقق الشرط وعدم تحققه، لا ينبئنا عن ان الماء هل سوف يتعرض للحرارة أولا؟ هل ان حرارة الماء ترتفع إلى الدرجة المطلوبة ضمن هذا القانون أو لا ؟ هذا القانون لا يتعرض لمدى وجود الشرط وعدم وجوده، ولا ينبئنا بشيء عن تحقق الشرط ايجابا أو سلبا، وانما ينبئنا عن ان الجزاء لا ينفك عن الشرط، فمتى ما وجد الشرط وجد الجزاء، وأن الغليان نتيجة مرتبطة موضوعيا بالشرط، هذا تمام ما ينبئنا عنه هذا القانون المصاغ بلغة القضية الشرطية.
ومثل هذه القوانين، تقدم خدمة كبيرة للإنسان في حياته الاعتيادية، وتلعب دورا عظيما في توجيهه، لان الانسان ضمن تعرّفه على هذه القوانين، يصبح بإمكانه ان يتصرف بالنسبة إلى الجزاء، ففي كل حالة يرى انه بحاجة إلى الجزاء يعمل هذا القانون ويوفر شروطه، ففي كل حالة يكون الجزاء متعارضا مع مصالحه ومشاعره، يحاول الحيلولة دون توفر شروط هذا القانون.
اذن القانون الموضوع بصيغة القضية الشرطية، موجّه عملي للإنسان في حياته.
ومن هنا تتجلى حكمة اللّه سبحانه في صياغة نظام الكون على مستوى القوانين وعلى مستوى الروابط المضطردة والسنن الثابتة، لان صياغة الكون ضمن هكذا روابط وسنن، هو الذي يجعل الانسان يتعرف على موضع قدميه، وعلى الوسائل التي يجب ان يسلكها في سبيل تكييف بيئته وحياته والوصول إلى إشباع حاجته، لو ان الغليان في الماء كان يحدث صدفة ومن دون رابطة قانونية مضطردة مع حادثة اخرى كالحرارة، لما استطاع الانسان ان يتحكم في هذه الظاهرة، او يخلقها متى ما كانت حياته بحاجة إليها، ويتفاداها متى ما كانت حياته بحاجة إلى تفاديها، إنما كان له هذه القدرة، باعتبار أن هذه الظاهرة وضعت في موضع ثابت من سنن الكون، وطرح على الانسان القانون الطبيعي بلغة القضية الشرطية، فأصبح يتصرف ازاء هذا القانون بوعي واختيار وإرادة.
نفس الشيء نجده في الشكل الاول من السنن التاريخية القرآنية، فان عددا كبيرا من السنن هذه في القرآن، قد تمت صياغته على شكل القضية الشرطية التي تربط ما بين حادثتين اجتماعيتين، أو تاريخيتين.
قرأنا في ما سبق، استعراضا للآيات الكريمة التي تدل على سنن التاريخ في القرآن. جملة من تلك الآيات الكريمة مفادها هو السنة التاريخية بلغة القضية الشرطية، فمثلا الآية الكريمة :
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد : 11] فمرجع هذا المفاد القرآني، إلى ان هناك علاقة بين تغييرين : بين تغيير المحتوى الداخلي للإنسان، وبين الوضع الظاهري للبشرية، متى ما وجد ذاك التغيير في أنفس القوم، وجد هذا التغيير في بناء القوم وكيانهم، هذه الآية إذن، بيّن القانون فيها بلغة القضية الشرطية.
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } [الجن : 16] قلنا في ما سبق، ان هذه الآية الكريمة تتحدث بلغة القضية الشرطية عن سنة من سنن التاريخ، تربط وفرة الانتاج بعدالة التوزيع، كما هو الواضح من صياغتها النحوية أيضا.
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } [الإسراء : 16] هذه الآية أيضا، استبطأت سنة تاريخية بينت بلغة القضية الشرطية عند ما ربطت بين امرين، بين تأمير الفساق والمترفين في المجتمع، وبين دمار ذلك المجتمع وانحلاله، فمتى ما وجد الشرط يوجد الجزاء، هذا هو الشكل الاول من اشكال السنة التاريخية في القرآن.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|